بمجابهة جرائم ميليشيات السلطة ومافياتها يضطر العراقي لركوب المخاطر التي لم توصله إلا لمزيد تهديدات
شق عراقيون هاربون من جحيم الصراعات الدموية في بلادهم، طريقهم محاولين الوصول إلى بلدان الاتحاد الأوروبي طلباً لملاجئ أمان تحترم آدميتهم! إلا أنهم سرعان ما وجدوا أنفسهم بين فكي رحى جديدة؛ جسَّدها فخ الصراع السياسي بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي وقبل ذلك اعتصر تجارُ بشر من مهربين جشعين آخر ما يملكون من أموال، ومرَّروهم عبر دروب محفوفة بأهوال مخاطر البرية والبحرية وتهديداتها حيواتهم ونسائهم وأطفالهم.
وفي ضوء التقارير الواردة من وسط ظروفهم اللاإنسانية، فإنّ عديداً منهم وجدوا أنفسهم عالقين بميادين صراعات جيوسياسية ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل..! وتحديداً كانت بلدان أطلسية وأوروبية دعمت (معارضاً) للرئيس البيلاروسي، الأمر الذي حصد أولوية باتت مخرجاتها تقع على حساب (آلاف) طالبي اللجوء (المعارضين) للحرب في بلادهم!؟
وهكذا بات طالبو اللجوء بين من يدفعهم من بيلاروسيا باتجاه ليتوانيا وتحويلهم لأكباش فداء وأسلحة لتلك الحرب المحتدمة وبين دولة أطلسية بدأت ببناء سور من الأسلاك الشائكة بطول مئات الكيلومترات لتترك أولئك المنقولين استغلالا واتجاراً يجابهون ظروفهم المعقدة…
لقد سجلت الإحصاءات الرسمية، قرابة أكثر من(1700)مهاجر وطالب لجوء، عبر أغلبهم الحدود في شهر تموز يوليو! فيما ينتمي أكثر من نصفهم لأصول عراقية؛ الأمر الذي أشار إليه معالي وزير الخارجية العراقي بتوكيده: أن بلاده ستحقق في عمليات تهريب طالبي لجوء عراقيين إلى ليتوانيا على وفق ما أكّده وزير خارجيتها؛ ليتم التعبير عن: “رفض أن يكون هناك تجار للبشر في المجتمع العراقي” ولكن واقع الحال يشير لوقائع إنسانية بتهديدات أهوال فاجعة.
بمقابل فإن دول الاستقبال الأولى أو الأخيرة تحصر المواقف من آلاف مؤلفة من طالبي اللجوء بالرد على سياسة بيلاروسيا فيما تهمل أولوية مصائر تلك الآلاف واضطرارها لتلك الهجرة أو طلب اللجوء حيث تقع بفخ يحيلها إلى مجرد (سلاح سياسي) سواء لضغط هذا الطرف على ذاك أو العكس ولكن السؤال الأخطر والأهم بأولويته: يتجسد في إلزام بوسائل إنقاذ مصائر تلك الآلاف وإيجاد الحل لها والامتناع عن الاتجار بحقوق الإنسان على وفق ما يلائم نهج هذه الكتلة أو تلك الدولة!!!
إنَّ تلك الجماعات البشرية المهاجرة و-أو طالبة اللجوء لا تفعل ذلك إلا اضطرارا في بلاد لا تجد دعماً للشعب وحركته التنويرية على الرغم من ثورة قدمت عشرات آلاف مؤلفة من المصابين والجرحى ومئات من الضحايا دع عنكم غياهب السجون السرية والمعتقلات واشكال التعذيب المحرمة والاغتيالات وسياسة الحرمان والإقصاء ونهج الاقتصاد الريعي وأفظع سرقة للثروة الوطنية…
ومع تأكيد موضوعية أسباب طلب اللجوء ومع كل ما تعرضت له تلك العوائل من مصائب ومصاعب وأوصاب نطلق صرختنا الحقوقية كي يجد المجتمع الدولي أنجع الحلول بدل إبقاء تلكم الأعداد المهولة تحت تهديد الضغوط النفسية من جهة والسياسية التي تحكمها المصالح الأنانيةي المتعارضة ومنطق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع القانون الدولي الإنساني..
إننا نؤكد حق تلك الآلاف في توفير الحماية ومنع تكبيدها خسائر لا تعني سوى تحميلها جزاء وعقوبة صراع لا تملك أية علاقة بمساره ومخرجاته…
إن المطلب الأكيد ليس البحث عن حلول تعالج أزمات وصراعات اية سلطة سياسية أيا كان نهجها ولكنه يكمن في حماية حقوق الشعوب وتلك الفئات الهشة التي تتعرض للتهديد والابتزاز ولأشد حالات الاستغلال والاستعباد…
فمن جهة لابد من توفير الحماية الحقوقية ومنع إعادة إلى مناطق الصراع المشتعل بخاصة مع التهديد بالتصفية المعروف عن دموية الميليشيات ووحشية المافيات وبشاعة جرائمهما بوقت يمثلون السلطة الميدانية الحقيقية في العراق…
لا يجوز اليوم لا للأمم المتحدة ولا للدول الأوروبية التي تحترم حقوق الإنسان أن تحول ظروف الشعوب ومطالبها إلى مجرد هزات عابرة بخاصة في فضاء شرق أوسط ملتهب بالتدخلات الإقليمية والهزات الراديكالية الحارقة للأخضر بسعر اليابس وهو ما ترتكبه الميليشيات التابعة لنُظمٍ إرهابية معروفة..
إن دعم حركة التنوير والتغيير لا يكفّ دعم طالبي اللجوء ولا يقف بوجه تلبية مطالبهم.. ويلزم هنا إيجاد اتفاق مع حركة شعبية تحمل مطالب الشعب في وسائل الوصول لمخرجات لا تسمح بعبثية على حساب طالبي اللجوء
النصر للحركة الأممية الحقوقية وللعدالة وللشعوب وتطلعاتها في فرض إرادة السلام طريقا للتنوير والتغيير.. وكل الدعم والمؤازرة لطالبي اللجوء ورفض الحلول الترقيعية التي تضعهم في محارق جهنم وجحيم الإعادة القسرية إلى غياهب الجريمة التصفوية التي تنتظرهم، فالحماية لا توفرها وعود وتمنيات ولكنها تأتي فقط باستقرار حقيقي وانتهاء وجود كل أشكال الميليشيات والمافيات وليس تغيير مسمياتها وألاعيب سطوتها وقشمريات حكمها…
وبذات الوقت لا لوضع تلك الآلاف بمحرقة الضغط على هذه الدولة أو تلك..
أنقذوا حقوق الإنسان، أنقذوا الضحايا قبل تصفيتهم