البروفسور عدنان عباس
حروف
الحرف يولدُ يَعثرُ،
يجثو على ضفَة اللسانِ مناجيا
كالطفل في كبَواتِه
يستلُّ ضلعَ شقيقه المُلقى
على بوابة الشفتينِ والمعنى
ولكنّ الظلامَ يُزيحُ ما في حلْمهِ
والشكلِ من مغزى
يعود الحرفُ منكسرا
فيلوي ضلعَهُ ألِفا وضلعَ شقيقهِ ياءً
وما بين النهايةِ والبدايةِ مركبٌ
مجدافه يتجدّدُ،
من أحرفٍ أخرى
وكلُّ تموّجٍ يُلقي به في اللجِّ يرفعه
ليغمسَ في شعاع الشمس رايتَه
ولولا حيرةُ الإنسان صارَ شراعُه
نورا وموطنه رؤى
الحرفُ يلعقُ جرحَه
ليلا يُدَوزنُ لحنَهُ
ليخوضَ في وحل الحياة مجازفا
مُعْرَوْرقا متثاقلا مستوحشا
لكنه لجناحه الشمعيّ يبقى ناسجا
يستنطقُ الأطيارَ بالتصفير لحظة حيرةٍ
حتّى يُحلّقَ عاليا
وإذا خيوطُ الشمس في إشراقها
تبدو المعاني سابحة.
وكما علِقْتُ أنا بتقويم السنين كحرفِ
بدءٍ كان مزمورا وأمسى فجأةً
بتقادم الأيامِ كُلّابا
بقاعِ الحنجرة.
يابوونّا(بولندا)، 16/03/2020
جماليّة الصورة وحيويّة الأفكار في قصيدة (حروف)
للشاعر هاتف جنابي
بقلم البروفسور عدنان عبّاس
الشعر عالم خاص يشحن بطاقات مخيّلة مبدعه ورؤاه، ويولد من نبع أفكاره ويشقى بهاجس البحث عمّا هو مثير في هذا الكون بما فيه كون الشاعر الذي هو كون قصيدته، يتوافر فيه خطاب بعينه، ويتواتر بأحداث ومنعطفات زمن مفتوح سواء أكان هذا الزمن واقعيّاً أم افتراضيّاً أم حلميّاً، ويستشرف رموزه ومشاهده من تجليّات الذات والحياة والطبيعة وما وراءها عرفانيّاًّ أو روحيّاً، ويستمدّ جماليّته من شعريّة صور وانسيابيّة أساليب تختزل اللغة بتشكيل فكرة أو رمز هنا ودال ومدلول هناك. الشعر من هذا النوع يداهمك بالدهشة، ويغمرك بالبهجة، ويفاجئك بالصدمة، وأنت تقوم بتقصّي خيار شاعره وملكة تجريبه ومبتغاه في الوقت نفسه. هكذا يداهمنا الصديق الشاعر هاتف جنابي بشعريّة نصّه الجديد (حروف)، وبمستوياته المتعدّدة والمركّبة، ويمتّعنا بمداد ما في مكنوناته وأوعية معانيه، ويحصّن ذهننا بآليّة بنائه وتقنيّة كتابته وموهبة إخراجه. كتب الشاعر هذه القصيدة بعد صدور ديوانه (صمت) مؤخّراً، وقبل أيّام من اخضرار ربيع آذار، في ظرف تخيّم فيه سوداويّة شبح كارثة (كورونا) على البشريّة، وضخّ فيها أفكاراً تضجّ بالمعاني، تحثّنا على التواصل مع الحياة بالأمل وعدم الاستسلام للإحباط والخوف، حتى وإن بمشقّة وجهد غير عاديين.
