كانت الانتخابات التشريعية معضلة عانى منها الشعب العراقي من تداعياتها ومشاكل عديدة تزاملت معها، واليوم بعد الوعود التي قطعت للذهاب الى انتخابات تشريعية مبكرة استبشرنا خيراً لكن الاستبشار شأن، والشأن الثاني يكاد أن يكون وعوداً ممكن التنصل منها تحت تبريرات القوى المتنفذة التي تهدف الإبقاء على اوضاعها بعد احساسها بإمكانية الفشل وخسائر كبيرة متوقعة في عدد الكراسي البرلمانية وفي هذا المضمار يطرح سؤال بشقين ملحين يجول في الاذهان
ـــــــ هل ستجري الانتخابات التشريعية حسب التاريخ الموعود السادس من حزيران 2021، أم هناك تخطيط باطني للالتفاف على الوعود والعهود؟
سؤال حيوي ووجيه مطروح على أروقة الوضع السياسي والقوى السياسية ومن يهمه استقرار الأوضاع في العراق وتجاوز حالة الفوضى والاستئثار وتبعية البعض من القوى السياسية المتنفذة.
أن الانتخابات او الانتخابات المبكرة مطلب جماهيري واسع إضافة الى كونه مطلب القوى الوطنية الديمقراطية، هذا المطلب يكتسب أهمية بالغة في عرف المطالب التي طرحتها أيضاً انتفاضة تشرين المباركة إلا ان هناك مؤشرات غير قليلة على وجود مساعي مباشرة وغير مباشرة من أجل تسويف هذا الطلب والعمل على تأجيل او تأخير الانتخابات ونستنتج من ذلك ما ذكرته عضو اللجنة القانونية النيابية النائبة الماس فاضل، ان ” المفوضية لا تستطيع إنجاز أمورها الفنية واللوجستية في الموعد المحدد لإجراء الانتخابات المبكرة، وأعتقد بأن الانتخابات تتجه نحو التأجيل الى موعد آخر” والى جانب مشروعية المطلب إجراء انتخابات مبكرة هناك مطالب ملحقة به لا تقل أهمية عن تنفيذها وبدون تلك الجوانب الأساسية يعني تبويش التوجه لانتخابات حرة وعادلة والعودة للمربع الذي جمع القوى السياسية المتنفذة والميليشيات المسلحة وفصائل تابعة للقوى الخارجية التي تسعى للتحكم في مصير الانتخابات كما في الانتخابات التي سبقتها والتي شابتها عمليات التزوير والتزييف وشراء الذمم وخداع وعي المواطنين ( مع احترامنا للأديان) بالدين والطائفية والمراجع الدينية، وما يدفع للمواطن التوجه لانتخاب من لا يمثله خداعا ورشوة او خوفاً من العقاب الدنيوي والعقاب الالهي، واستغلال أسماء الائمة والمراقد الدينية ثم لا يمكن نسيان المال العام ووسائل الاعلام الحكومية، ولم تبخل القوى الخارجية في المساهمة لتردي الأوضاع العامة ودعمها للقوى التي تسير في ركابها وتنفذ اجندتها ومخططات أهدافها، أمام كل هذه التداعيات وضبابية الطريق نحو تحقيق المطالب فإن عبد الحسين الهنداوي مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لشؤون الانتخابات أكد يوم الثلاثاء 12 / 1 / 2021 أن ” موعد الانتخابات ثابت حتى الآن كما هو مقرر من قبل الحكومة في السادس من حزيران العام الجاري ولم يطرح أي تأجيل بهذا الصدد” وأكمل حديثه أن “المفوضية اعلنت استعدادها للانتخابات، والعمل الحثيث من أجل اكمال البطاقة البايومترية لكافة الناخبين” ولو أسلمنا بتصريح مستشار رئيس الوزراء الهنداوي إلا أن قوله ” موعد الانتخابات حتى الآن” يثير قلقاً مشروعاً ويفسر عن أي نوع من التهدئة ونحن أمام استنتاج يقول “الى الآن” أما ما بعده فالمصير مجهول وهناك احتمال من تغيير الى الآن باحتمال قد يبرر صعوبة ارجاء الانتخابات ثم لتبدأ بعد ذلك مرحلة تنفيذ مخطط التأجيل او العرقلة ولمحت المفوضية العراقية العليا للانتخابات ” إن أي تأجيل لها يجب ألا يتعدى شهر أيلول 2022 المقبل ” وعلى ما يظهر ان الموضوع سيحسم باجتماع لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع الكتل السياسية ، بجانب آخر من المحتمل قد تنبري قوى متنفذة وميليشيات مسلحة وتابعة الى فرض واقع جديد باي شكل كان كي يتم التأجيل او التأخير للانتخابات وقد يستغل البرلمان لهذا الغرض لأنهم يملكون الأكثرية النسبية فيه في مقدمة هذا الاستغلال عدم التصويت على البعض من القرارات والنصوص التي تخص العملية الانتخابية المبكرة القادمة ومنها تعديل قانون المحكمة الاتحادية ، ثم حل البرلمان قبل الانتخابات المبكرة وما دام قانون الانتخابات غير العادل يفرض بقوة القوى المتنفذة صاحبة القرار في السلطة التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية فهو احتمال وارد ممكن استغلاله في الانتخابات وإعادة هيكلة قوام المجلس النيابي كما السابق وفي هذا السياق استعمال الأساليب القديمة للاستئثار بالانتخابات وفق أساليب جديدة تخص الحفاظ على الهيمنة ، في هذا المضار لاح توجه جديد في قضية تأخير او تأجيل الانتخابات وهي قضية الموازنة الاتحادية الذي يجري التماطل من قبل البعض من الكتل لتمديد ” مناقشة قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021 