لا تثقوا بالولايات المتحدة :
(35) مذبحة فيتنام : قتلت أمريكا 4 ملايين فيتنامي من أجل الديمقراطية
——————————————————–
ترجمة وجمع وإعداد: د. حسين سرمك حسن
(أقوال للقادة الأميركيين عن الشعب الفيتنامي- تمهيد- موجز تاريخي عن الحرب الفيتنامية- الريادة في جريمة إنتهاك السلام للولايات المتحدة دائماً- الولايات المتحدة تقتل السلام حتى لو بقتل حليفها ! تصفية الرئيس الفيتنامي الجنوبي “نغو دينيه ديم”- مبدأ “التفاحة الفاسدة” الأمريكي هو سبب العدوان على فيتنام- إجهاض جهود العمال الفرنسيين لإنهاء الحرب الفيتنامية عام 1950- لكن الدور الأمريكي كان خبيثاً مزدوجاً- وتحت هذا الغطاء مرّرت الولايات المتحدة مؤامرة “الحرب الباردة”- و”الإحتقار العنصري” عامل آخر في العدوان الأمريكي- الشعب الفيتنامي هو “نمل أبيض” و “قمل يغزو جلد الكلب”- وقفة للتذكير فقط: الأمريكان أساتذة النازيين- ما الذي سيترتب على هذا الإحتقار العنصري؟- الإبادة بالقصف السجادي- قطع الرؤوس سلوك أمريكي ثابت- إبادة وتعذيب- الإبادة بالأسلحة الكيمياوية- من فيتنام إلى العراق الإحتقار العنصري والإبادة على الطريقة الأمريكية- قتلة وسفلة من جنودهم إلى سيناتوراتهم إلى رؤسائهم- (أ)من رؤسائهم- (ب)وحتى سيناتوراتهم: أوّلاً : السيناتور المجرم “بوب كيري”، السناتور “جون كيري” وزير الخارجية اللطيف لاحقاً- (ج)وحتى ضبّاطهم وجنودهم : مجزرة ماي لاي أنموذجاً- بعد خمسين عاماً الولايات المتحدة تعتز بمجزرة ماي لاي- (د) وحتى صحافتهم “الديمقراطية” الشهيرة- (هـ) وحتى عمّأل إغاثتهم- مجزرة أخرى تُكتشف بمحض الصدفة- (و) وحتى صحفييهم- (ز) وحتى منظماتهم “الإنسانية” : حتى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية(USAID) ساهمت في تدمير شعب فيتنام- مذابح .. ومجازر .. وتمثيل بالجثث- تضارب أرقام .. بآلاف الضحايا !- كم قتلت أمريكا من الشعب الفيتنامي؟- أي وحوش متحضّرين هؤلاء الذين يستخدمون “القنبلة الكرويّة” ؟- لكن كم قتل مجرم حرب واحد هو هنري كيسنجر من الشعب الفيتنامي؟!- أوّلاً : سرّ عام 1968 الذي سرّبه كيسنجر تسبّب في مقتل 20,000 أمريكي و600,000 فيتنامي- ديغول يحتج على السلوك الدموي لكيسنجر- “مصداقية” كيسنجر أطالت الحرب وقتلت 20,000 أمريكي و600,000 فيتنامي- ثانياً – جرائم الحرب التي ارتكبها هنري كيسنجر في الهند الصينية وقتل فيها 350,000 مدني في لاوس و600,000 مدني في كمبوديا و500,000 فيتنامي- الحرب مستمرّة : بعد الحرب أيضاً : قتل الأطفال بالألغام- قَتلوا حتى الجنود الأمريكيين لتبرير إطالة أمد الحرب- الحرب مستمرة : الحقد الأمريكي لا يموت بعد الحرب ويمتد لعشرات السنين- الحرب مستمرّة : الحصار الاقتصادي البشع : منعت أمريكا حتى أقلام الرصاص والجواميس!- بالحصار الاقتصادي بعد الحرب: أخرج الوحوش الأمريكان شعب فيتنام من الحياة- الحقد والغل الوحشي : أمريكا تطلب من الشعب الفيتنامي الإعتذار- هذه نهاية العملاء : لم يُنقذ الأمريكان غير البيض عند الإنسحاب واحتقروا عملاءهم الفيتناميين- ملحق: ما هو العامل البرتقالي؟ وهذا ما تركته الولايات المتحدة لشعب فيتنام (6 صور).
# أقوال للقادة الأميركيين عن الشعب الفيتنامي :
——————————————-
“الفيتناميون هم قمل أبيض”
الجنرال “وليام وستمورلند”
رئيس أركان الجيش الأمريكي خلال الحرب الفيتنامية
“إن الفيتناميين ليسوا بأفضل من قمل يغزو جلد الكلب”
الجنرال
ماكسويل تايلور
القائد العام الأسبق للقوات الأمريكية خلال حرب فيتنام ثم رئيس موظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس جون كينيدي – شهادة أمام الكونغرس
” إننا سنحل مشكلة الفيتناميين كما فعلنا مع الهنود ”
“هيو مانكه”
رئيس قسم المتطوعين الدوليين – شهادة أمام الكونغرس – 1971
“اقتلوا الهنود واسلخوا جلودهم. لا تتركوا صغيراً ولا كبيراً ، فالقمل لا يفقس إلا من بيوض القمل”
القائد “جون شفنغتون”
واحد من أعظم أبطال التاريخ الأمريكي حتى هذا اليوم
# تمهيد :
———
بفعل التقادم الزمني وسطوة الشيطان الأمريكي المرعبة على العالم وماكنته الدعائية الرهيبة ، فقد تقادم الزمن على ملحمة فيتنام ومأساتها في الوقت نفسه ولم تعد الأجيال الجديدة تعرف تفصيليا وبدقة طبيعة الجرائم الوحشية التي اقترفها الشيطان الأمريكي بحق هذا الشعب العظيم والذي ما زال يعاني من آثارها حتى هذا اليوم ، حاله حال الشعوب الأخرى المظلومة في هاييتي ونيكاراغوا وافغانستان والعراق وغيرها التي لا تكتفي الولايات المتحدة الشيطانية بالعدوان عليها وتدميرها حسب بل إخراجها من الحياة .. نعم لقد اخرج الشيطان الأمريكي الشعب الفيتنامي من الحياة والتاريخ . وهذه وصمة عار تلطخ جبين الوحش الأمريكي إلى الأبد ، وهذه تفاصيلها .
# موجز تاريخي عن الحرب الفيتنامية :
————————————-
حرب فيتنام كانت نزاعاً بين جمهورية فيتنام الديموقراطية (فيتنام الشمالية)، متحالفة مع جبهة التحرير الوطنية، ضد جمهورية فيتنام (فيتنام الجنوبية) مع حلفائها (وكانت الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الأكبر) بين 13 سبتمبر 1956 و17 يونيو 1975.
كانت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وتايلند وأستراليا ونيوزيلندا والفلبين متحالفة مع فيتنام الجنوبية، بينما تحالف الاتحاد السوفياتي والصين مع فيتنام الشمالية.
انتهي الغزو الأمريكي في 17 يونيو 1975 باتحاد فيتنام الشمالية والجنوبية.
انتهز الثوار الفيتناميون فرصة هزيمة اليابان في الحرب العالمية (الغربية) الثانية فاحتلوا هانوي عاصمة البلاد مرغمين الإمبراطور الفيتنامي “باو داي” على التنحي عن الحكم. حاولت فرنسا إعادة سيطرتها على الهند الصينية بعد هزيمة اليابان في عام 1945. ولكن هو شي منه، وهو ثائر فيتنامي شيوعي، نظم ثورة في فيتنام الشمالية وأعلن استقلال فيتنام.
حاربت فرنسا ضد الفيت منه، أو الحلف الثوري لاستقلال فيتنام، التابع لهو شي منه، لثماني سنوات (1946 إلى 1954)، لكنها هُزِمت عام 1954 بعد معركة “ديان بيان فو”. وقعت اتفاقية سلام في جنيف بسويسرا في عام 1954، بحضور وفدي فيتنام ووفود فرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفياتي والصين الشعبية والولايات المتحدة ولاوس وكمبوديا، قضت بتقسيم مؤقت لفيتنام إلى شطرين يفصل بينهما خط عرض 17، ولكنها نادت بانتخابات على مستوى الدولة في عام 1956 لإعادة توحيد البلاد. ورغم حضورهما في جنيف فإن الولايات المتحدة وحكومة سايغون الموالية لها لم توقعا على الاتفاق. وفور رحيل فرنسا من فيتنام بدأت الولايات المتحدة تساعد حكومة سايغون عسكريا.
شكل هوشي منه حكومة شيوعية في فيتنام (الشمالية). وفي 24 أكتوبر 1954،
وفي فبراير 1959، أسس الثوار الجنوبيون “فيت كونغ” أول منظمة في دلتا نهر ميكونغ، وفي 10 ديسمبر 1960، تم تأسيس جبهة التحرير الوطني، وهي الإطار التنظيمي السياسي والعسكري الذي سيتولى مهمة الحرب ضد أمريكا وحكومة سايغون، فما كان من الرئيس الجنوبي ديم إلا أن أعلن قانون الطوارئ. وقد تأجج الصراع وبلغ مداه حين أعلن الحزب الشيوعي الفيتنامي الحاكم في الشمال مساندة الثورة الجنوبية وإمدادها بالعدة والعتاد عبر لاوس وكمبوديا. وعرفت شبكة الطرق والممرات هذه بممر هوشي منه.
أعلنت الولايات المتحدة وقوفها التام خلف حكومة سايغون، بل إن كينيدي وقع معاهدة صداقة وتعاون اقتصادي بين بلاده وفيتنام الجنوبية في أبريل 1961. وفي ديسمبر من نفس السنة، أعلن كينيدي عزمه مساعدة حكومة الرئيس ديم اقتصاديا وعسكريا، فوصلت طلائع الجيش الأميركي إلى سايغون وكانت في البداية 400 جندي عُهد إليها بتشغيل المروحيات العسكرية. وفي السنة التالية، بلغ عدد الجنود الأميركيين في فيتنام الجنوبية 11 ألف جندي، كما أسست قيادة أميركية في سايغون منذ يناير 1962. وفي عام 1963، أصبح هناك أكثر من 16,500 مستشار عسكري أمريكي في فيتنام الجنوبية.
لم تكن سياسات الرئيس ديم ذات الطابع التوتيلارى (الشمولى) قادرة على تنظيم البيت الداخلي في الجنوب الفيتنامي، فقد عارضه السياسيون ذوو النزعة الليبرالية لديكتاتوريته، كما عارضه البوذيون لميوله الكاثوليكية. وقد أطيح به في أول نوفمبر 1963 في انقلاب عسكري وتمت تصفيته جسديا في ظروف غامضة. ويرى العديد من الباحثين أن الولايات المتحدة لم تكن بعيدة عما جرى له ولنظامه. وفي عام 1964، كانت وحدات الجيش الفيتنامي الشمالي تعمل في الجنوب، وسيطر الفيت منه على نحو 75% من سكان فيتنام الجنوبية.
ومنذ فبراير 1965، توالى القصف الأميركي لفيتنام الشمالية، وفي 6 مارس، تم أول إنزال للبحرية الأميركية في جنوب دانانغ. وظل الوجود العسكري الأميركي يزداد في فيتنام ليبلغ في نهاية 1965 ما يناهز 200 ألف جندي، ثم وصل في صيف 1968 إلى 550 ألفا، انضموا إلى نحو 800,000 من قوات فيتنام الجنوبية ومايقرب من 69,000 جندي من أستراليا ونيوزيلندا، والفلبين، وكوريا الجنوبية وتايلاند. وظلت أميركا تضغط على هانوي من أجل ترك دعم الثوار الجنوبيين، غير أن الأخيرة كانت ترفض أي تفاوض مع الولايات المتحدة مادامت مستمرة في قصفها المتواصل.
أخذت الحرب منحى خطيرا حين قامت فيتنام الشمالية يوم 30 مارس 1972 بهجوم كاسح نحو الجنوب داخل منطقة “كانغ تري” متجاوزة بذلك المنطقة المنزوعة السلاح، وكان رد الفعل الأميركي مزيدا من القصف الجوي. وبينما كانت نيران الحرب تشتعل بدأت المفاوضات السرية بين الطرفين، حيث اجتمع مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي يومها هنري كيسنجر بمندوب فيتنام الشمالية دوك تو.
ومع انتعاش الآمال بالوصول إلى حل نهائي وفي محاولة للضغط على الفيتناميين وكسب انتصارات ميدانية تقوي من موقفه، أمر الرئيس نيكسون يوم 17 ديسمبر 1972، بقصف هانوي وهايبونغ (الميناء الرئيس في فيتنام الشمالية)، فصبت طائرات بي 52 نيرانها على المدينتين في قصف لم تعرف الحرب الفيتنامية نظيرا له. وفقدت أميركا 15 من هذه الطائرات كما فقدت 93 ضابطا من سلاح الطيران الأميركي.
أعلن في 23 يناير 1973، عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم 28 من نفس الشهر.
لم ينته مارس 1973 حتى غادر آخر جندي أميركي من فيتنام، غير أن فضيحة ووترغيت التي أكرهت نيكسون على الاستقالة في 9 أغسطس 1974، جعلت أميركا غير قادرة على مساندة حكومة سايغون.
انتهز الشماليون فرصة انشغال واشنطن بووترغيت ومعاداة الرئيس الفيتنامي الجنوبي تيو للشيوعيين الجنوبيين، فشنوا هجوما كاسحا على الجنوب محتلين مدينة فيوك بنه في يناير 1975، وتابعوا هجومهم الكاسح الذي توج بدخول سايغون يوم 30 إبريل من نفس السنة حيث استسلمت حكومة فيتنام الجنوبية للثوار ـ وتمّ إخلاء المدنيين الأمريكيين ، ومعهم 140,000 لاجىء فيتنامي عبر البحر والطائرات بصورة مهينة . في 17 يونيو 1975 مهدت انتخابات الجمعية الوطنية الطريق لإعادة توحيد الشمال والجنوب. (ويكيبيديا الموسوعة الحرة).