يستنفر هاتف في (حروف) ما في أعماقه من أفكار كي يتجلّى النصّ بهندسة مثلما يريدها، ويرتّب مسالكها بـ”حرث” مشاهد غير قليلة في أرضها، ثم يقوم بـ”بذر” معاني وتصوّرات فيها، ساقياً إياها بـ”ماء” لغوي يشفّ منه “كريستال” الأساليب والصور. يوجّه الشاعر خطاب هذه الحروف عبر إطار يولّف بين متطلّبات ذاته ومستلزمات صيرورة النصّ وتكوين الفكرة، نتلمّس في هذا النصّ تلك الوشائج القوية بين الكاتب – المبدع – الإنسان وحرفه – نصه – فكرته – معانيه، وتلك العلاقة بين حلم الذات الشاعرة بأن يكتسب حرفها – نصها أرجحيّة التماثل مع أفكارها والتناغم مع معاني ما تجيد به قريحتها من مغازٍ وانتشارها بعد التشكّل بطريقة مدروسة وسليمة. لا شكّ أنّ هناك علاقة بين تمنّيات الإنسان – المبدع ودورة الحياة وأسرار نواميس الكون وحركة الواقع الذي يحيط بنا، حيث تولد المفردة أو الفكرة وتتطوّر، تحيا أو يصيبها الوهن أو تعاني المرض أو تموت. هي أيضاً علاقة تربط من الجانب الآخر بين حرّيّة الشاعر وطموحه للخروج من قمقم العبوديّة (عبوديّة الفكرة والشكل) والانعتاق من هواجس التراجع والنكوص، والانتصار لكيانه ونصّه، فضلاً عن تخلّصه من منظومة عادات ماضويّة وأفكار بالية لا تلائم روح عصر ما بعد الحداثة المنفتح على ما هو جديد ومفيد من إنجازات عالمية في حقلي الأدب والثقافة، وإصراره على التشبّث بصداقة حميمة مع الطبيعة بتجلّيات سابحة فيها بعرفانيته الصوفيّة، وخياره في الدخول إلى “حلبة” تحدٍّ قائم على صراع بين مجموعة من القيم والمواقف، أو بين الواقع والحلم ومباهج الإنسان وعذاباته، صراع أزلي يرتسم بعذاب المبدع الذي يقود بدوره إلى عذاب الكلمة، فانتصاره وفرحه وشجنه وحرّيّته في انتقاء هذه الكلمة أو تلك أو “عبوديته” لها تنعكس على حرفه ونصّه وأفكاره. البحث عن الحرّيّة الأبديّة أو الخلاص ليس سهل المنال، ولكنّه يبقى وسيلة لتنقيب الإنسان – المبدع في أسرار الكون وطلاسم القصيدة، ومحاولاته في التجريب والاكتشاف ما دامت الحياة قائمة. إنّها دورة الأفكار بلْ دوّاماتها التي تفضي إلى نزوع منتجها للتشبّث بتحديد خياراته بقوّة إرادته، وطموحه بأن تصبح حرّيّة حرفه جزءاً من حرّيّته، وهو أيضاً طموحه الإنساني في (حروف).
الحرف في هذا النصّ ليس تشكيلاً جامداً بلْ هو كيان يتحرّك، يتنفّس، يتكوّن، يؤثّر في محيطه ويتأثّر، هو أيضاً الموقف، الكلمة، الفكرة، المشهد، الصورة، الرؤية، القصيدة – يجول في الذاكرة المتخيّلة ويتشكّل بأرق الإبداع، ويغتني بواقع الفكرة الجادّة ويتنازع مع غيره بجدليّة قيم محدّدة أو قيمتين متناقضين أو بعدين متقاطعين، مثلاً بين الفيض والقحط، التنوير والانفتاح على الآخر والتعتيم المنغلق على نفسه، الفطرة المهذّبة بالمعرفة والغريزة “المستنفرة” بالخواء. يحتدم الصراع كذلك في أثناء عمليّة بناء النصّ بين المبدع ومواصفات الصياغة، بما فيها حصانتها ومطبّاتها، وبين الذهن المستهلّ اتّساق فكرته بحرف، ومن ثمّ يستوي بتطوّره إلى كلمة، ويشقّ طريقه كعبارة، ويستقرّ كنصّ، هدفه الوصول إلى مبتغاه بيسر أو بخلافه، مثلما الكلمة التي تريد أنْ تنتفض على واقع ما تواجهه، وتصبح كالطائر، ساعية إلى التحليق بمعانيها والسمو بما تحمله من مغازٍ. “صناعة” القصيدة لا تأتي عفو الخاطر وبالفطرة فقط وإنْ كانت ملهمة بها، ولكنّها أيضاً عمل احترافي معقّد يخوض فيه الشاعر نزاعاً مريراً مع ذاته وقلمه، ويتطلّب منه تحديّاً محتدماً بالعناية ووعياً جماليّاً وأدوات وآليّات يحتاجها بناء النصّ الشعري الحقيقي، مثلما نجد ذلك في (حروف)، هذه القصيدة المركبة التي تجمع بين الولادة الأولى وأبجديّة عمليّة الكتابة ومسالكها وما تمرّ به من تجارب ومصاعب ومعوّقات، بما في ذلك عمليّة الإبداع المتمثّلة بالصياغة والبنية من جانب، وولادة الفكرة أو الأفكار من جانب آخر.
