“لقد رأيت الثقب في سفينتك منذ اليوم الأول للرحلة، لكنني قررت الإبحار معك ظنا مني أن الحب يصنع المعجزات”… إنها المقولة التي دمرت حياة الكثيرات، تزوجن بالرغم من عدم الاقتناع، تزوجن فقط لإرضاء المحيطين بهن و الهروب من ضغط مجتمع يجلد من تتأخر في الارتباط او ترفض وضعا لا يتلائم مع متطلباتها الفكرية أو الإجتماعية أو الإنسانية.
اختيار المرأة للرجل الخطأ و التمسك به إرضاء لعقلية قديمة لبعض الأسر العربية شعارها ” ظل راجل و لا ظل حيطة” هذه المقولة الظالمة و القاهرة التي تعد حكما بالإعدام، ففكرة الإنسحاب من حياة فاشلة بالنسبة للبعض قرارا صعبا او مستحيلا وخصوصا اذا لم يكن هناك استقلالا ماديا، يكون دافعا قويا للرضخ و التعايش مع وضع غير صحي، لكنه من الغباء التغافل عن الإساءة من أجل إبقاء الود، فهو طريق لتدمير النفس و تحطيمها، و لن يدفع ضريبة الأوجاع إلا المرأة نفسها عندما تكتشف أنها تحتمي بظل زائف بعد مرور قطار العمر.
لكن هناك فئة اخرى اكثر شجاعة، فئة أطلقت صرخات التمرد و الرفض لهذا الفكر العقيم و فضلت ظل الحيطة على ظل الرجل الذي لا يصلح، الفئة التي ترفض أن تعيش بدون كرامة، الحيطة بالنسبة لهم أفضل بكثير من ذله، هذه الفئة التي يطلق عليها في مجتماعتنا ” الجريئة” فهي اختارت الطريق الأصعب لكنه الاريح من وجهة نظرها، من المؤكد أنها خطوة صادمة للمحيطين بها، لكنها شجاعة، فهي مضطرة طوال الوقت ان تتحدى شعورها بالضعف الذي يظهر من حين لآخر و يحسسها بانكسارها و فشلها، انه شعور سلبي، لكنه طبيعي و ضروري للمرحلة الانتقالية التي ستمر بها لتصل الى مرحلة نضج تتخلص فيها من كل العقد التي حرمتها هدوءها النفسي وجمالها الداخلي.
الانكسار أحيانا يكون حافزا مهما لبداية جديدة و صحيحة، المرأة في الغالب لا تحتاج الى شخص كامل، لكنها تحتاج الى شخص مكمل و مريح يسهل عليها صعوبات الحياة، وبما أنها لم تجد هذا “الظل” الذي يمنح الإحترام و التقدير ، عليها الاستغناء فورا حتى لو كانت ستواجه شعورا مريرا لفترة مهما طالت، لكن يبقى دائما أن لا شئ يجبر كسرة النفس أو يبرد نارها إلا الاستغناء، فالانكسار مرة أفضل من الانكسار مدى الحياة، و أكبر عقاب لأي شخص لا يقدر قيمة الإنسان الذي يشاركه الحياة بحلوها و مرها هو الإنسحاب، فحرمانه من نعمة وجوده بجانبه أمر كفيل لكي يقتنع بالخسارة الكبيرة.
أيتها المرأة التي تبحث عن الظل، لا تجعلي حبك لأي شخص الهدف الأسمى مهما كانت التضحيات، فالحب وحده ليس كافيا لضمان راحتك النفسية، الحب تعويذة غير مضمونة، الله خلق القلوب متقلبة، لذلك فكلمة السر هو الأمان، ابحثي عنه أولا، تمسكي بالحد الأدنى لضمان حياة مريحة تركيبتها السحرية قليل من الود و كثير من الرحمة، فالمودة والرحمة هما السر التي تبنى به البيوت الدافئة و تبدد بهما الخلافات مهما صعبت.
أيتها المرأة، اعلمي أنك ستصادفين صنفان من الرجال، الأول من يريد هجرك سيجد في ثقب الباب يكون له مخرجا والتاني من يريد ودك سيعمل ثقبا في الصخرة يكون له مدخلا، ارتبطي بمن يلتمس لك العذر الف مرة، من يقتنع ان سعادتك مصدرا لسعادته، و ابتعدي عمن يسرق نفسك و روحك و طاقتك، اختاري أيضا الرجل ” الشيك” ليس بالمعنى المتداول، لكنه “الشيك ” في خصامه و غضبه و حبه و اهتمامه وتقديره، ولا تنسي عزيزتي المرأة وقت كتابة عقد الارتباط عندما يقول لك امام الملأ “هو وعد مني حبيبتي بأن يكون ما بيننا أبدي” أن تسأليه ” اهو الحب أم الوجع” لكي تضعيه في خانة الاحتمالات.
ظل حيطة و لا ذل راجل
اترك تعليقا