شبقُ القرى
جابر السوداني
للشعرِ روحٌ لا تملُّ
النشيجْ.
ولي محضُ انكسارٍ قديمْ.
أورثني الحماقةَ
جـزاءً بما أسـرفـتُ
وما كان مني
حينَ شطّتْ بي الخطى
ذاهبةً عن سوءِ قصدٍ
للوعور.
وعلمتني إن الركونَ لليأسِ
حماقةٌ أخرى
وإن الخطى التي لا تعرفُ
الـدربَ
تقتاتُ صبـرَ الراكضيـنْ.
تعالي أبادلكِ احتراقي المميتَ
بالبلادةِ الباردةْ.
إنها سُـنَّـةُ البقاءِ للأخيرْ.
من أين لي أن أجيءَ
بما يلزمُـني للوصولِ إليكِ
كلُّ الدروبِ لها ثيمةٌ متشابهة.
والعسسُ المقيمونَ
على منافذِ الإيابِ
يعرفونَ سماتِ وجهـي من سنين.
وكيفما أروغُ
تذودُني عنكِ السياطُ والعُصي
سأخلعُ على بابِكِ الموصدِ
هـذا المساءَ بيعتي
وأنسلُّ مـع الفجـرِ خلسةً
والوافدين.
زرافاتٍ إلى فنائك الرحبِ
من كلِ حدبٍ ينسلونْ.
ماكرةٌ وجوههم،
وماكرٌ أنا
راودتني المنايا عن نفسي
ستينَ حماقةً مضت.
وأفضيـتُ منهـا سالمـاً
إلى منيتي المـؤجلـةْ.
حتى الرصاصاتِ
التي ترصدتْ نهـرَ دمـي
ملتْ متابعةَ الطريقْ.
والحبالُ التي تشهتْ نبضَ عنقي
تهرءَ نسيجُها الآنَ فجأةً وماتْ.
يا أنتِ يا ديدنَ السخاةِ الأكرمينْ.
أمهليني مقدارَ حماقةٍ أخرى
ووجـعٍ أنيـقْ.
سأقرعُ أبوابَ الهلاكِ
متقحماً غمارَ منيتي
لعلي أبوءُ
وانا في أرذلِ العمرِ
بـما أشتهي
وأمدُّ لكِ الصبرَ بساطاً
كما تشتهيـنْ.
لا حـلـمَ لي
يأخذُ بزمامَ خطوي عنوةً للنعيمْ.
ولا صحوةً سماويَّة الهوى
تقيني احتراقي
في غفوةِ الغيهبِ المريرْ.