لم يمر أكثر من يومين على تصريح أدلى به فاضل أبو رغيف، “الخبير والمحلل الأمني والسياسي!” المطلوب جداً على شاشات التلفزة، من مقابلته الصحفية على قناة الحرة حيث قال فيها بأننا أنهينا كيان ووجود “داعش” في العراق، وهم بقايا موجودة في مناطق على الحدود العراقية السورية التي تأتي من سوريا على العراق وليس العكس، حتى جاءه الجواب الإجرامي من عصابات داعش الفاشية بتنفيذ تفجيرين انتحاريين بحزامين ناسفين مرعبين في قلب بغداد الحبيبة، في ساحة الطيران، حيث نصب السلام لفائق حسن ينتصب شامخاً، وحيث ملتقى الفقراء والمعوزين والباعة الجوالة الذين ينصبون بسطاتهم لبيع السلع الرخيصة والملابس القديمة “اللنگات” والأحذية وغيرها, انتهت هذه العملية الإجرامية بسقوط 32 قتيلاً و110 جريحاً من بنات وأبناء العراق المستباح. إن هذا التحليل والاستنتاج الخائبين للخبير الأمني الاستراتيجي العراقي أبو رغيف ولمن هم من أمثاله، يقود إلى ثلاث عواقب سلبية:
1) إعطاء الانطباع من جهة، وتخدير اليقظة من جهة أخرى، بأن الدولة العراقية استطاعت القضاء على مجرمي داعش وليس هناك من مخاطر جدية منهم، وهم بعيدون ويمارسون بعض العمليات في أطراف البلاد وسنقضي عليهم، وكأن السلاح وحده قادر على إنهاء هذا التنظيم الإسلامي الفاشي.
2) النفخ غير المبرر بقدرات العراق في القضاء على داعش وعدم حاجته للخبرة الأجنبية إلا قليلاً في معرض حديثه عن قرار خروج القوات الأمريكية وكل القوات الأجنبية من العراق، ولم يقل ذلك حقاً، إلا القوات الإيرانية!
3) التغطية غير المبررة وغير المباشرة وغير المسؤولة عن وجود إمكانية مستمرة لاختراقات أمنية في أجهزة الأمن العراقية لأسباب ترتبط بعدم وجود جهة نظيفة واحدة مسؤولة عن حماية أمن بغداد وعموم العراق، والمشرفة على نقاط التفتيش (السيطرات) بين المدن، لاسيما الدخول إلى بغداد. بمعنى الادعاء بعدم وجود قوى فاسدة ومستعدة للسماح بعبور هؤلاء المجرمين وممارسة عملياتهم الإجرامية أو وجود حشد شعبي وميليشيات مسلحة تساهم في السيطرات والتي يمكن جداً أن تساوم لأنها فاسدة وتابعة لإيران، ومن يبع نفسه لإيران يكون مستعداً لبيعها لغير إيران ايضاً.
يبدو أن العراق قد أصبح منذ سنوات مرتعاً لخبراء أمنيين ومحللين سياسيين نزلوا من السماء ليقدموا المشورة للحكام العراقيين ولأجهزة الأمن وشاشات التلفزة وهم لا يملكون من الخبرة الأمنية والفنية والتحليل السياسي “الجك من البك”، أي “شروى نقير!”.
من المسؤول عما حصل هذا اليوم في بغداد؟ ليس هناك من مسؤول عن ذلك غير الحكومة العراقية القائمة، غير الأجهزة الأمنية بكافة تشكيلاتها وتسمياتها، بما فيها تلك التي يقودها الكاظمي نسفه، الاستخبارات الوطنية. والمسؤول عن ذلك أيضاً بقية سلطات الدولة العراقية، مجلس النواب ورئيسه، الذي يقال إنه اشترى منصبه بـ 30 ملون دولار أمريكي، والعلم عند الله! ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية، كل هؤلاء مسؤولون مع السلطة التنفيذية ورأسها أو رؤوسها، عما جرى ويجري في العراق من قتل وتدمير وخراب وفساد وبؤس شديد. إن هؤلاء كلهم مسؤولون عن حماية الشعب العراقي وهم منغمسون في مصالحهم الذاتية والحصول على المزيد من السحت الحرام، إذ ليس غير الطائفيين والفاسدين والمحاصصة الأثيمة من جلب للعراق هذه المآسي والكوارث والموت المستمر منذ ثمانية عشرة سنة برعاية الولايات المتحدة أولاً ومن ثم برعاية واحتضان إيران حد الاختناق. ولا بد من الإشارة هنا أن الكاظمي هو رئيس الحكومة وهو القائد العام للقوات المسلحة وهو المسؤول الأول عن جهاز الاستخبارات الوطني، أنه جيمس بوند 007.
نحن أمام اختراقات أمنية لا بسبب ضعف اليقظة والحذر والرقابة الصارمة فحسب، بل بسبب فساد ووجود عيون تساعد هؤلاء المجرمين بالعبور وتنفيذ جرائمهم البشعة، وهؤلاء هم الذي ينبغي كشفهم، وهي مهمة الحكومة وأجهزتها، وحين تنشأ ثقة بين الشعب والحكومة وأجهزتها الأمنية، سيساهم الشعب في اكتشاف هؤلاء الخونة والقتلة أيضاً.
أن من واجبنا جميعاً العمل على ممارسة الضغط لفضح العوامل التي تجعل من مرور وحصول مثل هذه العمليات الإجرامية في العراق أمراً ممكناً. إن موت إنسان واحد يسبب سقوط حكومة أو استقالة وزارة. ولكن لن يحصل كل ذلك في العراق وستنتهي إلى تكرارها مرة أخرى بعد حين.
إن من واجبنا تحميل الحكومة العراقية مسؤولية ما حصل وعليها أن تجد الثغرات الكبيرة التي فات من خلالها هؤلاء القتلة الفاشيين ومن يدفع بهم إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة.
إن من واجب الرأي العام العربي والعالمي دعم العراقيات والعراقيين للخلاص من هذه الأوضاع المدمرة التي يعيش الشعب العراقي تحت وطأتها منذ 18 عاماً.
الذكر الطيب للشهداء والشفاء العاجل للجرحى والمواساة لعائلات القتلى والجرحى والمعوقين، والخيبة الدائمة والخزي والعار للقتلة ومن يقف وراء مثل هذه الأفعال الدنيئة.
عصابات داعش المجرمة ترتكب مجزرة دموية جديدة في بغداد
اترك تعليقا