في العراق.. هؤلاء الأوفر حظا لشغل مناصب الرئاسات الثلاث
صلاح حسن بابان
في خضم النزاع القائم إزاء نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية التي أجريت بالعاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، يبرز الحديث عن أسماء الشخصيات المطروحة لشغل المناصب الرئاسية الثلاثة في البلاد.
ووفقا للمحاصصة السياسية في البلاد المعتمدة منذ العام 2005، فإن منصب رئاسة الوزراء هو من حصة المكون الشيعي، ورئاسة الجمهورية للمكون الكردي، ورئاسة البرلمان للمكون السني.
وتتنافس قوائم شيعية عدة للظفر بمنصب رئاسة الوزراء من خلال التحالف مع قوائم أخرى لضمان موافقة 165 نائبا في البرلمان الجديد لتسمية مرشحها لرئاسة الوزراء.
ورغم عدم وجود مرشحين واضحين حتى الآن، لكن هناك تداول لعدة أسماء داخل البيت الشيعي لرئاسة الوزراء، أبرزهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ومحافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، والوزير السابق محمد شياع السوداني، ومحافظ النجف السابق عدنان الزرفي، وحسن الكعبي نائب رئيس مجلس النواب السابق، وسفير العراق في لندن جعفر الصدر، والوزير السابق نصار الربيعي، إلى جانب رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.
وأمّا في البيت الكردي، فانحصرت الأسماء ما بين رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح عن الاتحاد الوطني الكردستاني، ووزير الخارجية الحالي فؤاد حسين، ووزير الخارجية السابق هوشيار زيباري، بالإضافة إلى رئيس إقليم كردستان الحالي نيجيرفان البارزاني من الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وبالانتقال للبيت السُني، فلم يطرح أي منافس حتى الآن لرئيس مجلس النواب المنحل محمد الحلبوسي، وهو المرشح الأوفر حظا لشغل المنصب ذاته لولاية ثانية باعتبار كتلته جاءت بالمرتبة الأولى في عدد المقاعد بين الكتل السُنية.
مرشح التيار الصدري
يسعى التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر -والذي جاء في المرتبة الأولى بواقع 73 مقعدا بالبرلمان (وفقا للنتائج الأولية) من أصل 329 في الانتخابات الأخيرة- إلى تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا لتشكيل الحكومة الجديدة، لكنّ لم يتم الاتفاق حتى الآن على شخصية معيّنة لرئاسة الحكومة لأنّ ذلك يحتاج إلى توافق داخل البيت الشيعي.
إلا أنّ النائب السابق عن تحالف سائرون في مجلس النواب علي اللامي يؤكد أنّ الشخصية الأفضل والأوفر حظا بالمرحلة الحالية لشغل رئاسة الوزراء داخل البيت الصدري هو جعفر الصدر في حال كان هناك توافق من الكتل الشيعية.
حظوظ المالكي
لا يخفي النائب الفائز في الانتخابات الأخيرة محمد الصيهود عن ائتلاف دولة القانون (حصل على 34 مقعدا) وجود حظوظ كبيرة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي بأن يكون مرشح القوى المحسوبة على الفصائل والحشد الشعبي المنضوية فيما بات يُسمى بـ”الإطار التنسيقي” وهو يسعى لتشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا والإعلان عنها قريبا لتشكيل الحكومة الجديدة.
ومع ذلك، يرى الصيهود -في حديثه للجزيرة نت- أنه من السابق لأوانه الحديث عن شخصية رئيس الوزراء القادم. ويؤكد أن الأهم في هذه المرحلة هو تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا، والتي يسعى إليها ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي.
الصراع الكردي الكردي
كرديا، يدور الصراع بين الحزبين الكرديين الكبيرين في العراق -الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني- على منصب رئاسة الجمهورية.
وقد أشاد نصر الله سورجي -عضو المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكردستاني (أُعلن فوزه بـ16 مقعدا في الانتخابات الأخيرة)- بدور حزبه في الحفاظ على العملية السياسية بالعراق من خلال وجوده في رئاسة الجمهورية.
ويقول إنّ المهمة الأبرز لحزبه في بغداد تكمن بتأمين حقوق شعب كردستان من الميزانية ورواتب الموظفين وتطبيق المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها بالدرجة الأساس.
وأمّا توزيع المناصب -وخصوصا السيادية منها- فيعتمد على طبيعة التوافقات السياسية بين الأحزاب الكردية في الإقليم وخاصة الحزبين الكبيرين.
ويضيف سورجي -للجزيرة نت- أن هناك اتفاقا سياسيا موقّعا بين حزبه والحزب الديمقراطي منذ العام 2005 يتضمن أن تكون رئاسة الإقليم من حصة الديمقراطي، ورئاسة الجمهورية من حصة حزب الاتحاد، موضحا أنه في حال رغب الحزب الديمقراطي الحصول على منصب رئاسة الجمهورية فعليه التنازل عن منصب رئاسة الإقليم.