# الريادة في جريمة إنتهاك السلام للولايات المتحدة دائماً :
——————————————————-
لقد بدأت إنتهاك مسار الحل السلمي للقضية الفيتنامية – وكالعادة – الولايات المتحدة بصورة مبكرة ، ففي عام 1954 قضت مواثيق جنيف بحل سلمي لمعضلة الهند الصينية وافقت في ضوئه فرنسا على الإنسحاب من فيتنام والبدء بانتخابات ديمقراطية ، لكن واشنطن عدت الأمر كارثة ، وغادر وزير الخارجية الأمريكي “جون فوستر دالاس” الإجتماع غاضباً دون احترام لكل الأطراف الدولية المجتمعة ، وتحرّكت الولايات المتحدة على الفور لتقويضها . وشرع مجلس الأمن الدولي بشكل سري – وتحت الضغط الأمريكي – بصياغة قرار يقضي أنه حتى في حالة “تخريب شيوعي محلّي أو تمرّد لا يشكل هجوما مسلّحا” ستُفكّر الولايات المتحدة باستخدام القوة العسكرية ويتضمن ذلك هجوما على الصين إذا “تم تحديد أنها المصدر” لهذا “التخريب” !! . (تشومسكي : كتب مختلفة).
# الولايات المتحدة تقتل السلام حتى لو بقتل حليفها ! تصفية الرئيس الفيتنامي الجنوبي “نغو دينيه ديم” :
——————————————————————-
ربما يكون أكثر ما يميز انقلاب فيتنام الجنوبية أن الجنرال المنقلب عليه “نغو دينيه ديم” تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، ويُعدُّ من حلفائها لكنّها اضطرت للتخلص منه للحفاظ على بقائها في جنوب فيتنام.
الحكاية تبدأ – باختصار – مع الانسحاب الياباني من فيتنام الجنوبية وقيام الزعيم الشيوعي هوشي منَّه بإعلان الاستقلال، ولكن فرنسا رفضت الاعتراف به – كانت فيتنام مستعمرة فرنسية قبل الاحتلال الياباني -، كما عارضت بريطانيا ذلك لأنّ ذلك كان سيشجع مستعمراتها على المطالبة بالاستقلال، وسعى هوشي منَّه لاعتراف أمريكا، حين بعث برسائل للإدارة الأمريكية إلّا أن الرئيس الأمريكي ترومان لم يرد على رسائله، فانتهج الكفاح المسلح ضد الفرنسيين حتى أجبرهم على التسليم له، ونصّت اتفاقية التسليم على فصل مؤقت لفيتنام على طول خط العرض 17، على أن تقوم حكومة برئاسة هوشي منَّه في الجزء الشمالي وعاصمته هانوي، وأخرى من حلفاء فرنسا السابقين في الجنوب وعاصمته سايغون، أمّا الجزء الأهم فكان نصّ الاتفاقية على إجراء إنتخابات عامة بعد سنتين في شطري فيتنام لتوحيدهما.
آل الحكم في فيتنام الجنوبية لنغو دينيه ديم، الكاثوليكي المعادي للشيوعية، وكان ديم قد تلقى تعليمه في أمريكا عام 1950، وأسَّس علاقات سياسية مع وزارة الخارجية وبعض أعضاء الكونغرس والتقي بالسناتور جون كيندي، وعاد ديم إلى فيتنام الجنوبية قبل شهور من انسحاب الفرنسيين، وتم تعيينه رئيسًا للوزراء عام 1954. وفي العام التالي عدّل الدستور ومنح نفسه سلطات مُطلقة، وأقال الإمبراطور، وعيَّن نفسه رأسًا للدولة ، وعيّن أقاربه في جميع المناصب الحساسة.
أدركت الولايات المتحدة أن شعبية “هو شي” في الشمال تضمن له اكتساح الانتخابات الموحّدة بعد، وبالتالي سيصبح رئيسًا لفيتنام الموحدة، لذا عمل وزير الخارجية الأمريكية دالاس على جعل أمر التقسيم دائما، عبر زيادة عدد الجنود الأمريكيين في فيتنام الجنوبية من 800 إلى 16 ألف بالمخالفة لاتفاقية التسليم عام 1954 . كما تمّ إرسال أسلحة ثقيلة شملت طائرات حديثة، ثم أوعزت الإدارة الأمريكية لديم أن يرفض الانتخابات المقترحة ويعارض توحيد شطري الدولة.
في تلك الفترة تم تكوين جبهة التحرير الوطنية (فيتكونغ)، وهي تحالف عريض شمل أحزابًا يسارية ومثقفي المدن ومهنيي الطبقة الوسطي في فيتنام الجنوبية، وعملت الفيتكونغ في تحالف مع الشمال وقادت الكفاح المسلح ضد نظام ديم الذي عارض الوحدة وأوغل في القمع والفساد، واستُخدمت الطائرات الأمريكية في قمع الاحتجاجات، وامتد الأمر كذلك حتى عام 1963 حين ألغى النظام الاحتفال بعيد ميلاد بوذا (والبوذية ديانة غالبية الشعب الفيتنامي) الأمر الذي أشعل الاحتجاجات في كل أنحاء البلاد، فاضطر ديم لإعلان الأحكام العرفية واعتقال رجال الدين، وهو الأمر الذي زاد من السخط الشعبي ضد النظام.
وبعد أن تفاقمت الأمور وأدرك السفير الأمريكي فقدان السند الشعبي للنظام، وأنه غير مؤهل لإحراز نصر في الحرب ضد الشمال، اتصل بالإدارة الأمريكية للموافقة على تدبير انقلاب عسكري، واختارت المخابرات الأمريكية الجنرال “تران دون” لقيادة الانقلاب – ونوقشت التفاصيل الأخيرة لخطة الانقلاب مع القيادة الامريكية في 13 أغسطس عام 1963 – وتمّ دفع التمويل اللازم له، ونجح الانقلاب وتمت تصفية الرئيس وشقيقه في نوفمبر 1963.
في عام 1963 كانت الولايات المتحدة قد أصبحت متورّطة على نطاق واسع في فيتنام الجنوبية، بينما علاقتها مع قائد البلاد نغو دينه دييم كانت تزداد توترًا وسط القمع الذي مارسه دييم ضد معارضين بوذيين، وحسب “أوراق البنتاغون” (دراسة لوزراة الدفاع الأمريكية حول تاريخ تورط الولايات المتحدة في فيتنام من 1945 إلى 1967)، فإن جنرالات فيتناميين جنوبيين كانوا يتآمرون للقيام بانقلاب، اتصلوا يوم 23 أغسطس 1963 بمسؤولين أمريكيين ليناقشوا خطتهم معهم، وبعد طول تردّد وتذبذب من جانب الأمريكيين، نفذ الجنرالات انقلابهم بدعم من الولايات المتحدة، وقبضوا على دييم وقتلوه يوم الأول من نوفمبر 1963 . وقد تبين في ما بعد أن الـ “سي . آي . إيه” قدّمت التمويل للجنرالات. (محمد فتحي : عشر انقلابات عسكرية).
# مبدأ “التفاحة الفاسدة” الأمريكي هو سبب العدوان على فيتنام :
————————————————————–
لقد تأكّد أن الخطر الحقيقي لاي دولة على الولايات المتحدة هي حين تبدأ بالتوجّه نحو الديمقراطية الحقيقية وتضع الخطط لتنمية فعلية . خذ على سبيل المثال لاوس في الستينات . هذه دولة لا أحد يعرفها أو سمع بها ، ولكن ما أن بدأت بإصلاحات بسيطة حتى سُحقت بسيل متدفق من القنابل الأمريكية بسرية تامة مسحتهم من مجال العمليات . ولم يكن لهم أدنى صلة بالحرب التي أشعلتها أمريكا في فيتنام .
طبعاً يتم تغطيّة الهدف الأمريكي الحقيقي بأكذوبة “تهديد الأمن القومي” حتى لو كانت الدولة الضحية في النصف الثاني من الكرة الأرضية ولا يسمع بها أحد. فنيكاراغوا قد تمّ تسويغ الهجوم عليها بأن ثوّارها – حسب إعلان الرئيس الأمريكي ريغان آنذاك – سيصلون عبر الحدود إلى تكساس وهي مسافة لا تستغرق أكثر من يومين . يمكن لنيكاراغوا والسلفادور – وهما دولتان ضعيفتان – أن يختفيا من على الكرة الأرضية ولن يلاحظ ذلك أحد. ولكن تعرّضت كل منهما لهجمات ضارية من الولايات المتحدة كلفتهما مئات الآلاف من القتلى وعدة مليارات من الدولارات . هناك سبب وراء ذلك . فكلما زاد فقر وضعف الدولة كلما زاد خطرها كمثل وكأنموذج. فإذا استطاعت دولة فقيرة هزيلة مثل جرينادا أن تنجح بعيدا عن قبضة الولايات المتحدة فلماذا لا تنجح دول أخرى ؟
يصدق هذا على الهند الصينية (فيتنام – لاوس – كمبوديا – ميانمار) . بل هي أكبر وتتمتع بموارد أهم. فمع أن “إيزنهاور” ومستشاريه طنطنوا كثيرا عن الأرز والصفيح والمطاط ، إلا أن خوفهم الحقيقي كان من نجاح شعوب الهند اللصينية في تحقيق استقلالها وتأمين اقتصادها وعدالتها ، فحينئذ سيقول شعب تايلاند : ولماذا لا نستيطع نحن ذلك ؟ ومن ثم نسمع ماليزيا تقول : ونحن أيضا . ومن بعدها إندونيسيا ، ومن ثم تخسر الولايات المتحدة “مجالها الحيوي العظيم” (وبالمناسبة فإن هتلر هو الذي اقتبس نظرية “المجال الحيوي” من الأمريكان وليس العكس كما يروّج الكثير من الباحثين الغربيين كما سنرى في حلقة مستقلة).
لقد حذّر المخططون للسياسة الأمريكية منذ وزير الخارجية “دين اتشيسون” في أواخر الأربعينات وحتى اليوم من أن “تفاحة فاسدة” واحدة قد تُفسد الصندوق كله . إذن فخطر الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي قد ينتشر في العالم كله . وحتى يأخذ هذا المفهوم شكلا أكثر إقناعا لدى العامة تحولت لغة الفاكهيين (باعة الفاكهة) إلى لغة المقاهي واطلق المخططون عليه “نظرية الدومينو” . وأضافوا إلى ذلك تخويف العامة من إبحار “هوشي منه” ورفاقه بالمراكب من فيتنام ليطوّقوا موانىء كاليفورنيا .
لقد تبين لوزارة الخارجية ومنذ وقت مبكر – تحديداً منذ عام 1948 أن “الفييت منه” – حركة مقاومة الفرنسيين – بقيادة هوشي منه لن تتخلى عن القيادة للصفوة الموالية للغرب ، وأنها فضّلت حركة تنمية مستقلة وتجاهلت مصالح المستثمرين الأجانب ، وستلجأ إلى إصلاح زراعي .. وبهذا سوف ينتشر الفيروس ..فعطّلت الولايات المتحدة كل محاولات التسوية في فيتنام لأن تسوية الصراع تعني نجاح أنموذج التنمية القومي بعيدا عن النفوذ الأمريكي وهو أمر مرفوض . فأنشأت نظاماً إرهابياً في الجنوب ومنعت الإنتخابات خوفا من فوز المقابل (وكذلك في لاوس)، وشنّت الحرب. ومع العدوان استُئصل الفيروس في إندونيسيا 1965 بمذبحة دموية لا تُصدّق ، وتمّ تأييد الديكتاتور الفاسد ماركوس في الفلبين 1972 ، ومساندة وتأييد الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية وتايلاند .
ومن المهم جدّاً التذكير بأن فرنسا لم تقتنع بالإنسحاب من فيتنام إلّا بعد أن عاودت غزو فيتنام مستعمرتها السابقة من جديد مما أدى إلى مقتل 500,000 فيتنامي . ولكن أخطر ما في هذه الهجمة الجديدة هو أنّها تمّت بمساعدة مشروع مارشال الذي طبّلت له الولايات المتحدة كمساعدة لإعادة بناء أوروبا في حين أنّه كان مشروعاً استعمارياً لتحقيق المصالح الأمريكية الشيطانية كما أوضحنا ذلك. (تشومسكي : كتب مختلفة) (وراجع أيضاً الحلقة (21) مشروع مارشال: هل كان خطّة استغلال وتآمر أمريكية أم خطة لوجه التنمية ؟).
# إجهاض جهود العمال الفرنسيين لإنهاء الحرب الفيتنامية عام 1950 :
——————————————————————-
مارسيليا كانت منذ قرن “بوابة الشرق” وعبرها كان يعبر السلاح الموجه إلى الهند الصينية، أمّا “هو شي منه”، الذي شارك في تأسيس الحزب الشيوعي الفرنسي ، فقد كان يُعتبر في مارسيليا بطلا لدى العمال. وفي يناير/ كانون الثاني من سنة 1950 قرّر العمال مقاطعة السفن التي تنقل المعدات إلى أرض المعارك في فيتنام. وفي الثالث من شهر فبراير/ شباط من سنة 1950 نشرت النقابة العمالية المُقرّبة من الشيوعيين بيانا يطالب بعودة الجنود من الهند الصينية لوضع حدٍّ لحرب فيتنام. وقامت بإضراب كبير قاطعت فيه كل ما له علاقة بالحرب. هنا تتدخل وكالة الاستخبارات الأمريكية لتقويض هذا الإضراب، بفضل مليونين من الدولارات قدمتهما وكالة الاستخبارات الأمريكية، قام إيروين براون، مسوؤل الفيدرالية النقابية الأمريكية، بإحضار عمال “صُفْر” (آسيويين) من إيطاليا قاموا بإفراغ الأسلحة القادمة من الولايات المتحدة ونجحوا في تكسير الإضراب، بينما كان النقابيون الفرنسيون مُهدّدين جسديا بالتصفية. والاستخبارات الأمريكية من خلال منحها الأموال للمنظمات الكورسيكية سهّلت عمليات التهريب، وأصبحت المنطقة مختبر أمريكا للهيروين. أولى المختبرات افتتحت سنة 1951 بُعيد شهور فقط من سيطرة المافيا على الميناء. (غارودي : الولايات المتحدة طليعة الانحطاط).
