(كانَ لابدّ منْ ذلكَ)
-1-
كانَ لابدّ من العطشِ واللوبان
بين الصّفا والمَروة
كي تتفجرَ زمزم
وأرتوي!
-2-
لابدّ من الظلمات
واللبثِ في بطنِ النّون
تُطوى بحارٌ أمام عَتمتي
وتنام ليال في صمتي
ليبصّرني تسبيحُ الحَصى
ودعائي عن رهبةٍ يشقُّ النّوى
“سبحانك إنّي كنتُ من الظالمين”
فأشهدُ كشفَ الضرّ والبلوى
لابدّ من المعصية
حتى إلى وجهكَ أهتدي.
_3_
لابدّ من حَريقٍ
يزأرُ في الجِهاتِ
يأتي على كتبي وذكرياتي
وأحلامٍ مصلوبةٍ على الجدران
لابدّ من ملحدينَ يرقصونَ حولَ النار
فرحاً بنهايتي
لتبقى أنت، أنتَ
كتابي الأوحد، فيكَ
أجدُ سلوتي
-4-
لابدّ من قوافلِ الحزن
ظعائنَ تمرّ بقلبي
كأنّ حروباً تجري
فوقَ صدري!
موتٌ على يَميني،
وسكراتٌ ترعفُ على شمالي
ومدنٌ تئنُّ من خرائب
وجهها،
وقلبي من القَهرِ
موجوعٌ، محزونٌ
ولياً مطروداً من الرّحمةِ؛
كي أعرجَ إلى فضاءاتِ عشقٍ
فأعلنَ بكَ انتصاراتي
-5-
لابدّ من سجنٍ وجوعٍ
بحجمِ صَحارى
لابدّ من وأد البوحِ
رؤايَ لا أقصّها
حتى في السّريرةِ
لأنتضي الآتي
أحصي خزائنَ الميرةِ
والخزائنُ كفٌّ فيضٍ
من السنا، والزّهور
فأشهدك في مرآتي.
-6-
لابدّ من الافتراء
أمامَ قوامِ الجَمال؛
أقدُّ قميصَك بأبجديتي
كي تقولَ الأجيالُ:
هتكتْ هيكلَ اللغاتِ
فتسرد عن غَيرةٍ واشتهاءِ
قصّة عشقي.
-7-
لابدّ من الصّبر
أمام أجراس الابتلاء
أمدُّ عنقي-ما شاءَ لها أن تمتدّ- عَلى
مذبحِ الانتظار
لسكينٍ تُخاتلُ الصّبر بالفداء
كي تحظى عينايَ
بمروج البَهار
وببهارك أشعلُ وقتي.
-8-
لابدّ من القهر
وحراسةِ شجرٍ منذورٍ لفُلكٍ
يدورُ في الفَيضانِ
وعلى “الجودي” يستوي
لأهتفَ مِلءَ حَمائمي:
لا عاصمَ للغريق
إلاّ قارعة جهَتي
وعطرُ يديك قبلتي.
-9-
لابدّ من الموت مراراً
كي أشهدَ أمام صحوك قيامتي
وعلى طريقكَ أبدأ الغناء
وأزرع خطوتي.