الصدمة المجتمعية التي خلفتها جائحة (كورونا) أجبرت كل مؤوسسات العالم إلى اتخاذ سلسلة من إجراءات فورية وطارئة وغير متوقعة بعد انهيار المؤوسسات الاجتماعية.. والسياسية.. والاقتصادية.. وبشكل سريع ودراماتيكي عجزت المؤوسسات الصحة.. والتربية.. والتعليم.. والأسرة.. من مواجهة هذه الظروف الطارئة التي صدمت المجتمعات البشرية بها؛ وبهذا الواقع المستجد الذي داهم الحياة – على حين غره – وكأن العالم يعيش تحت وطأة حرب كونية شامله لما خلفه انتشار الوباء القاتل لـ(كورونا) من هستريا نفسية مرعبة هزت نفوس كل المجتمعات البشرية على كوكبنا؛ ليتم إغلاق منظومة الحياة بشكل كامل اقتصاديا.. وسياسيا.. واجتماعيا.. ورافق ذلك؛ إغلاق مؤوسسات (التربية والتعليم) مع كل الأنشطة الثقافية؛ الفنية.. والأدبية.. والرياضية.. والإعلام، وقيدت حركة تنقلات بكل وسائلها، ليبقى الإنسان أسير المنزل لا يعرف كيف يتصرف في هذا البلاء؛ بعد إن أصبح مصدره الوحيد هو (العالم الافتراضي – الانترنيت) لتواصل الاجتماعي ليتلقى إرشادات الوقائية من (الأطباء والطاقم الطبي) الذين صمدوا واتخذوا مواقعهم في الخط الأمامي للمواجهة فيروس (كورونا) سعيا لإنقاذ البشرية، وقد تولوا المسؤولية بكل همة وشجاعة؛ وهم في أوضاع لا يحسد عليها؛ بعد إن وجدوا حجم العجز في مؤوسسات (الطبية) من نقص حاد في الأسرة والأدوية والمستلزمات الضرورية للوقاية من الأوبئة في مثل هكذا محن؛ ومع ذلك جاهدوا وعملوا كل ما في وسعهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح البشرية؛ بعد إن كانت العولمة (الرأسمالية) قد تغافلت الاهتمام بـ(القطاع الصحي) – هذا القطاع الحيوي لديمومة الحياة – بعد إن أعطت جل إمكانياتها وتقنياتها وتكنولوجيتها وعلومها لاستثمار وتطوير (الصناعة والإنتاج) وإعطاء الأولوية لها؛ من اجل حصول على مزيد من الإرباح والفوائد؛ دون مبالاة بشؤون مؤوسسات قطاع (الصحة) و(التربية والتعليم) و(الأسرة) والنهوض بها؛ ليدفع العالم ثمن هذا الإهمال والتقصير ملايين الضحايا ومرضى راحوا ضحية وباء (كورونا) القاتل؛ نتيجة تقصير النظام (الرأسمالي)؛ ليس إلا، لان التطور والتقدم لا ينحصر مفهومة بـ(الاقتصاد) فحسب؛ وحسب ما تذهب إليه (الرأسمالية) – رغم انه عصب الحياة – ولكن لتطوير هذا القطاع لا بد إن يرافق تطور في منظومة (التربية والتعليم) و(الثقافة) و(الأسرة)؛ لان هذه القطاعات هي التي تغذي (الاقتصاد) بطاقات وإمكانيات لتطوير وسائل (الصناعة) و(الإنتاج)، لذا فان قوة المجتمع وتطوره وتنميته تكمن في قوة التنمية وتطور أساليب (الثقافة) و(التعليم) و(التربية) ووفق آلية استيعاب متطلبات المعرفة والثقافة التي لا بد إن تعطي لها