تولد كتابة الحروف فالكلمات أولاً على “الطين” مثلما جاء في تاريخ الكتابة، وتبدأ اللغة بالأصوات والإشارات، ويخضع ظهور قصيدة (حروف) بمشهد هذه الحروف أولاً انطلاقاً من عنوانها الذي “يتهجّى” كل حرف منها، لتمضي عمليّة بنائها وهي “تستقوي” بمساند كي تستقيم على أساس صلب، هي في الواقع متطلّبات تمرّ من خلال تقمّص الشاعر لحرفه – نصّه أو فكرته أو عبر تجسيد الثاني بالأول وبالعكس، و”تتباهى” بحلّتها في فضاءات منظّمة هندسياً وعناصر أخرى، وخصوصاً في شعريّة ملوّنة بالتشبيهات والصور الموزّعة بين الفنّيّة المستوحاة من الحالة النفسيّة للمبدع أو المنطلقة من وجدانه وشعوره، والبيانيّة المشكّلة بالاستعارات، ومنها التشخيصية المؤنسة للحرف وسواه من “المجرّدات” المتحوّلة تلقائيّاً إلى المحسوسات، وصولاً إلى تكامل الشعريّة التي تبحث عمّا هو جديد لخلق مشاهد مركّبة كي تنهض بالنصّ جماليّاً، تتخلّلها رموز بالإيحاء أو الإشارة، وخصوصاً الرموز الرئيسة، أو حتّى الرموز الصوفيّة، وبهذه الصور والرموز يتشكّل النصّ عادة. تكتمل عمليّة بناء قصيدة (حروف) بطاقات الوصف الاستقصائي المتفاعلة مع ديناميكيّة تعاقب الأفعال المعرفيّة – المضارعة المعبّرة عن حيويّة الفعل الإبداعي واستمراره، وسلامة مقوّمات الكتابة وثقافة شاعرها المعرفيّة، هذه الكتابة التي لا تلتئم في (حروف) إلّا بلغة ذات مواصفات بعينها، وبتوليف واعٍ للأفكار والأساليب والصور، ولا تنمو و”تترعرع” إلّا باستشراف زمن للكلمة وتنظيم فضاء لها، وإلا بإيقاع موسيقي للألف المقصورة في ثنايا سطور النصّ ونهاياته، فضلاً عن إيقاع التفعيلة بتدويرها. هاتف يدفعنا لكي نتواصل مع التحوّلات في بنية الحرف تاريخيّاً إلى حين اكتماله، حيث تجتمع أحرف أو حروف في كيان اسمه المفردة، وبوتقة اسمها العبارة ووعاء اسمه النصّ و”إكسير” اسمه السياق، وصياغة الفكرة المطلوب وضوح موقفها ودخولها إلى دائرة الضوء في (حروف)، والتوقّف كذلك عند “حكاية” هذا الحرف ودلالة ما يرمز إليه في مسيرة أجيال وتأثير منعطفات، وعند خيار المبدع وإحساسه العميق بلوازم العمل الإبداعي، ووعيه بمتطلبات الفعل الإنساني الخيّر في عالم يمور بمفارقاته وأضداده واضطراباته وأهواله.
تدفعنا جماليّة هذا النصّ إلى فهم كنه ما أراده الشاعر بعد إجراء نوع من “المسح الميداني” في متنه، نجد ونحن نلج عالم هذا “المسح” أنّ هاتفاً يخطو منظّماً في بناء النصّ ابتداءً من تماثله مع الولادة الأولى للحرف فالحروف وتعامله السليم مع عناصر بنية المفردة فالنصّ الضروريّة وعللها وانتهاءً بمرحلة نزف جراحه ومعاناته، وخفقان جوانحه من أجل كتابة قصيدة بالحبر والدم على السواء، وبعد أنْ ينجز هذه العمليّة، يطلق العنان لمفرداته كي “تتسرّب” إلى الآخر أو إلى هذا العالم بيقينيّة ولا تستسلم للفشل والنكوص، وإن كانت تعاني مشقّات هذا العالم ومشكلاته، وتثق بإمكانيّة كاتبها في ترتيب أولويّات حروفها، وأسس بناء القصيدة وعناصرها المكوّنة لها.
الحرف في قصيدة (حروف)، مثلما هو كذلك بشكل عامّ، له ذاته ككائن “حيّ” فاعل يتوالى بالتولّد دائماً عبر الكلمة أو الكلمات التي قد يتلاشى بعضها بعد ذلك أو يحيا بعضها الآخر بالتواصل، وهو أسوة بالنصّ، “يولد” و”يتعثر” و”يجثو” على إحدى ضفتي اللسان، فيخوض حالة مناجاة مشبهاً إياه بالطفل عندما “يكبو” ليستقيم ناهضاَ، فهو يجمع ضدّين في حالة واحدة، ويمضي بحركة زمنيّة أو مرحليّة بولادة “الطفل” المارّ بالعثرات فنهوضه من جديد فنضجه وبلوغه. والحرف أيضاً “يستل…”، فبانتزاع أحد ضلعي سنديه للنطق بـ”بوّابة الشفتين”، نجد أنفسنا أمام حركة انفراج الفم لـ”تمرير” كلمة (حرف) إلى فضاء آخر وهي متوثّبة بمعنىً يتنفّس مغزاه بإرادة مبدعه. والحرف في الواقع لا ينتزع ضلعاً إلّا بصورة تشخيصيّة يؤنسن فيها هاتف حرفه “المجرّد”، كما في النصّ كله، فهذا الحرف يعكس فعلاً إنسانيّاً، ويتدرّج بعمليّة ديناميكيّة وصولاً إلى المناجاة عندما يتجلى الحرف عرفانيّاً. صورة هذه الولادة تجمع بين ما هو “طبيعي” وما هو غير طبيعي “قيصري” وبين عثرات التعامل مع الصياغة والآخر كـ “بنية وأفكار”، ونجاح أو “فشل” الشعراء في مسألة التمكّن من البناء القويم أو استنباط الأفكار بسلاسة وتحفيز طاقاتها بثمر منتج وانتشارها، وقوّتهم أو ضعفهم في التعامل مع جدليّة هذه الأفكار من حيث رقيّها أو هبوطها، نجاحها أو فشلها، تأثيرها أو عجزها، تقدّمها أو تراجعها في دائرتي الاهتمام والتفاعل الإنسانيين.
