صرخة الوعي في قصائد عصمت شاهين دوسكي
* تتصاعد وتيرة الوعي والإحساس بالظلم والفوارق الطبقية.
بقلم الأديب والإعلامي أحمد لفته علي – بغداد
الأديب هو مثل السلطة التشريعية في الدولة مهماتها في المراقبة والتوجيه والإرشاد … ومن هنا نرى نظرة على إحصائية دقيقة فقط في العراق لترى كم من الصحفيين والأدباء والمثقفين والعلماء والمفكرين ..صفوا واختطفوا وقتلوا بالكواتم وبالملاحقة خوفا من أقلامهم وكشوفاتهم لمعالم الانحراف والفساد والسرقات والتصفيات الجسدية وعلى سبيل المثال هادى المهدي وهشام الهاشمي والمستشار الثقافي في وزارة الثقافة كامل شياع وتوفيق التميمي وكثيرين غيرهم والقائمة تطول بدلا من التصحيح وإيجاد حلول للأزمات بدلا من تكميم الأفواه ،مهمة المصالح الجائرة التي تستند على القوة الغاشمة والتصفية والاختطاف والقتل بهمجية وزرع الرعب والإرهاب عملية مستمرة منذ تشكيل أول حكومة عراقية ملكية في ظل الانتداب البريطاني ولحد اليوم…
الأديب الشاعر عصمت شاهين دوسكي يتناغم ويختص في هندسة الكلمات والمشاعر والإحساس للحب الطاهر وتبيان الفساد والسرقات والخراب الفكري والاجتماعي، الذين فرضوا على رقاب الناس لرعايتهم وحمايتهم ولكنهم رعاة قساة القلوب والسلوك إنهم من نسل الذئاب ينهشون لحم الفقراء ،إنهم جياع لا مال لهم ولا سكن ولا طعام وحاميهم حراميهم كما يقول المثل، يضعون العمامة باسم الدين وآخرون يلبسون آخر تصميمات الغرب في الأكل واللبس والجلوس على موائدهم العامرة وشرابهم دماء الفقراء ولحوم المساكين والمعدمين بحرمانهم من كل ملذات الحياة ،القلوب الساكتة الغاضبة ترميكم إن نطقتم بالرصاص الحي لإسكاتها وقطع أنفاسكم لا يهم رجالا كنتم أو نساء شيبا أو عجائز أعلنتم إنما نحن الرعاة والحكام جئنا لقيادتكم بكل الأسماء المقدسة والمدنية التي تربيتم عليها، تجلت أيديهم على بيع ممتلكات أوطان الفقراء بثمن بخس لتتربعوا على عرش فرعون وهتلر وكل الطغاة وحكام السوء لقيادة الرعية المنكوبة بأولادهم وفلذات أكبادهم .
بعلم هندسة الكلمات وتراكيبها الجميلة تكشف السرقات والفساد والخراب ، قلمك أيها الشاعر مسطرة المهندس الجميل لترسم الحب وتمزجه بالمآسي والنكبات والكوارث والأزمات وجفاف المياه في الأنهر وموت الفلاح في أرضه أو هجرته أو قفل معمل الفقير ليستوردوا عفونة من دول ، لم يبق حقلا أو ميدانا يا فرعون وفراعين هذا الزمان لم تلوثوه بجرائمكم .. فالطاغي مشروع إبادة الفقراء والجوعى والثكلى ..ارحل فالرحيل قريب ، نعومة الكلمات من فم مهندس الكلمات وصياغته درر الكلمات من فم ورسم عصمت شاهين الدوسكى وريشته الجميلة ، الذي يحاول أن يدخل الفرح إلى قلوب أهله ومواطنيه في بلده عابرا بها إلى سماء الأشقاء في الأوطان القريبة والبعيدة . في صور شعرية إنسانية واقعية تلمس شغاف القلب والإحساس يقول في قصيدته .. اتصال من امرأة مجهولة ..
” اتصال من امرأة مجهولة
قالت أنا أحبك ، وبحبك لست ذليلة
أنا وطن مهاجر من أعماق جميلة
لا تتركني بين أسوار بالجراح مغسولة
*************
سيدتي ..
كم فقير تسول على الأرصفة من العذاب ..؟
كم مسكين يبحث بين الدياجير عن السراب ..؟
كم أرملة في بيتها ترسم الضباب ..؟
كم ثكلى تمسح دموعها بين اليباب ..؟
*************
في وطني يا سيدتي نهر دجلة والفرات ..!!
جبال شامخات ونخيل من طيبات ..!!
كل ألوان الذهب الأبيض والأصفر للجميلات..!!
تحتار في وطني أيًة جنة تختار من جنًات ..!! ”
والمرأة رمزا للحياة للحب والجمال والحلم والأمل والطموح والعطاء ،تتصاعد وتيرة الوعي والإحساس بالظلم والفوارق الطبقية بين الشعب العراقي بمديات واسعة ورغم التهجير والنزوح وترك البيوت وهدم البيوت والبطالة والجوع والفساد في كل مرفق وإشاعة الدعارة في كل ركن من البلاد وهجرة الكفاءات أرى التكاسل والخمول يدب في جسد الشعب وكأنه مخدر أو أصابهم نومة أهل الكهف يبدو لي أن الوعي المراد في إجازة ،في قلب الأمور وتمزيق الفساد ووضع العربة خلف الحصان لتسير الخيل الانقلاب المشروع وتنوير المجتمع للمطالبة بحقوقه في الحرية والعدالة وكما خطها الدستور الدائم المشلول والمعطل ….وشاعرنا يصرخ ويصرخ ..
