لا تثقوا بالولايات المتحدة :
(34) ملحق بملف الإرهاب الأمريكي :
الولايات المتحدة قتلت 6 – 8 ملايين مسلم لمكافحة الإرهاب! فهل قتل الإرهابيون مثل هذا العدد ؟
—————————————————————
ترجمة وإعداد : د. حسين سرمك حسن
(لمكافحة الإرهاب: أمريكا تقتل 2 مليون مسلم خلال عشر سنوات، موقع علمي يقلّل عدد الضحايا العراقيين بسبب الاحتلال الأمريكي!- ملاحظة مهمة : تشومسكي ينتقد دراسة لانست- ملاحظة أخرى حول سلوك مجلة لانست- تسييس الإنكار- عدد ضحايا العراق- عدد ضحايا أفغانستان- الإنكار: العدد الحقيقي لضحايا الحرب الأمريكية على الإرهاب هو 6 – 8 ملايين مسلم- ملاحظة حول هذه الحلقات).
# لمكافحة الإرهاب: أمريكا تقتل 2 مليون مسلم خلال عشر سنوات:
—————————————————————
في شهر نيسان من العام 2015، أصدرت منظمة أطباء للمسؤولية الاجتماعية :Physicians for Social Responsibility (PRS) ومقرها واشنطن ، تقريراً من 97 صفحة اشار إلى أن عدد وفيات 10 سنين من “الحرب ضد الإرهاب” منذ 11/9 هو على الأقل 1.3 مليون ، وقد يرتفع إلى 2 مليون من جراء حرب الولايات المتحدة على الإرهاب في العراق وأفغانستان وباكستان .
لقد أُهملت هذه الدراسة تماماً من قبل وسائل الإعلام الناطقة بالإنكليزية ، برغم أنّه الجهد الأول الذي يصدر من منظمة قائدة عالميا في مجال الصحة العامة لإحصاء عدد الأشخاص الذين قُتلوا في الحرب الأمريكية البريطانية على الإرهاب .
وقد وصفه الدكتور “هانز فون سبونيك” مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المستقيل بأنه : “مساهمة مهمة لتضييق الفجوة بين التخمينات الواقعية لضحايا الحرب ، وخصوصا المدنيين في العراق ، وأفغانستان وباكستان ، وبين الإحصائيات المخادعة والمغشوشة” .
# موقع علمي يقلّل عدد الضحايا العراقيين بسبب الاحتلال الأمريكي !:
——————————————————————
وقد انتقد هذا التقرير بشدّة الأرقام التي تناقلتها وسائل الإعلام عن موقع خسائر المدنيين في العراق منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 والمُسمّى : Iraq Body Count (IBC ، وهو 110,000 ضحية .
فهناك على سبيل المثال 40000 جثة مجهولة الهوية دُفنت في النجف منذ بدء الهجوم الأمريكي البريطاني على العراق ، لم يُحصي منهم الموقع – لنفس الفترة – سوى (1354) دفنوا في النجف . أي أن الفارق هو 30 مرّة .
وفي فقرة أخرى أحصى هذا الموقع (Iraq Body Count (IBC ثلاث ضربات جوّية في عام 2005 ، في حين أن الهجمات الجوّية زادت من 25 إلى 120 خلال تلك السنة . ومن جديد فإن الفجوة هنا هو 40 مرة .
وأشار تقرير منظمة أطباء المسؤولية الاجتماعية (PRS) إلى أن دراسة مجلة “لانست – Lancet” الشهيرة التي قدّرت عدد القتلى العراقيين بـ 655,000 حتى عام 2006 (وأكثر من مليون حتى الآن – نيسان 2015 – بالإستنباط) أكثر مصداقية من تقرير الموقع السابق (Iraq Body Count (IBC.
# ملاحظة مهمة : تشومسكي ينتقد دراسة لانست :
————————————————
ولكن هناك ملاحظة سلبية مهمة يطرحها نعوم تشومسكي حول دراسة لانست هذه حيث يرى أن من نقاط ضعفها هو أنها شملت منطقة كردستان أيضاً في العينة التي تناولتها للدراسة وهي – أي كردستان – منطقة لم يصبها الدمار مثل باقي مناطق العراق، كما أنها استثنت الفلوجة أيضاً وبشكل غريب ، وهذا قلّل من العدد الحقيقي المتوقع للإصابات أي أن العدد الذي ذكرته دراسة مجلة لانست وهو 655,000 ضحية هو أقل من العدد الفعلي المتوقّع.