وبقدر ما يواجه الحرف – النصّ – الفكرة ظلاميّة الإحباط والجفاف، فإنّه يسعى في الوقت نفسه إلى الخروج من شرنقتها، والوقاية منها أو إجراء عمليّة أو علاج للمفردات والمواقف التي تؤدي إلى الشطط وفقر المعاني المحاصر الجهل، فإنّه يحمل في ذات كاتبه تصرّفاً أو فعلاً قد يؤثر على بنيته وشكله ومغازيه، وحينئذٍ “ينكسر” محبطاً أو مهموماً، ولكنّه من الجانب الآخر قد “ينتصب” على مساند حروف أخرى تنهض ببنيته بحروف أخرى من أجل تصحيح المفردة أو النصّ أو الفكرة، بحيث يقوم أحدها بطي “ضلع من أضلاعه” بحرف آخر. والكتابة (تشكيل) في (حروف) تبدأ بحرف الألف وتنتهي بالياء في إشارة إلى تسلسل الحروف الهجائيّة العربيّة، وتنتظم خطوة خطوة (حرفاً حرفاً) لتتكوّن المفردة، مثلما تبدأ رؤية الشاعر أو مخيّلته بفكرة تتشرّب بالمعاني وتكتمل بها أيضاً، فـ”ضلع” البداية “الألف” يستند على “ضلع” النهاية بـ”الياء” وبالعكس، وبذلك ترتبط بداية التشكيل بخاتمته. وقد ينطوي النصّ على نفسه والفكرة على نفسها ويهبطان ويضعفان بالشطط والضعف والانحدار، وقد يستقيمان بموهبة المبدع ويصمدان بقوّة طاقات الفكرة الكامنة فيها، وفي هذه الحالة لا يغادر الحرف معناه على الرغم من المصاعب والمطبّات التي تعترض طريقه، وهو رفيق الفعل الإنساني، مثله مثل الكلمة التي تمضي في حركتها التاريخيّة والاجتماعيّة والفكريّة الشائكة وهي محمّلة بخيار وفكرة وموقف. يقدّم هاتف (حروف) نصّه إذاً بأطر صياغة منظّمة شاقّة، ويشحنها بطاقات تستقي ديناميكيّتها من دلالات أفكار ونزاع حادّ بين الانطلاق والانحسار، ويحرّك نبض تعاقب أفعال “الحركة” بأنفاس الصياغة المرهقة، وتوتّرات المعاني، ويحيي تدفّقها بفيض حياتي بحلوه ومرّه.
“يزوغ” الحرف من شفتي الشاعر ليدخل إلى دائرة المفردات والمعاني والأفكار عبر نوافذ متنوّعة، لا يستقصى مضمونه إلّا من مغازٍ تحتضن نور الكلمات المشرقة في مواجهة ما يثقلها من ظلام الكلمات النقيضة. مداده هو هذا الرمز المرسوم بمشهد منتج للعطاء المعرفي ورافض للتقهقر والانهزام، وآخر موسوم بطراوة الإبداع ضد اليبوسة الفكريّة والفنيّة. نحن أمام جدليّة يعبّر عنها هاتف باحتدام صراع بين النور والظلام، والمعرفة والجهل، والحياة والموت، هكذا إذاً “يتمرّغ” الحرف بموته “سريريّاً” أمام نقيضه المفعم بإرادة الحياة. يصوغ هاتف أسلوب التماثل والتقاطع بتشبيهات واستعارات تشخيصية يؤنسن فيها حروفه في النصّ بإشارات دالّة من ألفها إلى يائها بشعريّة تستنطقها أو تجعلها صامتة كما يريد، فللشفتين بوابة للكلام مثلما للحرف أضلاع تكوّنه “يتكئ” عليها ويكتمل بها تدريجياً، كالقصيدة التي تستند إلى ركائز ومسوّغات تكتمل بها الصياغة، ولكنّ الظلام أو الخواء “يزيح” ما هو سارح في الحلم والمخيّلة من معانٍ يراد تثبيتها. تأتي بعد ذلك صورة تشخيصية تؤنسن الانكسار عندما يحترس الحرف – النصّ من “معوقات” تواجهه عند بنيته، لأنّ للحرف أضلاعاً “أشقاءً” تجعله يصمد أمام حركة الشطط أو “الانكسار” اللغوي، كما أنّ للنصّ مقوّمات تحميه من الفجاجة والضحالة والبعثرة اللغويّة وسقامة الموضوع أو الفكرة أو الصورة، ومفهوم الشقيق يوحي كذلك بألفة عناصر بناء الكلمة، وأخرى معرفيّة عميقة تتّصف بالإخلاص بين المبدع وحرفه أو نصّه، كما أنّ العلاقة الرصينة والحميمة بين استهلال ولادة الكلمة وخطوات تشكّل النصّ شعريّاً وفكريّاً تشير إلى اكتمال هيكلة الكلمة بعناصرها المتعدّدة، بما في ذلك أفكارها على يد مبدعها، الذي يطرحها إلى التداول بثقة بين المتلقّين.
