(سيناريو استعراض العضلات والبوزات – مصيره الإزدراء والعزلة )
– الغرور حالة مرضية نفسية تخذل صاحبها-
الإعلام الروسي أساء كثيرا إلى بوتن حين يظهره مرتقيا فرسه وهو شبه عار كأنه أحد قادة قبائل الهنود الحمر.. أو يقودُ احد الدببة القطبية أو يمارس رياضة الجودو كأنه يؤدي دور بهلوان الخ من الاستعراضات التي غالبا ما نشاهدها في مسلسلات مثل – حافات المياه-. مصير هكذا أشخاص محكوم عليه سلفاً والتاريخ القريب شاهد لا يقبل الجدل.
عدوى الاستعراضات هذه أصابت الكثير من الناس، ساعة تجده مخنزر العينين وأخرى يؤدي لغة جسد تثير السخرية والتعليقات!
لا ادري كيف يرتاح هذا البوتن إلى غروره هذا وقد سبقه على غرار ما يفعل اكثر من دكتاتور آودى به المصير إلى مزبلة التاريخ.
“يقول ماركس إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة”
أبان مرحلة الطفولة ستينيات القرن الماضي ، ومع انتشار مجلات الخيال والبطولات والمغامرات كمجلات مثل ميكي ماوس وسمير وسوبرمان والمتفرج والفكاهة من ثم بساط الريح والمغامر ، بدأ العقل يتلمس ما يحيط به من عوالم. ومع فترة المراهقة والتنوع الديموغرافي البشري ، جيران طيبون من اليهود والنصارى والصابئة والمسلمين تنوعت مصادر التأثير واطلعنا على بعض العادات والتقاليد بل اختلطنا منذ الصغر بما يعرف بالجنس اللطيف ونمى لدينا الميل للجنس الأجمل وتشذّبت وحشيتنا وتحسسنا بالنظر فحسب معالم الإنوثة والجمال. من ثمّ اتسعت مداركنا الساذجة والبريئة وغدونا نلتهم المعارف مما يعرض من كتب ومجلات مستعملة عادة ما يمدها الباعة عند مقتربات الجسر الرئيسي في مركز المدينة في لواء الديوانية.
في البيت ان اقلقنا أمرٌ معرفي فمرجعنا الوالدة كونها متواجدة أغلب الوقت.
وما كان يقلقنا سؤال الوجود وبالذات ما نراه في ليالي الصيف من على السطوح حين نضطجع على اسرّة من جريد سعف النخيل محدقين في صفحة السماء وازدحام النجوم: ماذا وراء تلك السماء ؟ وكان الجواب الذي يثير سؤالاً مشابها : عوالم أخرى ، سبع سموات.. وتعجز امهاتنا عن اقناعنا ، وماذا بعدها؟
حين بلغنا وتأهلنا وانجبنا أبناءنا ، صاروا يقلقوننا بشغف أكبر من قبيل: سيأتي زمان تحقق فيه التكنولوجيا وعلوم الإنسان حلمنا في آلة الزمن فبدلا من ركوبها والسفر إلى الماضي السحيق يمكن عبر جمع الموجات الصوتية وفرزها سنتعرف ونحن هنا على عصر الديناصورات بل ونسمع ايضا اصوات الرسل والانبياء واصوات من نرغب سماعه من احبابنا واقربائنا.. طالما الصوت هو جزء من مادة لا تفنى ولا تستحدث من العدم ، وهي حتما مبعثرة في الفضاء وبالامكان اعادة توليفها وجمعها ثم التحقق من هويات مصادرها!
عبارة طافت على بالي، وسط هذا العالم المتلاطم بالجوائح والحروب والتخلف المقيت لأقوام من البشر بسبب عامل رئيس ألا وهو الأقتصاد. فمنذ ظهور قوة العمل ووسائلة شرعت التجارة تتسيد على طبيعة علاقات الأقوام .. بل منذ الحاجات الرئيسة للبشر في تأمين قوته واكتشافه للنار وخوفه منها حتى عبدها وصار يحفر على الصخور اشكال الحيوانات التي تهدده وتسعى لافتراسه فدافع لانقاذ نفسه وحال انتصاره شرب من دمائها وتذوق لحومها.
مع تطور وسائل الانتاج وتسخير الأقوام ذات الهيمنة بكثرتها وما تمتلكه من ادوات للعراك، استُعبدت أقوامٌ أخرى طمعا بالاستحواذ على تسخير شبابها لأعمال السخرة وسرقة مخزونها من مؤونة طعام مجفف وملح وحتى ماء الشرب.
وانتقل صراع الإنسان ضد نفسه.
ما نعيشه اليوم يذكرنا بمقولة مؤرخ ومفكر الماني مشهور في حقل الاقتصاد اسمه كارل ماركس.
له عبارة شائعة كثر استخدامها عدة مرات، وعلى الأخص في السنوات الأخيرة بواسطة الكاتب سلافوي جيجيك.
المقولة هذه استخدمها كارل ماركس لأول مرة في مقالته ،” الثامن عشر من برومير- لويس بونابرت” بالألمانية: Der 18te Brumaire des Louis Napoleon)) مقالة كتبها بين ديسمبر 1851 ومارس 1852. حيث يشير ماركس إلى نابليون على أنه المأساة وابن أخيه لويس (نابليون الثالث) باعتباره المهزلة.
والملاحظ تاريخيا أن المفكر هيجل قد ذكر في مكان ما أن جميع الحقائق والشخصيات التاريخية العالمية تظهر مرتين إذا جاز التعبير. لكن فاته أن يضيف: المرة الأولى كمأساة ، والمرة الثانية مهزلة.
اليوم إن وجد قانون فهو يحكم الضعفاء ممن لا سند لهم ولا مال.
اليوم السلاح المنفلت والتجاوزات والفساد وسوء الخدمات والتنافس على الاستحواذ على المصالح ، على قدم وساق. اليوم كثر الحديث عن الإستقلال فبات التمزق على الأبواب.
خدَمة واحدة لم تتحقق منذ عشرين عاما. وقت الإفطار تغيب الكهرباء!
حين تسأل سائق سيارة للأجرة عن الأحوال يرد دون أن يرمش له جفن: مهزلة!