الى فترة أطول” وهنا يتحقق هدف تأجيل الانتخابات ولهذا أشار رحيم العبودي عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة يوم الخميس 14 / 1 / 2021 أن “القوى التي تريد تأجيل الانتخابات تعول على الوقت لضمان التأجيل بشكل قطعي” وعقب مستمراً أن “هذه القوى متخوفة من الانتخابات التي ستكون مرعبة بعد ضمان مشاركة الشباب بقوة فيها هذه المرة”، أما قضية المفوضية العليا للانتخابات فهي الأخرى محط شكوك القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية كونها غير مستقلة وتُسير وفق مصالح كتل متنفذة وتوجهاتها وعليها هي احدى مطالب التغيير والتجديد على ان تكون مستقلة فعلاً وقولاً وإلا لن يكون تغيير ، اذن قضية الانتخابات وموعدها في السادس من حزيران 2021 في دائرة الخطر بالنسبة لجميع القوى المتنفذة التي حصلت على نتائج مرضية في السابق والتي راحت تخشى من نتائج غير محسوبة في عرف مخططاتها الحالية اذا ما نفذت المطالب المشروعة للقوى الوطنية وانتفاضة تشرين وحصلت هذه الأخيرة على الأفضل، ولهذا فإن القوى المتنفذة والتابعة سوف تعمل بكل ما تستطيع عليه من أجل المحافظة على مواقعها أو قيامها بالشروط التي تؤمن لها نتائج مرضية ومواقع رئيسية في البرلمان والحكومة.، الانتخابات المبكرة القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للجميع، القوى المتنفذة والميليشيات التابعة من جانب والقوى المدنية الوطنية والديمقراطية من جانب آخر ، حاسمة في مصير المطالب الإصلاحية ونهج التغيير أو البقاء في المربع الأول واستمرار تداعيات الهيمنة على السلطة مع تغييرات طفيفة لذر الرماد في العيون ، مفوضية الانتخابات العليا المستقلة للانتخابات العراقية مازالت تفعل فعلها مع الشكوك بعدم استقلاليتها وقد أعلنت حول أعداد العراقيين الذين يحق لهم التصويت في انتخابات السادس من حزيران بحوالي ( 25 ) مليون ناخب وهو رقم غير قليل يحتاج الى التدقيق في المشاركة أو عدمها وتلعب المستجدات التي ظهرت في ظروف جائحة كورونا الحاجة الماسة للإحصاء وبخاصة الناخبين العراقيين خارج العراق وأشير ” بسبب جائحة كورونا وصعوبة إرسال كوادر المفوضيـة الى الخارج لتحديث سجل ناخبي الخارج تمت مفاتحة وزارة الخارجية للاستعانة بكوادر الوزارة في السفارات العراقية للمساهمة في تحديث سجل الناخبين بعد تدريب تلك الكوادر” إضافة الى وجود معضلة منع التزوير والتجاوز والتلاعب ما قبل لانتخابات أو اثنائها وأوضحت هذا الجانب اجتماع الرئاسات العراقية والمبعوثة الأممية ومفوضية الانتخابات بالدعوة الى اتخاذ ” إجراءات صارمة ” لمنع التزوير والتلاعب بالانتخابات، وعلى الرغم من تأكيدات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ومستشارية بالمضي نحو إنجاز الانتخابات المبكرة في السادس من حزيران 2021 إلا اننا نجد أن العراقيل وما يتخذ في مجال التهيؤ للقيام بها ونجاح المساعي لجعلها حرة وعادلة ما زالت تثير الشكوك لدى المواطنين والقوى الوطنية والديمقراطية ان هناك تدابير قد تظهر لتكون السبب في التأخير او التأجيل، مازلنا متفائلين بقدرات شعبنا وإبطال الانتفاضة التشرينية وشهدائها وكافة القوى الخيرة من وطنيين وديمقراطيين ومستقلين من اجل تغير الواقع المر الذي خلقته القوى الطائفية والميليشيات الطائفية والتابعة من خلال سن قانون انتخابي عادل ومفوضية انتخابات عليا مستقلة فعلا وهي إحدى مطالب جماهيرنا الكادحة والانتفاضة التشرينية والقوى الخيرة ، وتبقى الانتخابات المبكرة مطلب رئيسي بهدف التغيير والإصلاح وإنهاء هيمنة المحاصصة الطائفية وحصر السلاح بيد الدولة ومنع الميليشيات المسلحة من مزاولة نشاطها المخرب والمدمر للدولة الوطنية المدنية، إلا ان مخاطر تأجيلها جاء على لسان المفوضية حيث نوهت بأنه قد لا يتجاوز أيلول 2021 ! وأكد في هذا الصدد النائب عن سائرون محمود الزجراوي “هناك قوى سياسية متنفذة لا تريد إجراء الانتخابات المبكرة في حزيران” لقد نوهنا في مقدمة الموضوع عن عدم استعداد البعض من القوى السياسية إجراء انتخابات مبكرة تخوفاً للخسارة المتوقعة وهي تريد ضمان الحصول على المكاسب نفسها التي حصلت عليها في انتخابات سابقة، ونرى يجب ان تجري الانتخابات في موعدها المحدد السادس من حزيران 2021 وفق معايير ومطالب مشروعة، أولاً: قانون انتخابي عادل.. وثانيا: مفوضية عليا للانتخابات مستقلة قولاً وفعلاً. فهل سيقفز مصطفى الكاظمي على المطلب الذي وعد والرئاسات الثلاثة به؟ وهل ينتج عن الاجتماع بالكتل السبت 16 / 1 / 202 تغيير موعد الانتخابات المتفق عليه؟ لننتظر..
شبح تأجيل الانتخابات يطرق الأبواب
اترك تعليقا