من جانب آخر، أرى أنّ الشاعر يحثنا بأن ندخل في مفارقات عالمه أسلوبياً، تلك التي تجري معها حركة البناء النصّي من خلال تجدّد حروف أخرى وأفكار غير متوقّعة ومشاهد صور فيها دفق من “مياه الأنهار والبحار” وتيّاراتها وتموّجاتها. الحرف أو الكلمة أو الجملة أو الفكرة أو القصيدة أشبه بالمركب بما فيه، تتكّون وتتجدّد بتناسق مفردات (حروف) وأخرى متشابهة أو مختلفة، “تفرح” هنا وتشجن “هناك”، وقد استوقفني في هذا المفصل استعمال جمع القلّة (أحرف) وليس جمع الكثرة (حروف) على الرغم من أنّ التشكّل لا تستقيم دلالته إلا بالثاني نسبياً، وأن ما جسّدته هذه الصورة يميل إلى “الإكثار” في مشاهد الحروف، فضلاً عن العنوان الذي جاء بجمع الكثرة، ومع ذلك يمكن النظر إلى جمع القلّة في متن النصّ من خلال الهدف من استعماله، الذي قد يكون إبراز أهمّيّة الحرف المفرد بذاته، في ضوء أنّ الكثرة تظهر من جمع المفرد مع المفرد والقليل مع القليل.
لا يتوقّف تجانس الحروف عند هذا المآل في الصياغة فقط، مثلما هي (حروف) الشاعر، بل إنّها قد “تتبعثر” لتلتئم من جديد، وقد يقوم الشاعر أيضاً “ببعثرتها” أحياناً عن قصد ليتوصّل إلى “خلطة” عطار ماهر يخرج منها بوصفة معافاة. والتجانس اللغوي الذي يخلص إليه الشاعر يرافقه بلا ريب تجانس بالأفكار، لأنّ الكلمة تبقى فكرة، ولا يتأتّى التجانس إلا عبر اختيار حروف تتماثل إيقاعياً وتتناغم بأجراس “تدقّ” بنبر المفردات والفضاءات. إنّ هذه التشكيلات “الحرفيّة” والإيقاعيّة والمعرفيّة تستوي على مشهد مركب له شراع متوازن، يعوم بحركة مجداف آمن بيد كاتب النص أو منتج الكلمة. بين الترابط في البنية أو المفردة أو النصّ وبداية التكوين وخاتمته نجد أنفسنا أمام هذا المركب الذي يشقّ طريقه بين الأمواج بـ”مجداف” الشاعر الذي “يتجدّد” بمفردات “حروف” أخرى وأفكار جديدة، لا تستسلم للتراجع وإن نازعها الألم وخيّمت عليها المعاناة. يتحوّل الشراع إلى راية تطال الشمس، والمجداف إلى عقل الشاعر الذي يجعل من الشراع – فكرة النص متوازناً وهو يحرّك مركبه باتّجاه النور – الشمس، ويتضح من هذه الصورة الشعرية وكأنّ الشاعر – الإنسان يصارع الأمواج ويكافح اللجج، ويحترس من أنْ “يتموّج” نصّه بين ما يعصف به أو ما يجعله ساكناً يمنعه من تحفيز طاقاته في الوقت نفسه، فضلاً عن أنّ الشاعر يمخر بمجداف مع “راية” تتحكّم بالدفّة حيث يريد، وحيث يحفظ توازن القصيدة كي تتحاشى الوقوع في الهاوية، ولكي تصل إلى برّ الأمان. تصبح الكلمة الجادّة مركباً، وهي تقتحم المصاعب بثقة ويقوى زخمها وهي تصارع أو تقتحم ما هو استثنائي، تجتاز المواجهة وتقبل التحدّي، فبالمصاعب والشدائد تبرز قوّة المفردة أو النصّ أو الفكرة لتمضي واثقة من خياراتها حتّى مرحلة رسوخها في ذهن الزمن. القصيدة الجادّة في (حروف) موطن للفكر، ينهض بها صانع بارع يقيها من الانحدار، وهي مركب الشاعر – كونه، والشراع يكاد يكون إشعاعاً لهذا الموطن الذي لا تهزّ أركانه الأمواج ولا تتهاوى في لججها، ويمكننا أنْ نستنتج هنا