يقول تشومسكي : قدرت المجلة “الوفيات الزائدة” بسبب الحرب بمئة ألف نسمة ، استثنت الفلوجة حيث كان عدد الوفيات الناتج عن العنف أعلى بكثير ويمكن أن يضخّم المجموع بشكل كبير ، وقد شملت المناطق الكردية التي لم يقع فيها أي قتال تقريبا ، ولذلك تدنّى المتوسط الوطني . إذا ربما يكون تقديرهم متدنيا” .
# ملاحظة أخرى حول سلوك مجلة لانست :
—————————————–
البروفيسور “كريس باسبي” يعتبر من أبرز خبراء تأثير الإشعاعات على الإنسان في العالم، وهو الأمين العلمي اللجنة الأوروبية للإشعاع منذ العام 2001، وقد ترأس فريقاً مهماً لبحث تأثيرات الأسلحة المُحرّمة دولياً في الفلوجة ، يقول : : هذه قضية سياسية وليست قضية علمية هذا أول شيء ينبغي أن يقال، وهي قضية سياسية منذ سنوات عديدة وقد ظهرت إلى الوجود بسبب العراق واليورانيوم المنضب.. هذه قضية سياسية بالأساس تتطلب إستراتيجية سياسة وأنا إستراتيجيتي السياسية تقول إنك إذا لم تستطع أن تخرق بابا أو تدخل من خلاله عليك أن تبحث عن بدائل حواليه، لذلك هناك أيضا البعثة أو اللجنة الأولمبية لبحث آثار الإشعاع التي أسسها البرلمان الأوروبي.. هذه إستراتيجيتي السياسية أما بقدر تعلق الأمر بمجلات البحث العلمي أعتقد إننا علينا أن نبحث عن مجلات تنشر أبحاثنا إذا رفض بعضها، أنا مثلا بعثتُ هذه الورقة العلمية إلى “لانست”، وهي مجلة علمية عالمية معروفة ومعنية بآثار حرب العراق ونشرت مقالات عن حرب العراق، بعثت بهذه الورقة التي حتى لم يبعثوها إلى الحكام ليراجعوها، وأعادوها لي مباشرة، وقالوا ليس لدينا مجالا، لدينا الكثير من المقالات التي نريد نشرها، إذاً هذه الأبحاث لم تجد طريقها إلى المجلات الكبرى، ربما إلى المجلات الصغرى”.
# تسييس الإنكار :
—————–
وراجععت المنظمة (PRS) أيضاً الطريقة المنهجية والأدوات التي اعتمدتها دراسات أخرى قدّمت أعداداً قليلة للضحايا مثل المجلة الطبية الشهيرة the New England Journal of Medicine ، والتي شابتها نواقص فظيعة حيث أهملت المناطق التي تعاني من العنف الشديد خصوصاً بغداد والأنبار ونينوى واعتمدت على أرقام ناقصة وفاسدة لموقع IBC عن تلك المناطق .
وقد تمّ تأكيد دراسة مجلة لانست من قبل مجلة PLOS Medicine التي وجدت أن 500,000 عراقي قد قتلوا منذ بداية الغزو . وإلى هذا الرقم أضافت منظمة PSR على الأقل 220,000 قتيل في أفغانستان ، و80,000 في باكستان قتلوا في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة . وهذا الرقم 1,3 مليون قتيل رقم “متحفّظ” في الحقيقة ويمكن أن يصل بسهولة إلى 2 مليون .
ولكن مع ذلك ، فحتى هذا التقرير ؛ تقرير منظمة أطباء المسؤولية الاجتماعية PSR يعاني من نواقص . فأولاً ، الحرب على الإرهاب بعد 11/9 ليست جديدة، بل هي امتداد لسياسات عدوانية عنيفة سابقة للولايات المتحدة في العراق وأفغانستان . وثانياً ، فإن ضآلة الرقم الخاص بأفغانستان يعني أن هذه المنظمة قد بالغت في التقليل من عدد القتلى الأفغان .
# عدد ضحايا العراق :
———————-
لم تبدأ الحرب في العراق في عام 2003 بل في 1991 أي في ما سُمي وقتها بحرب الخليج الأولى ، التي أعقبها حصار أمريكي رهيب .