أولية لتنشيطها في كل ميادين الحياة؛ ليتم تنشئة أجيال يمتلكون خلفية علمية وثقافية وتربوية تأهلهم فكريا وعقليا وخلقيا من خلال تطوير مؤوسسات (التربية والتعليم) في المجتمع التي تعمل على تطور وتنمية العقل وفكر الإنسان منذ نعومة أظافره عبر الحوار واخذ وإعطاء متواصل في (التربية.. والتعليم.. والثقافة) سواء في أسوار مؤوسسات (التربية والتعليم) أو في أسوار (الأسرة والمجتمع)، بعد إن تكون (الأسرة والمجتمع) مشبعة بقيم (التربية.. والتعليم.. والثقافة.. والفن) في طور تنظيمه الأولى؛ والتي تتطور بتطور الوعي والتفكير عبر تبادل المعلومات والحوار والمناقشة مع ثقافات الشعوب عبر الانفتاح.. والتواصل.. والتفاعل.. وتبادل المعلومات؛ بما هو كل فكر سليم يتماشى مع إثراء العقل وتقدم الإنسانية، ولهذا فان تم بناء الأسس بشكل سليم؛ فان البناء لا محال سيكون سليم؛ بكون الأنظمة الفاعلة والعاملة في (التربية والتعليم) و(الثقافة) و(الفن) هي جزء من بنية تطور المجتمع والدولة؛ وفي تنمية الإمكانيات والقدرات والمهارات وعلى كل المستويات التربوية.. والتعليمية.. والصحية.. والثقافية.. والفنية .
نشر سلوكيات أخلاقية في مؤوسسات التربية والتعليم
ومن هنا تأتي أهمية (التربية).. و(التربية الصحية)؛ عبر الاهتمامات بنشر سلوكيات أخلاقية في مؤوسسات (التربية والتعليم.. والإعلام.. والأعلام الحكومي) وفي مجال الأنشطة الثقافية في (الأدب) و(الفن)؛ في مراحل تفاقم الأزمات الإنسانية اثر انتشار الأوبئة وتوسيع نطاق الحروب الطويلة، ولهذا فان مرحلة التي يمر بها عالمنا وكل دول العالم من تفشي وباء (كورونا) القاتل؛ وما أدى ذلك إلى (الإغلاق الكبير) الذي شهده عالمنا في كل مؤوسسات الدول ومنها مؤوسسات (التربية والتعليم) والأنشطة الثقافية في (الأدب.. والفن.. والإعلام.. والرياضة)؛ فكان لإغلاق المدارس اثر كبير في تعليم ملايين الطلبة في إنحاء العالم اجمع، وبالتالي فان الطبقات الفقيرة والأسر الكادحة كانت عرضة لتأثير مضاعف؛ لكون هذه الفئات تعاني أساسا من الضعف والحرمان؛ فكيف الحال إذ استمر (التعليم) عن طريق (التعليم عن بعد وعبر الانترنيت) الذي لا يتوفر لدى هذه الطبقات المسحوقة؛ ولا يمكن لهم الاتصال بشبكات (الإنترنيت) لأسباب مادية وعدم امتلاكهم للكومبيوتر المحمول والحواسيب في المنزل؛ وهي طبقات ذات كثافة سكانية عالية في جميع دول العالم؛ وهذا التأثير المزدوج على هذه الطبقات المسحوقة يجب إن يأخذ بنظر الاعتبار من اجل تخفيف التأثير على مستقبل هذه الأجيال؛ وعلى هذه الطبقات تحديدا، ما يتطلب تدخل منظمة (يونسكو) في هذا المجال بكونها معنية في تنمية هذا القطاع تحديدا؛ ولهذا فان بقاء جائحة (كورونا) بالانتشار وعدم وجود العلاج؛ يجب على كل مؤوسسات المعنية المباشرة بترتيب عمل مؤوسسات (التربية والتعليم) لكي لا تتوقف في أداء رسالتها الأكاديمية واقتصارها على (التعليم عن بعد وعبر الانترنيت)، لان كما قلنا هناك طبقات لا تستفد من (التعليم عن بعد وعبر الانترنيت) بقدر ما يشكل ذلك عبئا إضافيا على الأسرة بسبب انعدام في تكافؤ الفرص، وهنا نسال إن كان (التعليم عن بعد وعبر الانترنيت) يفتح نافذة لـ(التعليم) فحسب؛ فماذا عن دور (التربية)………؟
أليست المدرسة هي النافذة التربوية – بالمعنى الشمولي – لتوعية الطالب وتهذيبه؛ ودورها في كثير من الأحيان يكون اشمل من التربية الأسرية؛ لان في المدرسة تبنى العلاقات والصداقات وتعرف فيها قيم الفضيلة.. والأخلاق.. والصداقة.. والرحمة.. والعاطفة.. والأمانة.. والصدق.. والخير.. والشر… وإلى أخره من هذه القيم الأخلاقية؛ وهي تؤثر تأثيرا بالغا في شخصية الطالب وسلوكه المجتمعي؛ لان (التربية) لها تجربة إنسانية بالمفهوم الشمولي لها؛ ولهذا لا بد من ادارك أهمية (المدرسة) لكل الفئات العمرية من الابتدائية.. والمتوسطة.. والثانوية.. وحتى في المراحل الجامعية؛ بكون (المدرسة) هي المؤوسسة التي ينطلق فيها (التعليم والتربية) بالتعامل مع كل فئة عمرية بأسلوب خاص وضمن توجهات معينة في الثقافة.. والسلوك.. والاهتمام.. وهي عوامل تساعد في بناء شخصية الطالب؛ أي إن (التعليم) و(التربية) متلازمين في بناء شخصية الطالب؛ ولا تستقيم هذه المعادلة إلا في ظل خيمة (المدرسة)؛ ولابد من الحفاظ على التواصل مع (المدرسة) بأي وسيلة كانت، لان (التعليم عن بعد وعبر الانترنيت) سيبقى بجناح واحد في جسد (الطير) لا يؤدي دوره في الطيران والتحليق في أفاق العلم والمعرفة بدون الجناح الثاني، فالتوازن بين (التعليم والتربية) في خضم المرحلة التي تعيشها مجتمعات البشرية ونحن نعيش في ظل جائحة (كورونا) أمر في غاية الضرورة والأهمية؛ لان أي خلل في هذه الجوانب تؤدي إلى نتائج سلبية على البشرية على المدى المنظور والبعيد، فلا (تعليم) بدون (التربية) ولا (تربية) بدون (التعليم) لأنهما دوائر في دائرة واحدة؛ وهي دائرة التي توسع أفاق الفهم لسمو الروح وتغرز قيم الإنسانية في المجتمع وتعززها .
التربية والتعليم وتحديات المرحلة الوبائية