أيضاً صورة ما لمنقذ ما لهذا المركب أو البحث عنه على الأقل لإزالة الحيرة وإدارة دفّة المركب – الكلمة – القصيدة – الوطن – الهويّة، بسلامة وسلاسة في مواجهة ظلام الأفكار والتباس المفاهيم. هكذا نشاهد الصور وهي تتوزّع من استعاريّة بيانيّة إلى تشخيصية إلى تشبيه. فالنصّ أو الفكرة كالمركب له شراع – أسلوب ينظّم توازنه (النصّ)، ومجداف (مبدع) يبحر بمركبه في وسط “يتموّج” هنا وهناك ويمخر بشراع كراية محلّقة، ثم تكتمل الصورة بتشبيه الشراع بالنور، وآخر يصبح فيه الموطن كالرؤى. تتدفّق مفردة رؤى في خيال الشاعر لتعكس خزيناً من نظراته في بناء القصيدة وأفكارها ومعانيها بشكل تصويري، وليظلّل فضاؤها هذه الشعريّة المتمثّلة بصور أشبه ما تكون بمشاهد سينمائيّة ذات لقطات وإضاءات، ترتبط فيما بينها بمونتاج لوحة منسّقة بعناية، ومرسومة بريشة فنّان ماهر.
تتوالى الصور، بحيث تشاكس الكلمة ملاذها “موطنها”، والقصيدة قدرها، وتُثرى بهمّة ولواعج إنسانيّة، تحاول “تضميد جراح” التشكيل، توجّهه، إيقاعه، دهشته، ينهض هاتف بمفردات سهد لياليه، ويدخل إلى مظانّ آلامها عندما يداهمه النصّ بالكتابة، ويعزّز إيقاعات أفكاره بإيقاعات النصّ الداخليّة عندما “يدوزن” لحنه – يضبطه ويقومّه، وبعد أنْ يأخذ الأرق منه مأخذه في صياغة حرفه وأفكاره وشجنه، يصبح على يوم جديد مشحون بمتاعبه. يرفق الشاعر هذه الصور التشخيصيّة بأحوال تتوالى أو تتدرّج “استقصائياً” بشكل مباشر على مساحة تبدأ بالمخاطرة “المجازفة”، ثمّ تمرّ على “اغروراق” العينين بالدموع، فـ”التثاقل” بالاسترخاء أو الضجر بعد تعب، فـ “الاستيحاش” بما يزرع الوحشة في نفسه بسبب ضيق المكان أو الحياة، فهمّه هنا يتماهى مع همّ حرفه إنسانيّاً، لأنّ الإبداع يحتقن بأحوال مختلفة كالحياة التي تستوي بالانغلاق والانفتاح، والعسر واليسر، والإحباط والتفاؤل في الآن ذاته. يرى الشاعر أنّ لهذا الحرف “جناحاً” “ينسج” فيه طموحه أو كيانه للتحليق في صورة يربط فيها بين متوازيين – الحرف والطائر، أيْ بين الإنسان أو المبدع أو النصّ أو الفكرة من جهة والطائر من جهة أخرى. فالحرف (الإنسان) يمكنه أن “يطير” بجناح أو جناحين، ويمكن أنْ يطمح بالتحليق في الأرجاء، ولكنه مع هذا يواجه معضلات غير قليلة كالنصّ عند الصياغة، أو كالأفكار. عندما يذكر هاتف هذين الجناحين من الشمع فكأنّما يوحي لنا بمحاولات الإنسان عبر التاريخ للطيران وفشله في ذلك، أيْ إنّه ليس كالطائر المنطلق بثقة مع الطبيعة لأنه جزء منها، وبها يطاول ويحلّق، بينما يرى الشاعر الإنسان أو الكاتب غير قادر تماماً على هذه المطاولة على الرغم من محاولاته وأمله ببلوغ الفضاء بنصّه، فجناحاه يمكن أنْ يَمُوعا – يسيلا – يذوبا، بخلاف قوى الطبيعة الأزليّة التي تمتلك القدرة الفائقة بخلاف الإنسان، على الرغم من طموحه في صياغة قصيدته وفكره، فالإنسان – الشاعر يداهمه الواقع أو الأرض التي يستقرّ عليها ثمّ يعود إليها من محاولات “تحليقه”، والقصيدة تعود إلى “مثواها” أو “منتجعها” الأرضي من جديد.
