بقلم محمد عبد الكريم يوسف
لقد بدأت شركة ميتا فيسبوك خطتها لإنشاء تقنية قراءة الدماغ البشري عبر شرائح الحاسوب المزروعة داخل الجمجمة قبل بضع سنوات خلت .
بدأ هذا الطموح لدى شركة ميتا بشكل واضح وجلي بعد انتهاء أعمال مؤتمر إف 8 عام 2017 ، وقد أصاب هذا التطلع الناس بالفزع لأن الشركة سوف تعرف كل شيء تشاركه ومع من تتعامل وطبيعة التعامل والتوجه السياسي والاقتصادي والروحي وما تهتم به وهذه المعلومات والبيانات كافية لإنتاج تنبؤات دقيقة للغاية حول الوضع النفسي والجسدي والعلمي والفكري والديني للمستخدم ، والخطوة التالية ستكون بالتأكيد هي التوجه نحو قراءة الأفكار ومعرفة ما يقوم به المستخدم في الغد.
وقد سعت شركة ميتا فيسبوك لتخفيف المخاوف والتقليل من أهمية الخطوة من خلال توضيح أن أبحاثها مرتبطة في المقام الأول بحالات الاستخدام الطبي ومساعدة الأشخاص الذين يعانون من تلف في الدماغ والشلل للعودة للحركة أو الحديث مرة ثانية حسب الحال. ولكن هذا التبرير لم يقنع المستخدمين على اعتبار أن فريق الشركة الذي يجمع البيانات سيشكل خطرة في مرحلة من المراحل على حياة المستخدمين وتوجهاتهم وميولهم وتكوين أرائهم وتشكيلها وفق رغبات الشركة ومن يقف خلفها أو يستفيد من خدماتها أو يشتري تلك الخدمات .
لقد تعرضت الشركة لسيل من الاتهامات خلال السنوات القليلة الماضية بأنه استخدمت بيانات المستخدمين للتأثير على ميولهم في العديد من الانتخابات في القارة الأمريكية والأوروبية والشرق الأوسط ، كما مكنت العديد من الدول المصنفة على أنها شمولية النزعة وفق معايير الغرب على إدارة حملات انتخابية ناجحة من دون أن ترتب على السياسيين أي التزامات تجاه ناخبيهم من خلال الإدارة الذكية للعلاقات العامة .
أعلنت الشركة العام الفائت أنها تخلت عن خططها الخاصة بتقنية قراءة الدماغ لصالح أجهزة تحكم بديلة مثل التخطيط الكهربائي للعضلات وأعلنت أنها لن تتوجه نحو شن غزو فكري على عقول المستخدمين لمعرفة بياناتهم ، وفي الحقيقة هذا الادعاء يجافي الحقيقة خاصة وأن مارك زوكربيغ يتعطش للبيانات ولن يرتاح إلا بعد تحويلها إلى نقود.
اليوم حددت شركة ميتا طريقة جديدة لقراءة عقول الناس وترجمة أفكارهم إلى كلمات رغم استخدام رقائق مزروعة في الدماغ هذه المرة .
كما ترون في هذا المثال ، تستخدم العملية الجديدة تسجيلات التي يتم الحصول عليها من خلال أجهزة استشعار على الرأس ، من أجل “قراءة” إشارات الدماغ ، وترجمتها إلى كلمات.
والذي برهن حتى الآن عن نتائج قوية كما أوضحت شركة ميتا:
“خلال ثلاث ثوانٍ من نشاط الدماغ ، تُظهر نتائجنا أن نموذجنا يمكنه فك شفرة مقاطع الكلام المقابلة بدقة تصل إلى 73 بالمئة من المفردات وبدقة تصل إلى 10 بالمئة من مفردات تتكون من 793 كلمة ، وهو جزء كبير من الكلمات التي نستخدمها عادةً على أساس يومي. “
نعم ، لقد حان الوقت للشعور بالخوف مرة أخرى لأن شركة ميتا هي وراء معظم أفكارك الداخلية رغم كل شيء وأنت لا تدري ذلك.
