كيف يمكن أن يصحو الأيزيديين ؟
زهير كاظم عبود
بنتيجة حتمية لما جرى على الأيزيديين من ارتكاب جرائم يندى لها جبين البشرية ، وتقشعر لها الأبدان ، وسالت دماء طاهرة ونقية ، وسبيت بنات وأطفال من قبل مجاميع تشابه البشر ، لجأت أعداد كبيرة من هذه العوائل التي تركت بيوتها ومزارعها وأعمالها الى مناطق آمنة ، تم إيوائهم على وجه السرعة في مخيمات على أساس مؤقت ، وسكنت تلك العوائل في هذه الخيام محاطة بالأسلاك ، ومقيدة بأوامر المجتمع الدولي والحكومات ، وكان الحلم أن يتم القضاء على تلك العصابات المجرمة في اقرب فرصة ممكنة ، وبقيت الاف العوائل تنتظر الأمل بأن تعود الى بيوتها ومزارعها وأعمالها ، وبقيت عيون تلك العوائل شاخصة لتحرير بناتها وأطفالها من أنياب الذئاب والبهائم البشرية ، وتأخرت التحضيرات وطال الزمن حتى تمكنت القوات المسلحة الحكومية والبيش مركة وقوات الحشد الشعبي ، بالإضافة الى دور المجاميع الفدائية من أبناء وبنات الأيزيديين التي توجهت للمنازلة ، حيث تم تحرير الأرض والمدن التي تم اغتصابها من قبل هذه العصابات .
الا ان هذه المدن صارت خرابا وآثارا نتيجة القصف والحرب ، فتهدمت البيوت ، وأحرقت المزارع ، وقضي على المعامل وسبل العيش ، وفي الوقت الذي افرح الأيزيديين بالخلاص ، لم يجد الكثير منهم بيوتهم ولاسبل عيشهم ، فباتوا يرزحون تحت وطأة المخيمات ينتظرون الأيام التي تأكل من أعمارهم ومن مستقبلهم ، فلم تمتد لهم يد العون لامن المجتمع الدولي ولا الحكومة المركزية ولامن حكومة الإقليم ، فلم يتم تعويضهم ، ولامن مشروع يعيد ترميم البيوت ، ولامن معامل تعيد لهم العمل ، ولامن أعمال تسد رمقهم وتعيد أشغالهم ، فباتوا أسرى هذه المخيمات لا يستطيعون تركها حتى لا يفقدوا سكنهم ومخصصات معيشتهم .
ولم يخرج أي مشروع أنساني أو أيزيدي يسهل عملية عودة الناس ، وبقي الجميع متفرجا تقيدهم التزاماتهم السياسية ، وتنخرهم الفرقة التي تمكنت منهم ، وعجزت التجمعات والجمعيات التي تكاثرت أن تجد حلا لإنهاء معاناة الناس .
عجز الأيزيديين من ان ينشأوا صندوقا ماليا يجمع تبرعات الخيرين ، وغابت عن بالهم الأفكار التي تجمعهم لأخراجهم من المحنة ، ولم يقف معهم أحد ، ولن يقف معهم أحد ، ولو تبرع كل شخص بمبلغ ألف دينار عن كل رأس شهريا ، وهو مبلغ صغير لجمعوا مبلغ خمسمائة مليون دينار ، ولو فرضوا على كل من يزور لالش أن يدفع مبلغ خمسة ألاف دينار للصندوق لجمعوا مئات الملايين التي ترمم لهم ما تستطيع من البيوت ، و تشيد لهم ما تستطيع من محلات ،وتعمر لهم ما يمكن أعماره ، خصوصا وأن من بين الأيزيديين من شخصيات متمكنة ماديا وتجاريا ينبغي إثارة غيرته وصحوة ضميره لإنقاذ أخوة له لن يمد لهم أحد يد العون والمساعدة ، ويقول المثل ( ما حك جلدك مثل ظفرك ) ، فالجميع مدعو بضمير صاف أن يتخلو ولو مؤقتا عن خلافاتهم وأحزابهم ويتوجهوا صوب أهاليهم .
السنوات تمر ولا أمل من حل ، ومن غير المقبول أن تبقى هذه العوائل تعيش في مخيمات تلغي مستقبلها وتحدد أعمارها ، والتمنيات لا تخلق حلا عمليا ، إلا أن الزمن يفرض عليكم صحوة تهز الضمائر وتعيد التفكير بموقف موحد لأنقاذ إخوتكم ، عليكم أن تعاندوا الزمن وتقاوموا مواقف تخلى عنكم الكثير من الجيران والأصدقاء ، وهي فرصة أن ينبري من بينكم من الشباب الواعين والمخلصين وأصحاب النخوة والشهامة ومن الزعماء الدينيين ورؤوساء العشائر وأصحاب رؤوس الأموال وأصحاب المعامل والمحلات لأن تسجلوا موقفا تأريخيا يحسب لكم ، والكل مدعو للمراجعة والتفكير مليا بخطوات يمكن ان تكون أكثر فاعلية وواقعية لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية .