د.خالد ممدوح العزي
النظام السوري دق الماء تبق ماء:
لم يعد يغب عن بال احد بان النظام السوري يمارس سياسة القتل الجماعي والإرهاب المنظم بحق شعبه متجرعا القوة من شركائه في القتل روسيا وإيران ،متحديا العالم بممارسة القتل الجماعي للشعب الأعزل من اجل الحفاظ على بقاء الأسد والعائلة الحاكمة في سدة السلطة التي عابت فاسدا وإرهابا وقرفا تحت شعارات وهمية ساقطة “العروبية والقوميجية”، لان مقاتلة إسرائيل شماعة الأنظمة الدكتاتورية والإرهابية العربية في القرن الواحد وعشرين.
النظام السوري الذي يستخدم الخيار العسكري والأمني بكل عين وقحة ضد شعبه محاولا إسكات الشعب الثائر والمحتج على سلطته من خلال إسكاتهم بالقتل أو إسكاتهم بالخوف ،لكن رد الشعب الثائر والمتظاهر يوميا ليلا ونهار صيفا وشتاء يقول للأسد لن نتراجع عن إسقاط نظامك مهما كلف الثمن ومهما حتى لو وقف العالم كله وراء ظهرك ليس روسيا وإيران ،لان ورائنا الله وحده وقوة وعزيمة الشعب السوري المصر على إسقاطك بالقوة .
بالرغم من قوة النيران التي يستخدمها الأسد وعصاباته في هجومهم ضد الجيش السوري الحر لكن طلائع قواته النخبوية تتقهقر من خلال نمو الانشقاقات التي تحدث يوميا في صفوف قوته والانتماء إلى الجيش الحر الذي بات يسيطر على مناطق كاملة في سورية وأضحى يؤمن الحماية الكافية للشعب السوري المتظاهر والرافع صوته بوجه الأسد ونظامه وعصاباته .
الجيش السوري الحر اضحى شريكا في سورية القادمة:
من المؤكد بأن قوات الجيش الحر السوري بدأت تنمو سريعا من خلال الانشقاقات الكثيرة التي أضحت تحدث باستمرار في صفوف عصابات الأسد ،ومن خلال تحول هذه القوى والعناصر الى عصابات حقيقية تديرها مجموعة من المستفيدين من بقاء سلطة وعربدة هذا النظام البائد والفاشل ،فالجيش الحر بالرغم من المشاكل التي لا تزال تدور حوله وحول طبيعة عمله المستقبلية بين القوى السياسية المعارضة لكنه استطاع انجاز مهام أساسية في مسيرة الثورة السلمية السورية :
1-أحداث الجيش السوري الحر توازن رعب من خلال وجود قوات الجيش الحر في المدن السورية الذي يمنع من تحرك عصابات الأسد بحرية في قمعها للمتظاهرين .
2-لقد استطاع الجيش السوري الحر من تامين حماية للمدنيين السوريين عند خروجهم للتظاهر.
3-لقد إربك الجيش السوري الحر من خلال الانشقاقات وضع نظام الأسد الذي كان يعول على بقاء الجيش بشكل كامل إلى جانبه من خلال ترويجه لمقاولته الشهيرة بان سورية تقاتل الإرهاب .
4- لقد أتبت الجيش السوري الحر قدرته القتالية على الأرض، وجدارته العالية ،من خلال المعارك الذي يخوضها يوميا ضد الجيش الأسد من خلال محافظته على المناطق التي تعتبر شبه محررة في سورية، إضافة المناطق الذي يحررها من سلة النظام والتي كانت في مناطق الزبداني وريف دمشق وادلب وحمص .
5- لقد اكتسب الجيش الحر شرعيته من خلال الالتفاف الشعبي السوري معه وتأيده لهم من خلال جمعة أطلقت عليها الجيش الحر يحميني ،والتنسيق السياسي الذي تم مع المجلس الوطني السوري الانتقالي من خلال التبني السياسي للجيش الحر ،إلى تنسيق في العمل الميداني .
6- الجيش الحر اكتسب شرعيته الأساسية من نظام الأسد نفسه من خلال التفاوض الذي تم بين قوات الأسد وقوات الجيش الحر في منطقة الزبداني، بعد هذه المعركة الذي انتصر فيه الجيش الحر باعتراف رسمي سوري.
أمام كل هذه المعطيات الجديدة التي حققها الجيش الحر التي بات ظاهر للعلن بان المراهنة العربية والغربية على تغير الوضع السوري الحالي من خلال قوة الجيش الحر لذي أضحى هو أمل السوريين في التغير والحامي لتظاهراتهم السلمية ،والذي سيجبر العالم كله بالنظار الى هذا الجيش بنظرة مختلفة جدا ،والتي سوف تعني بتقديم المساعدات المادية والعسكرية واللجوجستية لهذا الجيش والتبني السياسي لهم مما سوف يساعد على الكثير من الجنرالات السورية والرتب الكبرى بحسم مواقفها لصالح الجيش الحر والتخلي عن عصابات الأسد،وهذا التوجه الدولي والعالمي سوف ينزع الصبغة التي تفرض على عديد هذا الجيش بأنه يمثل طائفة معينة في سورية من خلال تمرد أفراد كثر من طوائف وقوميات سورية أخرى، والانضواء تحت عباءات هذا الجيش الوطني ، ولكن هذا لا يعني بان الجيش السوري بالأصل هو من الأكثرية السنية بسبب التركيبة الديمغرافية لسورية ولكن هذا جيش الدولة الوطني والمستقبلي بالرغم من كون عائلة الأسد فوضت في القيادة الموالين لها في قيادة هذا الجيش وحملت صلاحيات خاصة لإفراد من طائفة خاصة العلوية ،فالجيش السوري ليس جيش طائفي، وإنما جيش وطني مسيطر عليه من قبل أشخاص وإفراد فاسدين تحت صفت طائفية مشبوها.
