أريد أن أعيش حرة، مطلقة أضحك كما أشاء وأبكي كما أريد وألبس اللباس الذي يناسب روحي ويوافق أنوثتي لا يهمني إن وصفوني فقالوا عاهرة متبرجة فمهمتي في الحياة أن أكون من شئت أن أكون وأن أحتفظ لنفسي بشخصيتي، أريد أن أناضل من أشاء وأجادل من أشاء وانتقد
من أشاء دون أن يراودني ذلك الشعور السخيف الذي يغشى كل امرأة شرقية فيقنعها بضعفها وقلة حيلتها ونقصان عقلها.
أريد أن أقول كلمتي الخير والشر للأخيار والأشرار في وجوههم لا متملقة أولئك ولا متقية هؤلاء. أريد أن أشكر الغربيين لأن لهم فضلا في تحرر كثير من بنات جنسي ونهوضهن لسبيل التمدن والحياة الكريمة المساوية للرجل في الحقوق كما في الواجبات، أرى من الواجب علي أن أقدم امتناني الكبير لمنظمات حقوق الانسان والهيئات الحقوقية والمنظمات النسوية العالمية التي كافحت وناضلت من أجل أن تتمكن أمثالي من نساء الشرق كسيرات الجناح من الامساك بالقلم وكتابة شيء بلغة قومهن..لا أنسى أن أوجه الشكر الجزيل وأضع باقة من ورد الكلمات على قبر الكبير فكرا وقلما قاسم أمين الذي كان له السبق والفضل في اقاظ همم النساء وحثهن على خلع الحجاب.. كان ذلك قبل أكثر من قرن..فاستجابت الجدات لدعوة قاسم ولبين نداءه أفواجا على إثر أفواج..واليوم يهب الظلام من كهوف التخلف ولحود الخوف والقهر ليسرق منا بناتنا ويغوص بهن في واد سحيق ضيق الشعاب مظلم الجهات..
ربما أكون مغالية في رأيي في الحجاب وصاحبه ربما لكن ما دعاني إلى المغالاة في المعادات إلا مغالاتكم معشر المسلمين وتصنعكم وتمييزكم بين النساء بالنظر إلى ملابسهن وأغطيتهن..إني أبغض هذا التمييز وأبغض هؤلاء المنافقين الذين يلعنون المرأة المتبرجة بينما لا يفوتون فرصة يختلسون فيها نظرة إلى محاسن جسمها..حتى أصبحت لا أحب شيئا في العالم حبي لبغض الناس إياي لأنني الوحيدة في حي المحجبات تلبس سروالا واصفا وتعري عن ذراعيها..وتنشر للريح غدائرها..
هذا هو عيبي الوحيد في مجتمع تكثر فيه القيود وتحنى فيه الجباه للقديم ويقدس فيه الجهل لا أعرف لنفسي عيبا سواه ولكنه عيب يعجبني جدا ويلذ لي كثيرا وإنك لا تستطيع أن تدرك مقدار ما أجده من اللذة في نفسي عندما أسير في طريقي فأراه مملوءا بنظرات البغض ملتهبا بنيران الحقد وأرى نفسي محوطة بنطاق محكم من قلوب الساخطين والناقمين. خصوصا أولئك الملتحون أصحاب اللحى المضفورة بالجهل والمقت والجلاليب القصيرة المحشوة بالغل والبغض ..فإن لهم نظرات وشزرات يا ألطاف الله..فمن مستعيذ بالله من الفتن..ومن داع باللعنة..ومن متأفف مسترجع..
لكن ايماني الشديد بفكرتي وثباتي عليها يجعل تلك المثالب التي أسمعها والعتاب الذي يصوب إلي كالبرد المتساقط الذي يتناثر على ردائي من الجو ثم ينزلق عنه إلى الأرض فأدوسه بكعب حذائي.
إني أفخر بكثرة أعدائي رجالا ونساء في هذا المجتمع الاسلامي وأعتبر عداوتهم لي بسبب خروجي عن مألوف دينهم وعاداتهم واتهامهم لي بكوني عاهرة من عاهرات الغرب المتحللات أعتبر تلك العداوة درعا حديدية صلبة تدور بجسمي فتحفظ كيانه وقوته وتمنعه عن أن يضعف أو يخور أمام طوفان القمع والتخلف والاستعباد. وكل عدو جديد لحريتي وخلاصي هو حلقة جديدة في تلك الدرع القوية المتينة التي تحميني من السهام الغادرة والسيوف والخناجر التي تتربص بي الدوائر.
سلخت أعواما حبيسة العقيدة الاسلامية وآدابها اعتقدت في أخلاق القرآن وآداب الاسلام اعتقدت أن الحق منحصر فيه وأن غير المسلمين ضالين مضلين لا يفهمون ولا يشعرون ولا يعقلون فخرجت من دنيا القرآن لأطل على أولئك المغضوب عليهم والضالين والمشركين الأنجاس، فإذا الناس من أجمل ما رأت عينك أدبا وخلقا وفضائل أعمال يحبون كل الناس ويصادقون جميع الأجناس يشعرون كل الشعور ويعقلون كل العقل ويفهمون أتم الفهم لا هم أنجاس حاشى وكلا ولا هم فجار طغاة بل أهل عدل وانصاف والحق عندهم لا يضيع ولا يهضم.ما رأيتهم يحتقرون أحدا حتى لو كان كلبا أحسنوا إليه وترفقوا به أما عندنا فانظر إلى قطط الحي وكلاب المدينة لا يكف عنها الكبار حتى يتناوشها الصغار بالعصي والحجارة فأين الرفق بالحيوان يا مجتمع الرحمة والانسانية؟
إننا نمجد السلام حبا في المدنية
وحرصا على رونقها وروائها
إننا نمجد الحرية الشخصية فليست شأنا عاما
الحرية الجنسية لأنها ليست عهرا
إننا نمجد الثورة لأنها تطوي الشرور وتكسر مقامع الحديد التي تلبس الرؤوس وتمنعها من النمو والحركة وإنه لمن المخزي لثوراتنا المجيدة أن تفشل في تحقيق أنبل أهدافها من الحرية ويظل الشعب جهلا والدين سلطة وقهرا والقضاء اجحافا وظلما.
نقلا عن الحوار المتمدن