# لكن الدور الأمريكي كان خبيثاً مزدوجاً :
—————————————-
مع بداية القرن العشرين تأجّج الصراع العالمي وسقطت أسطورة القوى التي لا تُقهر مثل بلجيكا وفرنسا وبريطانيا العظمى وإيطاليا وهولندا، بعد أن عملت هذه القوى على أن تبرز بعناية هذه الأسطورة في وجه الشعوب الخاضعة للاستعمار. وعملت الولايات المتحدة بدأب على إزالة هذه الأسطورة فكانت جاهزة لتساعد بشكل خفيّ أولئك الذين يقاتلون المستعمرين لتحلّ محلّهم في استعمارهم والفتك بهم وإبادتهم. وهذا ما حصل في فيتنام حيث تظاهرت بدعم فرنسا في الوقت الذي كانت تمد فيه سراً المقاومين التابعين لهوشي منه بالسلاح والعتاد. وهكذا فقد الأوروبيون مستعمراتهم الواحدة تلو الأخرى: الهند في عام 1947 ، وإندونيسيا في عام 1949 ، والهند الصينية بعد هزيمة الفرنسيين في ديان بيان فو في عام 1954 ، والمغرب وتونس حصلتا على سيادة محدودة قليلاً في عام 1956. (المصدر السابق نفسه)ز
# وتحت هذا الغطاء مرّرت الولايات المتحدة مؤامرة “الحرب الباردة” :
——————————————————————-
“ليستر بيرسون” الكندي الحائز على جائزة نوبل للسلام – ولاحظ هنا لمن يمنحون جائزة نوبل للسلام – حدّد الخطر الذي يتهدد فيتنام بأنه “السلطة الاستعمارية الروسية” بالرغم من عدم وجود أي أثر للروس على الأرض، وبالرغم من وجود عشرات الآلاف من الجنود الفرنسيين المُسلّحين بأسلحة أميركية ، وكانت هيئة الأركان المشتركة الأميركية قد عرّفت “العدوان” في جنوب شرقي آسيا بحيث يشمل “أنواع العدوان غير المسلح أي الحرب السياسية أو أعمال التخريب” . ومن هنا كان شجب كل من أدلاي ستيفنسون وجون كندي “للعدوان الداخلي” و “الهجوم من الداخل .. الذي يتم تحريكه من الشمال” وكانا يقصدان بالشمال ، الشطر الشمالي من فيتنام التي قسمتها الولايات المتحدة بعدما نسفت الاتفاق الدولي لعام 1954 حول توحيد البلاد وإجراء انتخابات فيها التي أدركت أنها ستأتي على غير ما تشتهي وترغب من خلال تشجيعها لمبدأ التفاحة الفاسدة . (تشومسكي : كتب مختلفة).
# و”الإحتقار العنصري” عامل آخر في العدوان الأمريكي :
——————————————————–
لقد نشأت أمريكا بعد استعمار الإنكليز للعالم الجديد (وهو عالم قديم عمره 60,000 سنة، كان يسكنه 112 مليون هندي أبادهم الإنكليز الأمريكان جميعاً ولم يبق منهم سوى ربع مليون مع بداية القرن العشرين) . وكان المستعمرون الأمريكان ينفّذون مذبحة الإبادة الرهيبة هذه بحماس بجز فروات الرؤوس وبقر بطون النساء الحوامل وقطع الأعضاء التناسلية للجنسين ليصنعوا منها أكياس التبغ أو تعليق الفروج بالقبعات أو على سروج الخيول (كما سنرى في حلقة مستقلة) .. كان المستعمرون ينفّذون هذه المذبحة بحماس ويكافأون عليها بالأوسمة والدولارت والذهب لأن الغطاء الفكري والروحي أُسِّس على قاعدة أن هؤلاء الغزاة هم “شعب الله المختار” ولديه “رسالة خلاص” .. ولهذا كانت الأسماء الأولى للولايات المتحدة هي “إسرائيل” و”صهيون” وغيرها من الأسماء التوراتية واعتماد اللغة العبرية كلغة رسمية في بداية النشأة. المهم أن هذا انعكس على رسوخ الروح والنظرة العنصرية في العقل الأمريكي إلى كل شعوب العالم عدا الشعب الأمريكي . وهذا ما حكم نظرة الأمريكان الغزاة إلى الشعب الفيتنامي المظلوم أيضاً.
فالمعضلة هذه معضلة مستديمة في محاولات الأمريكان للتعامل مع “اللّا بشر” في العالم ، فبعد مضي ثلاثين سنة على الفظائع الإجرامية التي ارتكبها ، كان “روبرت ماكنمارا” (وزير الدفاع في ظل الرئيسين كنيدي وجونسون، وهو المهندس الأول وحامل المسئولية الرئيسي للمذبحة التي وقعت في الهند الصينية، من أيامها الأولى حتى عمليات التصعيد غير العادية)، لا يزال يفكّر والحيرة تنتابه في عدم استعداد المقاومة الفيتنامية الجنوبية لإلقاء سلاحها والصيرورة جزءا من “فيتنام جنوبية مستقلة وغير شيوعية”، سيراً على خطى إندونيسيا التي “عكست التيار” بعد مقتل مليون أو يزيد من أعضاء الحزب الشيوعي الإندونيسي وهي “تقبع الآن بين يدي قوميين مستقلين بقيادة سوهارتو”.
فكيف يسع الفيتناميون إلّا يقدروا مزايا المستقبل المشرق الذي كان ماكنمارا يزكّيه لهم ؟ لعل الجواب على ذلك هو الذي ساقه هنري كيسنجر في تأمّله حوالي ذلك الوقت في “أعمق مشكلة تكتنف النظام العالمي المعاصر”، وهي ليست مشكلة المجاعة أو الحرب ، بل بالأحرى مشكلة “الإختلاف في المنظور الفلسفي” الذي يباعد بين الغرب “الذي يعتنق فكرة أن العالم الواقعي وجود خارجي بالنسبة للمراقب”، وبين بقية العالم الذي لايزال يؤمن بأن “العالم الواقعي وجود داخلي بالكامل تقريبا بالنسبة للمراقب” . وربما لهذا السبب – حسب وصف تشومسكي الساخر – لم يستجب الفيتناميون بعقلانية لجهودنا الرامية إلى قصفهم إلى أن يحضروا إلى طاولة المفاوضات حيث نعرض عليهم مصير الحزب الشيوعي الإندونيسي في “أندونيسيا المستقلة” . ويواصل كيسنجر كلامه فيقول إن الروس يتخذون وضعية غير مريحة هنا إذ يقفون “مفرشخين” فوق هذا الفارق الكبير في المنظور الفلسفي . ثم أن التعامل معهم صعب بنوع خاص نظرا لتوهّمهم أن “العوامل الموضوعية” مثل البنية الاجتماعية والعملية الاقتصادية ، وقبل كل شيء الصراع الطبقي ، أكثر أهمية من قناعات رجالات الدولة الشخصية . ومن هنا فإنهم لا يقبلون تأكيدات حسن النية بقيمتها الظاهرة” كما نفعل نحن. (تشومسكي : كتب مختلفة.
# الشعب الفيتنامي هو “نمل أبيض” و “قمل يغزو جلد الكلب”:
———————————————————–
وبعد أقل من عقدين مضيا على نشر صورة الحسناء الأمريكية والجمجمة اليابابنية التي أرسلها لها خطيبها الأمريكي من على الجبهة في مجلة لايف ، وصف الجنرال “وليام وستمورلند” الشعب الفيتنامي بـ “النمل الأبيض” ، والنملة البيضاء أخطر حشرة يخشى الأمريكي أذاها ، كما أن هذا الوصف “النمل الأبيض” هو الوصف الذي أطلقه الأمريكان على الشعوب الأمريكية الأصلية عند إبادتهم لها . وكان “هيو مانكه” رئيس قسم المتطوعين الدولية في شهادة له أمام الكونجرس 1971 قد أكّد على عزم القوات الأمريكية على إبادة فيتناميى الجبل فقال ” إننا سنحل مشكلتهم كما فعلنا مع الهنود ” ، بينما قال ماكسويل تايلور” وهو يصف الفييتكونغ في شهادة له أمام الكونجرس “إن الفيتناميين ليسوا بأفضل من قمل يغزو جلد الكلب”. أما السفارة الأمريكية في سايغون فقد وصفتهم على لسان ضابط علاقاتها العامة “جون مكلين” بأن عقولهم تعمل كما تعمل السيقان الرخوة للطفل المشلول ، وأن محاكماتهم العقلية لا تضاهي طفلاً أمريكياً في السادسة من عمره. (منير العكش : أمريكا والإبادات الجنسية).
# وقفة للتذكير فقط : الأمريكان أساتذة النازيين :
———————————————–
بعد مذبحة “ساند كريك” التي ذهب ضحيتها 800 هندي أعزل اعتُبِر القائد “جون شفنغتون” من أعظم أبطال التاريخ الأمريكي حتى هذا اليوم ، وهناك الآن أكثر من مدينة وموقع تاريخي تخليداً لذكره ولشعاره الشهير :
“اقتلوا الهنود واسلخوا جلودهم. لا تتركوا صغيراً ولا كبيراً ، فالقمل لا يفقس إلا من بيوض القمل” .
ولعل هذه العبارة هي التي ألهمت النازي “هملر” تشبيه ما يجري في معسكرات الإبادة النازية بأنه “تنظيف قمل”.
# ما الذي سيترتب على هذا الإحتقار العنصري ؟
———————————————–
سيترتب عليه نتيجة خطيرة وتتمثل في “ضرورة تنظيف الأرض من هذه الكائنات النملية والقملية الكريهة .. بالحرق أو الرصاص أو المواد الكيمياوية مثل مضادات الحشرات وغيرها ” .. وستيبع ذلك بالضرورة التمثيل بجثث هذه الكائنات الوضيعة وقطع رؤوسها .. بالضبط كما حكمت النشأة بإبادة الهنود الحمر والتمثيل بجثثهم . وقطع رؤوس اليابانيين وإرسال جماجمهم هدية للزوجات والخطيبات (كان الجنرالات الأمريكان يُرسل فروات رؤوس الهنود هدايا إلى السيّدات الأمريكيات ويحتفظون بالجماجم في مكاتبهم وغرف نومهم) وتعليق النساء اللاتينيات من نهودهن وقطعأرحامهن وقطع رؤوس الرجال بالمناشير .. إلخ.
باختصار إن سياسة الأمريكان الاحتلالية هي : الإبادة البشرية المسلّحة والوحشيّة والتي لا تُنفّذ بطبيعة الحال إلّأ من خلال المجازر. وهذا بالضبط ما حصل في فيتنام.
# الإبادة بالقصف السجادي :
—————————
لقد جاءت حرب فيتنام لتكشف أكثر من أي وقت مضى قبح الطوية الأمريكية، فقد عرفت هذه الحرب حضورا قويا لوسائل الإعلام وخاصة الأمريكية منها. ورغم أن الحضور الإعلامي بقي مدجنا لوقت طويل، حيث كان يسير وفق مزاج القادة العسكريين، إلا أن هول الفضائع التي قام بها الجنود الأمريكيون، وكثرتها وتكرارها المتعمد جعل الكيل يطفح، فبدأت الأنباء تتسرب إلى العالم الخارجي بأن حرب فيتنام هي حرب إبادة ضد الشعب الفيتنامي الأعزل الذي كان يموت دون حتى أن يدري لماذا. وظلت القوات الأمريكية فيما بين 1965 و 1975 ترمي ملايين الأطنان من القنابل الكيماوية المسماة Agent Orange والتي لم تكتف بقتل مئات الآلاف من البشر بل وتسببت في قتل كل أشكال الطبيعة في العديد من المناطق الفيتنامية. ولجأ الطيران الأمريكي مرارا وتكرار إلى القصف السجادي الذي يعتبر ممنوعا في قوانين الحرب، لدرجة أن القصف الأمريكي ضد مدينتي هانوي وهايفونغ سنة 1972 يعتبر حالة دراسية لنموذج القصف السجادي الممنوع دوليا.
# قطع الرؤوس سلوك أمريكي ثابت :
————————————-
وكانت قناة history التليفزيونية الأمريكية قد عرضت في 3 تموز 1996 شكلاً حديثاً من مشاهد السلخ في فيلم وثائقي بعنوان ” قيام العنقاء ” نرى فيه الجنود الأمريكان في فيتنام وهم يقطعون رؤس الفييتكونغ ويعرضونها في مهمة أشرفت عليها وكالة الإستخبارات المركزية في أواخر عام 1967 وأطلقت عليها إسم ” العنقاء “operation phoenix” ، وقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية ان عدد ضحايا عملية العنقاء وحدها وصل إلى 26369 قتيل ، و33358 معتقل ، بينما يؤكد روي بروسترمن ” أستاذ القانون في جامعة واشنطن أن عملية العنقاء شملت ” فيتنام – والفلبين – والسلفادور ” وبلغ عدد ضحايا فيتنام وحدها في الفترة بين 1968 ، 1971 ، ما يزيد عن 40 ألف قتيل وأكثر الضحايا كانوا من المدنيين والمعتقليين جزاء التعذيب .(المصدر السابق نفسه).