جمعة تظاهر حاسمة في شعارها:
لم يعد الشعب السوري ينتظر ماذا يمكن أن يقرر العالم بمصيره والتفاوض حول مصالحهم الخاصة على مصيره المجهول الذي يعبث فيه الأسد وعصاباته طوال مدة إحدى شهرا من القتل والبطش والمعاناة والمأساة التي يعيشها الشعب السوري الصامد بوجه النظام وقمعه بالرغم من الحديد والنار المستخدم والتجويع والبرد القارص الذي يهدد الشعب إلى جانب النظام القمعي البائد والضعف العربي وانقسام العالم حول مصالحها،وبظل التعنت الروسي والموقف اللانساني وللأخلاقي التي تمارسه موسكو من اجل تحصيل مكاسب خاصة على حساب الشعب السوري وبظل تعامل إيران الذي يخدم النظام السوري في قتل شعبه ،يبقى صوت الشعب المتصاعد بكل العواصف التي تقول يشعب لا يهزك ريح ولا نخاف الفيتو الروسي ونظام الملالي الإيراني وبالتالي الأنظمة التي تقف مع هذا النظام بالأصل لا يهمها بالأصل حقوق الإنسان والقمع والقتل ألان القتل والموت عندهم شيء عادي ،وخاصة الشعب الذي يتظاهر يوميا ليلا ونهارا شتاء وبردا ،من اجل تغير النظام وإسقاط الأسد بل يطالب بإعدامه تقوم روسيا برفض التنحي ورفض عقوبات ضده ومنح تصدير السلاح له ،وتدعوا للمحاورة وتقبل استضافة المتحاورين في موسكو،فالمعارضة التي ذهبت إلى موسكو ثلاثة مرات للتحاور مع موسكو فكانت موسكو غير مهتمة للتحاور ،الشعب الذي فوض صلاحياته للمجلس الوطني باعتباره يمثله والجيش الحر يحميه والحماية الدولية مطلبه، خرج الشعب من جديد في مظاهرات جديدة في كافة النواحي والمدن السورية بتاريخ 27 يناير “كانون الثاني “2012 من خلال جمعة جديدة أطلق عليها اسم جمعة حق الدفاع عن النفس ” ليقول الشعب السوري بأنه لبى نداء لجان التنسيق الثورية ليضع العالم كله أمام مسؤوليته الجدية اتجاه الأزمة السورية التي باتت تنزلق نحو رد فعل ضد العنف المفرط الذي استخدمه النظام طوال فترة القمع وبالتالي الرد سوف يعرض سورية والمنطقة لازمة جديدة وكذلك مصالح العالم الغربي وروسيا لخطر ،فالشعب يقول إذا لم تحمونا من جرم هذا النظام فإننا نتجه نحو حماية نفسنا بأيدينا وهذا الجيش الحر هو بداية المعركة من اجل إسقاط هذا النظام بقوة السلاح . فالتظاهرات التي اتسعت دوائرها في هذه الجمعة مستفيدة من وجود المبعوثين العرب وتوازن الرعب الذي فرضه الجيش الحر،لتشكل نقاط التظاهر 588 نقطة في كل إرجاء سورية التي باتت التظاهرات تتسع والعنف والدم يكبر ،لتصل لغة الرصاص والموت إلى حلب لتكون حلب نقطة انقلاب جديدة في المعادلة السورية من خلال التظاهر والقتل والدم الذي شملها هذه المرة، بعد أن حاول النظام تجنب القتل فيها ومنعها عن خارطة التظاهر،فألاهم في هذه الجمعة هي قرار الجامعة العربية بإطلاق مبادرة كاملة لحل الأزمة السورية وإيقاف عمل المبعوثين العرب في سورية.
المبادرة العربية تحرج وتزعج موسكو :
لقد عملت الجامعة العربية بسرعة من خلال طرح مبادرة عربية كاملة متكاملة لإنقاذ سورية الدولة وشعبها من أيدي الجلاد الذي بات يتلذذ بقتل الشعب وسفك الدماء السورية من خلال المجازر المرعبة التي يرتكبها ضد المدنيين العزل محاولا تبرير قتله بأنهم إرهابيين،فالجامعة العربية التي اتخذت هذا القرار هو لإنقاذ سورية وشعبها ولإحراج روسيا الدولة الشريكة في قتل السوريين من خلال عربدتها في مجلس الأمن الدولي وتعطيل أي قرار يدين الأسد ونظامه لأنه يحافظ على مصالح النظام الفاسد والقمعي في روسيا.لقد حددت المبادرة العربية عدة بنود تتلخص بنقل السلطة السلمي في سورية من خلال تفويض الأسد بصلاحياته لنائبه فاروق الشرع وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تقوم بإعداد كل المسائل القانونية التي تهيئ لتأسيس انتخابات في سورية حرة وشفافة وهذه المبادرة تشبه المبادرة الخليجية في اليمن ،ولقد ربطتها الجامعة العربية بثالث بنود هامة :
1-جدول زمني يتابع سير تنفيذ المبادرة، وتكليف شخص بمتابعة العملية .
2- توقيف القتل فورا وسحب العسكر إلى ثكنته،ورفض التدخل العسكري الأجنبي .
3- التوجه إلى مجلس الأمن من خلال تؤمين الغطاء والدعم الدوليان للمبادرة .
فكانت زيارة الأمين العام للجامعة نبيل العربي ورئيس لجنة المتابعة السورية رئيس وزراء قطر ،واللذان عقدا اجتماعا هاما في مجلس الأمن بتاريخ 31 يناير كانون الثاني 2012 بحضور دولي رفيع المستوى تمثل بحضور وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي،و بتغيب وزير خارجية روسيا سرغي لافروف .
لقد كنت مهمة الوفد العربي في نيويورك هي الشرح التفاصيل والدقيقة لعمل الجامعة العربية، وتعاطيها مع الملف السوري، والخوف من انزلاق سورية نحو الحرب الأهلية الذي يدفع بها النظام السوري من خلال استخدامه للعنف المفرط ضد أبناءه، مما دفع العديد من هؤلاء “المواطنين” برفع السلاح ضد عنف الأسد، وقواته للدفاع عن النفس، ولكن مع استمرار مجازر النظام الذي حذرت منها اللجنة سوف تذهب سورية إلى حرب داخلية لذلك تطلب اللجنة العربية يتأيد دولي من خلال إدانة عنف النظام ومطالبته بتطبيق المبادرة العربية التي تنقذ الوضع ،فالجامعة العربية تدرك بأنها سوف تلاقي اعتراض روسيا من خلال استخدامه للفيتو مرة ثانية من خلال عرقلة أي مشروع أممي.
