مجد حلبي
كان مفتاحه ضائعا ..أنهكني البحث وأضنى مهجتي …وبعد أن كادت مياه الأمل تجف من حلقي ..وجدته هناك …في زاوية مظلمة من ذاكرتي ….
كانت أناملي تتراقص فرحا حين حملته ..ولكن ما إن اقتربت به ناحية الدُّرج حتى تحولت رقصاتها الى اهتزازات مضطربة أشبه ما تكون بنوبة صرع …
أحداقي كادت تفر من مكانها وهي تلاحق دوران المفتاح عكس عقارب الساعة …..وما إن فتح باب الدرج حتى فاحت الروائح منه …..روائح ممزوجة بعطر الحب والفرح …لكن هذا العطر كان على نزاع مع رائحة الخيبة النتنة المتراكمة في الزوايا …
أخذت أبحث بين الأوراق ..كانت بألوان شتى ….
ارتسمت على وجهي ابتسامة رقيقة حين رأيت ذكرياتي الجميلة …
لكن بعضها الآخر لم يسمح لعبراتي أن تتمالك نفسها فانهمرت كالسيل …كانت تحمل من الألم والمرار ما يجعلها تضاهي مياه البحر الميت ……
ولكن ..رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي …وقلت : إلى متى ؟ …إلى متى سنظل مرهونين لذكريات بالية لم تحمل في رحمها سوى أجنة مشوهة تنزف القهر والألم في كل محاولة لإجهاضها ….؟
وفي لحظة صمت جليل …وجدت يدي قد امتدت الى أوراقي السوداء ..ألقيتها في سلة النسيان بعد أن أضرمت فيها نار إصراري على المقاومة ….وكلما تصاعد دخانها كنت أشعر بآلامي تتصاعد معها …كان لتلك النيران قدرة رهيبة على إزالة النتن …وإذ بأريج الياسمين يفوح داخل الدرج …
قررت إعادة ترتيب درجي من جديد .ولكن هذه المرة لن أسمح لغير الورود بالسبات بين ثنايا أوراقي …وكل شوكة تحاول أن تدس رأسها فإن أعواد الكبريت لها بالمرصا