صقيع .. قصة قصيرة جداً
سعدي عبد الكريم
نَظرتْ لذلك الأفق البعيد من خلال باب خيمتها الذي بدا ضيقاً كحدقة عين، تزاحمت أمامها الثلوج حتى أصبحت غيمة بيضاء، لَفَّت طفلها الرضيع الذي سَلَخه الجوع بعباءتها المتهرئة، وضعت حلمة ثديها الذي جَفَّ في حلقه، ودثرته بحسرتها المهاجرة من الوطن، صوب ليل الصقيع، دمعت عينيها، وتلألأت بندى ذلك الحزن الدفين، راحت ذاكرتها المتخمة بالأسى، والخراب تستعرض هجوم الأوباش الذين قتلوا زوجها، وتسببوا بهجرتها من قريتها التي ولدت، وتزوجت فيها، استيقظت في الصباح وقد جمدت مفاصلها، نظرت إلى طفلها الذي تَحولَ الى جُثّة هامدة، سقطت من عينها دمعات بلون الغربة، ايقنت حينها، بأنها مهاجرة صوب الصقيع.