قبل صافرة العدم
——————–
1
في زمن الحجر
أتوجس خيفة من ظلي
أجفل أمام المرآة
أنفر من يديّ
أتحاشى القريب والغريب
أنبذ القبلة والعناق
وأحيي البقية بالإيماء
أخزن الرمق في ثلاجة الأحياء
وتوا أغلق الباب دون العالم
لأدمن أقنوم الماء والصابون
لأطل من شقوق الشباك على فراغ مهيب
وحده الخلاء يصول ويجول
في حينا المهجور
أهي الحرب العالمية الثالثة يا ( سنودن ) ؟؟؟؟
أهي القيامة يا ( جلجاميش ) ؟؟؟
2
قبل صافرة العدم
لن أكتب أية وصية
لن أطمر نفسي في الأقبية
لن ألعن خفاشا في الصين
لن أضع كمامة ضد مجرى الهواء
سأنتظر المجهول بلامبالاة سلحفاة
سأمشي على أخماصي من غرفة إلى غرفة
سأغني أغنيتي الأثيرة في الشرفة
سأسلي نفسي بإعداد الشاي الأخضر
سأقتل الوقت بفرز حبات البازلاء
سأحضن الشمس كعبادها على سطح البيت
سألوح للنوارس بشارة الحب
سأنقب في ألبوم الصور
للسفر عبر الزمن
إلى طفل على صهوة قصب
تستهويه الغميضة
و يتدحرج وكرة القدم…
3
قبل صافرة العدم
سأفرد أجنحة لشطحاتي
لأطير عاليا …بعيدا إلى نواتي
بي حنين جارف إلى هيولاي
فيا نحات شكل من هلامي نصبا للريح
تمثالا لخيط شعاع
حولني إلى شيء أو لا شيء
يا شاعر أنشدني مرثاة لأنفاس الحياة
مرثاة لشجرة مجهولة في الأمازون
أو انقشني وشما على جبين آخر هندي أحمر…
يا عازف اعزفني سوناتا لمعراج الشهداء
رقصة باليه لدراويش الفراشات
يا ريشة ارسميني جدارية ( بانكسي ) على بوابات موكادور
قوس قزح على جبال الأطلس
لوحة ( الصرخة ) على أسوار المدينة العتيقة
يا يد فلاح تلقح الحقول
ازرعني شتائل بابونج
أو أشواك صبار على حافة واد…
4
قبل صافرة العدم
سأسكر بثمالة الوجود
سأقشر قشوري
سأسلخ عني أقنعتي … ألقابي
لعلي أموت بعدوى الإنسانية…!!!
5
قبل صافرة العدم
سأصيح ملء الصمت:
أيها العالم…
لا تنقرض قبل أن أغرس الصبار …
6
قبل صافرة العدم
الشاعر ينسلخ عن الأشياء
يعتزل العالم
يستوطن اللغة
يتدثر الكلمات
ويعلن القصيدة إكسير الحياة….!!!
7
قبل صافرة العدم
أعتزل العالم مع المعتزلة
أحجر على أنفاس الحياة
أطل على مدينة مهجورة
أتأمل أقفاص الأحياء
أرى عدوى الحياة تمور تحت الرماد :
ثمة هواء رطب ينفلت من سخام الدخان
ثمة شجرة نجت من فأس الحطاب
ثمة جدول هادر يجري بين حواشي القفار
ثمة سنابل أخطأتها أسراب الجراد
ثمة أجنحة تتملص من طيش الرصاص
ثمة نملة تصيح في الطابور ( ادخلوا مساكنكم )
ثمة صرخة حياة عصية على حفار القبور
ثمة بهلوان يسخر من كيمياء الانقراض..!
……………………
– عبداللطيف ديدوش / موغادور / المغرب.
26 مارس 2020
2020