فلسفة الميلاد
في يوم ميلادي أشعر بأنني في حالة غريبة تستدعي التفكير من بداية المشوار والصرخة الأولي كما يطلق عليها ونشعر بها مع أي مولود جديد يفرحنا رغم أنه يبكي قبل أن يفتح عيناه
لدنياه وهو لا يعلم ما ينتظره فيها وكيف ستسير أموره بعد ذلك وهذا أمر يجهل به الكثير ويقال عنه الأكثر حسب كل طبيعة ودين وما يحدث عبرهم وفيهم وهنا ضع مليون ميم وميم كي
لا نقع في سجالات وخلافات ولكن الواضح كما الشمس أنه يولد انسان ويتبع من يتبناه والغالبية تقع على الأب والأم عبر مسؤولية ومواكبة وتكبير ولو طرقنا باب لمجرد طرق صواب وليس
خيال لو ولد طفل في بيئة معينة مثلا لدين أباه وشائت الظروف والقدر أن يحيا بعيد ممن تسبب في الانجاب بالطبع سيكون مثل من رباه وهذه معادلة تثبت حقيقة ليس لها علاقة بالجينات
عندما يكبر الطفل يكون قد وقع تحت ارث معين ومورثات سكنت وعششت في عقله وقلبه وروحه حسب ما يراه ويشعر به ونادر من يخرج عن هذا السياق ويغير جلده وخصوصا دينه ومعتقداته بعد
زمن ينضج فيه العقل والجسد وان نظرنا للعالم نشعر بأهمية الصراع الداخلي وما ينطلي علينا من طمس وتغييب يمنع التحليق بأفق عالي تحت دريعة الحياة والقدر أينما تواجدت أنت .!
ذاكرتي تعيدني لكل شيء للطفولة للمخيم للأصدقاء للبيت مثل شريط العمر يمر في ثواني أو عبر دقائق تصور فيها مشوار وتاريخ وهنا قد يصيبك احساس بمن فقدت وهذه سنة الحياة كما هي
تسير ولم تتوقف عند أجد وانت بدورك تكمل المشوار وتنجب اطفال وتفرح وتحتفل معهم لأنهم يكبرون أمامك وتفخر بهم وبكل يوم يحييهم ويسعدهم حسب ما يتوفر من امكانيات قدر المستطاع
ولو خير لأي أب يوفر كل ما يراه مناسب لهم حسب تربية وأصول وقناعات وان كانت في بعضها أمر مركب لأنك تخضع لمجتمع له تقاليد واعراف تلزمك وتجبرك على التقيد بها سواء اتفقت أو
لم تتفق ولا تستطيع مجابهة الكل لأنك تصبح في نظرهم تغرد خارج السرب وهذه الاشكاليات دوما تصيب خصيصا المجتمعات العربية والمسلمة أكثر من غيرها وهذا ليس نفي لأي شيء ويحدث عند
الغرب كثيرا ويحتاج فحص وعلم ودراية كاملة لمن يساعدهم وهم يتفوقون ويتقدمون أكثر منا على جميع المستويات من العلم للثقافة للصناعة لكل ما تتخيله أذنك والشمس لا تحجب .!
هذه معلومات بسيطة جدا والجاهل والمتخلف وحده من ينكر ويصور كأننا أسياد العالم وهذا أحد الأسباب لتجهيل أجيال وأجيال على مر العصور والتاريخ لن يرحم ويكشف المستور مهما
طال سواء في الحكم أو في العقلية التي لا تريد لنا الاستيقاظ من نومنا ونحن نفكر ونسأل لماذا هذا فقط يحدث لنا وهل ترك الحياة يريح أحد بعدم التوفير لأي مقومات وعليك التعامل
مع فقرك وكأنه أمر إلهي ولا يجب تغيير ذلك ومع هذه الأحداث يتحول الحلم لسراب ونحن في ذات المكان نغوص في الوحل ولا نقدم ما يساعدنا لننقذ بعض ونوفر الأفضل لمن يولد مجددا .!