العرب يحرجون شريك النظام في القتل :
الدول العربية منظمة إقليمية ذات حقوق دولية، يمكنها الخروج بمبادرة معينة والعمل على تسويقها دوليا ،وهي اليوم تطلب الدعم الدولي لمبادرتها المطروحة دوليا ، فالجامعة العربية في توجهها إلى مجلس الأمن حولت إحراج روسيا التي كانت تطالب وتحث الدول العربية على الخروج بمبادرة تشبه المبادرة اليمنية لحل الملف اليمني ،ولكن اليوم موسكو تهرب إلى الأمم من خلال عرقلتها حتى للمبادرة العربية التي كانت تطمح إليها سابقا,وكان روسيا دخلت في مزاد داخلي من خلال تعويم أزمتها الداخلية بين المعارضة والرئيس الحالي على أبواب الانتخابات الرئاسية القادمة للتمسك أكثر بالملف السوري ،ودفع الدول العربية بالخروج والتفتيش عن حلول أخرى تتخطى موسكو .وخاصة بان خطوات الجامعة العربية السريعة باتت تضيق الخناق على الأسد وروسيا التي كانت تشتري له الوقت لحل أزمته مع شعبه ،لم تكتفي الجامعة بطرح المبادرة العربية بتاريخ يناير “كانون الثاني “2012 بل اتخذت قرارا سريعا فيما بعد بإيقاف مهمة المبعوثتين العرب في سورية بتاريخ يناير 28″كانون الثاني “2012 بعد انسحاب دول عربية كثيرة من هذه المهزلة والجريمة التي كانت تمنح الأسد حق القتل الشرعي والرسمي والتي عولت موسكو عليها كثيرا في إنقاذ النظام من خلال الإطالة في عمر النظام ومحاولة الانقضاض على الحراك الشعبي من خلال المجازر اليومية والتي كانت روسيا مصدر سلاحها الفعال.
هذه الخطوات العربية السريعة التي اتخذت في معالجة الأزمة السورية أزعجت روسيا وأربكتها في التعامل مع سير الأزمة بظل فتح ملف إيران النووي والعقوبات الأمريكية والغربية على قطاع النفط والمال الإيراني.
فالروس الذين سوف يستخدمون الفيتو بسبب انزعاجهم من الموقف العربي الذي يدعوا الأسد للرحيل بطريقة مبطنة، وعدم رغبة موسكو بفرض عقوبات اقتصادية وتزويد سورية بالسلاح ،وتشكيل حكومة جديدة ،لأنهم يعتبرون أنفسهم بأنهم خسروا الورقة السورية التي راهنوا عليها،فذلك يعني الرحيل الروسي عن منطقة الشرق الأوسط،بسبب الغباء السياسي الروسي.
خيارات العرب وخيارات موسكو:
فالعرب قرروا خوض المعركة من بابها العريض مع النظام السوري لإسقاطه وإحراج روسيا في مجلس الأمن .
فالعرب سوف يستخدمون كل الوسائل المتاحة لهم في المعركة ضد روسيا وإيران من اجل سورية ،لقد بدأت المعركة مع روسيا في إحراجها السياسي والدولي وتغيب وزير خارجيتها عن جلسة مجلس الأمن ،والتفتيش عن احتمال أخر فالاحتمالات كثيرة أمام العرب للتخطي الفيتو الروسي من خلال عدة أبواب أهمها الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة والجامعة العربية،حلف الأطلسي ،الجامعة العربية نفسها ،منظمة المؤتمر الإسلامي،الجيش الحر في سورية ، والغاز القطري والنفط السعودي، تعزيز قدرت طالبان في أفغانستان ووسط أسيا ،تحريك العامل الإسلامي في روسيا وجمهوريات أسيا الوسطى، إلى الاعتراف بجمهورية كوسوفو .
بينما لا تملك روسيا سوى الدخول في حرب عسكرية مباشرة مع النظام السوري وهذا مستنقع خطير لا تقدم عليه روسيا لأنها تصبح في مواجهة عربية وإسلامية مباشرة تكرار لسيناريو أفغانستان سابقا،والحل الثاني ترك الأسد ونظامه لوحده والخروج من سورية دون أي مكاسب بعد أن تمكن الأمريكان من فتح ملف ايران النووي ووضع روسيا في أزمة حقيقية وخاصة بظل تصاعد الاعتراض السياسي والشعبي ضد نظام بوتين وخاصة بأنه يستعد لمعركة انتخابات جديدة ،وبالتالي روسيا سوف تخرج من سورية دون أية مكاسب وحتى ثمن السلاح الذي أرسلته للنظام لن تقبض ثمنه.
بالطبع روسيا سوف تستخدم الفيتو الذي أضحت موسكو تلوح به ،ضد أي قرار لا يناسبها ،ولا يناسب طموحها الاقتصادي والمالي.
فالروس يجمدون إعمال مجلس الأمن الدولي ، من خلال عرقلة أي قرار يدين عنف النظام السوري، وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم موسكو بالعرقلة ،في العام 1958 في إحداث شبه الجزيرة الكورية، في العراق في العام 1991 -2003، وفي يوغسلافيا ضد صربيا في العام 1999 ولكن الأزمات كلها تم حلها دون التوقف أمام الفيتو الروسي الذي كان عائق فعليا في العمل الدولي والدبلوماسي ،
لكن المشكلة ليس الفيتو والموقف الروسي، وإنما ضرورة السرعة العربية بسرعة ،لكي يوازي تحركات وثورة الشعب السوري.
أما الموقف الإيراني ومواجهته بداء فعلا ولكن سوف يتم في المقال القادم.
د.خالد ممدوح العزي
باحث إعلامي ،ومختص بالإعلام السياسي والدعاية
سورية الحرية: الحل العربي يحرج روسيا، بعد أن أضحت شريكا للنظام في القتل…!!!
النظام السوري دق الماء تبق ماء:
لم يعد يغب عن بال احد بان النظام السوري يمارس سياسة القتل الجماعي والإرهاب المنظم بحق شعبه متجرعا القوة من شركائه في القتل روسيا وإيران ،متحديا العالم بممارسة القتل الجماعي للشعب الأعزل من اجل الحفاظ على بقاء الأسد والعائلة الحاكمة في سدة السلطة التي عابت فاسدا وإرهابا وقرفا تحت شعارات وهمية ساقطة “العروبية والقوميجية”، لان مقاتلة إسرائيل شماعة الأنظمة الدكتاتورية والإرهابية العربية في القرن الواحد وعشرين.
النظام السوري الذي يستخدم الخيار العسكري والأمني بكل عين وقحة ضد شعبه محاولا إسكات الشعب الثائر والمحتج على سلطته من خلال إسكاتهم بالقتل أو إسكاتهم بالخوف ،لكن رد الشعب الثائر والمتظاهر يوميا ليلا ونهار صيفا وشتاء يقول للأسد لن نتراجع عن إسقاط نظامك مهما كلف الثمن ومهما حتى لو وقف العالم كله وراء ظهرك ليس روسيا وإيران ،لان ورائنا الله وحده وقوة وعزيمة الشعب السوري المصر على إسقاطك بالقوة .
