جمعه عبدالله
عراق اليوم يعيش حالة يرثى لها نتيجة التذمر والاستياء التي تسود الشارع العراقي . اضافة الى حالة الاحباط والتخبط التي اصابت العملية السياسية في عدم وضوح الرؤيا والتوجه السليم في تشخيص العلل التي يعاني منها العراق بعيدا عن
عن المصالح الطائفية او المذهبية او الفئوية او الحزبية .. ان الشلل الذي اصاب مفاصل الحياة السياسية بحاجة الى روحية مرنة بعيدة عن التشنج والانفعال . بل الى روحية تتسم بالحرص والمسئولية والتفاني لمصالح الشعب بعيدا عن الاحتكار
والتهميش والاقصاء وتسميم المناخ السياسي بالغبار والعواصف الصفراء التي لا تخدم التوجه السليم .. ان عراق اليوم يتسم بماكنة لخلق وتوليد الازمات . وماكنة لصنع الفساد السياسي والفساد المالي .. فعلى سبيل المثال , تشير الاحصاءيات
الرسمية الى وجود (7 ) مليون عاطل عن العمل , وايضا تشير الى نسبة 30% من السكان هم تحت خط الفقر , وتسارع تدهور الخدمات الاقتصادية والاجتماعية بشكل واضح المعالم وتتجلى بعدة صور منها حالة المستشفيات الرسمية تحاكي
القرون الوسطى .. المؤسسات التعليمية تفتقر الى ابسط مقومات وجودها . مثلا كثرة المدارس الطينية وفقدان المقاعد لجلوس التلاميذ . وفوضى عارمة في اجهزة التعليمية وتخبط في المناهج والدوام الرسمي . اضافة الى ازمات اخرى تصيب
المواطن في الصميم منها ازمة الكهرباء رغم سلسلة الوعود المتكررة بقرب انتهاءها , إلانها ولدت لتبقى الى ما نهاية . فقبل ايام اصدرت وزارة الكهرباء تصريح . يفيد بان ازمة الكهرباء ستحل بشكل نهائي في الصيف المقبل ( 2013 ) وذكرت
بان الدولة العراقية صرفت مبلغ ( 30 ) مليار دولار دون ان تحل المعضلة او دون ان يلوح في الافق بارقة امل .. لو افترضنا ان العراق يدخل عالم الكهرباء لاول مرة . اذ كان يستخدم الفانوس والنفط ولم يجرب الطاقة الكهربائية بعد . فان
هذه المليارات الضخمة كافية لحل الازمة وينعم العراق بنعمة الكهرباء . لكن اخطبوط الفساد الضارب في الاعماق يرفض انهاء هذه المعضلة .. وتصريح وزارة الكهرباء يبشرنا باننا دخلنا في الوعد الخامس وادخلنا في مسلسل الوعود المتكررة
وكذلك الطامة الكبرى التي ستحرق الاخضر باليابس هو قرار الحكومة الاخير بالسماح للمواطنين بحيازة السلاح في كل بيت , وهذا دليل قاطع على فشل الحكومة في توفير الامن والنظام للمواطن . وهو بمثابة ناقوس الخطر بان العراق
يدخل بشكل رسمي الى شريعة الغاب .. والبرلمان العراقي الموقر لسان حال الشعب او صوت الشعب منشغل ومهموم بحل اللغز العبقري .. هل البيضة من الدجاجة , ام الدجاجة من البيضة ؟؟ نتمنى من الله سبحانه وتعالى ان يلهم اعضاء
البرلمان بحل هذه الطلاسم حتى يتفرغ الى مهامه الاصلية . وهي حل المشاكل التي يعاني منها المواطن وينقذ العملية السياسية من الفشل والضياع , وان يضع حدا الى غول الفساد . ويكشف الحقيقة الى الشعب اين هدرت وتبعثرت عشرات
المليارات الدولارات , ويكشف عن السراق والحرامية . ويضع حد لتجاوز على الدستور , ويشترط على جميع الاطراف السياسية احترام الدستور وبنوده ..وان يتفرغ برلمان الشعب الى الاعمار والاصلاح البنية التحتية للبلاد , ويكشف عن
الاتفاقيات والعقود المزورة مع شركات وهمية ليس لها وجود سوى على الورق .. وكذلك ان يولي عناية فائقة بالاهتمام بالخدمات العامة ويرفع تلال القمامة والازبال والنفايات من كل مكان , ويقوم باصلاح مجاري الصرف الصحي التي صارت
مرتع للبعوض والذباب , وان يعلم البرلمان العراقي بان العراق صار من أسوأ الدول في انعدام الخدمات والامن وانه يتنافس مع الصومال من الذي يحتل اسفل القائمة .. وان يعلم صار العراق بلد الفرهود والنهب والسلب في ظل غياب القانون
والمحاسبة والرقابة البرلماننية .وان اكثر قادة العراق اليوم الذين بيدهم القرار السياسي يشبهون الى حد كبير قصة (علي بابا و الاربعين حرامي ) كيف كان علي بابا يتضور من العوز والفقر وفجأة يدخل المغارة ( الجنة ) بعد افتح ياسمسم
يصاب بالهلع و الذهول والجنون من صناديق الذهب و المجوهرات الثمينة .. بالضبط ساسة اليوم , كانوا يعانون من شغف الحياة وعوزها في عهد المقبور . ولكن حينما دخلوا المغارة ( العراق ) اصابهم الهلع والحيرة والجنون ليس من
الذهب والمجوهرات الثمينة , وانما من الاوراق الخضراء ( الدولار ) اصابهم العمى وفقدان البصيرة باللون الاخضر , ونسوا معاناة الشعب ..نسوا تطلعات نحو الحرية والانعتاق ونحو الحياة الكريمة وانصاف المظلوم , وحل المعضلات
بما يملي عليهم ضميرهم ويقودوا العراق الى شاطئ السلامة والامان ويسيروا شؤون البلاد كما جاء في الحديث النبوي الشريف ( كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته ) .. ولهذا من اجل انقاذ العراق من التدهور والدخول في نفق مظلم يحتاج
العراق ليس الى كهرمانة واحدة لتصب الزيت على هؤلاء الحرامية , وانما بحاجة الى الف كهرمانة لانقاذ العراق وشعبه من سراق الحلم العراقي