فبعد انتشار فيروس (كورونا) والتغيرات الاستثنائية التي حدثت في سلوك ونمط عيش الإنسان وفي منظومة الحياة بصورة عامة والتي سعت كل المجتمعات تنظيمها بما تواكب طبيعة هذه المرحلة الوبائية ولم يكن لقطاع (التربية والتعليم) في منأى عن هذه التحديات والتحولات الصحية المتعلقة بوباء (كورونا) للحفاظ على سلامة المجتمع، لذلك كان ابرز تحدي الذي واجه قطاع (التربية والتعليم) هو عدم إمكانية الاستمرار على التعليم بحضور الطالب والمدرس في المدرسة؛ والذي بات يسمى بـ(التعليم الحضوري) لتبرز صيغة بديلة عن ذلك تحت مسمى (التعليم عن بعد) نتيجة التطور التقني والتكنولوجي الذي يشهده العالم، ليأتي هذه (التعليم) المستحدث بشكل متواصل كامل أو جزئي وحسب إمكانية كل دولة ومدى تطور التكنولوجي لديها، وقد عاشت دول العالم هذه التجربة منذ تفشي الوباء بشكل واسع في شهر شباط 2020 وما بعده ؛ بعد إن علق التدريس أو التعليم (الحضوري) وتعويض الطلبة بـ(التعليم عن بعد عبر الانترنيت) بعد فترة الحجر الصحي العام؛ وذلك لضمان على تامين صحة ومستقبل الطلبة واستمرار تواصل التعليم التربوي، رغم إن كثير من إرهاصات اعترضت طريق هذا الخيار وكانت جلها تتعلق في طبيعة البلدان النامية والمتخلفة والتي لم ترتقي آليات التكنولوجيا الرقمية فيها إلى المستوى المطلوب، فكانت تجربة (التعليم عن بعد) تجربة متعثرة وخاصة في النصف الثاني من السنة الدراسية 2019 – 2020 وبما يتعلق بمدى نجاعة (التعليم عن بعد) في تحقيق أهدافه التربوية والتعليمية، وهنا يجب إن لا نحمل مؤوسسات (التربية والتعليم) أكثر من طاقتها لأسباب كثيرة منها تتعلق بـ(المواد الدراسية) وأخرى تتعلق بظروف الوبائية لـ(كورونا) الصعبة؛ التي فاجأت هذه المؤوسسات – على حين غره – وفرضت تحديات على النظام التربوي والتعليمي في كل أنحاء العالم وعلى كافة مستويات ومراحل التعليم المختلفة من الابتدائية.. والمتوسطة.. والثانوية.. والجامعية؛ لان اغلب مراكز (التربية والتعليم) في كل مدن العالم لم تواكب التحولات الرقمية والتكنولوجية؛ ولم تواكب الاستثمار في هذه التقنيات الحديثة؛ وبقيت اغلب هذه المؤوسسات تعتمد الأساليب التقليدية دون إبداع أو ابتكار أو انخراط مع تطورات التكنولوجيا الرقمية ومستجدات العصر؛ لتجد هذه المؤوسسات نفسها في مأزق بعد جائحة (كورونا)، لذلك اليوم تسعى كل دول العالم بعد إن اصطدمت بهذا الواقع الوبائي لإيجاد حلول لهذا الواقع المستحدث؛ بعد إن وجدت اغلب بلدان العالم عاجزة أمام هذا الطارئ الصحي من انتشار وباء (كورونا)، وما افرزه من التعثر والارتباك في استئناف الدراسة خلال الأشهر الماضية والتي كان من الممكن تفاديه لو إن نظام (الرأسمالية العالمية المتوحشة) – التي تهيمن على اغلب بلدان العالم – قامت بتمويل قطاع (التربية والتعليم) واستحدثت مؤوسساتها بما تواكب ما يحصل من تطورات تكنولوجية؛ ولكن للأسف لم ترعى (الرأسمالية) المتوحشة هذا القطاع ولم تحاول تهيئة منظومته التعليمية لمثل هكذا طوارئ لا على المستوى اللوجستية ولا على مستوى التقنية والتربوية والتعليمية الحديثة .
