لا شكَّ في أن وزارة الصحة المصرية تقوم بجهدٍ فائق لمواجهة محنة كورونا العالمية لعلاج المصابين وتحجيم عدد الإصابات عن طريق توعية المواطنين لاتخاذ الإجراءات الاحترازية لتقليل انتشار الوباء. ولا شكّ في أن “حملة 100 مليون صحة” المدهشة تقوم بدور رائد في علاج المواطنين من الأمراض المزمنة والعارضة المنتشرة في جسد الكيان المصري. ولا شك كذلك في أن جهودًا عالمية تُبذل في معامل علماء الكيمياء والفارماكولوجي لاستحداث مصل يقضي على هذا الفيروس اللعين بإذن الله، كما قضى علماءُ سابقون على الإنفلونزا وشلل الأطفال والسلّ وغيرها من أعداء البشرية. ولا شكّ كذلك في أن على المواطن المصري دورًا مهما، ربما لا يقوم به على النحو الأكمل حتى الآن، في مواجهة انتشار الوباء بتحجيم الخروج غير الضروري والحد من التجمعات واتباع توجيهات السلامة كارتداء الكمامة واستعمال الكحول والنظافة الشخصية.
ولكن، على الجانب الآخر لا يتوقف الشعبُ المصري، المشهور بخفة ظله، عن السخرية من الفيروس القاتل، وتبعاته. والسخريةُ فنٌّ بشري قديم استخدمه الإنسان لكي يواجه مشاكله ويتحرر من أزماته؛ عن طريقة استخدام التورية، والاستعارات، والكناية، والأضداد، والرموز، وغيرها من الأساليب التي استخدمها الإنسانُ لقول الحقائق بطرق مواربة أو معكوسة. وأثبتت دراسةٌ جرت في جامعة كولومبيا أن السخرية تُحفّز على التفكير الإبداعيّ لدى الساخر، ولها تأثيرٌ أكبر وأعمق من الكلام الاعتيادي عند المستمع كذلك. والحقُّ أن الأدب الساخر والكاريكاتير من أصعب ألوان الفنون الإبداعية. لأنك تقولُ في كلمة صغيرة باسمة، أو في كاريكاتير من عدة خطوط، ما لم تستطع قوله في ملحماتٍ مطوّلة جادّة. ذاك أن قطرةَ الماء تُفتت الصخرة الصلدة، على نحو أعمق مما تفعله المعاولُ والمطارق. وفي انتظار البشرية لابتكار مصل يهزم فيروس كورونا، نحاول، نحن المصريين، أن نهزمه معنويًّا ونتقوّى عليه بالسخرية منه. كل ما ينقصُنا فقط هو أن يُطوِّر فيروس كوفيد19 من نفسه حتى يكون بوسعه أن يعي ويدرك ويقرأ ما نطلقه عليه من نكاتٍ ساخرة؛ فيموتُ كمدًا.
من أجمل ما قرأتُ من نكاتٍ في الفترة الماضية عن تجليّات جائحة كورونا وفترات الحظر ما يلي:
جوزى رجع من برّه خليته يستحمى بديتول وخل وغرغر بمعقم للفم ورش كلونيا. كده كفاية والاّ أغليه!
وزارة الصحة بتقول اغسل ايديك لمدة عشرين ثانية قبل الأكل. أهلى جايبين كباب، رحت أغسل إيدى ورجعت لقيتهم بيشربوا الشاى.
النهارده بس عرفت قيمة الكمامة. عديت جنب واحد سالف منه فلوس ومعرفنيش.
خبر في صحف الزمان القادم: “وكان المصريون القدماء فى عام 2020 يحتفظون بملابس خروجهم إيمانا منهم بأن هناك حياة بعد الحظر.”
وكما قال شكسبير: “نفتح تدريجى وزى ما تيجى تيجى، ولا نفتح حبّة حبّة واللى خايف يستخبى؟ That s the question.”
أحب أشكر ظروف الحظر اللى خلتنى أقعد فى البيت مع أولادى. واكتشفت إنى معرفتش أربى.
حكمة اليوم في أيام الحظر: “ياريت لو فيه لفظ خارج …. ياخدنى معاه”.
واحد قابل جاره فى مدخل العمارة وقف يقول له شايف يا حاج من ساعة ما قفلوا الكوافيرات والستات بانت على طبيعتها. رد عليه: حاج مين يا عديم النظر؟! أنا مدام رشا جارتك فى الخامس.
وسيذكر التاريخ أننا انتصرنا على الكورونا باستخدام الـBDA. أى بركة دعاء الوالدين.
كان هيحصل إيه يعنى لو مدام ياسمين الخيام قالت: “يارب كتر أفراحنا”، وسكتت، وماكانشى لازم تقول: “على أد نيتنا ادينا”؟!
وسجل يا زمان إننا والحمد لله من الجيل اللى شاف كل حاجة: زلازل وثورات و 4 رؤساء وحروب ووباء. “وتجينى … تلاقينى لسه بخيري”.
لكن أجمل نكتة أكدت لي أن شعبنا الجميل مستحيلُ أن ينخر فيه سوسُ الطائفية والشقاق، مهما حاول دعاةُ الفتن، فكانت عبارة عن حوار جرى بين صديقين: مصطفى، وأبانوب.
– مالك يا مصطفى شايل هموم الدنيا فوق دماغك ليه؟
– الحياة بقت صعبة أوي يا أبانوب يا أخويا. بعد ما قفلوا المساجد، عملت كورنر في البيت مخصوص للصلاة، بعد يومين لاقيت مراتي حطالي فيه “صندوق تبرعات”! تصور؟!
– معلش يا مصطفى يا أخويا، اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته. حالك أرحم من حالي!
– ليه … ماله حالك يا سي أبانوب؟
– بعد ما قفلوا الكنايس، عملت كورنر في البيت مخصوص للصلاة. تاني يوم لاقيت مراتي حطالي فيه “كرسي اعتراف.”
حما اللهُ مصرَ والعالم من كل شر. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
***