عزيز سباهي
مقداد مسعود
التقيته مرة واحدة ، في أول مهرجان للمربد بعد سقوط الطاغية ،انفردت به في صالة فندق المربد، في البصرة ، كنتُ اعرفه قبل ان التقيه ، وكنت اتمنى لقياه ، حدثني عنه كثيرا، صديقي وزميلي في اتحاد الطلبة : المندائي يحيى سام آدم في منتصف القرن الماضي ،وحين انفردنا في فندق المربد تلك الليلة حدثته عن فرحتي التي لاتوصف في أول مساء من عيد الفطر 1974، ونحن ثلاثة زملاء نقصد مكتبة دار الكتاب في شارع الوطن ، فرحتي لاتوصف وانا احتضن مجلد ضخم عن سيرة لينين ،ترجمة عزيز سباهي وكان سعر المجلد مكلفا ، لكني افرغت كل مافي جيوبي واشتريت ُ الكتاب اعتزازا بالاثنين لينين وعزيز سباهي ،كان يهمني جدا انا يكون لدي معرفيات من نتاج هذا الرجل العصامي الذين كان من عشاق (خمرة الفقراء) بشهادة زميلي المندائي…في الحملة الشرسة1979..تغلف أمي الكتب الحمر بنايلون سميك ، وتدسها بين شجرتيّ التوت والسدر في حديقة منزلنا ..تلك الليلة من مهرجان المربد ،دعوتهُ لزيارة مقر حزبنا في شارع السعدي فأبتسم مسرورا وأتفقنا ان تكون زيارته عصر اليوم الثاني من ايام مهرجان المربد ثم سألته حول جهده العظيم في كتابة سيرة الحزب الشيوعي العراقي ، فرأيته يرتبك حياءً .. أنتبهتُ الى بلاغة اصابع كفيه كأنها تمهد لما سيقول ، وحين رآني افتح دفترا صغيرا ،كنت احمله معي لأدون أبتسم ثانية وقال : أكتب ولكن لاتنشر ما سأقوله الآن دع ذلك لسنوات أخرى………..ماقاله لي تلك الليلة سطرته في دفتري ، بعد انتهاء مهرجان المربد ..وبعد اشهر ايضا، كنت اعود لذلك الدفتر أقرأ اجوبة المناضل المثقف مؤرخ زهرة الرمان العراقية ، لم يكن لدي موبايل ،ولامسجّل لأثبّت صوت الباحث،ولا ادري في أي كتاب من كتب متاهة مكتبتي دسستُ الصورة التي التقطها لنا المصور الفوتوغرافي ،الكريم معنا دوما أحمد البزوني..كلما عدتُ الى ذلك الدفتر شعرت بعناء الباحث الكبير عزيز سباهي في تاريخ حركة ثورية اضطرتها الظروف ان تشتغل بسرية تامة ..ليلتها اخبرني ان في نيته ارخنة سيرّ شهداء الحزب في المقابر الجماعية ، فزودته باسماء من اعرفهم من شهداء الحزب في البصرة..ماعرفته تلك الليلة من حديثه ان هناك بعض من كان يملك وثائق وكراريس الحزب .. لكن لم يتعاون مع المناضل سباهي !! رغم كل الصعوبات فقد أضاء عزيز سباهي وبجهده الفردي عقودا من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي…
*عمود صحفي اسبوعي/ طريق الشعب / 1/ 3/ 2016