في دراسة أقدم لـ PSR اجرتها “بيث دابونت – Beth Daponte” وجدت ان عدد القتلى العراقيين بسبب التأثير المباشر وغير المباشر لحرب الخليج الأولى يصل إلى 200,000 مواطن عراقي، أغلبهم من المدنيين. وقد منعت الحكومة الأمريكية نشر هذه الدراسة.
وبعد انسحاب القوات التي قادتها الولايات المتحدة استمرت الحرب على العراق في صورة حصار اقتصادي قادته الولايات المتحدة وبريطانيا . وقد أشارت أرقام مُعتمدة من الأمم المتحدة أن ضحايا الحصار الغربي الوحشي هو 1,7 مليون مواطن عراقي مدني نصفهم من الأطفال . وكان هذا القتل مقصوداً لأن هناك مواد تم ّحظرها توصل إلى الموت بالأوبئة مثل مواد تعقيم المياه والصرف الصحي والأدوية المنقذة للحياة ، وهذا ما أشار إليه البروفيسور “ثوماس ناغي” حين قال : “هذا مخطط للإبادة البشرية ضد شعب العراق” ، بعد أن اكتشف وثيقة سرّية تعود إلى وكالة الاستخبارات الدفاعية في الولايات المتحدة – US Defence Intelligence Agency (DIA) تحدّد مخطّط هذه الإبادة بوضوح .
ففي ورقته التي قدّمها إلى رابطة دارسي الإبادة البشرية في جامعة مانيتوبا ، كشف البروفيسور ثوماس ناغي أن وثيقة وكالة الإستخبارات الدفاعية هذه تعرض “التفاصيل الدقيقة لطريقة قابلة للتطبيق بصورة تامّة لتدمير نظام معالجة المياه لأمّة كاملة تمتد لفترة زمنية قدرها عشر سنوات” ، وأن توصل سياسة الحصار إلى توفير الشروط “لانتشار واسع للأمراض وتتضمن حالات وبائية شاملة” مما يؤدي إلى “اجتثاث جزء كبير من السكان العراقيين”.
وهذا يعني أن في العراق وحده ، قتلت الحرب الأمريكية التي قادتها الولايات المتحدة من عام 1991 إلى عام 2003 ، 1,9 مليون مواطن عراقي مدني ، ثم من عام 2003 ولاحقاً حوالي 1 مليون مواطن ، فيكون مجموع الضحايا 3 ملايين عراقي تقريبا خلال عقدين.
# عدد ضحايا أفغانستان :
———————–
وفي أفغانستان فإن تقديرات منظمة أطباء المسؤولية الاجتماعية PSR للعدد الكلي للإصابات في أفغانستان متحفّظة جدا أيضاً . فبعد ستة أشهر من قصف عام 2001 ذكر “جوناثان ستيل” محرّر صحيفة “الغارديان” أنّ بين 1,300 و8,000 أفغاني قد قُتلوا بالقصف المباشر . ، وأنّ أكثر من 50,000 شخص مات بسبب التأثيرات الغير مباشرة للحرب .
وفي كتابه “إحصاء الجثث : معدل الوفيات القسري العالمي منذ عام 1950” (صدر في 2007) طبّق البروفيسور نفس المنهج الذي اتبعته الغارديان لحساب الأعداد المعقولة للوفيات الزائدة ، فاستنتج أنّ عدد الوفيات الكلّي الذي يمكن تجنّبه في أفغانستان منذ عام 2001 بسبب الحرب والاحتلال والتجويع يصل إلى 3 ملايين مواطن أفغاني ، منهم حوالي 900,000 طفل عمره أقل من 5 سنوات .
وكما هو الحال في العراق فقد بدأت حرب الولايات المتحدة على أفغانستان قبل يوم 11/9 في صورة مساعدات عسكرية ولوجستية ومالية لحركة الطالبان منذ عام 1992 فصاعداً (أصدر الرئيس كارتر أمراً بمساعدة مجاهدي أفغانستان يوم 3 تموز 1979 أي قبل الغزو السوفيتي وبدأت الـ CIA تدريبهم في 1978). هذا الدعم جعل الطالبان تستولي على 90% من أراضي أفغانستان .
في عام 2001 ، أشار تقرير الجمعية الوطنية للعلوم : “معدل الوفيات والهجرة القسرية” إلى أنّ عدد الوفيات في أفغانستان بسبب التأثير الغير مباشر للحرب خلال عقد التسعينيات يمكن أن يكون بين 200,000 و 2 مليون مواطن أفغاني . الإحتلال السوفيتي مسؤول أيضاً عن تدمير البنية التحتية المدنية في أفغانستان .
