فرنسا الى أين ؟؟
د. تارا إبراهيم
بعد الاعلان عن القاء القبض على منفذ تفجيرات باريس في شهر نوفمبرمن العام الماضي، وبمساعدة الشرطة والحكومة البلجيكية، هل انتهت فرنسا من مهمتها في ملاحقة مرتكبي الجرائم الارهابية التي حدثت على أراضيها ؟ .. فـ “فرانسوا هولاند” في ليلة اعتقال المتهم صلاح عبدالسلام سافر فورا وعلى عجالة الى بلجيكا وعقد مؤتمرا صحفيا مع رئيس الوزراء البلجيكي مفتخراومتباهيا بانجازات الشرطة البلجيكية التي يبدو انها حققت ما أخفقت عنه الشرطة الفرنسية في تنفيذه..
وعلى العموم فان ما حدث في باريس لم يكن امرا هينا فالامرلايقتصرعلى ضحايا الارهاب فالاهم من كل ذلك هو ما بعد الارهاب، والتأثير النفسي لهذه الاحداث على نفسية الشعب الفرنسي الذي لم يكن معتادا على العيش في هكذا ظروف سابقا، فالخوف أكبر عندما يكون العدو منتشرا في الداخل ولا يعرف نواياه وحركاته أكثر من عدو في الخارج معروف اين يتواجد وماهي نواياه..
لدى التحدث مع صيدلانية فرنسية، قالت ان زبائنها يشترون المهدئات والمسكنات أكثر من أي وقت مضى وخصوصا بعد الاحداث الارهابية التي وقعت في العاصمة الفرنسية، وانها مستاءة من حالات الطوارئ التي اعلنتها الحكومة يوم الحادث والتي تمددها ما بين الفترة والاخرى .. شعور يوحي بان الحرب سوف تستمر الى ما لانهاية وان احتمالية حدوث ارهاب ما قد يحدث في اي لحظة، هواجس مستوحاة من الاستياء والقلق الدائم، خاصة عندما يعتقد بان الحكومة قد تتخذ من حالة الطوارئ عذرا لها في القيام بما هو غيرقانوني، تحت ذريعة محاربة الارهاب، والدليل على ذلك ان مناصري البيئة من الحزب الخضر كانوا ضحية لها، حيث ان السلطات تعاملت معهم بشكل غير ايجابي لدى قيامهم بمظاهرة ضد سياستها بسبب اتخاذها إجراءات منافية للحفاظ على البيئة والطبيعة..
الامريدعوالى التشائم عند رؤية قوات الشرطة المنتشرة في انحاء العاصمة والتي تدقق في هويات المسافرين عند محطات القطاروالمنعطفات، وهو إجراء لا مثيل له في السابق، وحتى عند الذهاب الى الاسواق وفي مراكز التبضع هنالك شرطة تراقب وتفتش في كل مكان .. هذا الجوالإستثنائي يوحي بالخوف والقلق، وفي الوقت نفسه يثيرالعديد من الاسئلة في أذهان الفرنسيين..هل هنالك احتمالية لهجوم ارهابي آخر؟. وهل يجب التشكيك بكل المسلمين في فرنسا ؟ وهل نشعر بالامان بوجودهم بيننا؟ .
الكثير من الامورليست في حسابات الحكومة وربما تجهلها وبالتالي تقلل وتضعف من قدرتها في التصدي، فهل من الممكن ان يقلب ثلاثة أشخاص أمن دولة عظمى ومتطورة يعيش فيها أكثر من 65 مليون إنسان ؟! .. ثلاثة أشخاص فقط ساهموا في العمليات الارهابية في نوفمبرالماضي، جعلت فرنسا تقوم بتعين أكثر من 3000 شخص في قوات الامن والشرطة، محملة نفسها مصروفات مالية لتوفير رواتب هؤلاء لاجراء الحماية المشددة …في فرنسا قوات الامن والشرطة الفرنسية يجب ان تكون لهم القدرة على مواجهة الارهاب، فهم وبحسب حديث جنرال فرنسي ليسوا مدربون على هكذا نوع من الاحداث ..
أما الاجراءات الاخرى التي أتخذتها فرنسا لمواجهة الارهاب، فهي سحب الجنسية الفرنسية من مرتكبي اعمال العنف الذين يحملون جنسية مزدوجة . لكن يا ترى هذا الحل عملي ؟ وماذا عن الارهابيين غير الفرنسيين الذين يتجولون بكل حرية في بلدان اوربا؟؟..ماذا عن صلاح عبد السلام احد منفذي تفجيرات باريس في العام الماضي والذي القي القبض عليه حديثا؟؟ .. فهو وحسب الاعلام الفرنسي أرهابي خطير، ولديه جنسية واحدة هي الجنسية الفرنسية، وهنا لا يسمح القانون الفرنسي سحب جنسيتة كون ذلك منافي للقانون ، فكيف تتصرف الحكومة الفرنسية ازاء هذه المعضلة ؟؟.
الحلول الاخرى التي تقترحها الحكومة هي تعليم الائمة على اسس العلمانية ومبادئ الجمهورية الفرنسية، إذ يبدو ان ما يحدث من ارهاب سببه بعض8 الائمة الذين يأتون من بلدان عربية وإسلامية، فحسب تقرير تلفزيوني، ان نصف الائمة الذين يأتون الى فرنسا من اجل الوعظ والإرشاد وإمامة الصلاة، هم ليسوا من المؤهلين للقيام بذلك، والسبب يعود الى قلة المدارس الدينية الاسلامية في فرنسا و التي من شأنها تخريج أئمة عصريين على اسس معتدلة وغيرمتطرفة ليكونوا قدوة يقتدى بهم الشباب، لاسيما بعد ثبوت ان اغلبية منفذي الجرائم الارهابية هم من الشباب اليافع سهل التاثيرعليهم..
هل يجب العمل بقوانين حقوق الانسان التي تعتبرها فرنسا احدى اهم ركائزها ؟ لدى تحدثي مع الكثيرين من الفرنسيين،عبرواعن استيائهم حيال ما يحدث من تساهل الحكومة الفرنسية في تتبع الارهابيين بحجة احترام حقوق الانسان، فالبعض يعتبر المرونة تجاه هؤلاء محض غباء كون أغلبية الاشخاص الذين قاموا بالتفجيرات كانت لديهم سوابق ولكنهم تركوا طلقاء متمتعين بحريتهم للقيام بما تشاء لهم أنفسهم من اعمال ارهابية…
القاء القبض على الفرنسي الذي كان يخطط للقيام باعمال ارهابية في فرنسا قد يبدو انتصارا للحكومة واجهزتها الامنية، ولكن الطريق لازال في بدايته، وان فرنسا ما زالت شابة يافعة في مواجهتها للارهاب وخصوصا عندما نعلم ان فرنسا فيها عددا كبير من المسلمين الذين ينظر اليهم المواطنون الفرنسيون اليوم بريبة وشك بسبب قلة من الذين سلكو طريق العنف لتحقيق اهدافهم .
عن مجلة / صوت الآخر – اربيل –
فرنسا الى أين ؟؟
اترك تعليقا