تحديات التي تواجه التعليم عن بعد في مؤوسسات التربية والتعليم
ولهذا فان (التعليم عن بعد وعبر الانترنيت) المستحدث يواجه صعوبات تقنية بحتة خصوصا على مستويات التعليم الابتدائي.. والمتوسط.. والإعدادي.. وحتى الجامعي؛ لان جميع المناهج المقررة والكتب المدرسية وضعت لـ(التعليم الحضوري) وليس لـ(التعليم عن بعد)، وهذا الأمر لا يستقيم في نقل تجارب وتعليمات ومناهج وضعت لـ(التعليم الحضوري) إلى (التعليم عن بعد)، ومن ثم فان مشاكل التقنية والآليات التكنولوجية في أغلب دول العالم وخاصة النامية والمتخلفة وفي القرى والأرياف التي لا يتوفر فيها الوسائل الرقمية لأغلب التلاميذ والأسر ولا يمتلكون الأجهزة إلكترونية من الكومبيوتر المحمول والحواسيب المنزلية، وجل هذه المعوقات تقف عائق في إنجاح العملية التربوية عن بعد أو (التعليم عن بعد عبر الانترنيت)؛ ولهذا يتطلب تطوير منظومة (التربية والتعليم) واستحداث مناهج تتعلق – تحديدا – بوسائل (التعليم عن بعد) كنمط تعليمي مكمل لـ(التعليم الحضوري)، لان في كثير من الأحيان ستكون ظروف الطالب غير مهيأة وغير ملائمة لمواصلة ومتابعة دروسه عن بعد لظروف شخصية واجتماعية والبيئة المحيطة بالطالب؛ وهذا يعني بان (الطالب) سيجد نفسه في المنزل مضطرا لمواصلة دراسته في ظروف غير ملائمة؛ ومع ذلك يبقى (التعليم عن بعد) وخاصة في الحالات الحرجة كالأتي نعيشها تحت وطأة وباء (كورونا) بديلا اضطراريا لـ(التعليم التقليدي) .
حق التعليم وحماية مستقبل الطلبة
ومع كل إرهاصات للمرحلة الوبائية لـ(كورونا) يبقى حق التعليم واجب وضروري لدى كل المجتمعات وحكومات ودول العالم؛ ويجب تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والتاريخية بهذا الشأن، ومن هنا يأتي دور (الاستثمار المالي) وأهميته في قطاع (التربية والتعليم)؛ لذلك لابد من إعطاء أولوية لقطاع الاستثمارات العامة وزيادة أموال المخصصة لهذا القطاع؛ ويجب اخذ بنظر الاعتبار ما يصيب (الاقتصادي العالمي) في كل دول العالم من كساد؛ بعد إن تفاقمت أوضاعه خلال هذه الأزمة الوبائية؛ وما لم يعطى لقطاع (التربية والتعليم) أولوية فانه – لا محال – سيزيد من أوضاعه سوءا؛ في وقت الذي يجب التأكيد على حق التعليم وتحمل عواقب المرتبة على ذلك؛ مع اخذ بنظر الاعتبار بان (التعليم عن بعد) التي لجأت إليها دول العالم ليس حلا في وقت الحاضر؛ لان كثير من دول النامية والمتخلفة – كما قلنا سابقا – تعاني من مشاكل لا حصر لها في شبكات (الانترنيت) وتوفير أجهزة (الحواسيب) و(الكومبيوتر المحمول) وغيرها؛ بسبب أوضاعهم الاقتصادية وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لكثير من الأسر وخاصة في (العالم الثالث) وكيف الحال في هذه المرحلة الوبائية……..!
