عندما تكنس أحلامي الريحُ ….
المصطفى العمري
لو كان الموت يتكرر فينا
لاخترت أن أموت فيك
ألفا وتسعمائة وثلاث وستين مرة
ولأنني مملوء بك حتى النخاع
سأروض الردى لعلي أموت فيك
عشرة أضعاف سنوات عمري
ولأنه لاحظ للموتى في نوم الأحياء
ولا حظ لهم في خيوط الشمس
فلن أنام إلا في دنياك تحت ظل شمسك
لتفيض من كلماتي حروف عشقي
أنقشها دموعا على خصر الوجع
……………………..
أيتها الأرض الظالم أهلك
يتناسل اللغو في أفواههم
كما النمل
كما الديدان
كما الأحرف في رسائل الوهم.
وأنا صاعد إلى قمة روحي
تتدحرج الأوجاع في دهاليز قلبي
أردد أدعيتي لعل الصبح
ينجيني من ألسنتهم
وتشرق في ليلي جذور عمري
وتتمدد في أوردتي شمس البقاء
تغسلني خيوطها فوق صخرة الضوء
تطهرني من ثغاء أفواه صدئة
ألفت تذويب التاريخ في كؤوس الحكايا
………………………..
وأنتم تلتهمونني
كما الحيتان الجوعى
ولأن جلدي مرير مذاقه
تتقيؤونني نواة تمر،
فأنبت كنخلة
وتخضر في جمجمتي أوراق المجد
ويركع عند عتبة قدمي النصر.
…………………….
لو كان الموت يتكرر فينا
لسكنتُ مقابر العدم
وأسدلت ستار الفناء على نوافذ الروح
واعتكفت خلف جدار قلبي
أموت … وأموت … ثم أموت
كي أحيا موتا فيكِ
لو كان العدل ينبت بيننا
لعصرته كؤوس حنظل
أفرغها في حناجر المشعوذين
والمنافقين والمشائين بنميم
خمسون ألف مرة كل سنة
خمسون ألف عام.
………………
قللي من شأني كما تشائين
واتركي فجوات قلبي مفتوحة
ولا تغاري إن أنا عشقت أخريات
سماءاتها … أراضيها ودواليها
تتقن معاملتي.
لا تبكِ ندما فقد كان لك القلب
مطرحا وكانت بك رأسي تعمر
واللسان باسمك دوما كان يهتف
وكانت أحصنة الغباء
في جمجمتي يطول صهيلها
وكانت في أقباء روحي تتراقص
نورا فواكه أرضكِ.
…………………
ولأن الموت لا يتكرر فينا
دعيني أتسلق جبال الصمت
دعيني أشتعل من على قممها
لعل في قلبي يموت كبرياء الجرح.
أسندي رأسك على كتفي
واهمسي في أذني برقة:
تعال نكمل السير في دروب الصمت
تعال ندمن الهجــر… بلا ضجيج
نشبع السماء ركلا …
وننزع من ليلهم القمرَ.