تترسّخ شعريّة النص إذاً في هذا المقطع من صور الحرف الذي “يلعق جرحه” و”يدوزن لحنه” و”يخوض في وحل الحياة”، وتشبيه الحروف بالأطيار جامعاً بينهما بوجه شبه يعبّر عنه بالصوت (صوت الشاعر وتصفير الأطيار). فصوت الشاعر – النصّ يجاري تصفير الأطيار السابحة في كبد الفضاء وهي تجول في مجموعات بحرّيّة، يستنطق أصواتها بصوته في حالتي انطلاقه واسترخائه. يحلم المبدع أو الإنسان أنْ ينطلق بأفكاره في اختيار الوقت والوجهة عالياً كالطائر، ولكنه لا يبلغه مهما فعل، إذ يبقى الإنسان قاصراً أمام منطق الطير، ومع هذا يبقى محاولاً التحليق بنصّه ومعانيه وأفكاره. يبدو من المقطع كذلك وكأنّ الحرف لا يبلغ التشكيل المطلوب اليوم ولا يستطيع الوصول إلى مبتغاه بـ”تحليقه” والحصول على حرّيّته إذا ما قورن بالطائر، مثلما أنّ الأفكار لا تتمتّع بحرّيّتها تماماً لتنتشر مثلما يريد كاتبها. بناء المفردة أو النصّ والبحث عما هو جديد يواجه معوّقات اليوم بين الواقع الذي يعانيه والحلم الذي يريد أن يصل إلى مراده فيه. يمكن القول، إن النصّ أو الفكرة تسمو إذا كان لها مغزى أو منطق، وللطير كذلك منطق مثلما يرى فريد الدين العطار في كتابه (منطق الطير)، حيث يتناول الطير “روحانياً – صوفياً” من خلال رمزيّته، وهذه الرمزيّة للطير تعكسها (حروف) هاتف في هذا المقطع أيضاً. وهنا يمكن للقارئ أن يعثر على تجلّيات للطبيعة، غالباً ما كان الشاعر هاتف يلوّنها ويهرب إليها في قصائده ويعتبرها صديقته الحنون والمنصفة أمام خذلان الإنسان والواقع. وكثيراً ما ينتقل من هذه التجلّيات إلى تجلّيات الكتابة والفكر، فهو يشير بالرمز الذي يمكن استنتاجه صوفيّاً للإيحاء بالفكرة التي تصل مغازيها إلى الآخرين. وبقدر ما يشبّه الحرف أو مبدعه بالطائر المحلّق سمواً، يرجع ليتقاطع واقعه بالحلم حيث يهوي النصّ أو تمضي الفكرة إلى الهاوية، وهناك مسافة بين الحلم والواقع، أيْ بين المبتغى حلماً وتصوراً، وبين الموجود واقعاً، والفكرة تتراوح هنا بين هذين المجالين. يمكننا كذلك أن نتوجس حيرة الحرف – النص – الفكرة – المعنى، عندما تقوى المفردة وتضعف وفقاً لقوة وضعف كاتبها، وحيرة الإنسان أو المبدع مردها أنه يحاول البحث والتجريب بأمل الإتيان بما هو مهم وجديد ومثير، وقد حاول المبدعون ولكنهم انتكسوا، أو تساموا بالابتكار، وهي أيضاً حيرة أمام الكون وجوديّاً، تجمع بين اللايقينية التي ترافق المبدع في النظر إلى نصّه الذي يراه ربّما غير مكتمل، وتيهه وحيرته في تفسير ظواهر الطبيعة وأسرارها. الإنسان – المبدع يملأه الطموح بأن يسمو حرفه – مفردته – نصه بسموّه، يحلم بأنْ ترتقي أفكاره بمغازٍ ودلالات، تشرق كإشراقة الشمس ونسيج خيوطها الذهبية، التي ترفد المعاني بطاقات منه كي تظهر وهي متنقّلة في هذا الكون وسابحة في فضاءاته الرحبة كالأطيار المنتظمة في مجموعات، تتحرّك وهي عارفة باتّجاه تنقّلها وزمن هجرتها. وهكذا ينسج الشاعر مشاهد صورته على شريط سينمائي رائع يتّصف بشبكة من الإضاءات بفضاءات “الاستنطاق” و”التصفير” و”التحليق” و”الإشراق” و”السباحة”، مستعيناً بمقارباته وأصوات أطيار وهندسة خيوط شمس ومغازي معانٍ وتواتر حركات، وكأنّنا إزاء تجسيد لعلاقة لا تنفصم عراها بينه وبين الطبيعة، أو بين الإنسان والفكرة والحلم، وتترسّخ هذه العلاقة في عالم تشعّ صوره ببريق هذه الطبيعة وزهوّ “ملائكتها”، وشغف الشاعر في البحث من خلالها عن مملكة جديدة مزهرة، هي مملكة الإبداع.
