د.عماد الدين الجبوري
صرح النائب عبد الهادي الحساني، والمقرب من رئيس حكومة الإحتلال الخامسة نوري المالكي، إلى جريدة “الحياة” أن الحكومة العراقية رفضت تعيين مبعوث الجامعة العربية السيد هاني خلاف مبعوثاً لها لمراقبة الأحداث في المناطق الغربية. ولقد نص الحساني على أن “الحكومة المركزية أبلغت الجامعة العربية أنها ترفض تعيين أي مبعوث لها بصفة مراقب للأحداث أو تحت أي مسمى آخر، لأن ذلك تدخل سافر في شؤون البلاد الداخلية”.
ورغم أن الحساني أشار إلى أن “العراق بلد مكتمل السيادة” وبالتالي فإن تعيين مبعوث للجامعة العربية لمراقبة الأحداث، حسب تصوره يكون “خرق لكل الأعراف والدساتير الدولية المعمول بها”. لكننا سنتجاوز قوله، فهو على شاكلة رئيسه في “حزب الدعوة الإسلامية” نوري المالكي الذي وصفته هتافات ثورة 25 شباط 2011 ب”الكذاب”. إلا أننا سنلقي الضوء هنا على الأسباب الحقيقية التي دفعت المالكي لرفض الرقابة العربية، ومنها ما يلي:
أولاً: أن المالكي لا يكترث بالعروبة ولا بالشأن العربي، وهذا واضح وجلي من خلال سنوات سياساته الداخلية والخارجية. فضلاً عن أعترافه الفاضح في 15-12-2011 أثناء زيارته إلى واشنطن، عندما سألته صحيفة الغارديان البريطانية عن كيف يصف نفسه. قال: “أنا شيعي أولاً، وعراقي ثانياً، وعربي ثالثاً، وعضو في حزب الدعوة رابعاً”. فهو قدم الطائفية على الهوية الوطنية. وكذلك جعل من العروبة التي لا تنفصل عن الإسلام أن تكون في مرتبة ثالثة. وأن عموم قوله أثبات على النهج الصفوي الإيراني الذي يلتزم به.
ثانياً: أن وجود مراقب عربي رسمي من الجامعة العربية، يعني إنه سيطلع بشكل مباشر على ممارسات قوات سوات والميليشيات المدمجة بقوات الجيش، وما ترتكبه من جرائم وحشية بشعة وشنيعة بحق المدنين المسالمين في تظاهراتهم وإعتصاماتهم. وهذا سيفضح حقيقة المالكي وجلاوزته.
ثالثاً: إن أي إفتضاح للمالكي، يعني إفتضاح لأسياده في إيران. ألم يقل العميد ناصر شعباني لجريدة أخبار “روز” الإيرانية بأن الحرس الثوري الإيراني قام بأول عملية أمنية له في العراق الأسبوع الماضي (مجزرة الحويجة في 23-4-2013)، بالإشتراك مع الجيش العراقي. وأضاف إن هذه العملية لن تكون الأخيرة، بل إنها بداية لتعاون أمني عسكري إيراني عراقي.
وكذلك ما صرح به مؤخراً نائب القائد العام لحرس الثورة الإيرانية العميد حسين سلامي إلى صحيفة “صداي عدالت” الإيرانية إن: القوات الإيرانية لن تتدخل في إنهاء العصيان بمحافظة الأنبار، إلا بعد تلقي الضوء الأخضر من الحكومة العراقية.
رابعاً: إن المالكي الذي تدل أفعاله وأعماله على أنه يمثل حكومة ظل للنظام الإيراني المسخ. فإن إيران تقف على الضد تماماً تجاه أي وجود عربي مؤثر داخل المشهد السياسي العراقي الذي قبضت عليه من خلال المحتل الأمريكي.
خامساً: إن ضعف الموقف العربي مع العراق يساعد المالكي على مجابهة الجامعة العربية التي منحته الشرعية دون وجه حق. فالضغط الأمريكي على بعض الحكومات العربية للإعتراف بحكومات الإحتلال جاءت ثمرته لصالح إيران عبر الكتلة الحاكمة في بغداد والموالية للنظام الإيراني أصلاً.
على أي حال، مهما كانت النتيجة في رفض المالكي للرقابة العربية، ومهما كانت رخوة الموقف العربي الرسمي من جرائم ومجازر المالكي؛ فإن منطق الأحداث وفق مسيرة التاريخ تدل على أن الوضع برمته يتجه نحو الزاوية الضيقة لمستقبلية سياسة المالكي الطائفية. وكذلك إلى التوسع الصاعد للمنتفضين المظلومين على مدى عشر سنوات. وهذا بدوره يؤدي إلى الإقتراب التدريجي من نهاية حقبة دموية من تاريخ العراق المعاصر.