# إبادة وتعذيب :
—————–
يروى “بارتون ” أحد ضباط عملية العنقاء في شهادته أمام الكونجرس عام 1973 ” كنت أنظر في قضية مُشتبه يقول أحد عملائي أنه متعاطف مع الفييتكونغ، وكان التحقيق يجرى في مجمّع بالتجسس المضاد لفرق المارينز، وحين دخلت لمتابعة ما يجري كان الرجل قد فارق الحياة بعد ان دكوا في فتحة أذنه سيخاً حديدياً طوله 6 بوصات إخترق دماغه وقتله .. لقد كانت حرب إبادة منظمة”
وكانت ممارسات التعذيب الوحشي الأمريكية المنافي للإنسانية تتصاعد ، مع تصاعد ضراوة الحرب حيث كان الجنود الأمريكيون يطوّرن من أساليب التنكيل بالمواطنين والمقاتلين الفيتناميين . وفضلا عن تعرض الآلاف من الفيتناميات لعمليات اغتصاب متكررة وجماعية على يد الجنود الأمريكيين ، فقد نُفذت أساليب تعذيب مخيفة ، مثل إدخال قطع قصب البامبو التي تشبه الأشواك تحت الأظافر وفي أمكنة عديدة حسّاسة من الجسم ، ووضع الرؤوس في الماء لفترة طويلة ، وربط الأيدي وحلمات الأثداء والخصيتين بأشرطة الهواتف ، وتعليق الأسير خلف عربة وجرّه في حقول الأرز حتى يموت ، والرمي من المروحيات أثناء تحليقها ، والسحق تحت جنازير المصفحات، وقطع الرؤوس، وقطع الذراعين وترك الشخص يموت نازفاً دمه… وغير ذلك الكثير من معارف الولايات المتحدة راعية السلام وحقوق .( وكالة الأخبار الإسلامية – نبأ: التاريخ الدموي للإمبراطورية الأمريكية).
# الإبادة بالأسلحة الكيمياوية :
—————————–
في فيتنام قدّمت الولايات المتحدة الأنموذج المتكامل للإستخدام الوحشي لأسلحة الدمار الشامل – العوامل الكيمياوية بشكل خاص حيث استخدمت “العامل البرتقالي- orange agent” الذي يحتوي على عامل شديد السمّية هو “الديوكسين – dioxin” الذي طهّر الأراضي الزراعية وجعلها قاحلة وقتل مئات الألوف من الفيتناميين أكثرهم من الأطفال (راجع الملحق عن العامل البرتقالي). ثم جاءت الجريمة الأخرى في كولومبيا حيث استخدمت الولايات المتحدة المواد الكيمياوية في طريقة سُمّيت بالتبخير دمرت بها مزارع البن لتهيئة الأرض لحفر مناجم الفحم فشردت آلاف الفلاحين وتسببت في موت الآلاف. والولايات المتحدة هي أول دولة تستخدم اليورانيوم المنضب الذي يُختزن في التربة لمدة أربعة آلاف عام ويسبب تشوهات المواليد وآلاف الإصابات السرطانية كما حصل في العراق. فكيف تصبح هذه الدولة صاحبة الريادة في استخدام أسلحة الدمار الشامل المحرمة وتلوثت يداها القذرتان بدماء مئات الألوف من ضحاياها هي القاضي الذي يحكم في حق من يمتلك ومن لا يمتلك مثل هذه الأسلحة وهي فاقدة المصداقية في هذا المجال؟
إن نصف مليون طفل ولدوا بتشوهات ناجمة عن الديوكسين ، نتيجة لملايين الأطنان من المواد الكيمياوية ، التي أشبعت فيتنام الجنوبية ، أثناء المحاولات الأمريكية لتدمير المحاصيل وكساء الأرض ، والتي بدأت مع إدارة كنيدي ، وأفادت ايضا أن العلماء اليابانيين – الذين يعملون مع العلماء الفيتناميين – اكتشفوا نِسَباً من تشوهات ولادية في القرى الجنوبية أعلى بأربع مرات منها في الشمال ، الذي استُثنِى من هذا الرعب الخاص . ناهيك عن أكوام الآنية التي تحتوي على أجنة مجهضة ، مولودةً ميّتة ، أحيانا تدمرها سرطانات نادرة ، وهي تملأ غرف المستشفيات في جنوب فيتنام ، وتتحدث عنها الصحافة الأجنبية بين الفينة والفينة ، أو المواد التقنية المنشورة هنا ، بالإضافة إلى اضطرابات صحّية وافرة ما تزال نسبتها مرتفعة جدا في الجنوب ، رغم أنها غير موجودة في الشمال . ويعترف تقرير وول ستريت جورنال أنّ الولايات المتحدة مسؤولة عن الفظائع التي تذكرها ، والتي لا تزال تُحدِث كارثة بفيتنام الجنوبية . وتفيد ايضا أن فيتنام تلقت بعض المساعدة الأوروبية واليابانية ، كي تحاول التغلب على الكارثة ، ولكن الولايات المتحدة التي “استنفدت عاطفيا” بعد خسارة الحرب لم تكترث بالأمر . (تشومسكي : كتب مختلفة).
# من فيتنام إلى العراق الإحتقار العنصري والإبادة على الطريقة الأمريكية:
———————————————————————–
في 18 شباط 1971 نشرت النيويورك تايمز رسالة كتبها المستشار القانوني للضابط وليم كالي بطل مذبحة مابي لاي في فيتنام يعترف فيها أن “موكله لم يشعر أبدا بأنه كان يقتل بشراً” . وفي العراق حيث ينشر الزنابير أعظم التقاليد وأنبلها. يقول الضابط جون مدلتون : “إن كثيرا من زملائه الجنود يرون أن هؤلاء العراقيين ليسوا بشرا مثلنا” . ولهذا نستطيع أن نفعل بهم ما يحلو لنا” . وهذا ايضا ما تجسده أغاني الجنود التي نُشرت بالصوت والصورة كما في شريط “بنت الحاجة أو بنت الحاج the hajji girl” الذي يعرض مشهدا للجندي “جشوا بلايل” بلباسه العسكري وهو يطرب الجنود في إحدى القواعد الأمريكية في أرض المعتصم. كان الجندي يغني اغنية ذات عبارات سادية عن متعة اغتصاب وقتل “بنت الحاجة” (لقب تحقيري للمرأة العراقية) وأهلها ، فيما كان الجنود الأميركيون المنتشون يعربدون ويجعرون صفيرا وهياجا . ومن ذلك وصفه في نهاية الأغنية لما فعله بالبنت العراقية وأسرتها :
(خطفتُ أختها الصغيرة ووضعتها أمامي
وفيما كان الرصاص يتطاير كان الدم ينفر من بين عينيها
عندها ضحكتُ ضحكا جنونيا
ثم اختبأت وراء التلفزيون
وعبّاتُ بندقيتي
ونسفت هؤلاء القحاب التافهين
ثم قلتُ : دركا ، دركا، محمد ، جهاد
شردا ، شردا ، بكالا” (بربرة للسخرية من اللغة العربية والاستهزاء بمحمد)
كان عليهم أن يعرفوا أنهم إنما كانوا “يتمنيكون” مع المارينز)
وبعد قصف ملجأ العامرية قالت ماريلن فيتز ووتر المتحدثة باسم البيت اأبيض وهي تكرر أن المخبأ كان مركزا للقيادة والسيطرة : “إننا لا نعرف لماذا كان المدنيون في ذلك الموقع ، لكننا نعرف أن صدام حسين لا يشاركنا قيمنا الخاصة بحرمة حياة الإنسان” . وبالمثل – خلال حرب فيتنام – أكد لنا الرئيس جونسون ومسؤولون حكوميون آخرون أن الآسيويين لا يولون حياة الإنسان نفس المنزلة العالية التي يوليها لها الأمريكيون . وبالطبع ، فقد قال لنا هذا والقنابل والنابالم والعامل الأصفر ورشاشات الهليكوبتر الأمريكية تفتك بالفيتناميين وحياتهم التي تحظى بمنزلة عالية . (منير العكش: أمريكا والإبادات الجنسية).
# قتلة وسفلة من جنودهم إلى سيناتوراتهم إلى رؤسائهم :
——————————————————-
ويستاوى في هذا سلوك الإبادة الإجرامي الوحشي هذا كل قطاعات الشعب الأمريكي المشاركة في الحرب. يتساوى في الذبح والمجازر وقطع الرؤوس وحرق الأحياء والتمثيل بالجثث الجنود الأمريكيون وضباطهم مع القادة العسكريين من كولونيلات وجنرالات ، مع قادتهم السياسيين من سيناتورات ووزراء ، مع رؤسائهم المتربعين على عرش السلطة. وسيُصدم القارىء حين يرى أنّ كل هؤلاء ينفذّون المجازر ويُعلنون إيمانهم بالله والمسيح (لن يكون ذلك صادما حين نتعرّف على الأسس التوراتية لنشأة الولايات المتحدة الأمريكية في الحلقات المقبلة) :
(أ)من رؤسائهم :
—————–
فـ “جون كيندي” كان عليه أن يثبت رجولته – على حد تعبير الاستاذ “محمّد حسنين هيكل” – بالحرب وقد فعلها في خليج الخنازير ضد كوبا . وعندما لم تنجح حربه في تحقيق هدفها كان عليه أن ينتظر فرصة أخرى واتته حين أصدر الأمر بقتل رئيس فيتنام الجنوبية نجو ديم (كما رأينا قبل قليل)، ثم مارس هذه الرجولة مرة أخرى سنة 1963 بفرض حصار حول الكاريبي كاد أن يتسبب في حرب نووية مع الإتحاد السوفيتي. ثم مارسه مرة ثالثة بفتح باب التدخل الأمريكي الواسع في حرب فيتنام .
وليندون جونسون – وقد استغرقته حرب فيتنام – وعلى حد تعبير هيكل تمادى فيها إلى درجة الهجوم على فيتنام الشمالية مباشرة وبرّر هجومه بحجج ثبت للكونجرس أنها ملفّقة .
وبعد جونسون جاء ريتشارد نيكسون ليمدّ الحرب من فيتنام إلى ما حولها في لاوس وكمبوديا (كلّفت أكثر 4 ملايين ضحيّة)، وفي عهد نيكسون دخلت الولايات المتحدة بمشورة وزير خارجيته “هنرى كيسنجر ” حروباً وانقلابات من الداخل في أفريقيا ، وأمريكا للاتينية بالذات ضد حكومة شيلي الشرعية وضمنها قتل الرئيس ” الليندى” على سلم قصره.
هناك أيضا الرئيس كارتر ، معلّم الأخلاق البارز، ونبي حقوق الإنسان الذي يطمئننا بأن لا دَين في أعناقنا تجاه فيتنام ، ولا مسؤولية مترتبة علينا تجاهها تجعلنا نعطيها أي عون لأن “الدمار كان متبادلا” . وقد ساند الرئيس المؤمن جيمي كارتر حكومة السفّاح بول بوت التي اقترفت جريمة الإبادة البشرية في كمبوديا (قتل الخمير الحمر 2 مليون كمبودي) ، والتي أسقطها الفيتناميون بعد أن قرّر بول بوت الهجوم على فيتنام لقتل 50 مليون فيتنامي ثم العودة لإكمال برنامج اجتثاث الشعب الكمبودي كما أعلن ذلك الخمير رسميّاً (راجع القسم الخاص بالسفّاح بول بوت والدعم الأمريكي له في الحلقة (28) : الديكتاتوريون الطغاة هم أصدقاء الولايات المتحدة المقرّبون) .
وكان دعم كارتر لبول بوت الجزّار هذا ضرورياً كعقاب إضافي لفيتنام لأنها دافعت بجدارة عن شعبها ضد الغزو والطغيان الأمريكي.
رفض بوش رفع الحظر المفروض على فيتنام منذ عام 1975 . ديك تشيني وزير الدفاع أبلغ الكونغرس بأن على الفيتناميين المزيد من التعاون قبل أن نسمح لهم بالدخول إلى العالم المتحضّر .
(ب)وحتى سيناتوراتهم :
————————
أوّلاً : السيناتور المجرم “بوب كيري” :
كانت “النيويورك تايمز” في أواخر نيسان 2001 قد كشفت عن مجزرة لم يكن أحد يذكرها لولا أن بطلها أصبح عضواً في مجلس الشيوخ ، وقد أرتكبها السيناتور ” بوب كيري ” في شباط فبراير 1969 ، عندما كان ضابطاً بحرياً متطوعاً في حرب فيتنام ونال جزاء بطولتها وسام النجم البرونزى ، ويروي “غيرهارد كلان” أحد الذين شاركوا في هذه المجزرة كيف أن السناتور بوب كيرى – الذى كان يعدّه الحزب الديمقراطى لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة – قادهم في تللك الليلة إلى قرية ثونه فونغ حيث جمعوا 13 امرأة وطفلاً وأطلقوا عليهم النار بدم بارد ، وكيف أنهم بعد سقوط القتلى سمعوا طفلاً يبكى بين الضحايا فعاجلوه بالرصاص الكثيف . وقال إنهم بينما كانوا في طريقهم إلى مكان المجزرة مرّواً بكوخٍ فيه عجوزان وثلاثة أطفال فطعنوهم جميعاً بالسكاكين ثم قطعوا حناجرهم” .
ثانياً : السناتور “جون كيري” وزير الخارجية اللطيف لاحقاً :
وفي 18 نيسان أجرى مراسل واشنطن إيفننغ ستار لقاءً مع السناتور “جون كيري” – وزير الخارجية اللطيف – زميل بوب كيري في القتال وفي مجلس الشيوخ سأله فيه :
“لقد قلتَ في أكثر من مناسبة أن سياستنا في فيتنام لا تختلف عن حرب الإبادة وأن المسؤولية تقع على عاتق كافة مستويات قيادتنا ، هل قمت أنت شخصيا – كضابط بحرية شارك في فيتنام – بارتكاب فظاعات أو جرائم يعاقب عليها قانون هذا البلد ؟
جون كيري : لقد كان هناك كل ما يخطر على بالك من هذه الفظاعات والجرائم ، وأحبُّ أن أعترف بأنني نعم ، نعم ، ارتكبتُ مثل هذه الفظاعات والجرائم مثل الآلاف من الجنود .. لقد شاركتُ في مهمات قتل وتدمير وإحراق قرى. وهذا كله انتهاك لقوانين الحرب واتفاقيات جنيف ، وكل ذلك تم بناء على أوامر مكتوبة وفقا لسياسة حكومة الولايات المتحدة من قمة الهرم حتى القاعدة ، وإنني أعتقد أن الرجال الذين رسموا هذه السياسة ، الرجال الذين أعطونا الأوامر .. أعتقد أن هؤلاء الرجال … مجرمو حرب” . (المصدر السابق نفسه) . (موقع الكوفية: أبرز 10 مجازر ارتكبها الجيش الأمريكي).