(من البساطة أن تكون وحيدا
بعيدا عن النفاق والشقاق
والحقد والوسواس ..)
واستدراك من الشاعر .. ولكن
( ولكن ليس من البساطة
أن تكون بين الناس بلا إحساس….!!! )
عصمت الدوسكي شاعر القلب والإحساس والوعي الثائر الطائر نعم نحن أهل الكهف وأهل القرون المتخلفة الحجرية ومتى يستيقظ الإحساس ومتى يصرخ الناس كفى ..كفى ….لقد جوعتم وضحكتم وسافرتم وذهبتم زورا للحج ،والله عادل والنبي عادل والمؤمنين لا يأكلون السحت الحرام وأين القائل والصارخ ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ” …..والى متى النوم أصحاب أهل الكهف فيقوا واستفيقوا ………… يتعالى الصراخ في قصيدة ” منها وإليها “….الذي يصرخ وهل من يلبي النداء انه البيان الإنساني في العصر الحجري .
” منها وإليها
فما بالكم تركضون ..؟
منها وإليها
فما بالكم تجمعون تتسابقون ..؟
تتصارعون على حلبة الخوف تتعبون
فما بالكم تلهثون
تلمون .. تأكلون .. تكرشون ..؟
فما بالكم تراقبون
على سرير مريح تمرضون ..؟
تحسدون .. تثرثرون .. تكرهون
وأنتم في كبد … خالقون
فما بالكم نائمون
غافلون .. هائمون أفلا تتدبرون …. ؟؟ ”
يعد الشاعر المعاصر عصمت الدوسكي في مسيرة كبار الشعراء احمد مطر ومظفر النواب ونزار قباني في مسيرتهم الفكرية والإنسانية تسير أيها الشاعر بمواكب الحلم والأمل والحب والحياة وفي قصيدة ” أنا ومن بعدي الطوفان ” تثير قضية مهمة جدا – الأنانية – الحقد – الكره – الفساد – الخراب الفكري والأخلاقي – للخرس والطرش الذين يقودون عربة الثقافة لا يفكرون ولا يهتمون، وكما يقال ” فاقد الشيء لا يعطيه ” …الإبداع يقظة الوعي والفكر والمشاعر ،والطبيب يشخص المرض بالسونار ويضع الوصفات للعلاج..وعندنا أصحاب الحل والعقد لائهون منغمسون بملذاتهم وأموالهم وعقاراتهم وصروحهم وأنت تشخص وتكشف العورات في الجسد المعدم والمسحوق والفقير ..يقول جورج حنا في كتابه ” معنى الثورة ” إن الأدب الثوري يخلق الوعي في النفوس ويعمقه انه الأدب الذي يصف الحقيقة على وجهها العاري وببساطة الحقيقة كي يعرفها الجميع ويدرك قيمتها ..انه الأدب الذي يفتح عيون الناس وينير بصيرته على الحقيقة انه الأدب الذي يلهم القلوب والضمائر ،إن الحياة عمل وكفاح في سبيل الأحسن والأفضل… ليس أناته بل ثورة على الفناء وثورة على الجمود والجهل والفقر والضعف والانكسار والأنانية ….حينما يأتي الطوفان لا يفرق بين غني وفقير ومسؤول وعاطل . …..
( أنا ومن بعدي الطوفان
هل أصبح للطوفان شأن ؟
هل تجردنا من كل شيء
لم يبق عدل ولا أمان ؟
مات الضمير في فوضى
أأصبح الضمير خبر كان ؟
هل نبحث عن نور بعيد
أأنوارنا في يد من خان ؟
وجودنا وعدم وجودنا
قالها الغريب سيان، سيان ) .
يعتبر عصمت الدوسكى جميل الأثر والعبر والمحيا والتعبير حكيم وعاشق في زمن ضبابي الملامح لكن هو رأسمال الفقراء وأغنياء بالعواطف الجياشة العاصفة وكالبركان ترمى الحمم من داخلها المشتعل شوقا وعشقا لا يعرفها إلا من حمل إحساساً مرهفاً بالحب والجمال والفكر والارتقاء والإنسانية …ولكن من يحس بك في دجنة الفوضى ..؟ بالكلمات والمشاعر والأشواق أرمي بحممك واحرق الأشواق وسر ولا تنظر إلى الوراء..فالقرار قرارك وقرار العشاق قد يكون ألق واحتراق ، عش في مملكتك فأنت الملك العاشق الملهم لأنك بكلمة تحيى .. رغم أن سنينك عجاف صحراء بلا مياه ولا غذاء والعشق في راسك يدور ويدور فالآخر هل يشاطرك مثلك أزيز النار وصوت الناي البعيد… انشد وغرد كما يحلو للبلبل المسجون في قفص ويطير حائرا من هنا وهناك… غني واطرب فالغناء زاد للمسير علك تجد مبتغاك ولكن في عالمنا يحضا بالجواهر وكل ما يصل إليه المبتور الأحمق فهو الملك وهو الوزير المقرف القهار…نزعت كلماتي عنوة لأشاطر حلمك الإنساني وارتقاءك في سموات الفكر والوعي والنور .
***************************
احمد لفته علي
ولد في مدينة الحبانية
– حاصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة العامة من جامعة بغداد عام 1969
– عمل في جريدة التأخي محررا من عام 2005 /2010
عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين
_ عضو عامل / نقابة صحفيي كوردستان
نشر أول كتاباته في مجلة المجالس المصورة الكويتية ومنها بدا ينشر كتاباته في مختلف الصحف والمجلات ومنذ عام 1980 وما بعدها ومازال يواصل الكتابة
– صدر له كتاب نقدي ” القلم وبناء فكر الإنسان 2019 م – دهوك ”