بالرغم من قوة النيران التي يستخدمها الأسد وعصاباته في هجومهم ضد الجيش السوري الحر لكن طلائع قواته النخبوية تتقهقر من خلال نمو الانشقاقات التي تحدث يوميا في صفوف قوته والانتماء إلى الجيش الحر الذي بات يسيطر على مناطق كاملة في سورية وأضحى يؤمن الحماية الكافية للشعب السوري المتظاهر والرافع صوته بوجه الأسد ونظامه وعصاباته .
الجيش السوري الحر اضحى شريكا في سورية القادمة:
من المؤكد بأن قوات الجيش الحر السوري بدأت تنمو سريعا من خلال الانشقاقات الكثيرة التي أضحت تحدث باستمرار في صفوف عصابات الأسد ،ومن خلال تحول هذه القوى والعناصر الى عصابات حقيقية تديرها مجموعة من المستفيدين من بقاء سلطة وعربدة هذا النظام البائد والفاشل ،فالجيش الحر بالرغم من المشاكل التي لا تزال تدور حوله وحول طبيعة عمله المستقبلية بين القوى السياسية المعارضة لكنه استطاع انجاز مهام أساسية في مسيرة الثورة السلمية السورية :
1-أحداث الجيش السوري الحر توازن رعب من خلال وجود قوات الجيش الحر في المدن السورية الذي يمنع من تحرك عصابات الأسد بحرية في قمعها للمتظاهرين .
2-لقد استطاع الجيش السوري الحر من تامين حماية للمدنيين السوريين عند خروجهم للتظاهر.
3-لقد إربك الجيش السوري الحر من خلال الانشقاقات وضع نظام الأسد الذي كان يعول على بقاء الجيش بشكل كامل إلى جانبه من خلال ترويجه لمقاولته الشهيرة بان سورية تقاتل الإرهاب .
4- لقد أتبت الجيش السوري الحر قدرته القتالية على الأرض، وجدارته العالية ،من خلال المعارك الذي يخوضها يوميا ضد الجيش الأسد من خلال محافظته على المناطق التي تعتبر شبه محررة في سورية، إضافة المناطق الذي يحررها من سلة النظام والتي كانت في مناطق الزبداني وريف دمشق وادلب وحمص .
5- لقد اكتسب الجيش الحر شرعيته من خلال الالتفاف الشعبي السوري معه وتأيده لهم من خلال جمعة أطلقت عليها الجيش الحر يحميني ،والتنسيق السياسي الذي تم مع المجلس الوطني السوري الانتقالي من خلال التبني السياسي للجيش الحر ،إلى تنسيق في العمل الميداني .
6- الجيش الحر اكتسب شرعيته الأساسية من نظام الأسد نفسه من خلال التفاوض الذي تم بين قوات الأسد وقوات الجيش الحر في منطقة الزبداني، بعد هذه المعركة الذي انتصر فيه الجيش الحر باعتراف رسمي سوري.
أمام كل هذه المعطيات الجديدة التي حققها الجيش الحر التي بات ظاهر للعلن بان المراهنة العربية والغربية على تغير الوضع السوري الحالي من خلال قوة الجيش الحر لذي أضحى هو أمل السوريين في التغير والحامي لتظاهراتهم السلمية ،والذي سيجبر العالم كله بالنظار الى هذا الجيش بنظرة مختلفة جدا ،والتي سوف تعني بتقديم المساعدات المادية والعسكرية واللجوجستية لهذا الجيش والتبني السياسي لهم مما سوف يساعد على الكثير من الجنرالات السورية والرتب الكبرى بحسم مواقفها لصالح الجيش الحر والتخلي عن عصابات الأسد،وهذا التوجه الدولي والعالمي سوف ينزع الصبغة التي تفرض على عديد هذا الجيش بأنه يمثل طائفة معينة في سورية من خلال تمرد أفراد كثر من طوائف وقوميات سورية أخرى، والانضواء تحت عباءات هذا الجيش الوطني ، ولكن هذا لا يعني بان الجيش السوري بالأصل هو من الأكثرية السنية بسبب التركيبة الديمغرافية لسورية ولكن هذا جيش الدولة الوطني والمستقبلي بالرغم من كون عائلة الأسد فوضت في القيادة الموالين لها في قيادة هذا الجيش وحملت صلاحيات خاصة لإفراد من طائفة خاصة العلوية ،فالجيش السوري ليس جيش طائفي، وإنما جيش وطني مسيطر عليه من قبل أشخاص وإفراد فاسدين تحت صفت طائفية مشبوها.