لذلك لابد من التفكير بأساليب حديثة ومتطورة وممكنه اتخاذها كحلول ملموسة وتدابير عملية لتعزيز التعليم الشامل للجميع المجتمعات وإعادة فتح المدارس بتدابير وقائية تواكب تطورات هذه المرحلة الوبائية بنشر الوعي الجماعي من قبل إدارات (الصحة) و(التربية والتعليم)؛ بعد إن أخذت تشير كل توقعات للمنظمات (الصحية) بان فترة وباء (كورونا) هذه قد تطول، ورغم تبعات وأضرار التي تخلفها جائحة (كورونا) بات واضحة في كل قطاعات الحياة وخاصة قطاع (الاقتصاد) و(الصحة) و(التربية والتعليم) وفي مجال الأنشطة الثقافية في (الأدب) و(الفن) و(الإعلام)؛ نتيجة إجراءات حكومات الدول التي فرضتها في كل المجتمعات العالم؛ وهو الأمر الذي دفع بـ(دول العالم) إن تتسابق للحد من الآثار السلبية للجائحة (كورونا) وبكل الوسائل المتاحة؛ وقد اخذ قطاع (التربية والتعليم) حصتها من الرعاية؛ لذلك عملت كل (دول العالم) بجد وجهد لاستمرار الطلبة لتلقي دروسهم وعدم الانقطاع عن تلقي العلم والمعرفة لديمومة التعليم ولاستمرار الطلبة مواصلة عامهم الدراسي 2019 – 2020 بدون أنقاطع للحد من تسيبهم وحماية مستقبلهم ولضمان استمرار الطلبة على مواصلة تعليمهم في السنوات الدراسية ما بعد عام 2020 ، ويجب في هذه المرحلة الوبائية تفهم الحالة النفسية للطلبة وبما أصابهم من ارتباك وتشويش وعدم الراحة والاستقرار، وعلى كل إدارات المدارس بكل مستوياتها فهم حقيقة أوضاع ألطلبه في هذه المرحلة، وهنا يقع العبء والمسؤولية الأخلاقية على (الكادر التعليمي) التي تضاعف؛ لان عليهم إن يبذلوا كل جهد لإيصال المعلومة للطالب وكأنه حاضر في الفصل ألدارسي؛ بعد أن يكونوا بوعي كامل بالحالة النفسية للطالب وظروف الأسر، لذلك يتطلب من كوادر (التربية والتعليم) تخفيف العبء عن الطلبة والرأفة والنظر بعين الاهتمام والرعاية لتخفيف العبء عن كاهل الطلبة وأسرهم .
ضرورة استحداث مناهج التربية والتعليم تواكب الحداثة والمعاصرة
ومن هنا تبرز أهمية إدراك مؤوسسات (التربية والتعليم) مسؤولياتهم الأخلاقية بوضع سياسات مستحدثة في أساليب التعليم لتصل إلى الجميع مع تأكيد باستمرار التعليم بشقيه (التعليم عن بعد) و (التعليم الحضوري) في آن واحد والمرحلة الاستثنائية التي تواجهها كل المجتمعات في (دول العالم) لمواجهة تداعيات جائحة (كورونا)؛ لأننا اليوم فعلا نعيش في مرحلة استثنائية رغم يقيننا بان العالم في دوام الحركة والتغيير؛ ولدينا كل إمكانيات ومهارات للاستحداث وبطاقات وقدرات إبداعية متجددة، ولحجم التطورات التكنولوجية المتوفرة اليوم في (العالم)؛ فلابد من رسم استراتيجيات تعليمية مستحدثة سواء إن نستغلها الآن أو سنطبقها في المستقبل في مجال (التعليم عن بعد) واستثمار وقت الطالب في مشاريع تواكب تنمية قدراته في شتى مجالات العلم والمعرفة؛ فيوازن بين (التعليم عن بعد) وبين استثمار طاقاته لبناء شخصيته في المستقبل دون انقطاع ومواصلة تعليمة، وهنا تبرز دور المؤوسسات (التربية والتعليم) لمتابعة شؤون الطلبة والإشراف عليهم وتوجيههم بين (الحضور) و(التوجيه عن بعد) ليبقى الطلبة على التواصل مع (المعلمين) في اخذ المعلومات والاستفسار عن المواد التعليمية؛ وبموازاة ما يستحدث في مناهج (التربية والتعلم) وما تسعى إيه هذه المؤوسسة لرقي بأساليب (التربية والتعليم) للطلبة واستثمار طاقاتهم الإبداعية بأفضل الأساليب، وهنا لابد لدول العالم وحكوماتها ومنظمة (يونسكو) مشاركة تطلعات مؤوسسة (التربية والتعليم) والمساهمة – مساهمة فاعلة – في إنجاح عملهم التعليمي والتربوي؛ وذلك بان تباشر دول العالم والحكومات توفير شبكات (الانترنيت) بجودة عالية وكفاءة وسرعة وتخفيف أسعارها مع منح الطلبة أجهزة (الحواسيب) و(الكومبيوتر المحمول) مجانية داعمة ليتمكن كل الطلبة وأصحاب الدخول القليلة المواصلة مع مناهج (التربية والتعليم)، لتساهم الحكومات ومنظمة (يونسكو) ودول العالم اجمع في إنجاح استحداث وتطوير مؤوسسات (التربية والتعليم) لكي لا تبقى مستمرة على نمطها التقليدي؛ بل لتواكب الحداثة والتطورات التكنولوجية الهائلة التي يشهدها عالمنا لضمان استمرار عملية (التربية والتعليم) وحماية حق الطلبة في التعليم ومواكبة الحداثة والمعاصر؛ وهذا الأمر يتطلب تحديات.. وتدريب.. ومهارات.. ولكن بجهد الخيرين تزيل العقبات اثر تطبيقها حبا للوصول إلى النجاح الذي يسعى إليه الكل لتحقيقه في حياتهم .
