عراقية تستعيد مفقوداتها الذهبية بعد 11 عاما من ضياعها
صلاح حسن بابان
رغم مرور 11 عاما على فقدانها مصوغاتها الذهبية التي كانت تخبئها لتجهيز ابنتيها للزواج عندما يأتي النصيب، فإن نخشين عمر لم ينقطع أملها وواصلت التوجه دائما إلى الله بالدعاء بقلب خاشع وتوجت ذلك بأداء عمرة. ولم يخيب الله رجاءها؛ فعاد إليها ما فقدته وعاد الفرح والسعادة لعائلتها.
تقول نخشين (54 عاما) إنها في أواخر يونيو/حزيران 2010، خبأت نحو 400 غرام من الذهب داخل كيس أسود ووضعته في إحدى خزائن مطبخ بيتها في مدينة شقلاوة بمحافظة أربيل (كردستان العراق)، وبعد أيام تم شراء خزانة جديدة للمطبخ، لكنّ إحدى ابنتيها -التي كانت حينها بعمر 11 عاما- قامت بإلقاء كل ما بداخل الخزانة القديمة في حاوية النفايات خارج المنزل، من دون أن تراجع أمها في ذلك. وبعدها جاءت سيارة النظافة وجمعت قمامة الحي.
وعندما عرفت الأم بالأمر ذهبت إلى موقع تجميع النفايات وأخذت تبحث عن ضالتها، ولكن دون جدوى فأصيبت بصدمة كبيرة، ولكنها في النهاية أوكلت أمرها لربها.
ومع اقتراب موعد زفاف ابنتيها منتصف عام 2010، وبعد مرور يومين على فقدان الذهب، ذهبت نخشين مرات عدة إلى مكان تجميع النفايات لتبحث مرة أخرى، أملا منها في أن يُحالفها الحظ وتجد الذهب، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل.
احمر وجه السيدة العراقية من شدّة حرارة الشمس وقتها، وحزنها العميق على ضياع الذهب ولم يتبق على زفاف ابنتيها إلا يوم واحد، وهو ما اضطر زوجها مام دارا الذي يعمل سائق سيارة أجرة إلى التكفّل بشراء ذهب لابنتيه، لرفع الحرج عنهما أمام أهل زوجيهما، فاشترى لهما ذهبا بأكثر من 10 آلاف دولار، لكنّ كل ذلك لم يشف صدر الوالدة الحزينة على فقدان ذهبها.
استجابة بعد 11 عاما
الذي كان يعمقّ جرح نخشين أكثر من ضياع الذهب وقتذاك -كما تقول- هو ما كانت تسمعه من الجيران والأقارب من اتهامات باطلة، بأن الأمر مفتعل منهم أو أن أحد أولادها أخذ الذهب، وتستذكر تلك اللحظات -في حديثها للجزيرة نت- بعينين محمرّتين من كثرة البكاء، إلا أنها تستدرك -ولسانها يلهج بشكر الله على عودة ذهبها- قائلة “كل يوم كنت أتوسل لله أن يساعدنا في العثور على الذهب.. ولم يخيبنا”.
لم يخيب أمل نخشين في أن يردّ الله المصوغات الذهبية إليها، وإن تأخرت الاستجابة لدعائها، ومع ذلك قرّرت أن تزور بيت الله نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لتؤدي العمرة، ولتُزيد من ندائها لله بأن يستجيب لدعائها، فتوسلّته وهي تُشير إلى الكعبة، قائلة: “يا رب إذا كان من عثر على الذهب فقير الحال، فمبارك عليه الذهب، وإذا كان غني، فأرجو أن تليّن قلبه ليعيده لنا”.
في هذه المرة، لم يمض سوى أسبوع بعد عودة نخشين من العمرة حتى استجاب لها الله؛ فقد طرق باب دارها أحدهم وقدم لها 11 ألفا و800 دولار، قائلا إن هذا المبلغ هو قيمة الذهب الذي فقدته قبل سنوات وقام ببيعه حينها، وأصرت السيدة على منح رزكار حمد 1500 دولار مكافئة له لرده المال.
رزكار حمد (33 عاما) الذي عثر على المصوغات الذهبية في أثناء جمعه للقطع المعدنية في مكب للنفايات، سمع في منامه صوتا يُناديه بأن يُعيد الذهب إلى صاحبته، وتكرر النداء في منامه عدة مرات وهو ما أشعره بالقلق، ودفعه في النهاية للبحث عن صاحبة الذهب رغم مرور أكثر من 11 عاما على فقدانه.
استغرق بحث حمد عن نخشين نحو أسبوع كامل -حسب قوله للجزيرة نت- وهي المدّة نفسها التي استجاب فيها الله لدعاء الأم بعد عودتها من أداء العمرة، فسلّم لها -بحضور رجل الدين ملا عمر- ثمن المصوغات الذهبية التي باعها حينها بمبلغ 11 ألفا و800 دولار.
وحسب ملا عمر، كان الأجدر بحمد أن يعيد الذهب نفسه أو ما يوازي وزنه لنخشين، وليس ما حصّله من قيمة بيعه قبل 11 سنة، إلا أن نخشين قبلت بذلك.
وحسب السعر الحالي للذهب، فإن قيمة الذهب الذي فقدته نخشين تزيد على 30 ألف دولار.
وعن ضياع الذهب والعثور عليه، يقول مام دارا (61 عاما) إن المال الحلال لن يضيع أبدا مهما طال الزّمن، والمال الحرام لن يدوم مهما كثر وازداد.