قرار حجب المواقع الاباحية- هروب من ارض الواقع الى الفضاء الافتراضي
احسان جواد كاظم
اثار تصويت مجلس النواب العراقي على قرار حجب المواقع الاباحية على الانترنيت ردود فعل متباينة. فقد وجده البعض في غير وقته, وعدّه البعض هوساً غير مبرراً بمسألة ثانوية, بينما تواجه البلاد تحديات مصيرية وضرورات حياتية مهمة كان ينبغي على مجلس النواب وضعها في اولويات نشاطه البرلماني, لا الانشغال بمسائل هامشية, كهذا القرار.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه النائب عن التحالف الوطني الحاكم والمبادر لعرض القرار على المجلس عبد الهادي الحكيم :” ان حجب المواقع الاباحية يعد جزء من حركة الاصلاحات التي تبناها مجلس النواب لصلاح المجتمع”. اعتبره الكثير من المواطنين قراراً غيرذي معنى, وان تمريره جاء للتهرب من استحقاقات فرضتها انتفاضة ابناء شعبنا ضد الفساد والتي عجز المتحاصصون في السلطة وائتلاف السيد النائب بالخصوص, الذي يعتبر اكبر كتلة برلمانية في مجلس النواب من تحقيقها. وانها عملية ابتزاز وارهاب للبعض, اما انك مع حجب هذه المواقع او تكون ضد القيم والاخلاق الحميدة.
ولانعتقد بأن النائب الحكيم متيقين من ان قرار حجب المواقع الاباحية سيقوم بما لم تستطع الدعوة الاسلامية خلال 14 قرناً من تقويمه في سلوك المسلمين.
وقد ارجع السيد النائب اصدار القرار الى ارتفاع نسب الطلاق والاحجام عن الزواج عند الشباب العراقي وارتفاع معدلات الأغتصاب والتحرش الجنسي, للتأثير السلبي لهذه المواقع, مع ان الجميع يعلم بأن اسباب هذه المشاكل الاجتماعية والاخلاقية اكبر من مجرد متابعة مواقع اباحية على الانترنيت, فالفقر والجهل والبطالة والعنف ضد المرأة واباحة نكاح القاصرات, وقوانين الاحوال الشخصية الجائرة, هي ما أدت الى هذه المشاكل. كما ان ما يفند الادعاءات المساقة اعلاه, ان نسبة متابعة العراقيين لهذه المواقع من حيث الوقت, حسب دراسة لموقع اباحي عالمي يرتاده نحو تسعة ملايين شخص يومياً من مختلف انحاء العالم, هي الاقصر وتبلغ 5.30 دقيقة, مقارنة مع اوقات زيارة مواطنين من دول عربية واقليمية اخرى. فهي تبلغ من السعودية 8.23 ومن ايران 8.28 وهما طرفا الصراع الطائفي الديني الاكثر تزمتاً في المنطقة واللتان تطرحان نظاميهما بأنهما الاكثر تمسكاً بعرى الدين. وهذا ما يعني بأن مقترحي القرار يحاولون فرض قناعاتهم الفكرية والايديولوجية على المواطنين, ويسعون من خلال تصويتهم على القرارالى تسويق ذواتهم بأعتبارهم محامين اشداء عن الاخلاق وقيم الدين.
ومما ورد من الأسباب الموجبة لهذا الحجب هو” نشر هذه المواقع للرذيلة بين طوائف المجتمع العراقي بالصوت والصورة” مع ان هذه المواقع ليست موجهة الى جهة محددة دون اخرى وهي لاتفرض على احد ارتيادها ومشاهدة افلامها الفاضحة بل هو اختيار شخصي بحت.
وكان حقوقيون قد اشاروا الى أن ما صوت عليه مجلس النواب في جلسته 22 هو مجرد قرار وليس قانوناً لذا فهو لن يكون ملزم التنفيذ, وهو امر لايمكن ان يكون قد غاب عن بال اصحاب مقترح القرار والمصوتون عليه, وهذا ما يعزز الشكوك من وجود دوافع اخرى ليس منها الفضيلة وحماية الشباب العراقي من الانحراف, وانما اسباباً سياسية خفية.
ويبدو ان مقترحي القرار لم يحسبوا جيداً التكاليف العالية والتي تقدر بملايين الدنانير لتنفيذ عملية الحجب في ظل خواء خزينة الدولة بسبب الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد, اضافة الى عدم توفر الامكانيات التقنية المناسبة لحجب هذه المواقع وانتشار برامج فتح الشيفرات المعطلة لهذا الحجب.
لقد استعاض ممثلو الشعب في مجلس نوابنا عن عقد جلسات خاصة, على ارض الواقع, لمناقشة سبل تخليص بنات العراق المستباحات لدى ارهابيي دولة داعش الاسلامية بالهروب الى الفضاء الافتراضي لمحاربة الاباحية.
انهم يحاولون اقناعنا, من خلال اصدار هذا القرار الغيرذي شأن بأنهم حماة العفة والشرف والاخلاق بعد ان سقطت سمعتهم الى الحضيض بسبب سرقتهم للمال العام ومصادرتهم لحقوق وحريات ابناء الشعب والاستهانة بمطالب التغيير الديمقراطية.
قرار حجب المواقع الاباحية- هروب من ارض الواقع الى الفضاء الافتراضي
اترك تعليقا