جمعة تظاهر حاسمة في شعارها:
لم يعد الشعب السوري ينتظر ماذا يمكن أن يقرر العالم بمصيره والتفاوض حول مصالحهم الخاصة على مصيره المجهول الذي يعبث فيه الأسد وعصاباته طوال مدة إحدى شهرا من القتل والبطش والمعاناة والمأساة التي يعيشها الشعب السوري الصامد بوجه النظام وقمعه بالرغم من الحديد والنار المستخدم والتجويع والبرد القارص الذي يهدد الشعب إلى جانب النظام القمعي البائد والضعف العربي وانقسام العالم حول مصالحها،وبظل التعنت الروسي والموقف اللانساني وللأخلاقي التي تمارسه موسكو من اجل تحصيل مكاسب خاصة على حساب الشعب السوري وبظل تعامل إيران الذي يخدم النظام السوري في قتل شعبه ،يبقى صوت الشعب المتصاعد بكل العواصف التي تقول يشعب لا يهزك ريح ولا نخاف الفيتو الروسي ونظام الملالي الإيراني وبالتالي الأنظمة التي تقف مع هذا النظام بالأصل لا يهمها بالأصل حقوق الإنسان والقمع والقتل ألان القتل والموت عندهم شيء عادي ،وخاصة الشعب الذي يتظاهر يوميا ليلا ونهارا شتاء وبردا ،من اجل تغير النظام وإسقاط الأسد بل يطالب بإعدامه تقوم روسيا برفض التنحي ورفض عقوبات ضده ومنح تصدير السلاح له ،وتدعوا للمحاورة وتقبل استضافة المتحاورين في موسكو،فالمعارضة التي ذهبت إلى موسكو ثلاثة مرات للتحاور مع موسكو فكانت موسكو غير مهتمة للتحاور ،الشعب الذي فوض صلاحياته للمجلس الوطني باعتباره يمثله والجيش الحر يحميه والحماية الدولية مطلبه، خرج الشعب من جديد في مظاهرات جديدة في كافة النواحي والمدن السورية بتاريخ 27 يناير “كانون الثاني “2012 من خلال جمعة جديدة أطلق عليها اسم جمعة حق الدفاع عن النفس ” ليقول الشعب السوري بأنه لبى نداء لجان التنسيق الثورية ليضع العالم كله أمام مسؤوليته الجدية اتجاه الأزمة السورية التي باتت تنزلق نحو رد فعل ضد العنف المفرط الذي استخدمه النظام طوال فترة القمع وبالتالي الرد سوف يعرض سورية والمنطقة لازمة جديدة وكذلك مصالح العالم الغربي وروسيا لخطر ،فالشعب يقول إذا لم تحمونا من جرم هذا النظام فإننا نتجه نحو حماية نفسنا بأيدينا وهذا الجيش الحر هو بداية المعركة من اجل إسقاط هذا النظام بقوة السلاح . فالتظاهرات التي اتسعت دوائرها في هذه الجمعة مستفيدة من وجود المبعوثين العرب وتوازن الرعب الذي فرضه الجيش الحر،لتشكل نقاط التظاهر 588 نقطة في كل إرجاء سورية التي باتت التظاهرات تتسع والعنف والدم يكبر ،لتصل لغة الرصاص والموت إلى حلب لتكون حلب نقطة انقلاب جديدة في المعادلة السورية من خلال التظاهر والقتل والدم الذي شملها هذه المرة، بعد أن حاول النظام تجنب القتل فيها ومنعها عن خارطة التظاهر،فألاهم في هذه الجمعة هي قرار الجامعة العربية بإطلاق مبادرة كاملة لحل الأزمة السورية وإيقاف عمل المبعوثين العرب في سورية.
المبادرة العربية تحرج وتزعج موسكو :
لقد عملت الجامعة العربية بسرعة من خلال طرح مبادرة عربية كاملة متكاملة لإنقاذ سورية الدولة وشعبها من أيدي الجلاد الذي بات يتلذذ بقتل الشعب وسفك الدماء السورية من خلال المجازر المرعبة التي يرتكبها ضد المدنيين العزل محاولا تبرير قتله بأنهم إرهابيين،فالجامعة العربية التي اتخذت هذا القرار هو لإنقاذ سورية وشعبها ولإحراج روسيا الدولة الشريكة في قتل السوريين من خلال عربدتها في مجلس الأمن الدولي وتعطيل أي قرار يدين الأسد ونظامه لأنه يحافظ على مصالح النظام الفاسد والقمعي في روسيا.لقد حددت المبادرة العربية عدة بنود تتلخص بنقل السلطة السلمي في سورية من خلال تفويض الأسد بصلاحياته لنائبه فاروق الشرع وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تقوم بإعداد كل المسائل القانونية التي تهيئ لتأسيس انتخابات في سورية حرة وشفافة وهذه المبادرة تشبه المبادرة الخليجية في اليمن ،ولقد ربطتها الجامعة العربية بثالث بنود هامة :
1-جدول زمني يتابع سير تنفيذ المبادرة، وتكليف شخص بمتابعة العملية .
2- توقيف القتل فورا وسحب العسكر إلى ثكنته،ورفض التدخل العسكري الأجنبي .
3- التوجه إلى مجلس الأمن من خلال تؤمين الغطاء والدعم الدوليان للمبادرة .
فكانت زيارة الأمين العام للجامعة نبيل العربي ورئيس لجنة المتابعة السورية رئيس وزراء قطر ،واللذان عقدا اجتماعا هاما في مجلس الأمن بتاريخ 31 يناير كانون الثاني 2012 بحضور دولي رفيع المستوى تمثل بحضور وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي،و بتغيب وزير خارجية روسيا سرغي لافروف .
لقد كنت مهمة الوفد العربي في نيويورك هي الشرح التفاصيل والدقيقة لعمل الجامعة العربية، وتعاطيها مع الملف السوري، والخوف من انزلاق سورية نحو الحرب الأهلية الذي يدفع بها النظام السوري من خلال استخدامه للعنف المفرط ضد أبناءه، مما دفع العديد من هؤلاء “المواطنين” برفع السلاح ضد عنف الأسد، وقواته للدفاع عن النفس، ولكن مع استمرار مجازر النظام الذي حذرت منها اللجنة سوف تذهب سورية إلى حرب داخلية لذلك تطلب اللجنة العربية يتأيد دولي من خلال إدانة عنف النظام ومطالبته بتطبيق المبادرة العربية التي تنقذ الوضع ،فالجامعة العربية تدرك بأنها سوف تلاقي اعتراض روسيا من خلال استخدامه للفيتو مرة ثانية من خلال عرقلة أي مشروع أممي.
العرب يحرجون شريك النظام في القتل :
الدول العربية منظمة إقليمية ذات حقوق دولية، يمكنها الخروج بمبادرة معينة والعمل على تسويقها دوليا ،وهي اليوم تطلب الدعم الدولي لمبادرتها المطروحة دوليا ، فالجامعة العربية في توجهها إلى مجلس الأمن حولت إحراج روسيا التي كانت تطالب وتحث الدول العربية على الخروج بمبادرة تشبه المبادرة اليمنية لحل الملف اليمني ،ولكن اليوم موسكو تهرب إلى الأمم من خلال عرقلتها حتى للمبادرة العربية التي كانت تطمح إليها سابقا,وكان روسيا دخلت في مزاد داخلي من خلال تعويم أزمتها الداخلية بين المعارضة والرئيس الحالي على أبواب الانتخابات الرئاسية القادمة للتمسك أكثر بالملف السوري ،ودفع الدول العربية بالخروج والتفتيش عن حلول أخرى تتخطى موسكو .وخاصة بان خطوات الجامعة العربية السريعة باتت تضيق الخناق على الأسد وروسيا التي كانت تشتري له الوقت لحل أزمته مع شعبه ،لم تكتفي الجامعة بطرح المبادرة العربية بتاريخ يناير “كانون الثاني “2012 بل اتخذت قرارا سريعا فيما بعد بإيقاف مهمة المبعوثتين العرب في سورية بتاريخ يناير 28″كانون الثاني “2012 بعد انسحاب دول عربية كثيرة من هذه المهزلة والجريمة التي كانت تمنح الأسد حق القتل الشرعي والرسمي والتي عولت موسكو عليها كثيرا في إنقاذ النظام من خلال الإطالة في عمر النظام ومحاولة الانقضاض على الحراك الشعبي من خلال المجازر اليومية والتي كانت روسيا مصدر سلاحها الفعال.