تشير خاتمة القصيدة إلى استعانة هاتف بفكرة ما من أحد الموروثات الدينية – العهد القديم كمزمور الخلاص، وإفادته من أسلوب التناصّ من العهد الجديد – إنجيل يوحنا، والمتمثل بـ(وفي البدء كان الكلمة). فالكلمة كانت حرفاً ففكرة فقصيدة، ويمكن أنْ يكون الحرف نشيداً للمسرّة، ثمّ يغدو “كُلّاباً” يمزق حياة المبدع ويؤذيه عبر مشاكسة الحروف لبعضها البعض الآخر، فتتحول هذه المشاكسة إلى نزيف. يشبّه الشاعر الحرف بهذا الكُلّاب – المهماز أو الحديدة، مشيراً إلى رمزيّة ألم الصياغة وقسوة المحيط الذي يترعرع فيه، كما يصبح “قاع الحنجرة” مكاناً تضيق فيه سبل الانفراج بغصّات الشاعر، فضلاً عن معاناة الكتابة في أجواء يخيّم عليها الشحّة والظلام، كما يستشرف الشاعر هنا مأساة المبدع وحرفه الصادر من وجدان يقظ، وذهن متوقّد بفكر جادّ وموقف صادق لا يستسلم لقحط المفردات وظلام المحيط. نجد هنا أيضاً تشبيهاً ثانياً ابتدأ فيه خاتمة نصّه عندما شبّه نفسه أو المبدع بالحرف، حياته هي حرفه وفكرته، مصاعبه هي مصاعب الفكرة – النص، همومه هي هموم ما حوله وهموم النظم والابتكار، ودوره هو دور ولادة الفكرة إنسانياً وتطوّرها فتأثيرها من النواحي السيكولوجيّة والاجتماعيّة والكونيّة. يتحوّل الحرف من مزمور – نشيد الشاعر الممتلئ بالحياة والنفس الجيّاشة بالأمل، إلى منغّص يمزّق النص وتنزف به حياة الشاعر، وبتشبيهه الحرف بالمزمور ومن ثمّ بالكلّاب الذي يستقر في “قاع الحنجرة” – الموقع الذي ينتهي اللسان الناطق بالفكرة إليه، يكون الشاعر قد قدّم متضادّين يعكسان قدر المبدع الذي يتراوح بين بهجة الحرف والحياة ونزيفهما أيضاً.
هذا التكنيك المنتج والمخيّلة السابحة في آفاق النصّ الجامع للجدليّات والمشاكسات وما يدخل فيها من مفارقات، وهذه العناصر الداخلة في قصيدة (حروف) المركّبة من مستويات عدّة، وهذه الموهبة التي تتعامل مع الحرف بعيداً عن النمطيّة، وتتفاعل معه بقواعد الكتابة الحقّة، وتغتني بسنوات من التجريب والحرّيّة في اختيار الشكل، وهذه الصور التشخيصيّة التي تتخلّلها الرموز، التي تربط الحرف بمبدعه – بالإنسان، وبالطبيعة الحية “الأطيار”، والأساليب التي تشكل أسساً راسخة لشعريّته، وبالتدوير بالتفعيلة الذي يضيف على متن النصّ حلّة إيقاعية، كلّ ذلك يقودنا إلى القول إنّ هاتفاً يدير دفة “مركبه” – حروفه – مفرداته – نصّه – أفكاره، بسلام ومعرفة واعية في محيط مضطرب وأجواء مشحونة بالمتناقضات، وإنْ كانت هذه العمليّة تعاني المصاعب والمشقّة وتصارع قدرها بقدر ما تصارع نقيضها، يوازن فيها حركة “الشراع” من أجل ضبط إيقاع “تموّج” مركبه، والمضي بثقة وسط حركة ما يجابهه من تيّارات. التحوّل من مزمور أو نشيد للخلاص، إلى مهماز تنزف به حناجر الملاحقين بعذاب الصياغة وقدر المفردة في واقع غير مؤاتٍ تماماً، يضعنا أمام شاعر يجعل من تقنيّة ما يكتب إطاراً لنصّ ماضٍ بالفكرة بثقة بلا توجّس أو خشية، محافظاً بذلك على جماليّة تشكيل صورة هذا النصّ وبنيته وأفكاره، وموزّعاً إيقاعاته بانسيابيّة تتّسق مع انسيابيّة لغته وأساليبه. الشاعر هاتف في هذه القصيدة يمتلك آليّة التجريب بجدارة ويدهشنا بكسر أغلال الروتين بكتابة قصيدة مركبة تتآلف عناصرها بمونتاج الصياغة، وهو بقدر إجادته في هذا النوع من النصوص، يدرك بعمق أهمّيّة إرهاصات الحرف وولادة الكلمة والفكرة، ودور النصّ الواعد بالتغيير والفكر النيّر في تقدم حركة الإبداع وحرّيّة الإنسان.
في 25-03-2020