عدالة الموت
قصة
أَلمٌ ثقيل في رأسي وكأنني نمت على صخرة.. آآي..ما هذا بم ارتطمت؟!!
ما هذا الظلام؟
عجباً ..لا يمكن أن أكون قد مُت، نعم إني أنام في كفن، لكن كيف أكون ميتة وأتكلم و أشعر هكذا ؟!
ربما استعدت روحي، و إن كنت استعدتها فكيف أتنفس والتراب يلفني ، على كل حال هكذا أفضل، عبرت بنجاح الخوف من الموت، يبدو أنها ميتة مفاجئة، عثرة أو عيار ناري تائه أو غير تائه فأنا سليطة اللسان والكل يكرهني غفر الله لقاتلي ولا عثر عليه أحد..إني اشعر بالراحة. لأُمزق الكفن فقد ربطوه بقوة ربما علموا إنني سأعود للحياة فأرادوا تقييدي أكثر..ثم إن مزقته كيف يمكن أن أبقى عارية، سأبحث عن مخرج ما لوجهي وذراعي أعلم أن القبر ضيق لكن قبري فيه فسحة ، ربما رضي الله عني سأستبين الأمر ، لا لا، توجد انهيارات في الأرض يبدو أنه المطر ،كله من الله ، المهم المكان واسع.
لكن من هذا الراقد بقربي؟
هيييي من أنت؟ هل لك أن ترد؟ إن كنت رجلا فتلك مشكلة مزعجة جدا.
(ميت بكفن رديء ممزق، لا حراك) مددت يدي أهزه بغضب فكان لينا جدا، ربما مات قبل أسبوع أو أكثر،انه يتحلل.
جاءني الصوت: يا لهذا البلد حتى عندما نموت لا ننام براحة. مَن هنا ؟ من أنتِ؟ لقد تم حسابي منذ وقت وأريد النوم.
قلت: إنني جارتك، وكان يجب أن لا يدفنوني قرب رجل، إنها مسألة شرف.
قال الميت: إنني ميت قبلك،أنت من صرت بقربي، وليس عندي حاجة لشيء إلا للنوم، و لا يهمني إن بقيتِ أو رحلتِ إلى مكان آخر، لكن كيف أندمج المكان بنا؟!
قلت: أظنه المطر الغزير قد أَثر بالأرض فجرفنا معا. كم عمرك؟
قال: لماذا ؟
قلت: تعارف.
قال: ٢٦عام . واسمي عدنان ومتزوج وعندي طفل واحد..وأعمل حارسا في مدرسة.
قلت: كل كلامك أخطاء وجدانية.
قال متعجبا: كيف؟
قلت: أنت هنا الان،لا زوجة ولا طفل ولا دكان و لا مدارس، معك فقط ٢٦ عام توقفت بأيام زيادة أو نقصان.
قال: يا لكِ من كريهة لئيمة لتذكريني بموتي وفراقي ؟ اذهبي عني بعيدا .
قلت: لا تنزعج مني،إني واقعية دائما وفعلا أنا مكروهة لكنني لست لئيمة وربما قتلوني لهذه الصفة. اسمع عدنان بمميزات أٌعطيت لي أنت تتكلم الان. ألم تسمع هناك فوق قبل الموت أن القبر وحشة وغربة ووحدة، هاأنا وأنت نتحدث أعطيتك طاقة للحوار شيء يشبه الحياة .
قال: أُفضِّل الغربة والصمت والنوم عنك وعن طاقتك وحديثك اغربي عني..هيا.. ابحثي عن غيري ولينال بركاتك ويقضي القرون في الحديث معك.
قلت: القدر اختارنا لنكون معا هنا ، كلاً منا بحاجة للآخر في وحدته نتكلم ونتكلم ولاشيء آخر .
قال: وهل يبقى القدر معنا هنا أيضا، لا أريد صحبة يا عزيزتي أرجوك دعيني.
قلت:كما تحب في الصباح سأرحل .
قال: تهزئين مني ،وهل يوجد صباح هنا؟ يبدو أن أمي وزوجتي قد تشاجرتا وكلتاهما تدعوان عليّ .
قلت: صحيح ،نسيت،لا وقت هنا لكن أين سأذهب؟
قال : وما أدراني .
ساد الصمت،شعرت بأنني مازلت كريهة مملة ومازال الله يعاقبني فحتى الموتى يرفضون وجودي بقربهم، حتى الموتى المتحللون يتحملون الدود ولا يتحملونني . يا ربي أني تائبة لن أتكلم وسأصمت فهل سأنال نصيبا من الراحة..؟
ربما يقبلني أحد بقربه هنا.
حلّ الصمت والسكون المخيف، كان الدمع ينزل كحبات تراب تحرق مقلتي ووجهي، استسلمت للسكوت ، شعرت بلساني يخدر ويثقل ثم لاشيء … لقد قبلني الله، سأموت الان بالكامل كما يقولون صوتا وصورة. لأخبر عدنان سيفرح لكن حاولت الكلام فلم استطع..ابتسمت لنفسي والتحفت كفني ونمت.