(ج)وحتى ضبّاطهم وجنودهم : مجزرة ماي لاي أنموذجاً :
——————————————————–
وهذه المجزرة تعكس السيكولوجية الحقيقية السادية لقطاع واسع من النخبة الأمريكية السياسية العسكرية الإعلامية . ما هي مجرة ماي لاي ؟
هي مجزرة وقعت خلال حرب الفيتنام على أيادي جنود أمريكيين، وأثارت الصور التي التُقطت في أثناء المجزرة إلى موجة استنكار عالمية.
في صبيحة يوم 16 مارس 1968 قام الملازم الأمريكي “ويليام كايلي” وجنوده بتطويق قرية “ماي لاي” ثم قام بجمع القرويين العزل ، وأمر بإضرام النار في بيوتهم وقتل كافة السكان، لاقى ما بين 300 و500 مدني مصرعهم في المجزرة.
بعد مرور عام على تلك الأحداث وفي شهر مارس من سنة 1969 قام الجندي “رينولد ريدنهاور” ببعث رسائل إلى عدة شخصيات ومؤسسات رسمية مُبلّغاً بذلك عن الملازم وكاشفا فظاعة مجزرة كانت ستموت مع ضحاياها.
وفي يوم 20 نوفمبر قامت وسائل الإعلام بكشف القضية وبنشر صور الضحايا.
قامت محكمة عسكرية بالحكم على ويليام كايلي بسجن مدى الحياة غير أنه تم إطلاق سراحه بعد 5 سنوات عندما منحه الرئيس نيكسون عفوا خاصا سنة 1974. (وكالة الأخبار الإسلامية: التاريخ الدموي..).
# بعد خمسين عاماً الولايات المتحدة تعتز بمجزرة ماي لاي :
——————————————————–
في الوقت الذي كان فيه الأمريكيون يراجعون جرائم اليابان في الذكرى الخمسينية لبيرل هاربر . صدر كتاب عن الجريمة الأمريكية الوحيدة التي تم الاعتراف بها، وهي مجزرة “مي لاي – My Lai” في آذار 1968 عنوانه “أربع ساعات في ماي لاي” . فقد صُدم القراء الأمريكيون عندما عرفوا أن “الملازم كالي – Cally” ذا السمعة السيّئة الذي قاد القتلة في تلك المجزرة قد “قضى أقل من ثلاث سنوات من الحبس في مكتبه الخاص في مقر القيادة ثم نال عفواً” . وهو الآن يستمتع بحياته كرجل أعمال ثري في جورجيا ويقود سيارته من طراز مرسيدس من منزله الجميل إلى المجمع التجاري حيث يوجد متجر المجوهرات الذي يملكه .
# (د) وحتى صحافتهم “الديمقراطية” الشهيرة :
——————————————
تقول الواشنطن بوست ، وهي صوت الشر والخبث الثاني بعد النيويورك تايمز “أي كتاب يتناول هذا الموضوع سيكون قد أهمل مسؤولياته إن هو لم يقتفِ أثر تلك الخطيئة وصولا إلى مركّب النور والظلام في روح الفرد البشري” .
لاحظ السفالة في اللعب بالكلمات .. يجب علينا أن نغطس في أعماق الفلسفة الزرادشتية والنيتشوية ، ولا نقول ببساطة إن هذه مجزرة وأن مرتكبها يجب أن يُعدم حسب اتفاقيات جنيف !!
النيويورك تايمز صوت الشر الأول قالت في الذكرى الخمسينية للمجزرة آذار 1983 إن القرية والمنطقة المحيطة بها مازالت صامتة غير آمنة ” مع أن الأمريكيين كانوا مايزالون “يحاولون جعلها آمنة” بالقصف الشديد . وأورد مراسلها أقوالاً لقرويين اتهموا الولايات المتحدة بقتل الكثير من الناس ، لكنه أضاف متفلسفاً “إنهم ليسوا في موقع يستطيعون منه تقدير ما تعنيه ماي لاي لأمريكيين” لا يا كلب يا إبن الكلب .. ملأتم قلوبنا قيحاً .
يقول تشومسكي معلّقاً على تقرير الواشنطن بوست “الفلسفي” حول المجزرة : “تلتزم الواشنطن بوست بقوانين الاستقامة السياسية إذ تأمرنا بسبر أعماق روح الإنسان الفرد بكل تعقيداتها المظلمة للبحث عن إجابة على مجزرة ماي لاي في ذلك الخلل العام الذي يكتنف الجنس البشري برمته ، لا أن نبحث في سياسات الولايات المتحدة ومؤسساتها . وتقضي قوانين الإستقامة السياسية بأن الولايات المتحدة ترد فقط على جرائم الآخرين ، ولا سياسة لها تتجاوز نهجها العام في فعل الخير ، فسياستها في “كوانغ نغاي” منطقة قرية ماي لاي – لا تتعدى “محاولة جعلها آمنة” للفيتناميين المُعذّبين الذين “تحميهم”. صحيح أن الهند الصينية دُمّرت لكن هذا أمر عادي ، وما من فاعل له .
لنفحص سجل “عملية ويلر والاوا Wheeler Wallawa” حيث سجّل إحصاء الجثث الرسمي 10000 عشرة آلاف قتيل مُعاد بمن فيهم ضحايا ماي لاي . وأشار أحد الصحفيين إلى أن “ماي لاي تمثل تطبيقا ذا بشاعة خاصة لسياسة أعم وأشمل” في مناطق أخرى مثل إحدى المناطق التي تضم أربع قرى خفض عدد سكانها من 16000 إلى 1600 إنسان ، أو عندما أظهرت خطط تحديد مواقع القصف لطائرات ب – 52 أن القصف كان يستهدف القرى تحديدا، وكانت الحوامات تصطاد الفلاحين في الحقول . (تشومسكي: كتب مختلفة).
# (هـ) وحتى عمّأل إغاثتهم :
————————-
لقد علم عمال الإغاثة الأمريكيون الشماليون الذين كانوا يعملون في كونغ نغاي بأمر مجزرة ماي لاي فورا ، لكنهم لم يهتموا للأمر ، لأن ذلك لم يكن يعتبر أمرا خارجا عن المألوف . كانت جزء من عملية سرّية مستمرة .
# مجزرة أخرى تُكتشف بمحض الصدفة :
—————————————-
وبمحض الصدفة وجدت هيئة التحقيق العسكرية التي حققت في ماي لاي مجزرة أخرى مثلها على مسافة أميال قليلة وذلك في “ماي كهي – My Khe ” . لكن التُهم الموجهة إلى الضابط المسؤول أُسقطت على أساس أنها كانت عملية عادية تمّ فيها تدمير قرية واحدة وقتل 100 مئة من سكانها وتهجير الباقين الذين أُرسلوا إلى معسكر لا ماء فيه في جزيرة “باتانغان” التي رُفعت في سمائها لافتة كتب عليها “نشكركم لتحريرنا من الإرهاب الشيوعي” . وهناك أخضعوا لعملية “بولد مارينر – Bold Mariner” التي حاولت جعل المنطقة آمنة عن طريق مجزرة أكبر وخراب بيئي أشد.
# (و) وحتى صحفييهم :
———————-
وفي الوقت نفسه في يوم من شهر فبراير 1966 ، تحمس “دافيد لورنس” رئيس تحرير يو أس نيوز ورلد ريبورت ليضع الكلمات التالية على الورق :
“إن ما تفعله الولايات المتحدة في فيتنام هو أروع مثال شهدناه في عصرنا لعمل البرّ الذي يقدّمه شعبٌ لآخر” .
يقول الصحفي “جون بجلر” :
“وقد أرسلتُ إلى السيد لورنس كتيّباً جيّد الإعداد عنوانه “الفظائع الأمريكية في فيتنام” ، قدّم تفاصيل بيانية عن موضوعه ، وأرفقت بهذا مذكرة تحمل أولا قول لورنس وتحته اسمه ، ثم أضفت : “إن أحدنا لمجنون” . ويلي ذلك اسمي .
ورد لورنس برسالة استغرقت صفحة كاملة جاء في الصميم منها : “أعتقد أن نظرة متأنية على (الكتيب) ستبرهن على الفكرة التي أحاول أن أبرزها ألا وهي أن الشعوب البدائية التي تكمن الوحشية في أعماق قلوبها يتعين مساعدتها على إدراك الأساس الحقيقي للوجود المتحضر”. (المصدر السابق).
# (ز) وحتى منظماتهم “الإنسانية” : حتى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية(USAID) ساهمت في تدمير شعب فيتنام :
—————————————————————
من الظواهر العجيبة – لكن المتسقة مع السيكولوجية الأمريكية الإبادية – هي أن الولايات المتحدة حين تشنّ حرباً على دولة ما ، فإن كل مؤسساتها – حتى الإنسانية – تشارك في هذا العدوان . ما هي علاقة منظمة مخصّصة للتنمية الدولية اسمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية(USAID) بالعدوان على شعب فيتنام . لنتأمل هذه الأخبار والمعلومات الموثّقة:
في تقرير للنيويورك تايمز في 10 تموز 1971 ، وُجّه الإتهام إلى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ووكالة المخابرات المركزية CIA بـ “تضييع” 1,7 مليار دولار مخصّصة لبرنامج إسناد التنمية الثورية والعمليات المدنية في جنوب فيتنام . كان هذا البرنامج جزءا من عملية شهيرة لوكالة المخابرات المركزية سمّيت بـ “عملية العنقاء – phoenix operation” التي تضمنت اغتيال وتعذيب عشرات الألوف من مواطني فيتنام الجنوبية (كان ضحيتها أكثر من 30 ألف مواطن فيتنامي)
ويقول الأستاذ «منير العكش» في كتابه “أمريكا والإبادات الجنسية” إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) ـــ وهى الذراع اليمنى لوزارة الخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية ـــ كانت توزّع حبوب منع الحمل مجانا على الفيتناميين؛ وذلك بهدف الحد من زيادة عدد الشيوعيين، فيما كانت القوات الأمريكية ترمى عليهم قنابل النابالم الحارقة وغاز الخردل وغاز الأعصاب. ويومها أيضا، اقترح سياسيون وأكاديميون أمريكيون معالجة أرز الفيتناميين وماء شربهم بعقاقير التعقيم.
كانت الـ USAID مساهمة في عدد من عمليات وكالة المخابرات المركزية السرّية في جنوب شرق آسيا . في التاسع من شباط عام 1971 أشارت صحيفة “الواشنطن ستار” إلى أن مسؤولي الـ USAID في “لاوس” كانوا يعلمون أن معونات الرز المُجهّزة إلى الجيش اللاوسي من قبل وكالتهم كان يُعاد بيعها إلى قطاعات من جيش فيتنام الشمالية في البلاد . وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تتحمّل مبيعات الوكالة للرز لفيتنام الشمالية لأن وحدات الجيش اللاوسي (أو اللاوتي) التي تبيع الرز وجدت نفسها محميّة من هجمات شيوعيي الباثيت لاو وفيتنام الشمالية . واستخدمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID ، ووكالة المخابرات المركزية CIA ، إمدادات الرز هذه أيضا لإجبار رجال قبائل “المياو” على مساعدة الولايات المتحدة في حربها ضد الشيوعيين الفيتناميين. لقد كان يتم عمليّاً توجيه أموال USAID المخصصة للمدنيين الجرحى خلال الحرب في لاوس وللعناية بالصحة العامة لأغراض عسكرية .
في عام 1971 تمّ اتهام مركز الدراسات الفيتنامية الذي أنشأته الوكالة في جامعة إللينويس بأنه واجهة للمخابرات المركزية . كانت الوكالة تموّل مشروعات من خلال اتحاد جامعات ميدويست للأنشطة العالمية – اتحاد يضم جامعات ولايات إللينويس ، ويسكونسن ، مينسوتا ، إنديانا ، ومشيغان – اتُهمت بأنها واجهة لعمليات للمخابرات المركزية وبضمنها “التعليم الزراعي” في إندونيسيا ، وكذلك “مشاريع” أخرى في أفغانستان ، مالي ، نيبال ، نيجيريا ، تايلند ، وجنوب فيتنام . أطلقت هذه الإتهامات في عام 1971 ، وهي السنة نفسها التي كانت فيه “آن دونهام – Ann Donham” والدة الرئيس الأمريكي باراك أوباما (وهي عميلة للمخابرات المركزية) تعمل كموظفة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في إندونيسيا . (راجع الحلقات 24 و25 و26 عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية).
# مذابح .. ومجازر .. وتمثيل بالجثث :
————————————-
وتصف مجلة country spy في عددها ربيع/ صيف 1975 عملية العنقاء بأنها أكبر برنامج للقتل الجماعى المُنظّم يشهده العالم منذ معسكرات الموت النازية فتقول ” في 16 آذار ، مارس 1968 دخلت مجموعة من الكتيبة 11 إلى قرية ( ماى لاى) فقتلت 347 عجوزاً وامرأة وطفلاً رضيعاً ، ثم أن المشاة أحرقوا البيوت والأكواخ بمن فيهم البشر. وهنأ الجنرال “وليام وستمورلند” هذه المجموعة لعملها ” الممتاز” . وفي يوم المجزرة نفسه هاجمت مجموعة أخرى من الكتيبة قرية (ماى خه) وفتحت نيرانها على طريقة الكاوبوى. وفي هذه المجزرة تولّت مجموعة صغيرة من الجنود تكويم الجثث .
وفي اليوم التالي زحفت هذه المجموعة عبر شبه جزيرة “باتنغن” جنوب بحر الصين وراحت تحرق كل قرية تعبرها وتقتل كلّ ما يدب فيه الروح من الجواميس والخنازير والبط والدجاج والبشر وتدمّر المحاصيل ، وقال أحد جنود هذه المجزرة ” ما فعلناه هنا ليس أستثناءً ، لقد فعلناه في كل مكان ” . وقال اخر ” لقد كنّا نتسلى ” .
