د. مهند البراك
لاشك ان الفساد مستشري في مفاصل البلاد التي منها اقليم كوردستان . . و يرى كثيرون ان الفساد و الإفساد ليس وليد مرحلة مابعد سقوط الدكتاتورية، و انما ظهر بقوة و تنظّم بظهور مفهوم (الحزب القائد) و (القائد الضرورة) و الفئات المستفيدة الملتفة حوله في زمان الدكتاتورية البائدة، حين صارت اعداد كبيرة من كبار موظفي الدولة و الحزب، ترى في نفسها و كلّ من موقعه بكونه هو القائد الذي لاينازع و المطلق اليدين فوق مرؤسيه . .
و تأصلت تلك النزعة في المجتمع بتأثير سموم و ويلات حروب الدكتاتورية التي وجد فيها الفساد فرصته الذهبية، و تكوّنت على اساسها انواع الجماعات التي قد تتعايش و تتخادم لفترة او تصطدم بلا رحمة في فترة اخرى بسبب المنافسة او بسبب خسارة مصلحة ما . . و تسخّر في ذلك كل الوسائل بلا قيود او ضمير او قِيمْ، بما فيها من تحاول خفية جعله وسيلة (ضحية) او امثولة لإستهداف الآخر الذي قد لاتستطيع مواجهته علناً.
و يرى متخصصون اجتماعيون، بانه بالرغم من امتياز اقليم كوردستان بالإستقرار قياساً ببقية مناطق العراق، و رغم تواصل القصف الجوي و المدفعي من دول الجوار على حدوده كاقليم ضمن دولة ذات سيادة . . فان الإقليم يعاني من ظاهرة الفساد و اخطارها على السلامة و الأمن الإجتماعيين فيه، و تسعى الحكومة الكوردستانية للحد منها و محاربتها، باعتبارها اكبر القيود التي تقف بوجه التطور و التقدم الإجتماعي و تعميق المسيرة الكوردستانية و التصدي لمعوقاتها.
و يرى مسؤولون سياسيون و اداريون كوردستانيون الى ان الفساد ـ مع الثغرات القائمة ـ قد يجرّ الى تحويل كوردستان العراق الى كانتونات سياسية ـ عائلية ـ اقتصادية، و دوائر اجتماعية ـ اقتصادية مصلحية تدور في افلاكها مستقوية بها ـ سواء بعلم تلك الكانتونات او بغفلة منها ـ محاولة استغلالها لتحقيق اعلى الأرباح . .
كانتونات و مصالح تزيد من التشوهات الإجتماعية التي يعاني منها الإقليم، كنتائج لعقود من سياسات الدكتاتورية الشوفينية و حروبها و حصاراتها، و ضغوط دوائر من الجوار لايروق لها ثبات التجربة الكوردستانية، اضافة الى المخلّفات و المصالح و التعقيدات الإجتماعية لحروب اقتتال الأخوة، التي تطلّ برأسها بين فينة و اخرى . .
و على تلك الأسس و غيرها، تتستر عديد من المصالح و المنافع الأنانية الضيّقة و تحرّض و تسيئ، محاولة اقصاء الوجوه النزيهة و المخلصة لقضية الشعب الكوردي العادلة من جهة، و لعموم القضية الوطنية العراقية التي صارت للاسف و رغم جهود المخلصين نموذجاً مؤلماً لشعوب المنطقة، حتى صارت مظاهرات ربيع المنطقة تحذّر من بديل (على الطريقة العراقية) . .
على تلك الأرضية، و في تلك الأجواء المتشابكة التي تلعب فيها الحرب النفسية و الإعلامية السايكولوجية ادواراً خطيرة في بث انواع الإشاعات و السموم بتشجيع من جهات و دوائر شتى . . في التحريض ضد الوجوه و القادة السياسيين المعروفين بنزاهتهم، لتحقيق اهداف متنوعة : من محاولات اساءة السمعة الى محاولات ضغوط بقصد الإحتواء بتصورها . . منها مانشر مؤخراً بحق احد القادة السياسيين في اقليم كوردستان، المناضل المعروف “حيدر الشيخ علي ” الذي عرف اضافة الى تضحياته في سبيل قضية الشعب الكوردي و عموم الشعب العراقي . . عرف بشعبيته و تواضعه و استجابته للمطالب، بشهادة اوسع الأوساط الشعبية الكوردستانية (*).
و يتساءل كثيرون و رغم التهجم القاصر الذي لايعرّف باسمه و لابمصادره، و لايمتلك حججاً تسوّغ تلك الإتهامات الباطلة بالفساد . . كحجج و ارقام و وثائق و اسماء موثقة بادلة مادية، يمكن الإقناع بها لمن يمتلك حد ادنى من المعرفة القانونية و الحقوقية او الثقافة العامة. . يتساءلون هل الغاية منها شخص المناضل حيدر الشيخ ام حزبه المعروف بتأريخه و ادواره المشرّفة و نزاهته . . رغم وجود نواقص سياسية و اخطاء عامة ام فردية يمكن حلّها بحوارات علنية و نشاط بنّاء يخدم قضية الشعب، او موسعات او مؤتمر، و ليس باتهامات تهدف نهش السمعة و خدشها للمس بمصداقيتها، فهو اسلوب معروف خبرته كل الاحزاب و الحركات المناضلة التي احتمت بالسرية في مواجهة القمع في تأريخها . .
و يرى آخرون، ان كان ذلك (نقداً) على نشاط الحزب او ملاحظات و مؤاخذات عن دوره في عموم المسيرة، او عن نقص في توجه الحزب الى الجماهير . . فانه يستهدف حركة بكاملها تجهد بكل قواها للم شملها و تاتي ببراهين جديدة على ذلك. و يرى قسم آخر ان نواقصها و اخطائها هي جزء من نواقص و اخطاء المسيرة الكوردستانية من جهة، و عموم العراقية من جهة اخرى، في ظروف مجتمع تغيّرت و تتغيّر قيّمْه .
من جهة اخرى، يرى مطلعون ان تلك الإتهامات الباطلة التي استهدفت عدد غير قليل من مسؤولي الصف الاول في الاقليم بالأسماء . . قد يراد منها ليس السيد حيدر الشيخ وزير المواصلات في اقليم كوردستان لدورتين و قام بدوره بنجاح بشهادة اوسع الاوساط السياسية الكوردستانية و خاصة في مجال الهاتف و الموبايل و الانترنت وفق خطط الحكومة الكوردستانية . . و الأهم بالشهادة في مجال النزاهة و نظافة اليد . .
و انما يراد منها وضع العقبات امام اتفاق الحزبين الكبيرين القاضي باستلام الحزب الديمقراطي الكوردستاني رئاسة وزراء الإقليم مع بداية العام الجديد، من خلال استهداف عائلة البارزاني بالأسم في ذلك التهجم . . و محاولة الإساءة للمناضل حيدر الشيخ و حزبه الشيوعي الكوردستاني و هو يتهيأ للمشاركة في انتخابات المجالس المحلية، و يتهيأ لعقد مؤتمره العام . . في وقت اشتهر فيه حزبه الكوردستاني كما اشتهر فيه الحزب الشيوعي العراقي بالنزاهة و نظافة اليد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) و للمزيد عن المناضل حيدر الشيخ علي، راجع السجل الروائي للكاتب الكبير الفقيد عبد الرحمن منيف في ” الآن هنا . . او شرق المتوسط من جديد” الصادرة في عام 1988 .