وعلية يجب إن لا تكون هذه الجائحة الوبائية لـ(كورونا) سببا لتراجع دور (المدرسة) و(المعلم)؛ بل يجب إن تكون سببا لدفع الاستثمار في تنمية الأنشطة (التعليمة.. والتربوية.. والصحية) والنهوض بها بكل وسائل الممكنة، ويجب توظيف النتائج السلبية التي أفرزتها مؤوسسات (الرأسمالية) وفكرها بتجاهلها هذه القطاعات وعدم إعطاء أولوية لها؛ بقدر ما دفعت (الرأسمالية) كل جهودها وإمكانياتها – وكما قلنا سابقا – نحو القطاع (الصناعة) و(الإنتاج) من اجل الحصول على مزيد من الإرباح؛ حتى وان جاء ذلك على حساب صحة الإنسان ومستقبل البشرية، وكانت النتيجة اثر تفشي جائحة (كورونا) انهيار مؤوسساتها (الاقتصادية)؛ لان مؤوسسات (الصحة) عجزت من أداء دورها بشكل سليم بسبب عدم تمويلها والاستثمار فيها؛ الأمر الذي أدى إلى تخلف مؤوسساتها نتيجة عدم دعم ومراعاة (الرأسمالية) لها وتقديم برامج حديثة ومستحدثة وتستحدث على الدوام لتطوير إمكانياتها، ومن هنا يجب توظيف هذه (الجائحة) من اجل إجراء إصلاحات شاملة للمنظومة (الصحة) وفي مؤوسسات (التربية والتعليم) التي عانت ما عانته اثر تفشي (الجائحة) مثلها مثل قطاعات (الصحة) .
ولهذا مهما اشتدت أزمة (كورونا) يجب عدم تقوض دور مؤوسسات (التربية والتعليم) و(الصحة) والأنشطة الثقافية من (الأدب) و(الفن) و(الإعلام) و(الرياضة)؛ لان أي تراجع لهذه القطاعات الحيوية له تبعات مجتمعية على الأسرة.. والاقتصاد.. والأمن.. وسلامة المجتمع ورقيه وحضارته، ولهذا يأتي دور الوعي المجتمعي بقضايا الأسرة.. والتربية.. والتعليم.. والصحة.. والأنشطة الثقافية من الفن.. والأدب.. والرياضة.. والإعلام؛ ومدى أهمية وتبعات هذه القطاعات في التوجيه وإصلاح مؤوسسات المجتمع باتجاه الصحيح لتتحمل مسؤولياتها باتجاه التنمية المستدامة لتفادي وعلاج كل المشاكل والمخاطر التي تداهم حياة البشرية من الأوبئة والحروب ليكون هدف الحكومة في أية دولة من دول العالم هو التنمية الذاتية لتطوير هذه القطاعات لتعبد الطريق بشكل سليم؛ لتقود المجتمعات دربها نحو المستقبل بأمان وسلام؛ ولتمض قدما لبناء حضارة الإنسان .