تخيل كيف لجنين يسمع حكايات وروايات الوطن من الأباء والأجداد وهم لاجئين ومشردين ومطرودين من أرضهم بالقوة ولا يملكون قوت ولا غذاء ولا بيوت ومن خيمة لخيمة لمخيم هنا وهناك
وثورتنا ودفاعنا عن حقوقنا هي بمثابة نطح السماء ونحن ندفن الرؤوس في الرمال كما النعام بين ما نحمله من فرقة ومن عدة رؤيات وزوايا مختلفة لا تتوحد مهما تصارعت وتكذب على
نفسها في مخيلة الجماهير بسماع الخطابات والشعارات لأمة وشعب ووطن يتعدد فيه الرايات والاحزاب والحركات من اليمين لليسار للاسلام وخلط الأوراق يربك ويزيد حرقة الناس بين متاهات
وغضب أو ترك الساحات وتحولها لغابات ملونة وموحشة في تصلب عنصريتها وقبليتها وغيرها مما يفسر واقع العرب الذي يصعب تفسيره والكل يتعامل معهم ضمن تصنيف عالم ثالث يحتاج
للتحرر والتعلم لينعم في حياة الرخاء والسعادة .!
يعود السؤال هل نفرح في الميلاد أم نحزن .!
الفرح يخص الصغار أما الكبار لا يفرحون به كثيرا وعندما تنظر في المرآه تعلم كم كبرت وتغيرت ورحل عنك المقربين وانت على عاتقك اسعاد الغير وتغيير من حولك لتثبت أنك نجحت
نوعا ما وفي العقلية العربية يعتقدون المسألة مرتبطة فقط في الزواج والخلفة بكثرة أكثر ما تثبت به أنك حاولت تحقيق شيء من حلم ويقين يطاردك لأجل التحرر والتحرير الكامل.!
أقول هذا لأني من وطن محتل ومن صرخة الميلاد الأول وأنا كما أنا في صراع وتمرد على ذاتي ونفسي وتغيير غيري لأجل توحيد طاقات تصب في مصلحة الجميع وتعود خير ونفع ولاحظ كيف الأنا
تسيطر علينا ولا نقول نحن وهذا ما دفعنا لمراجعة الأيام ومن يصدق فيها يترك وحده لصراع الريح .!
كيف نستريح ونحن نعاني الأمرين بسبب البعض وخيانة الدم على مستوي العرب للعرب .!
الأعراب تصدرت كل شيء بخس ولم تنقذ أحد لا فلسطين ولا غيرها وخد من العراق لسوريا للبنان واليمن وليبيا وما يحدث من تطبيع وقتل للروح الوطنية بسبب قلة الانتماء وغياب الضمير
من النكبة للنكسة مليون تعريف وحياة لا توصف بحياة مهما تكررت صرخات الواقع ونحن ننتظر شمس الحق لتشرق رغما عن أنف الكون ولأنها سيدة العالم والديانات ان راق لكم المخاطبة
كيفما تشاؤوا لكسب العاطفة فقط والأرض تناجي مع احتضان السماء وتسأل من السبب وعلينا العودة لرشدنا يوما لنفكر أين أصبنا وأين أخطأنا وماذا علينا فعله كي نحرر عقلنا مثلا
وقتها سنكون على موعد حقيقي ولن يتأخر علينا وهل سنحيا لهذا اليوم أم سنرحل ونترك الوصية لأبنائنا من بعدنا كما رحلوا عنا من قبل وأوصونا بأن فلسطين لنا وسوف تعود يوما .!
ماذا يتطلب منا كي نسرع ونعد العدة بشكل حقيقي وليس لمجرد فكرة بدأ الكثير ينفر منها ويهرب عبر قول هذا خيال وأمر غير واقعي في عالم اليوم الذي تحكمه المصالح والقوة
الغريب أن خارطة الوطن العربي تفرض نفسها كقوة ولكنها مثل صورة سريالية مبهمة تحتاج لكشف وتوحيد كي تعود أمة صادقة مع حقها ولكنها تبيع ما يملكها لمن يشتري و يبيع فيها.!
لا نستحق التهنئة ولا الخير ما لم نكن بخير فعلا لأننا نكبر دون تحقيق شيء وما فائدة الشعر وهو يكتسي لون أبيض ونغفل وجوده في راية الوطن .!
بقلم كرم الشبطي