وعن مذبحة ( ماى لاى ) يقول الصحفي الشهير “سيمور هيرش” ( والكلام عن المذبحة مقتبس من كتابيه(my lai4 – cover up ) : إن الطيّار “هيو تومسون” كان يحلق بطائرته الهليوكوبتر الصغيرة صباح 16 آذار ، مارس 1968 فوق منطقة ماى لاى ، وما إن إقترب من قرية سونغ ماى حتى رأى الأرض مزروعة بالقتلى والجرحى من دون إشارة تدل على وجود قوة معادية ، (في المنطقة التي تقع داخل فيتنام الجنوبية الحليفة التي تستضيف الجيش الأمريكي والضحايا كلهم من مواطنيها ) ، وظنّ الطيّار أن أفضل ما يستطيع فعله هو تحديد المكان بالدخان حتى يسرع الجنود على الأرض للنجدة والمساعدة ، وكان أول ما فعل أن حدّد مكان فتاة مُصابة بطلقات في بطنها ومبطوحة على حافة السياج فيما كان نصفها السفلى فوق حقل الأرز . ولدهشته فإن الجنود أسرعوا إلى الفتاة ليجهزوا عليها لا ليسعفوها ، فقد أفرغوا في رأسها عدة طلقات” .
ويقول أحد مساعدى تومسون ” إن الجثث كانت كالنمل ، كأن هناك من سمّم مياه الشرب، وكأنّ كلّ من في القرية شرب من هذه المياه المسمومة وسقط صريعاً ، لقد إستمرّ دفن القتلى أكثر من خمسة أيام “.
وكان جوزيف ستريك قد أجرى لقاءات مطولة مع جنود هذه المذابح لتوثق لعام 1971 ، فقال ” فردانو سمبسون : ” كانوا يمثّلون بالجثث وبكل شئ ، كانوا يشنقونها أو يسلخونها ، وكانوا يستمتعون بذلك ، يستمتعون بكل معنى الكلمة ـ وكانوا يتلذّذون بقطع حناجرهم”. (منير العكش : أمريكا والإبادات الجنسية).
# تضارب أرقام .. بآلاف الضحايا ! :
——————————————–
وتتضارب الأرقام النهائية لعدد ضحايا عملية العنقاء بين شهادة وأخرى. فبينما يعترف وليم كولبي، وكان يومها يدير عمليات السي آي إيه في الفيتنام، بأن حصيلة القتلي بين المدنيين في نهاية 1971 بلغت 20587 و 28978 معتقلاً (تبيّن لاحقا أن هؤلاء المعتقلين قد أبيدوا) و 17717 تولّت أمرهم حكومة سايجون، يقول تقرير لجنة تشيرش لعام 1976 أن عدد القتلي من المدنيين بين 1968 و 1970 زاد على العشرين ألفاً.
أمّا وزارة الدفاع فتعترف بأن عدد القتلي المدنيين في فيتنام الجنوبية وحدها كان 26369 بينما بلغ عدد المعتقلين 33358 . ويتحدث “روي بروسترمن” أستاذ القانون في جامعة واشنطن عن نشاطات جانبية لعملية العنقاء خاصة بإصلاح الأراضي في فيتنام والفيلبين والسلفادور، فيقول إن عدد ضحايا فيتنام وحدها من هذه العملية ما بين 1968 ومنتصف 1971 زاد على الأربعين ألفا. ومهما كانت حقيقة الأرقام فإن برنامج العملية يقتضي تصفية كل من يُشتبه بأنه من الفييتكونغ أو يتعاطف معهم بمعدل 1800 فييتنامي شهريا على اقل تقدير . وكان المدنيون المشتبه بتعاطفهم مع الفييتكونغ أكبر الضحايا فقد كانوا يُعتقلون بالآلاف ويُقتلون تحت التعذيب.
# كم قتلت أمريكا من الشعب الفيتنامي؟ :
—————————————
في فيتنام مثلا يؤكد الراهب البوذي الفيتنامي ثيتش ثين هاو أن ” حرب فيتنام تسبّبت بحلول منتصف عام 1963 في مقتل 160 ألف شخص، وتعذيب وتشويه 700 ألف شخص، واغتصاب 31 ألف امرأة، كما نزعت أحشاء 3000 شخص وهم أحياء، وأُحرق 4000 حتى الموت، ودُمر ألف معبد، وهوجمت 46 قرية بالمواد الكيماوية السامة “.
كما أدى القصف الأمريكي لهانوي وهايفونغ عام 1972 إلى إصابة أكثر من 30 ألف طفل بالصمم الدائم.. وبينما عانى الأمريكيون بعد الحرب من فقد 2497 جنديا (بحسب أحد التقديرات)، كانت العائلات الفيتنامية تكافح للتكيف مع فقد 300,000 فيتنامي، فضلاً عن أنّ عدد القتلى في فيتنام بلغ 4 ملايين شخص، إلى جانب عدة ملايين آخرين من المعوقين والمصابين بالعمى والصدمات والتشوّه، مما حوّل فيتنام إلى ساحة كبرى للقبور ومبتوري الأعضاء والأرض المسممة واليتامى والأطفال المشوهين. (الوكالة الإسلامية للأخبار- نبأ).
# أي وحوش متحضّرين هؤلاء الذين يستخدمون “القنبلة الكرويّة” ؟:
——————————————————————
لقد أعلن وزير الدفاع البريطاني “جوفري هون” في البرلمان : “إن استخدام القنابل العنقودية في أفغانستان هو أمر مناسب تماما ، فمن أجل الوصول إلى أهداف معينة ، تكون هذه أفضل أسلحتنا وأكثرها فاعلية” .
كنتُ – والحديث لجون بجلر – واقفا في الشرفة المطلة على هونجاي ، وهي مدينة الصيد واستخراج الفحم الواقعة على شواطىء ها لونج الجميلة في خليج تونكين في فيتنام الشمالية ، وقدر الدكتور “ليوفان هوت” أن عشرة في المائة من أطفال المدينة قد أصبحوا مصابين بالصمم الآن ، وقال : “كان الأمر يبدو لي كما لو أن طبلاً قويّاً يُضرب عليه داخل رؤوسنا” ، فعلى مدى ثلاثة أيام في يونيو 1972 كانت القاذفات المقاتلة الأمريكية تقوم باثنتين وخمسين طلعة على هونجاي ، وذلك على مدار الساعة ، وكان يُعتقد عندئذ أن هذا رقم قياسي ، وظلت هونجاي تتعرض للقصف على مدى ست سنوات لأقسى عمليات القصف وأكثرها تركيزا .
وكانت السمة الأخرى للمدينة هي أنها كانت واحدة من الأهداف التي تعرضت لما كنا نطلق عليه اسم “القنبلة الكروية” نسبة إلى كرة حجرية كانت تُستخدم كقذيفة في القرون الوسطى ، والتي تعد النموذج الأول للقنيلة العنقودية ، وكان هذا السلاح الجديد تنطلق منه المئات من الشظايا التي يأخذ الكثير منها شكل السهام ، وفي المدرسة الوحيدة هناك التي سُوّيت بالأرض وجدتُ خطابا مدسوسا بين الحطام . كانت كاتبة الخطاب هي فتاة صغيرة اسمها نجوين ثي آن ، علّقت المعلمة : “كان الأطفال في تلك الأيام يكتبون الكثير من الخطابات إلى أنفسهم” .
” … استمعت إلى صوت صافرة الإنذار وسارعت بالتوجه إلى الملجأ القريب ، كنت أستطيع سماع هدير محرك الطائرة تعقبه اصوات انفجارات ، وعندما انطلقت الصافرة من جديد خرجت عائدة ، وهناك كان والداي : أمي وأبي ، ممدّدَين تغطيهما الدماء ، وكذلك الحال بالنسبة لأخي نجوين سى كوان ولأختي نجوين ثى بنه ، كانت أجزاء معدنية تخترق جسد أختي وكذلك دميتها ، كانت تواصل النواح : “أين أبي وأمي ؟ أين دميتي ؟” إن شارعي شارع ها لونج قد أصبح مدمرا بالكامل. هذه هي نهاية خطابي” .
كان الشارع الذي تعيش فيه أسرة نجوين قد تم قصفه بهذا النوع الجديد من القنابل ، ووفقا لما قاله الدكتور ليو فإن السهام قد اخترقت جسد أخت ثي آن بنه ، وظلت في حالة من الحركة داخل جسدها لعدة أيام ، مُحدثة جروحا داخلية أدت في النهاية إلى موتها ميتة سريعة . كانت هذه السهام من النوع البلاستيكي يصعب الكشف عنه بواسطة أشعة أكس ، وسمعتُ بعد ذلك أن مُصمّمي هذا السلاح كانوا يقصدون ذلك . (جون بيجلر: حكّام العالم الجدد).
# لكن كم قتل مجرم حرب واحد هو هنري كيسنجر من الشعب الفيتنامي؟! :
———————————————————————–
أوّلاً : سرّ عام 1968 الذي سرّبه كيسنجر تسبّب في مقتل 20,000 أمريكي و600,000 فيتنامي :
———————————————————————–
هنا يُكشف الدور التآمري القذر الذي قام به هنري كيسنجر في عام 1968 وأفشل به مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الفيتنامية ، بين الفيتناميين الشماليين من جهة والفيتناميين الجنوبيين والأمريكان من جهة أخرى . السبب وبكلمات مباشرة هو أنه مع خريف عام 1968 ، قرّر ريشارد نيكسون ومبعوثيه إفشال مفاوضات باريس حول السلام في فيتنام. والطريقة التي اختاروها كانت بسيطة جدا : أكّدوا بصورة سرّية للحكام العسكريين في فيتنام الجنوبية أن التعامل مع نظام جمهوري مُقبل سيمنحهم فرصة لصفقة أفضل من التعامل مع نظام ديمقراطي ، ولذلك عليهم أن يتصلّبوا ويعاندوا في المفاوضات لإفشال الإنتخابات التي ستنهي الحرب . بهذه الطريقة قطعوا – وفي نفس الوقت – كلّاً من المفاوضات نفسها وكذلك الستراتيجية الانتخابية لنائب الرئيس الأمريكي “هوبرت همفري” . لقد نجح هذا التكتيك ، بجعل الطغمة العسكرية في جنوب فيتنام تنسحب من المفاوضات قبل الانتخابات بثلاثة أيام، وبذلك تحطمت مبادرة السلام التي كان الديمقراطيون قد أقاموا حملتهم الانتخابية على أساسها .
ديغول يحتج على السلوك الدموي لكيسنجر :
لقد عُقد اجتماع في البيت الأبيض بين الجنرال ديغول وهنري كيسنجر ، في هذا الاجتماع سأل المحارب القديم “ديغول” كيسنجر : بأي حق تعرّض إدارة نيكسون الهند الصينية لقصف شامل مدمّر هو شكل من أشكال الإبادة البشرية. فردّ كيسنجر – وكما ذكر في مذكراته “سنوات البيت الأبيض” – بأن الإنسحاب المفاجىء سيسبّب لنا مشكلة في المصداقية” ، وعندما سأله ديغول : في أيّ مكان سيسبّب مشكلة في المصداقية ؟ ردّ : في الشرق الأوسط ! ..
“مصداقية” كيسنجر أطالت الحرب وقتلت 20,000 أمريكي و600,000 فيتنامي :
في الحقيقة كان الأمر كله يتعلق بـ”المصداقية” وحفظ ماء الوجه على طريقة كيسنجر، ومن المعروف أنّ : 20,763 أمريكي ، و 109,230 فيتنامي جنوبي ، و 496,260 فيتنامي شمالي ، فقدوا حياتهم في الهند الصينية بين اليوم الذي تسلم فيه نيكسون وكيسنجر السلطة، واليوم الذي بدأ فيه سحب القوات الأمريكية عام 1973 ، والذي عاد فيه كيسنجر إلى التفاوض وفق نفس الشروط التي طُرحت عام 1968 !! تلك الشروط التي نسفها بخيانته لحليفه الرئيس جونسون وتسريبه للمعلومات إلى غريم جونسون “ريشارد نكسون” .
ولهذا فإن ما سمّي عموماً بـ “قصف عيد الميلاد” لفيتنام الشمالية ، واستمر بعد الفوز بالإنتخابات يجب أن يُصنّف كجريمة حرب المسؤول الأساسي عنها هو هنري كيسنجر . فهذا القصف لم تكن له علاقة بأي “سبب عسكري” على الإطلاق ، بل كان هدفه سياسياً ذا شقّين : الأول داخلي : عرض للقوة أمام المتطرفين في الكونغرس ، ووسيلة لوضع الحزب الديمقراطي في موضع الدفاع. والثاني كان إقناع القادة الفيتناميين الجنوبيين مثل الرئيس “ثياو” الذي كان كيسنجر هو سبب تصلّبه وعناده الأول بأن معارضتهم للإنسحاب الأمريكي كانت نزقة جدا . وهذا من جديد مّرتهن بعملية تسريب الأسرار التي قام بها كبسنجر عام 1968 .
# ثانياً – جرائم الحرب التي ارتكبها هنري كيسنجر في الهند الصينية وقتل فيها 350,000 مدني في لاوس و600,000 مدني في كمبوديا و500,000 فيتنامي :
—————————————————————-
بعض التصريحات تكون أكثر مما يتحمله الخطاب اليومي العام ، وتحمل من الدلالات المستترة ما يدفعك إلى تأمّل أعماقها وما وراءها . في كانون الثاني 1971، كان هناك تصريح مهم للجنرال “تلفورد تايلور” الذي كان رئيس مجلس الإدعاء العام الأميركي في محاكمات نورمبرغ. فبعد مراجعته للأسس الأخلاقية والقانونية لتلك الجلسات، ومحاكمات طوكيو لمجرمي الحرب، ومحكة مانيلا لرئيس هيئة أركان حرب الإمبراطور هيروهيتو ، الجنرال ياماشيتا تومويوكي ، قال الجنرال تايلور : لو طُبّقت معايير نورمبرغ ومانيلا بعدالة على المسؤولين الأميركيين الذين صمّموا حرب فيتنام ، فإن هناك احتمالا كبيرا جدا أنهم سيلاقون المصير نفسه الذي واجهه ياماشيتا [وهو الإعدام]. وليس كل يوم نسمع مثل هذا التصريح من قائد عسكري أميركي بارز ومحلف في القضاء يرى فيه أن السياسيين الاميركيين يجب أن يعلّقوا بحبال المشانق .
