فراس الغضبان الحمداني
هكذا ورغم كل الانتكاسات الأمنية والصراعات السياسية وتعمق الشعور بالإحباط ، نجد في لحظة زمنية معينة بنهوض كل العراقيين وهم يهتفون بفرح الله اكبر وشكرا يا اسود الرافدين ، ويكررون ذلك مع كل كرة تستقر في مرمى الفريق المقابل ،هذا الشعور لمسناه سابقا في العديد من المنافسات الكروية والتي كانت دائما تجعلنا نشعر بالإحراج وصعوبة انتزاع الفوز حتى تكاد تقطع أنفاس المشاهدين وهم يتابعون غيرة وهمة نجوم الفريق العراقي وهم يلعبون في غير ملعبهم وفي ظل ظروف معقدة وخيانات من طاقم المحكمين وفساد الإداريين في الاتحادات العربية والدولية والتي تتآمر بكل الطرق لمنع المنتخب العراقي من الفوز وهم يعلمون ان قلوب عشرات الملايين متعلقة بهذا الأمل الذي يتعدى المنافسة السياسية إلى جوانب معنوية تذكرنا بهويتنا العراقية الموحدة وبقدرتنا على تحقيق الانتصارات في كل المجالات، المهم الآن ان تتاح الفرص للعراق ان يجرب نفسه في كل حقول الإبداع حتى نراه متميزا ومتقدما رغم كل التحديات.
كان لنا هذا الموقف ونحن نخطف كاس آسيا من بين أرجل فرق ذهبية وفرت لها دولها مليارات الدولارات واستقدمت لها خيرة المدربين الدوليين المشهورين وأرسلتها للدول المتقدمة لإقامة معسكرات التدريب والتأهيل والراحة والاستجمام ، وشح ذلك على فرقنا الوطنية المكافحة، بل أنها وهي تناضل من اجل صنع انتصارات رياضية تتعرض لأقسى حالات الاعتداء ولعل ما حدث لمدرب نادي كربلاء الراحل محمد عباس يعد كارثة وطنية وخسارة جسيمة للرياضة العراقية.
ومرة أخرى يتواصل عطاء العراقيين الأبطال فقد استطاع المدرب العبقري حكيم شاكر إن يؤلف تشكيلة لمنتخب الشباب استطاعت ان تخترق أرقى الفرق المجهزة بكل طرق وخطط الكرة الحديثة وكافة المستلزمات الفنية والمعنوية واستطاع ان يصل إلى الدور المتقدم محققا الانتصارات خارج أرضه، وكان هذا الأمر بحاجة لإسناد مباشر من جمهور المشجعين وهذا ما فعلته نقابة الصحفيين العراقيين حين استأجرت إحدى طائرات الخطوط الجوية العراقية وأرسلت مئات الصحفيين لتشجيع فريقهم في تركيا، وكذلك فعلها العراقيون المقيمون في المدن التركية حيث وصلوا إلى الملعب في الوقت المناسب واستطاعوا ان يجعلوا مع أشقائهم الصحفيين كرنفالات الفرح والبهجة في ملعب اكدنيز في انطاليا التركية حيث أوصلوا للفريق العراقي رسالة محبة حفزتهم للعطاء والتضحية وجعلتهم يقدمون فنا كرويا عالي المستوى بروح رجالية ووطنية لا مثيل لها وحققوا نصرا لامعا وزرعوا فرحة كبيرة في قلوب ملايين العراقيين والأصدقاء والأشقاء الذين يعرفون العراق وتاريخه، وتحول هذا الفوز الى مسيرات فرح لكل العراقيين حيث جمعتهم كرة القدم بعد ان فرقتهم السياسة، وامتلأت شوارع انطاليا التركية وهي تهتف بحب العراق الواحد بكل طوائفه ومذاهبه وكأنها محاولة تقول لاردوغان هذا هو شعب العراق وعليك ان لا تمس سيادته وان كل العراقيين يد واحدة وها هم يفرحون مع ليوث الرافدين الذين صنعوا الانتصار على ارض الأناضول.
ان هذه الحالة النادرة تترقبها الدول التي تمر في مثل ظرف العراق لكي تحولها الى مناسبة للوحدة الوطنية وجمع شمل العراقيين وتحريض السياسيين للتعاون والتوافق وخلق اتصالات في المجالات الأخرى، ولكننا وللأسف شعرنا بصدمة مدمرة حين فشلت القنوات العراقية كافة وفي مقدمتها قناة الدولة المتمثلة بشبكة الإعلام العراقي بنقل هذه المباراة ولعل الحجة ان المبالغ العالية هي التي أرغمتنا على عدم الاشتراك، ونحن نقول ان هدر المليارات في مجالات سخيفة كان هو السبب، وكان بالإمكان ان ترصد للحصول على عقد بسعر مناسب لنقل هذه المباراة وتغطيتها بطريقة أخرى تتحول إلى حملة إعلامية وطنية تزرع من خلالها الأمل والتضامن والألفة وحب العراق.