فلسفة البيئة بين الإنسان والطبيعة
بقلم :حسام الدين أحمد
إهتم الإنسان منذ الأزل إلى يومنا هذا بمأكله ومشربه ومكانه وأسلوب حياته، وهذا كان ضمن مساحات صغيرة وأحتياجات كل فرد ضمن إطار المتطلبات الضرورية والشخصية لهم، ولكن عند إجتماعهم وتعاونهم ومراعاة مصلحة المجموعة والتفكر بطرق وأساليب حياتهم والشعور بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، فسيعمل الجميع عندها على إِعمار الأرض والمحافظة على سلامة الطبيعة من اي ضرر قد يلحق بها.
ومعلوم أن الإنسان قبل آلاف أو حتى مئات السنين كان أقل ضرر على البيئة و المناخ و الطبيعة بشكل عام مما هو عليه اليوم، بفعل التطور الحاصل في كافة المجالات و كذلك بسبب الحروب، و التي سنأتي على ذكر آثارها على حياة الإنسان و على الارض و المناخ.
رغم ذلك إهتم الإنسان إهتماماً كبيراً بالبيئة، وكان له الفضل في وضع القواعد والقوانين التي تضمن سلامة الارض واستقرارها وجمالها والمحافظة على مواردها المهمة، وخصوصاً أن ذلك أصبح أهم وأكبر مشكلات العصر الحالية.
البيئة هي كلمة عامة و تشمل جميع الظروف والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية، والتي تشمل التربة والماء والهواء.
وتم تقسيم البيئة من قبل الإنسان في العصر الحديث إلى تقسيمات ليسهل فهم قوانينها وطرق المحافظة عليها وكذلك دراستها، فالبيئة الطبيعية كالصحراء والبحار وكذلك المناخ والتضاريس المختلفة وكذلك نعمة الماء وكذلك الحياة النباتية و الحيوانية، والبيئة التي شيدها الإنسان والتي تشمل المؤسسات الخدمية والاجتماعية التي أقامها والتي غيرت من البيئة الطبيعية، لظروف الحياة ولخدمة الحاجات الأساسية للبشرية والتي تشمل الزراعة والصناعة والسكن .
فالكرة الأرضية تتأثر بشكل كبير بالظواهر الطبيعية التي تحدث دون تدخل الإنسان، كالمناخ والزلازل والفيضانات والبراكين، وكذلك ما يحدثه الإنسان في تلك الطبيعة وأحياناً بشكل إيجابي او سلبي.
فنحن بني البشر نعيش سوياً على هذه الأرض وليس لنا مأوى آخر او كوكب آخر للعيش فيه وكان لابد حينها من الإهتمام بكوكبنا والاستفاده مِنه دون تدميره حفاظاً على أنفسنا وكذلك حفاظاً على الطبيعة لأطفالنا و كذلك للأجيال القادمة، فكما قيل
” زرعوا لنأكل… وزرعنا ليأكلوا “.
فحين يفكر الإنسان من الاستفادة من الموارد الطبيعية في الارض وكذلك من عوامل الطاقة عليه أولاً أن يفكر بعدم الاخلال بتوازن النظام البيئي لأن ذلك سينعكس سلباً على حياته.
وحين يفكر بقطع الأشجار هل يعلم أن إزالتها سيحدث انعكاساً خطيراً في النظام البيئي، فكيف بإزالة الغابات
وخصوصاً إذا علمنا أن تلك المساحات الخضراء هي المسؤولة عن نسبتي الأوكسجين وثاني اوكسيد الكربون في الهواء، فإذا كان أحدنا يتضايق أو يختنق إذا منعنا عنه الأوكسجين، فكيف يساهم هو بشكل مباشر أو غير مباشر في قتل شعوب بأسرها بإحداثه لخلل في توازن النظام البيئي.
كذلك هو الحال في حالة الإخلال بالغطاء النباتي والذي أدى لتصحر الأراضي وكذلك الصيد غير المنتظم، والذي عرض عدد كبير من النباتات والحيوانات البرية للانقراض، ولا ننسى ما أحدثه تصحر الأراضي في إحداث خلل في المناخ وبالتالي ساهم في حدوث حرائق الغابات فأصبحت المشكلة أكبر، وكذلك التطور الصناعي له آثاره السلبية رغم فوائده، وكذلك سوء استخدام الإنسان للطبيعة رغم وجود القوانين والدراسات الخاصة بذلك، فقام بإطلاق الأبخرة والغازات السامة وكذلك النفايات الضارة التي أثرت على التربة وعلى الزراعة ، إضافه للأضرار التي سببها على البيئة المائية، والتلوث الذي حصل في الجو بسبب وسائل النقل و الانفجارات الذرية و انواع القنابل والمواد المشعة.
ولا ننسى الحروب والصراعات بين الدول وما لها من الأضرار على البيئة وعلى الإنسان من محو للمساحات الخضراء و كذلك الإخلال في النظام البيئي و تهجير الحيوانات من مواطنها وقتلها وكذلك من انتشار الأمراض والفقر والجهل بين الشعوب والذي بدوره يؤثر سلباً على اهتمام الإنسان بالطبيعة.
إن الذي ينظر لوضعنا اليوم يرى أننا نسرع أكثر من الأمس في الإضرار بالبيئة ورغم كثرة الدراسات والقوانين ودعاة الإصلاح والسلام والإهتمام بالطبيعة، فمن أجل إستمرار حياتنا بشكل صحيح علينا معالجة مشكلة الغابات وزيادة مساحتها، وكذلك الإهتمام بالأراضي ومكافحة التصحر، إضافة إلى مكافحة تلوث التربة التي أكبر أسبابها الإنسان، وكذلك مكافحة الآثار السلبية للمصانع و المواد المشعه والغازات السامة.
فإذا أراد الإنسان أن ينعم بصحة جيدة عليه أن يساهم في إزالة الآثار السلبية التي سببها للبيئة، فصحة الإنسان له ارتباط كبير بسلامة البيئة، فهذه دعوة للعمل من أجل كوكب خالي من كل عوامل التلوث، وكذلك نشر السلام ومنع الحروب وآثارها من الجهل والفساد ليفكر الإنسان بحياته وليعمل بجد لإعمار الأرض و الإهتمام بالطبيعة.
الأديب حسام الدين أحمد