هذه الخطوات العربية السريعة التي اتخذت في معالجة الأزمة السورية أزعجت روسيا وأربكتها في التعامل مع سير الأزمة بظل فتح ملف إيران النووي والعقوبات الأمريكية والغربية على قطاع النفط والمال الإيراني.
فالروس الذين سوف يستخدمون الفيتو بسبب انزعاجهم من الموقف العربي الذي يدعوا الأسد للرحيل بطريقة مبطنة، وعدم رغبة موسكو بفرض عقوبات اقتصادية وتزويد سورية بالسلاح ،وتشكيل حكومة جديدة ،لأنهم يعتبرون أنفسهم بأنهم خسروا الورقة السورية التي راهنوا عليها،فذلك يعني الرحيل الروسي عن منطقة الشرق الأوسط،بسبب الغباء السياسي الروسي.
خيارات العرب وخيارات موسكو:
فالعرب قرروا خوض المعركة من بابها العريض مع النظام السوري لإسقاطه وإحراج روسيا في مجلس الأمن .
فالعرب سوف يستخدمون كل الوسائل المتاحة لهم في المعركة ضد روسيا وإيران من اجل سورية ،لقد بدأت المعركة مع روسيا في إحراجها السياسي والدولي وتغيب وزير خارجيتها عن جلسة مجلس الأمن ،والتفتيش عن احتمال أخر فالاحتمالات كثيرة أمام العرب للتخطي الفيتو الروسي من خلال عدة أبواب أهمها الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة والجامعة العربية،حلف الأطلسي ،الجامعة العربية نفسها ،منظمة المؤتمر الإسلامي،الجيش الحر في سورية ، والغاز القطري والنفط السعودي، تعزيز قدرت طالبان في أفغانستان ووسط أسيا ،تحريك العامل الإسلامي في روسيا وجمهوريات أسيا الوسطى، إلى الاعتراف بجمهورية كوسوفو .
بينما لا تملك روسيا سوى الدخول في حرب عسكرية مباشرة مع النظام السوري وهذا مستنقع خطير لا تقدم عليه روسيا لأنها تصبح في مواجهة عربية وإسلامية مباشرة تكرار لسيناريو أفغانستان سابقا،والحل الثاني ترك الأسد ونظامه لوحده والخروج من سورية دون أي مكاسب بعد أن تمكن الأمريكان من فتح ملف ايران النووي ووضع روسيا في أزمة حقيقية وخاصة بظل تصاعد الاعتراض السياسي والشعبي ضد نظام بوتين وخاصة بأنه يستعد لمعركة انتخابات جديدة ،وبالتالي روسيا سوف تخرج من سورية دون أية مكاسب وحتى ثمن السلاح الذي أرسلته للنظام لن تقبض ثمنه.
بالطبع روسيا سوف تستخدم الفيتو الذي أضحت موسكو تلوح به ،ضد أي قرار لا يناسبها ،ولا يناسب طموحها الاقتصادي والمالي.
فالروس يجمدون إعمال مجلس الأمن الدولي ، من خلال عرقلة أي قرار يدين عنف النظام السوري، وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم موسكو بالعرقلة ،في العام 1958 في إحداث شبه الجزيرة الكورية، في العراق في العام 1991 -2003، وفي يوغسلافيا ضد صربيا في العام 1999 ولكن الأزمات كلها تم حلها دون التوقف أمام الفيتو الروسي الذي كان عائق فعليا في العمل الدولي والدبلوماسي ،
لكن المشكلة ليس الفيتو والموقف الروسي، وإنما ضرورة السرعة العربية بسرعة ،لكي يوازي تحركات وثورة الشعب السوري.
أما الموقف الإيراني ومواجهته بداء فعلا ولكن سوف يتم في المقال القادم.
د.خالد ممدوح العزي
باحث إعلامي ،ومختص بالإعلام السياسي والدعاية
سورية الحرية: الحل العربي يحرج روسيا، بعد أن أضحت شريكا للنظام في القتل…!!!
النظام السوري دق الماء تبق ماء:
لم يعد يغب عن بال احد بان النظام السوري يمارس سياسة القتل الجماعي والإرهاب المنظم بحق شعبه متجرعا القوة من شركائه في القتل روسيا وإيران ،متحديا العالم بممارسة القتل الجماعي للشعب الأعزل من اجل الحفاظ على بقاء الأسد والعائلة الحاكمة في سدة السلطة التي عابت فاسدا وإرهابا وقرفا تحت شعارات وهمية ساقطة “العروبية والقوميجية”، لان مقاتلة إسرائيل شماعة الأنظمة الدكتاتورية والإرهابية العربية في القرن الواحد وعشرين.
النظام السوري الذي يستخدم الخيار العسكري والأمني بكل عين وقحة ضد شعبه محاولا إسكات الشعب الثائر والمحتج على سلطته من خلال إسكاتهم بالقتل أو إسكاتهم بالخوف ،لكن رد الشعب الثائر والمتظاهر يوميا ليلا ونهار صيفا وشتاء يقول للأسد لن نتراجع عن إسقاط نظامك مهما كلف الثمن ومهما حتى لو وقف العالم كله وراء ظهرك ليس روسيا وإيران ،لان ورائنا الله وحده وقوة وعزيمة الشعب السوري المصر على إسقاطك بالقوة .
بالرغم من قوة النيران التي يستخدمها الأسد وعصاباته في هجومهم ضد الجيش السوري الحر لكن طلائع قواته النخبوية تتقهقر من خلال نمو الانشقاقات التي تحدث يوميا في صفوف قوته والانتماء إلى الجيش الحر الذي بات يسيطر على مناطق كاملة في سورية وأضحى يؤمن الحماية الكافية للشعب السوري المتظاهر والرافع صوته بوجه الأسد ونظامه وعصاباته .
الجيش السوري الحر اضحى شريكا في سورية القادمة:
من المؤكد بأن قوات الجيش الحر السوري بدأت تنمو سريعا من خلال الانشقاقات الكثيرة التي أضحت تحدث باستمرار في صفوف عصابات الأسد ،ومن خلال تحول هذه القوى والعناصر الى عصابات حقيقية تديرها مجموعة من المستفيدين من بقاء سلطة وعربدة هذا النظام البائد والفاشل ،فالجيش الحر بالرغم من المشاكل التي لا تزال تدور حوله وحول طبيعة عمله المستقبلية بين القوى السياسية المعارضة لكنه استطاع انجاز مهام أساسية في مسيرة الثورة السلمية السورية :
1-أحداث الجيش السوري الحر توازن رعب من خلال وجود قوات الجيش الحر في المدن السورية الذي يمنع من تحرك عصابات الأسد بحرية في قمعها للمتظاهرين .