أما العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام فيرى أن حصول حزبه على منصب رئاسة الجمهورية لا يتبعه تنازله عن منصب رئاسة الإقليم، مشيرا إلى أن حزبه فاز بـ33 مقعدا في الانتخابات الأخيرة.
وأضاف سلام للجزيرة نت أن حزبه مرّر منصب رئاسة الجمهورية للاتحاد الوطني عام 2018 حتى لا يضيع على الكرد هذا الاستحقاق، ولكن المعادلة ستختلف هذه المرّة بعد تنازله عن كثير من المناصب والمقاعد منذ تمتّع كردستان بالحكم الذاتي عام 1991، ويُشير الى أن توزيع المناصب سيكون حسب الدرجات التي يحصل عليها كل حزب بالاعتماد على عدد مقاعده البرلمانية.
يشار إلى أن حزب الاتحاد الوطني حاز منصب رئاسة الجمهورية خلال 4 دورات متتالية، ولكن في الدورة السابقة انشق الصف بين الأكراد وكان لهم مرشحَين؛ هما برهم صالح من الوطني الكردستاني، وفؤاد حسين من الديمقراطي الكردستاني، إلا أنّ البرلمان العراقي اختار برهم صالح وأصبح رئيسا لجمهورية العراق.
واعتبر المحلل السياسي كوران قادر أن اختيار صالح لدورة ثانية يعتمد على أمرين، الأول باتفاق الأكراد فيما بينهم، وأما الثاني فيكون مرهونا بعمل حزبه وهو الاتحاد الوطني والاتفاق مع الأطراف العراقية في البرلمان لمنح ثقتهم بمرشح الحزب.
ويضيف قادر -في حديث للجزيرة نت- أنه في حال ذهب المنصب إلى الحزب الديمقراطي، فالتوقعات في المقام الأول ستذهب لاختياره من عائلة البارزاني والأقرب لذلك هو نيجيرفان بارزاني.
الحلبوسي ورئاسة البرلمان
يقطع الدكتور سعود المشهداني -وهو قيادي بارز في تحالف “تقدّم” الذي يتزعمه الحلبوسي- الشك باليقين بتأكيده أنّ الأخير هو مرشحهم الوحيد لشغل إحدى الرئاستين الجمهورية أو البرلمان.
ويقرّ بأن تحالفه سيحصل على إحداهما كاستحقاق، رغم وجود بعض الخلافات من أطراف سياسية على نتائج الانتخابات.
أما المحلل السياسي علي البيدر فيرى أن الحلبوسي يمكن أن يعاد ثانية إلى رئاسة البرلمان، لكن يشترط لذلك إبقاء تحالف تقدّم (38 مقعدا) الذي يتزعمه متماسكا، ويضمن بذلك التمثيل الأكبر داخل المكون السُني.
لكن البيدر لا يستبعد -في حديثه للجزيرة نت- أن يكون هناك “فيتو” على تولّي الحلبوسي الولاية الثانية من قبل خصومه الذين رفضوا قانون الانتخابات الأخير؛ خصوصا فقرة توزيع الدوائر الانتخابية التي أضعفت حظوظهم وقوّت حظوظ الحلبوسي.
وعن احتمالية أن التبادل في منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان بين السنة والكرد، استبعد البيدر تنازل الكرد عن رئاسة الجمهورية، مشيرا إلى أن رئاسة البرلمان مسؤوليتها مشتركة وقرارها جمعي.
الأوفر حظا
يحسم الدكتور عصام الفيلي -أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية- الجدل حول رئاسة البرلمان ويقرّ بأنها شبه محسومة للحلبوسي.
أما رئاسة الجمهورية فهناك مسار جدل بين الحزبين الكبيرين في كردستان، وكلاهما يسعى لفرض مرشحه، لكنه يشير الى أن مرشح الديمقراطي الكردستاني أكثر حظا، وذلك لحصول الحزب على المقاعد الأكثر في البرلمان بين الأحزاب الكردية في الانتخابات الأخيرة، بالإضافة إلى وجود مساحة واسعة لتبادل المناصب داخل البيت الكردي.
ويرى الفيلي -في حديثه للجزيرة نت- أن هوشيار زيباري وفؤاد حسين ونيجيرفان البارزاني هم المرشحون الأوفر حظا لرئاسة الجمهورية عن الديمقراطي.
وأما عن رئاسة الوزراء، فيشير إلى الكاظمي وجعفر الصدر بالإضافة إلى نصار الربيعي والنائب الفائز حاكم الزاملي مع احتمالية أن تكون هناك امرأة وهي النائب السابقة ماجدة التميمي لشغل المنصب.
المصدر: الجزيرة