وككل ، فإنّ هذا يعني أنّ عدد القتلى الكلّي في أفغانستان بسبب التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للحرب التي قادتها الولايات المتحدة منذ بداية التسعينيات حتى الآن هو بين 3 – 5 ملايين .
# الإنكار : العدد الحقيقي لضحايا الحرب الأمريكية على الإرهاب هو 6 – 8 ملايين مسلم :
———————————————————————–
حسب الأرقام التي ذكرناها هنا ، فإن عدد الوفيات الكلّي من جرّاء التدخل الغربي في العراق وأفغانستان منذ التسعينيات من خلال القتل المباشر والمجاعة والفاقة الناتجة عن الحرب هو حوالي 4 مليون (2 مليون في العراق من 1991 – 2003 ، زائداً 2 مليون من الحرب ضد الإرهاب) ، ويمكن أن تصل إلى 6 – 8 ملايين شخص عندما نضيف إليها تقديرات الموت العالية في أفغانستان.
مثل هذه الأرقام يمكن أن تكون أعلى بكثير ، لكنها لن تُعرف بدقّة وتأكيد ، لأنّ القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية ، وكجزء من سياستها الثابتة ، ترفض تسجيل الخسائر المدنية بسبب العمليات العسكرية (من شدّة احترامها لحقوق الإنسان !!).
وبسبب النقص الشديد في الإحصائيات في العراق ، والفقدان شبه الكلي للسجلات في أفغانستان ، وعدم اهتمام الحكومات الغربية للقتلى المدنيين ، يصبح مستحيلاً تحديد العدد الحقيقي للضحايا .
أغلب هذا الموت تمّ تبريره بالحرب على الإرهاب . ولكن شكراً لصمت الإعلام الأوسع ، الذي جعل أغلب الناس لا يمتلكون فكرة عن المدى الحقيقي للرعب المتطاول المُصنّع الذي يُمارس باسمهم من قبل الطغيان والبطش الأمريكي والبريطاني في العراق وأفغانستان .
المصدر :
Nafeez Mosaddeq Ahmed
Middle East Eye (UK)
UNWORTHY VICTIMS
Western wars have killed four million Muslims since 1990
وتشومسكي في كتاب “الدولة الفاشلة” .
# ملاحظة عن هذه الحلقات :
—————————-
هذه الحلقات تحمل بعض الآراء والتحليلات الشخصية ، لكن أغلب ما فيها من معلومات تاريخية واقتصادية وسياسية مُعدّ ومُقتبس ومُلخّص عن عشرات المصادر من مواقع إنترنت ومقالات ودراسات وموسوعات وصحف وكتب خصوصاً الكتب التالية : ثلاثة عشر كتاباً للمفكّر نعوم تشومسكي هي : (الربح فوق الشعب، الغزو مستمر 501، طموحات امبريالية، الهيمنة أو البقاء، ماذا يريد العم سام؟، النظام الدولي الجديد والقديم، السيطرة على الإعلام، الدول المارقة، الدول الفاشلة، ردع الديمقراطية، أشياء لن تسمع عنها ابداً،11/9 ، القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) ، كتاب أمريكا المُستبدة لمايكل موردانت ، كتابا جان بركنس : التاريخ السري للامبراطورية الأمريكية ويوميات سفّاح اقتصادي ، أمريكا والعالم د. رأفت الشيخ، تاريخ الولايات المتحدة د. محمود النيرب، كتب : الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط ، وحفّارو القبور ، والأصوليات المعاصرة لروجيه غارودي، نهب الفقراء جون ميدلي، حكّام العالم الجُدُد لجون بيلجر، كتب : أمريكا والإبادات الجماعية ، أمريكا والإبادات الجنسية ، أمريكا والإبادات الثقافية ، وتلمود العم سام لمنير العكش ، كتابا : التعتيم ، و الاعتراض على الحكام لآمي جودمان وديفيد جودمان ، كتابا : الإنسان والفلسفة المادية ، والفردوس الأرضي د. عبد الوهاب المسيري، كتاب: من الذي دفع للزمّار ؟ الحرب الباردة الثقافية لفرانسيس ستونور سوندرز ، وكتاب (الدولة المارقة : دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم) تأليف ويليام بلوم .. ومقالات ودراسات كثيرة من شبكة فولتير .. وغيرها الكثير.