جاء رأي الجنرال تايلور الخطير هذا في كتابه “نورمبرغ وفيتنام” الذي كتبه في الوقت الذي كانت فيه العديد من الحوادث االبارزة في الهند الصينية ما زالت تجري او أنها سوف تحدث. لم يكن عارفاً ببشاعة وشدّة – على سبيل المثال – قصف لاوس وكمبوديا .
لقد أُعدم الجنرال الياباني ياماشيتا، وكانت تهمته الأساسية هي أنه لم يسيطر على سلوك جنوده الوحشي وقت انسحابهم ، وهو أمر غريب حيث كان الجيش الياباني في حالة فوضى وانقطعت وسائل الإتصال بين الجنرال الياباني وجنوده ، فكيف سيسيطر على سلوك جنوده ؟ .
ولكن بالنسبة للجيش الأمريكي في فيتنام فإنّه كان مجهّزاً بطائرات الهليكوبتر والوسائل الجوية الأخرى ، وبكل وسائل الإتصال التي لم تنقطع ، وقد منحه ذلك درجة من الحركة لم تتوفّر في كل الحروب السابقة ، وهذا أعطى قادته القدرة على السيطرة على مسار الحرب ومجريات المعارك تحت رقابة دقيقة ولصيقة. كانت الإتصالات سريعة وكفوءة بحيث أن تيار المعلومات لم ينقطع أبداً .
وفي الواقع، هناك دلائل كبيرة على أن كيسنجر قد قام بخداع الكونغرس حول المدى الحقيقي للتطمينات التي قُدّمت وظهر أنها كلها كاذبة. لقد قام كيسنجر – حسب الجنرال تايلور – بخرق اتفاقيات جنيف المتعلقة بحاية المدنيين وقت الحرب وذلك من خلال القصف القائم على العقوبات الجماعية مع أن تايلور كتب ذلك قبل أن يتسع القصف بإشراف كيسنجر ليشمل دولتين مجاورتين هما كمبوديا ولاوس خارقاً بذلك القانون الدولي، مع الإصرار على “توسيع” قصف المدن الفيتنامية وهذه جريمة حرب أخرى.
وكيسنجر كان يعرف أيضاً – وبدقة – أن القادة الميدانيين كانوا يعتبرون جثث المدنيين كجثث لجنود العدو.
ومن بين قائمة طويلة من الأمثلة هنك حالات تشمل كيسنجر بصورة مباشرة ، منها – مثلا – عملية “”Speedy Express والتي تمّت عام 1969 حيث كان كيسنجر مسؤولا تماماً عن ملف الحرب في عهد الرئيس جونسون حيث بالرغم من أن روبرت ماكنمارا كان قد أخبر الكونغرس في 22 كانون الثاني عام 1968 بأن منطقة دلتا الميكونغ الفيتنامية في مقاطعة “كايين هوا” لا توجد فيها أي قطعات فيتنامية شمالية، ولا توجد أي معلومات استخبارية تخالف ذلك ، ولذلك فهو لا يجد أي معنى لـ “تنطيف” المنطقة بالقصف العسكري . برغم ذلك، أمر كيسنجر بتطهير المنطقة حيث قُتل ما لا يقل عن 5000 آلاف فلاح فيتنامي كما كشفت ذلك مجلة النيوزويك لاحقاً . كانت هناك 3381 طلعة جوية في هذه العلمية تمّتْ بعلم كيسنجر . وكان مجموع الضحايا في هذه العملية هو 10,899 مدنيا وكان أغلبهم فلاحين تحصدهم مدافع طائرات الهليكوبتر في الحقول المكشوفة حسب تصريح أحد المسؤولين العسكريين في الفيلق التاسع. وما يكشف أكاذيب كيسنجر هو التناقض على الأرض بين عدد الجثث وعدد قطع السلاح، حيث عُرف عن مقاتلي الفيتكونغ أنهم مُسلحون بصورة جيدة ، وقد كان عدد الجثث هو 11,000 في حين أن عدد قطع السلاح التي حصل عليها الجيش الأمريكي هو 748 قطعة سلاح مما يعني أن الغالبية العظمى من القتلى هم من المدنيين غير المسلحين .
وقد التقى مراسل النيوزويك ببعض القرويين الفيتناميين فأكّدوا له الدمار الهائل الذي سبّبه القصف الأمريكي ، أحد القرويين قال له كان في قريتنا 5000 إنسان قبل عام 1969 ولم يبق أحد منهم في عام 1970. وجميع البيوت تم تدميرها بالقصف المدفعي أو الجوّي أو تم حرقها بقدّاحات السجائر ، وكان أغلب القتلى من الأطفال الذين لم تكن أجسامهم الغضة تتحمل آثار العصف حتى لو كانوا مختبئين تحت الأرض .
هذه العملية المذبحة فاقت ما حصل في مجزرة ماي لاي أضعافا مضاعفة ، وهناك مثال ثاني على جرائم كيسنجر هو عملية “Wheeler Wallawa”، والتي أدت إلى 10,000 قتيل وفيها أيضا تم حساب جثث المدنيين كجثث للمقاتلين الفيتناميين.
ومن الأسباب التي جعلت القيادة الأمريكية في جنوب شرق آسيا تتوقف أخيرا وبصورة نهائية عن إرسال إحصائيات الجثث هو أن الأرقام التي كانت تُعطى للجثث كانت أعلى بكثير من مجموع أعداد العدو التي حُدّدت في الميدان .
لكن الحرب مضت في مسار متصاعد من ناحية الخسائر البشرية . ولهذا ووفقا لإحصائيات البنتاغون ، فإن الجدول الآتي يمثل أرقام الخسائر بين أول حملة قصف شنّها الرئيس “لندون جونسون” في آذار 1968 ، و26 شباط 1972 :
أمريكان : 31,205
جنود نظاميون من فيتنام الجنوبية : 86,101
“العدو” : 475,609
وفوق ذلك فإن اللجنة الفرعية للكونغرس المتعلقة باللاجئين قدّرت أنه في السنوات الأربع نفسها فإن أكثر من ثلاثة ملايين مدني قد قُتلوا أو جرحوا أو أصبحوا بلا مأوى.
وفي فترة السنوات الأربع هذه أيضا اسقطت الولايات المتحدة 4,500,000 طن من المتفجرات عالية الانفجار على الهند الصينية (علماً أن تقدير البنتاغون لكمية المتفجرات الكلية التي أُسقطت في الحرب العالمية الثانية كلها هو 2,044,000 طن فقط). والرقم الكلي في فيتنام لا يشمل الرشّ الشامل بعوامل تعرية الأشجار ومبيدات الحشرات الكيمياوية . (لمزيد من التفصيل حول دور المجرم هنري كيسنجر في تدمير الشعب الفيتنامي راجع الحلقات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) .
# الحرب مستمرّة : بعد الحرب أيضاً : قتل الأطفال بالألغام :
———————————————————
وهناك إصابات الأطفال بألغام وقنابل صغيرة حتى هذا اليوم تحصل في العراق وفيتنام ونيكاراغوا وغواتيمالا وكمبوديا ولاوس وغيرها . لقد قتل أربعة ملايين شخص في الهند الصينية وملايين كثيرة يُتمت أو أقعدت وحوّلت إلى لاجئين ، وتم تدمير ثلاثة بلدان ، وليس فيتنام فحسب ، وفي هذه اللحظة لا يزال الناس في لاوس يموتون من قنابل صغيرة غير منفجرة ،والتي هي من مخلفات أضخم قصف للمناطق المدنية في التاريخ ، والذي فاقه فيما بعد قصف كمبوديا .
# قَتلوا حتى الجنود الأمريكيين لتبرير إطالة أمد الحرب :
—————————————————–
واشتهرت الوحدات الخامسة للقوات الأمريكية الخاصة (البيريه الخضراء) بعملياتها السرّية والمعلنة في فيتنام بين عامي 1968 و1969 بتفويض من الرئيس الأمريكي السابق “جون كيندي” ثم في أمريكا الوسطى لاحقا، وسُمّيت عملياتها في فيتنام بـ”مشروع فوينكس” كما قلنا، وفيه كانت تقوم بالكثير من الأعمال العسكرية “القذرة” – على حد وصف بعض مؤرخي الحرب الأمريكية – ومن بينها اغتيال زعماء القرى وحتى بعض الجنود الأمريكيين لضمان تأييد الكونجرس لاستمرار الحرب، وهو المشروع الذي وصفه المحرر العسكري المعروف “باول شيهان” بأنه “كذبة ناصعة”.
# الحرب مستمرة : الحقد الأمريكي لا يموت بعد الحرب ويمتد لعشرات السنين :
—————————————————————–
الحقد المُميت والثأر المدمّر من سمات شخصية النخبة اسلياسية – العسكرية – الاقتصادية المدعومة بكارتلها الإعلامي الهائل . لا يموت الحقد والغل الأمريكي ولو مرّت مئات السنين . ويتجلى هذا الحقد والغل في طبيعة عنف وشدّة الضربات التي توجهها الولايات المتحدة لمن تعتبرهم خصومها . فهي لا تعرف موضوعة التدرّج في استخدام القوّة بل تؤمن فقط بالقوة المئُفرطة المميتة ، وهذا محكوم بالنشأة ايضاً حيث قام “الوطن” على أساس قتل الآخر وإبادته وإفنائه لأنّ وجوده يعني التهديد والخطر الدائم / ناهيك عن كونه مصدراً للتوتر النفسي المرتبط بالشعور بالذنب الناجم عن الإستيلاء والإقصاء والإبادة .
لم يهدأ الحقد الأميركي على المجتمع الهندي المرفّه إلّا بإفنائه .
ومع فيتنام لم تنته الحرب الأميركية على فيتنام بتوقيع اتفاق السلام .. فقد بدأت مسيرة الحقد والثأر اللائب . (تشومسكي: كتب مختلفة).
# الحرب مستمرّة : الحصار الاقتصادي البشع :
منعت أمريكا حتى أقلام الرصاص والجواميس!:
———————————————————–
بعد انتهاء حرب فيتنام 1975 فرضت الولايات المتحدة أبشع حصار اقتصادي في التاريخ الإنساني الحديث . ليس على فيتنام فحسب بل على كل الهند الصينية .
عندما أراد البعض إرسال أقلام رصاص لكمبوديا حاولت وزارة الخارجية الأميركية منعهم. وعندما حاولت منظمة “أوكسفام” الخيرية إرسال عشر مضخات منعتهم وزارة الخارجية . وتكرّر الموقف عندما حاولت جماعة دينية إرسال جواريف إلى لاوس لحفر آبار في الأماكن التي أفلتت من القصف الأمريكي . وعندما حاولت الهند إرسال 100 جاموسة لفيتنام بعد أن أفنت أمريكا القطعان هدّدت الولايات المتحدة الهند بإلغاء مساعداتها الغذائية .
وكما يقول تشومسكي : لا توجد درجة من القسوة يتوقّف عندها ساديو واشنطن ، أما المثقفون فقد تعلموا أن يديروا ابصارهم في اتجاه آخر .
وصل بنا الأمر مساعدة بول بوت لاستنزاف فيتنام وقتل “الفيروس” الفيتنامي لمنعه من الإنتشار. يجب أن يتعلّم العالم الثالث الدرس جيداً ؛ يجب أن لا يتجرأ أحد على رفع راسه وإلا فسيتعرّض للعقوبات . (المصدر السابق).
# بالحصار الاقتصادي بعد الحرب:
أخرج الوحوش الأمريكان شعب فيتنام من الحياة :
————————————————————–
حتى اليوم فرص التعليم منخفضة جدا في فيتنام (حتى الطباشير والدفاتر صعبة بسبب الحظر الأمريكي). لا تستطيع الحكومة ترميم الكثير من الطرق والمشافي وأنظمة الصرف الصحي التي دمرتها القاذفات الأمريكية . المستشفى في “فينه” يطلب من المرضى تأمين الأدوية بطرقهم الخاصة .. يجري الأطباء العمليات على طاولة مقدمة من بولندة .. الصيدلية كومة من الأنقاض ويقول الأطباء : “كل المشاكل هنا هي عواقب للحرب الأمريكية، ولم يفعل الحظر إلا أن زادها سوءاً” .
لقد منعت الولايات المتحدة بسبب الحظر تسليم أي مساعدة مالية أو مادية لفيتنام وذلك بسبب الفيتو . والنتيجة بلوغ وفيات الأطفال ثلاثة أمثالها في بنغلاديش، وانهيار النظام التعليمي الذي كان في السابق قد أنتج شعباً متعلما ًبأغلبيته . أما المصارف والمقرضين والمستثمرين فلن يتحركوا قبل أن تسمح الولايات المتحدة بذلك . كما تظل الأسواق الأجنبية منغلقة أمام فيتنام . حتى مناشدات اليونيسيف فشلت لأن أحدا لا يريد إغضاب الولايات المتحدة كما يقول رئيس مكتب اليونيسيف في مدينة هوشي منه . القرى شوهت تماماً بقصف الديوكسين بمعدل 200 لتر للهكتار الواحد، وترك القصف المنطقة شبيهة بالجبال القمرية ومليئة بحفر مخروطية تبلغ واحدتها حجم السيارة. في إحدى القرى قُتل خمسة آلاف بعد عام 1975 بسبب القنابل غير المنفجرة . (المصدر السابق).
# الحقد والغل الوحشي : أمريكا تطلب من الشعب الفيتنامي الإعتذار :
——————————————————————-
إنّ من الأشياء التي لا يمكن أن يقرّها اي عقل هو مطالبة الولايات المتحدة فيتنام بالإعتذار !! يتكرّر هذا الطلب كل سنة بلا حياء ولا خجل وكأن فيتنام هي الدولة المعتدية . وفوق ذلك فإن سفلة الولايات المتحدة يطالبونها بالتعويضات . هل سيأتي يوم يطالبون فيه العراق بالإعتذار والتعويضات ؟ لا تستبعد ذلك من سفلة من هذا النوع لا يعرفون معنى للخجل والرحمة في العلاقات الإنسانية ولا للعدالة في العلاقات الدولية .