2-لقد استطاع الجيش السوري الحر من تامين حماية للمدنيين السوريين عند خروجهم للتظاهر.
3-لقد إربك الجيش السوري الحر من خلال الانشقاقات وضع نظام الأسد الذي كان يعول على بقاء الجيش بشكل كامل إلى جانبه من خلال ترويجه لمقاولته الشهيرة بان سورية تقاتل الإرهاب .
4- لقد أتبت الجيش السوري الحر قدرته القتالية على الأرض، وجدارته العالية ،من خلال المعارك الذي يخوضها يوميا ضد الجيش الأسد من خلال محافظته على المناطق التي تعتبر شبه محررة في سورية، إضافة المناطق الذي يحررها من سلة النظام والتي كانت في مناطق الزبداني وريف دمشق وادلب وحمص .
5- لقد اكتسب الجيش الحر شرعيته من خلال الالتفاف الشعبي السوري معه وتأيده لهم من خلال جمعة أطلقت عليها الجيش الحر يحميني ،والتنسيق السياسي الذي تم مع المجلس الوطني السوري الانتقالي من خلال التبني السياسي للجيش الحر ،إلى تنسيق في العمل الميداني .
6- الجيش الحر اكتسب شرعيته الأساسية من نظام الأسد نفسه من خلال التفاوض الذي تم بين قوات الأسد وقوات الجيش الحر في منطقة الزبداني، بعد هذه المعركة الذي انتصر فيه الجيش الحر باعتراف رسمي سوري.
أمام كل هذه المعطيات الجديدة التي حققها الجيش الحر التي بات ظاهر للعلن بان المراهنة العربية والغربية على تغير الوضع السوري الحالي من خلال قوة الجيش الحر لذي أضحى هو أمل السوريين في التغير والحامي لتظاهراتهم السلمية ،والذي سيجبر العالم كله بالنظار الى هذا الجيش بنظرة مختلفة جدا ،والتي سوف تعني بتقديم المساعدات المادية والعسكرية واللجوجستية لهذا الجيش والتبني السياسي لهم مما سوف يساعد على الكثير من الجنرالات السورية والرتب الكبرى بحسم مواقفها لصالح الجيش الحر والتخلي عن عصابات الأسد،وهذا التوجه الدولي والعالمي سوف ينزع الصبغة التي تفرض على عديد هذا الجيش بأنه يمثل طائفة معينة في سورية من خلال تمرد أفراد كثر من طوائف وقوميات سورية أخرى، والانضواء تحت عباءات هذا الجيش الوطني ، ولكن هذا لا يعني بان الجيش السوري بالأصل هو من الأكثرية السنية بسبب التركيبة الديمغرافية لسورية ولكن هذا جيش الدولة الوطني والمستقبلي بالرغم من كون عائلة الأسد فوضت في القيادة الموالين لها في قيادة هذا الجيش وحملت صلاحيات خاصة لإفراد من طائفة خاصة العلوية ،فالجيش السوري ليس جيش طائفي، وإنما جيش وطني مسيطر عليه من قبل أشخاص وإفراد فاسدين تحت صفت طائفية مشبوها.
جمعة تظاهر حاسمة في شعارها:
لم يعد الشعب السوري ينتظر ماذا يمكن أن يقرر العالم بمصيره والتفاوض حول مصالحهم الخاصة على مصيره المجهول الذي يعبث فيه الأسد وعصاباته طوال مدة إحدى شهرا من القتل والبطش والمعاناة والمأساة التي يعيشها الشعب السوري الصامد بوجه النظام وقمعه بالرغم من الحديد والنار المستخدم والتجويع والبرد القارص الذي يهدد الشعب إلى جانب النظام القمعي البائد والضعف العربي وانقسام العالم حول مصالحها،وبظل التعنت الروسي والموقف اللانساني وللأخلاقي التي تمارسه موسكو من اجل تحصيل مكاسب خاصة على حساب الشعب السوري وبظل تعامل إيران الذي يخدم النظام السوري في قتل شعبه ،يبقى صوت الشعب المتصاعد بكل العواصف التي تقول يشعب لا يهزك ريح ولا نخاف الفيتو الروسي ونظام الملالي الإيراني وبالتالي الأنظمة التي تقف مع هذا النظام بالأصل لا يهمها بالأصل حقوق الإنسان والقمع والقتل ألان القتل والموت عندهم شيء عادي ،وخاصة الشعب الذي يتظاهر يوميا ليلا ونهارا شتاء وبردا ،من اجل تغير النظام وإسقاط الأسد بل يطالب بإعدامه تقوم روسيا برفض التنحي ورفض عقوبات ضده ومنح تصدير السلاح له ،وتدعوا للمحاورة وتقبل استضافة المتحاورين في موسكو،فالمعارضة التي ذهبت إلى موسكو ثلاثة مرات للتحاور مع موسكو فكانت موسكو غير مهتمة للتحاور ،الشعب الذي فوض صلاحياته للمجلس الوطني باعتباره يمثله والجيش الحر يحميه والحماية الدولية مطلبه، خرج الشعب من جديد في مظاهرات جديدة في كافة النواحي والمدن السورية بتاريخ 27 يناير “كانون الثاني “2012 من خلال جمعة جديدة أطلق عليها اسم جمعة حق الدفاع عن النفس ” ليقول الشعب السوري بأنه لبى نداء لجان التنسيق الثورية ليضع العالم كله أمام مسؤوليته الجدية اتجاه الأزمة السورية التي باتت تنزلق نحو رد فعل ضد العنف المفرط الذي استخدمه النظام طوال فترة القمع وبالتالي الرد سوف يعرض سورية والمنطقة لازمة جديدة وكذلك مصالح العالم الغربي وروسيا لخطر ،فالشعب يقول إذا لم تحمونا من جرم هذا النظام فإننا نتجه نحو حماية نفسنا بأيدينا وهذا الجيش الحر هو بداية المعركة من اجل إسقاط هذا النظام بقوة السلاح . فالتظاهرات التي اتسعت دوائرها في هذه الجمعة مستفيدة من وجود المبعوثين العرب وتوازن الرعب الذي فرضه الجيش الحر،لتشكل نقاط التظاهر 588 نقطة في كل إرجاء سورية التي باتت التظاهرات تتسع والعنف والدم يكبر ،لتصل لغة الرصاص والموت إلى حلب لتكون حلب نقطة انقلاب جديدة في المعادلة السورية من خلال التظاهر والقتل والدم الذي شملها هذه المرة، بعد أن حاول النظام تجنب القتل فيها ومنعها عن خارطة التظاهر،فألاهم في هذه الجمعة هي قرار الجامعة العربية بإطلاق مبادرة كاملة لحل الأزمة السورية وإيقاف عمل المبعوثين العرب في سورية.