وبغض النظر عن المزاح ، هناك بعض حالات الاستخدام الطبي المهمة والقيمة للغاية لهذه التكنولوجيا:
“كل عام ، يعاني أكثر من 69 مليون شخص حول العالم من إصابات دماغية رضية ، مما يترك العديد منهم غير قادرين على التواصل من خلال الكلام أو الكتابة أو الإيماءات. يمكن أن تتحسن حياة هؤلاء الأشخاص بشكل كبير إذا طور الباحثون تقنية لفك تشفير اللغة مباشرة من تسجيلات الدماغ غير العدائية “.
لاحظ الإشارة المحددة لـلتعبير ” غير العدائي” هنا. من الواضح أن شركة ميتا تعتقد أن أكثر ما يثير قلق الناس هو زراعة الدماغ ، وليس حقيقة أن هذا يمكن أن يوفر وصولاً مباشرًا إلى ميتا لأفكارك.
إذا تمكن علماء شركة ميتا من فهم هذا الأمر بشكل صحيح ، فقد يكون ذلك بمثابة اختراق طبي كبير ، والذي يستحق الجهد المبذول في كلتا الحالتين. ولكن يمكن أيضًا ، في النهاية ، دمجها في إصدار جديد من سماعة رأس الواقع الافتراضي ، والتي ستكون قادرة على قراءة أفكارك والاستجابة للإشارات القائمة على الأفكار ، مما يسهل طرقًا جديدة للانخراط في النظرية.
لذلك قد تتمكن شركة في النهاية من قراءة أفكارك بعد كل شيء ، وإذا انطلق برنامج ميتا لكتابة الشعر كما يأمل زوكربيغ ، فقد تصبح حالة استخدام مقبولة على نطاق واسع وحتى قيمة لتحسين الشعور بالوجود في هذه البيئات الرقمية.
و يمكن أن تحصل على إعلانات مستهدفة بشكل متزايد ، بناءً على الميول اللاواعية – والتي من شأنها أن تثير موجة جديدة كاملة من نظريات المؤامرة وتفزع الكثير من الناس.
أتخيل أن مبيعات الثقافة عن بعد ، المنفصلة عن التكنولوجيا ، سترتفع بشدة إذا حدث ذلك.
إذا كانت لديك خطة “ العيش خارج الشبكة في جيبك الخلفي ، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة النظر فيها – قبل أن تدخل شركة ميتا هناك وتمحو أي أفكار من هذا القبيل ، واستبدالها بمشاعر سعيدة حول برنامج ميتا لكتابة الشعر.
لقد أوضحت شركة ميتا أن هذا البحث لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بعملها السابق على رقائق الكمبيوتر التي يتم إدخالها في الدماغ ، ولا يحفزه خطط منتجات شركة ميتا. تريد شركة ميتا أيضًا توضيح أن هذا النظام القائم على الذكاء الاصطناعي لا يمكنه قراءة عقل شخص ما أو الكشف عما يفكر فيه ، ولكنه يركز بدلاً من ذلك على فك تشفير الكلام من نشاط الدماغ.
المراجع
https://www.quora.com/Does-social-media-read-our-minds
https://www.socialmediatoday.com/news/meta-revisits-its-plan-to-read-peoples-minds/630997/
https://metro.co.uk/2019/07/31/facebook-can-literally-read-mind-decode-thoughts-10493373/
https://medium.com/futurists-club-by-science-of-the-time/when-computers-start-reading-our-minds-bbdcb7cfcc49
https://www.deccanchronicle.com/decaf/250318/net-effect-social-media-can-read-your-mind.html
https://link.springer.com/article/10.3758/s13423-022-02079-z
https://www.cnbc.com/2021/03/18/facebook-shows-off-mind-reading-technology.html
كيف تقرأ وسائل التواصل الاجتماعي عقول الناس
اترك تعليقا