احسان جواد كاظم
من وحي المحاصصة وشريعتها كان حرص رئيس الوزراء نوري المالكي على ابقاء شعرة معاوية مع غرمائه السياسيين وليس كما ارادها الخليفة الاموي معاوية بن ابي سفيان مع قوم زمانه.
ولاشك ان تهشم بنية نهج المحاصصة الذي نشهده, كان متوقعا, فعلّة هذا النهج منه وبه لاعتماده اساس المكونات الواهي لا اساس المواطنة الرصين. فليس هناك ممن نصّب نفسه ممثلا لكل مكونه, يمثل هؤلاء المواطنين حقا. ومن هنا كان فشلهم في الوصول الى عتبة المواطن وتدبير شؤونه وانغمروا في التسابق على جني الغنائم على حسابه .
لا ندري هل شعرة معاوية التي ابقاها نوري المالكي مع طارق الهاشمي كانت نتيجة تحوّط ام تقصير معتاد ؟ استغلها الهاشمي, على كل حال, لصالحه احسن استغلال. فقد كان تماهل السلطة التنفيذية في تقديم طلب تجريد نائب رئيس الجمهورية المتهم بدعم الارهاب من مسؤولياته ومهامه الى السلطة التشريعية بعد ان قالت السلطة القضائية كلمتها باصدار امر القاء قبض بحقه تمهيدا لتقديمه للمحاكمة, احد الاخطاء القاتلة في الاداء الحكومي لابل ان الحكومة لم تكلف نفسها عناء ايقاف العمل بجواز سفره الدبلوماسي الذي يسهل هروبه او سفره الى الخارج, وهي من ابسط الاجراءات التي يفترض عملها
ازاء كل متهم بجرم معين يتطلب تقديمه للعدالة.
واذا كان لألتزام سلطة اقليم كردستان ورئيسها مسعود البارازاني باحتضان الهاشمي ظالما كان او مظلوما, والذي كان موجها ضد رئيس الوزراء نوري المالكي ضمن عملية الصراع الدائرة بينهما , فان جولات الهاشمي في دول الخليج, والتي شرع بها لكسر طوق عزلته الداخلية والتواصل مع حلفاءه الاقليميين قد قوضت من هيبة الحكومة الاتحادية في بغداد, خصوصا وان هذه القوى الاقليمية المتربصة بالعراق وتجربته الجديدة المتعثرة والتي فرشت للهاشمي البساط الاحمر تستند في استضافتها له الى حجة كونه لايزال مسؤولا يشغل منصبا رفيعا في الدولة العراقية ويتمتع باعتراف اطراف عديدة في
السلطة ذاتها. وربما انها توازي في فعلها هذا مع استقبال الحكومة العراقية للرئيس السوداني عمر البشير في القمة العربية الاخيرة والمطلوب دوليا بسبب ارتكاب جرائم ضد الانسانية.
تساؤل يفرض نفسه : كيف يمكن لطائرة قطرية استباحة الاجواء العراقية والهبوط ثم الاقلاع من احد المطارات العراقية دون علم وموافقة ادارة الطيران المدني مع عدم وجود اتفاقيات مشتركة بين البلدين تنظم ذلك؟
من هو المتواطيْ هل هي ادارة الطيران المدني ام سلطات مطار اربيل؟ ام وراء الاكمة ما وراءها, لايحق للمواطن العادي دس انفه فيها ؟!!!
هذا الاختراق القطري يشير الى ضعف سيطرة الجهات الحكومية المختصة على الاجواء العراقية وعدم اهليتها في صيانة السيادة الوطنية.
ان وضع شخص في غير مكانه ظلم, فما اكثر المظالم في بلادنا التي لايريد سياسيوها خلع ثوبا سربلته اياهم المحاصصة رغم فشلها وفشلهم.
لذا فان محاولات التشبث بالمحاصصة والاكتفاء بتشذيب نهجها بطرد الارهابيين ومحاصرة الميليشيات والفاسدين لن تاتي اكلها لأنه ستفرخ آخرين جدد.
ولا عملية التفرد بالسلطة بدعوى حاكم عادل مستبد ستنفع, فالزمان ليس الزمان وستفضي الى مآسي جديدة, يجب على القوى الحية في المجتمع العراقي تجنيب شعبنا فضائعها باعتماد نهج الديمقراطية الحقيقي ببناء دولة مواطنة مدنية حديثة.