وهناك، أيضاً، السفالة حتى في متابعة آثار استخدام الأسلحة الكيمياوية على الشعب الفيتنامي المحطّم . تصوّر صحيفة النيويورك تايمز تطلب دراسة تأثيرات العامل البرتقالي على شعب فيتنام الشمالية . لماذا ؟ هل من أجل معرفة الأمراض والتشوّهات المدمرة التي سبّبها ؟ كلّا . بل من أجل هدف أناني مُنحط آخر وهو : إن السلاح الكيمياوي قد استُخدم على البشر في فيتنام الجنوبية ، أمّا البشر في فيتنام الشمالية فلم يُستخدم ضدهم ، وعليه يستطيع العلماء الأمريكان استخدام شعب فيتنام الشمالية كمجموعة للمقارنة مثلما تُستخدم الفئران في المختبرات !! أي ما يُسمى في العلم (المجموعة الضابطة – control group) أي المجموعة التي تقارن بها المرضى من شعب فيتنام الجنوبية مادام الشعبان يحملان نفس الجينات . من أين خلق هؤلاء البشر الأمريكان .. من شر وحقد وخبث ولؤم لا يمكن وصفه أو قياسه . لقد ابتليت بهم البشرية . أنهم يريدون تعلم الكثير عن الآثار الضارة الممكنة للسلاح الكيمياوي (الديوكسين الصناعي)الذي استخدموه ليعرفوا تاثيراته الجانبية إذا استُخدم في الغرب !! أي ليس لمحاولة دراسة الفيتناميين المشوهين والمسرطنين لمعالجتهم . ويقول أحد الباحثين “إن ثمانين بالمئة من الفيتناميين يعيشون في الريف ، وغالبا ما يسيرون حفاة الأقدام ، ونحن نضيع هذه الفرصة الفريدة لدراسة العواقب الصحية علينا بسبب استمرار تجميد العلافات . إن الوقت المتاح لدراسة الذين تعرضوا للرش ينفد بسرعة” .
يسخر “تشومسكي” من مطالبة الولايات المتحدة فيتنام بالإعتذار والتعويضات بالقول : (نحن الطرف المتأذّي في الحرب الفيتنامية ، لقد كنّا ضحايا أبرياء لما دعاه جون كنيدي “اعتداء من الداخل” . “العدوان الداخلي الذي شنّه فلاحو فيتنام الجنوبية ضد حكومتهم الشرعية وضد المنقذين الذين فرضوها عليهم لحماية البلاد منهم . بعد ذلك تعرّضنا غدرا لهجوم فيتنام الشمالية التي لم تكتف بمهاجمتنا بل سجنت الأمريكيين الذين سقطوا في يدها بطريقة يصعب تفسيرها . ويواصل المعتدون الفيتناميون إساءاتهم المخزية لنا دون رحمة بعد أن انتهت الحرب رافضين إبداء تعاونهم الكامل بخصوص مصير الطياريين والجنود الأمريكيين المفقودين . بل ويرفضون تكريس أنفسهم بإخلاص كاف لتحديد مكان بقايا الطيارين الذين أسقطوهم بكل لؤم .
إن معاناتنا على أيدي أولئك البرابرة هي القضية الأخلاقية الوحيدة الباقية بعد ربع قرن من العنف حين ساندنا بكل عزمنا محاولات الفرنسيين إعادة إخضاع مستعمرتهم الفيتنامية السابقة ، وأرسينا نظاما من الأوباش والجلادين القتلة الفاسدين في القطاع الجنوبي حيث فرضنا سلطتنا . ثم هاجمنا ذلك القطاع بشكل مباشر عندما أثار قمع وإرهاب عملائنا ردود فعل لم يستطيعوا مواجهتها . ثم وسّعنا عدواننا ليشمل كل الهند الصينية . بما تضمنه ذلك من قصف إشباعي للمناطق كثيفة السكان ، وهجمات بوسائل الحرب الكيميائية لإتلاف المحاصيل ، والنباتات كلها ، وقصف للموانىء ، وعمليات قتل جماعي هائلة ، وبرامج إرهاب شامل بعد أن فشل مشروع نقل السكان وتحويلهم إلى لاجئين ، وتسوية القرى بالأرض . وفي النهاية ، تركنا تلك البلاد مُدمّرة ، ربما دون أمل بالشفاء ، حيث غطّت الأرض ملايين الجثث والألغام التي لم تنفجر بعد ، وأعداد يخطئها الحصر من الأجنة الناقصة والمشوهة والفاقدة أطرافها في مشافي الجنوب ، الأجنة التي لا تمس أوتار قلوب “أنصار الحياة” المتحمّسين ، ومشاهد رعب أخرى أفظع من أن تروى في منطقة صارت “مُهدّدة بالإنقراض ككيان ثقافي وتاريخي ، حيث يموت الريف حرفيا تحت ضربات أضخم آلة عسكرية سبق أن أطلقت فوق منطقة بهذا الحجم” .
من ذلك كله لا يبقى سوى عنصر واحد ، الإساءات المرعبة التي عانيناها على أيدي جلّادينا . لم يكن رد الفعل تجاه مأساتنا موحّداً . فها هو عضو مجلس الشيوخ “جون كيري” المغرق في “الحمائمية” يحذّر من أننا لا يجوز أن نحارب ثانية دون حشد إمكانيات كافية لإحراز النصر . وليس من خلل آخر يستحق الذكر . هذا ما يراه وزير الخارجية اللطيف في الوقت الحاضر.
تقول النيويورك تايمز أيضا (فيتنام – التي تحاول أن تكون ألطف – مازال عليها قطع طريق طويل) حيث تشير إلى أنه برغم إحراز بعض التقدم في “قضية الأمريكيين المفقودين ” فإن الفيتناميين مازالوا بعيدين جدا من الإقتراب من معاييرنا الأخلاقية السامية !
بين 200,000 – 300,000 جندي فيتنامي مفقودين .. والمفروض أن تقول الولايات المتحدة أين دفنتهم . أن تعيد ذكرى الجرافات التي تلقي جثث الفيتناميين في الحفر ، والحوّامات بحمولاتها المعلقة بشباك تبرز من عيونها أذرع وسيقان القتلى المحولين ليدفنوا في قبور مجهولة.. أين أصبح هؤلاء ؟ أليس لهم أهل وأبناء وأحبّة ؟؟ حالهم حال الـ 5,000 جندي عراقي الذين دفنهم الكلاب الأمريكان وهم أحياء بالجرافات . (المصدر السابق).
# هذه نهاية العملاء :
لم يُنقذ الأمريكان غير البيض عند الإنسحاب واحتقروا عملاءهم الفيتناميين:
————————————————————–
في الساعات الأخيرة من وجودهم في فييتنام، وبعد أن القوا عليها 14 مليون طن من القنابل، انصب كلّ جهد الدولة الأمريكية على إنقاذ “البيض”. لم يتخلّوا عن حلفائهم الفييتناميين وحسب، بل تخلوا حتى عن جنودهم الملوّنين وعن كل ما ليس بأبيض من المئات من موظفيهم المتجمعين فيHotel Duc والآلاف من عملائهم المحتشدين أمام السفارة. وكان الأمر الصادر من الدولة الأمريكية حاسماً وواضحاً:
‘انقذوا السادة أصحاب البشرة البيضاء” .
وقبل أن تُقلع طائرة الهيليوكبتر بالقنصل الأمريكي في فيتنام “هنري بودرو” أطلّ من علاه وتفحّص الحشود في مبرك السيارات وقال بكثير من الارتياح :
“لم أرَ أيّ وجهٍ أبيضَ هناك”. (منير العكش: أمريكا والإبادات الجنسية).
ملحق :
———
# ما هو العامل البرتقالي ؟
وهذا ما تركته الولايات المتحدة لشعب فيتنام (6 صور):
—————————————————-
العامل البرتقالي أو عَامل أورانج (بالإنجليزية: Agent Orange) هو الاسم الحركي لأحد المبيدات التي كان يستخدمها الجيش الأميركي أثناء حرب فيتنام كجزء من برنامج الحرب السامة عام 1961 – 1971. بلغ عدد القتلى أو المشوّهين 400,000 بحسب تقديرات الفيتناميين، إضافةً إلى 500,000 من الأطفال الذين ولدوا بعيوب خِلقية. وسُمّي بهذا الإسم لأنه كان يوضع في عبوات برتقالية. وقد رشّ الجيش الأمريكي حوالي 20 مليون جالون من مبيدات الأعشاب على 5.5 مليون فدان من الأدغال الفيتنامية والمناطق الريفية. ورشّ الجيش الأمريكي هذه المبيدات لطرد جنود الفيتكونج، الذين استخدموا أوراق الشجر للإحتماء. (ويكيبيديا).
وأوضحت مجلة “بيزنس إنسايدر” الأمريكية أن العامل البرتقالي يتكوّن من مادتين أحدهما تسمى الديوكسين Dioxine، وهي مادة كيميائية ناتجة عن احتراق جزيئات الكلور أو تعر~ضها لدرجات حرارة عالية، وتُعتبر من أخطر المواد السامة الموجودة حاليا، ونصف جرام من مادة الديوكسين يكفى لقتل 350 شخص.
وذكرت المجلة أن العامل البرتقالي تم تصنيعه لصالح وزارة الدفاع الأمريكية، بواسطة شركة مونسانتو وشركة داو كيميكال (المجرم هنري كيسنجر من مستشاريها الكبار). وتَعتبِر منظمة الصحة العالمية هذه المادة أنها «شديدة السمية»، وتسبّب السرطان وتؤثر على الجهاز التناسلي لدي الجنسين، وتتلف جهاز المناعة، وتسبّب عيوباً وتشوهات خِلقية ومرض باركنسون، الذي يُصنف كخلل ضمن مجموعة اضطرابات النظام الحركي، التي تنتج بسبب تدمير خلايا الدماغ.
وبعد ما يقرب من 40 عاما على حرب فيتنام، مازالت مادة الديوكسين تتشبع بها الأراضي الفيتنامية، والحياة البرية، والمياه الجوفية، مسببة تشوهات خلقية لأجيال قادمة من القرويين الفيتناميين يشعر آثاره لأجيال أكثر.
وقالت المجلة إن المصور جيتي بولا برونشتاين سافر إلى فيتنام لتوثيق معاناة الجيل الثالث من الفيتناميين من آثار العامل البرتقالي، وتظهر الصور التي التقطها تشوه القرويين الفقراء، ووجود الكثير من الأطفال المعوقين بسبب العامل البرتقالي. (موريتانيا اليوم).
# هذا ما تركته الولايات المتحدة لشعب فيتنام (6 صوَر) :
——————————————————
الصور التالية المُخيفة – وغيرها الآلاف – هي لأطفال فيتناميين شوّههم العامل البرتقالي الذي استخدمته الولايات المتحدة المجرمة ضد شعب فيتنام المقاوم المكافح المسكين (كما حصل لاحقاً مع اليورانيوم المنضب الذي استخدمته الولايات المتحدة ضد شعب العراق) . ومثل هذه الحالات هي ما تركته هذه الدولة الشيطان لشعوب كثيرة لمجرد شيء واحد هو انّها رفضت تسليم ثرواتها لأمريكا والخضوع لإرادتها . لنتأمّل هذه الصور ونسأل : ما هو ذنب هؤلاء الاطفال ؟
من يحاسب السفلة القتلة من الساسة والعسكريين الأميركان الذين استعملوا هذا العامل الكيمياوي ؟
إن هؤلاء القتلة السفلة مُستمرون في سلوكهم المدمّر . وفوق ذلك يصولون ويجولون على منابر الأمم المتحدة دفاعاً عن حقوق الإنسان وحقوق الطفل وحق الشعوب في تقرير مصيرها . وهم يُستقبلون في أماكن كثيرة استقبال الفاتحين فقد أصابوا العالم بالجبن وسحقوا الضمير الإنساني وشوّهوه . تأمّلوا هذه الصور:
(عن مواقع إلكترونية مختلفة)
# ملاحظة عن هذه الحلقات :
—————————-
هذه الحلقات تحمل بعض الآراء والتحليلات الشخصية ، لكن أغلب ما فيها من معلومات تاريخية واقتصادية وسياسية مُعدّ ومُقتبس ومُلخّص عن عشرات المصادر من مواقع إنترنت ومقالات ودراسات وموسوعات وصحف وكتب خصوصاً الكتب التالية : ثلاثة عشر كتاباً للمفكّر نعوم تشومسكي هي : (الربح فوق الشعب، الغزو مستمر 501، طموحات امبريالية، الهيمنة أو البقاء، ماذا يريد العم سام؟، النظام الدولي الجديد والقديم، السيطرة على الإعلام، الدول المارقة، الدول الفاشلة، ردع الديمقراطية، أشياء لن تسمع عنها ابداً،11/9 ، القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) ، كتاب أمريكا المُستبدة لمايكل موردانت ، كتابا جان بركنس : التاريخ السري للامبراطورية الأمريكية ويوميات سفّاح اقتصادي ، أمريكا والعالم د. رأفت الشيخ، تاريخ الولايات المتحدة د. محمود النيرب، كتب : الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط ، وحفّارو القبور ، والأصوليات المعاصرة لروجيه غارودي، نهب الفقراء جون ميدلي، حكّام العالم الجُدُد لجون بيلجر، كتب : أمريكا والإبادات الجماعية ، أمريكا والإبادات الجنسية ، أمريكا والإبادات الثقافية ، وتلمود العم سام لمنير العكش ، كتابا : التعتيم ، و الاعتراض على الحكام لآمي جودمان وديفيد جودمان ، كتابا : الإنسان والفلسفة المادية ، والفردوس الأرضي د. عبد الوهاب المسيري، كتاب: من الذي دفع للزمّار ؟ الحرب الباردة الثقافية لفرانسيس ستونور سوندرز ، وكتاب (الدولة المارقة : دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم) تأليف ويليام بلوم .. ومقالات ودراسات كثيرة من شبكة فولتير .. وغيرها الكثير.