المبادرة العربية تحرج وتزعج موسكو :
لقد عملت الجامعة العربية بسرعة من خلال طرح مبادرة عربية كاملة متكاملة لإنقاذ سورية الدولة وشعبها من أيدي الجلاد الذي بات يتلذذ بقتل الشعب وسفك الدماء السورية من خلال المجازر المرعبة التي يرتكبها ضد المدنيين العزل محاولا تبرير قتله بأنهم إرهابيين،فالجامعة العربية التي اتخذت هذا القرار هو لإنقاذ سورية وشعبها ولإحراج روسيا الدولة الشريكة في قتل السوريين من خلال عربدتها في مجلس الأمن الدولي وتعطيل أي قرار يدين الأسد ونظامه لأنه يحافظ على مصالح النظام الفاسد والقمعي في روسيا.لقد حددت المبادرة العربية عدة بنود تتلخص بنقل السلطة السلمي في سورية من خلال تفويض الأسد بصلاحياته لنائبه فاروق الشرع وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تقوم بإعداد كل المسائل القانونية التي تهيئ لتأسيس انتخابات في سورية حرة وشفافة وهذه المبادرة تشبه المبادرة الخليجية في اليمن ،ولقد ربطتها الجامعة العربية بثالث بنود هامة :
1-جدول زمني يتابع سير تنفيذ المبادرة، وتكليف شخص بمتابعة العملية .
2- توقيف القتل فورا وسحب العسكر إلى ثكنته،ورفض التدخل العسكري الأجنبي .
3- التوجه إلى مجلس الأمن من خلال تؤمين الغطاء والدعم الدوليان للمبادرة .
فكانت زيارة الأمين العام للجامعة نبيل العربي ورئيس لجنة المتابعة السورية رئيس وزراء قطر ،واللذان عقدا اجتماعا هاما في مجلس الأمن بتاريخ 31 يناير كانون الثاني 2012 بحضور دولي رفيع المستوى تمثل بحضور وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي،و بتغيب وزير خارجية روسيا سرغي لافروف .
لقد كنت مهمة الوفد العربي في نيويورك هي الشرح التفاصيل والدقيقة لعمل الجامعة العربية، وتعاطيها مع الملف السوري، والخوف من انزلاق سورية نحو الحرب الأهلية الذي يدفع بها النظام السوري من خلال استخدامه للعنف المفرط ضد أبناءه، مما دفع العديد من هؤلاء “المواطنين” برفع السلاح ضد عنف الأسد، وقواته للدفاع عن النفس، ولكن مع استمرار مجازر النظام الذي حذرت منها اللجنة سوف تذهب سورية إلى حرب داخلية لذلك تطلب اللجنة العربية يتأيد دولي من خلال إدانة عنف النظام ومطالبته بتطبيق المبادرة العربية التي تنقذ الوضع ،فالجامعة العربية تدرك بأنها سوف تلاقي اعتراض روسيا من خلال استخدامه للفيتو مرة ثانية من خلال عرقلة أي مشروع أممي.
العرب يحرجون شريك النظام في القتل :
الدول العربية منظمة إقليمية ذات حقوق دولية، يمكنها الخروج بمبادرة معينة والعمل على تسويقها دوليا ،وهي اليوم تطلب الدعم الدولي لمبادرتها المطروحة دوليا ، فالجامعة العربية في توجهها إلى مجلس الأمن حولت إحراج روسيا التي كانت تطالب وتحث الدول العربية على الخروج بمبادرة تشبه المبادرة اليمنية لحل الملف اليمني ،ولكن اليوم موسكو تهرب إلى الأمم من خلال عرقلتها حتى للمبادرة العربية التي كانت تطمح إليها سابقا,وكان روسيا دخلت في مزاد داخلي من خلال تعويم أزمتها الداخلية بين المعارضة والرئيس الحالي على أبواب الانتخابات الرئاسية القادمة للتمسك أكثر بالملف السوري ،ودفع الدول العربية بالخروج والتفتيش عن حلول أخرى تتخطى موسكو .وخاصة بان خطوات الجامعة العربية السريعة باتت تضيق الخناق على الأسد وروسيا التي كانت تشتري له الوقت لحل أزمته مع شعبه ،لم تكتفي الجامعة بطرح المبادرة العربية بتاريخ يناير “كانون الثاني “2012 بل اتخذت قرارا سريعا فيما بعد بإيقاف مهمة المبعوثتين العرب في سورية بتاريخ يناير 28″كانون الثاني “2012 بعد انسحاب دول عربية كثيرة من هذه المهزلة والجريمة التي كانت تمنح الأسد حق القتل الشرعي والرسمي والتي عولت موسكو عليها كثيرا في إنقاذ النظام من خلال الإطالة في عمر النظام ومحاولة الانقضاض على الحراك الشعبي من خلال المجازر اليومية والتي كانت روسيا مصدر سلاحها الفعال.
هذه الخطوات العربية السريعة التي اتخذت في معالجة الأزمة السورية أزعجت روسيا وأربكتها في التعامل مع سير الأزمة بظل فتح ملف إيران النووي والعقوبات الأمريكية والغربية على قطاع النفط والمال الإيراني.
فالروس الذين سوف يستخدمون الفيتو بسبب انزعاجهم من الموقف العربي الذي يدعوا الأسد للرحيل بطريقة مبطنة، وعدم رغبة موسكو بفرض عقوبات اقتصادية وتزويد سورية بالسلاح ،وتشكيل حكومة جديدة ،لأنهم يعتبرون أنفسهم بأنهم خسروا الورقة السورية التي راهنوا عليها،فذلك يعني الرحيل الروسي عن منطقة الشرق الأوسط،بسبب الغباء السياسي الروسي.
خيارات العرب وخيارات موسكو:
فالعرب قرروا خوض المعركة من بابها العريض مع النظام السوري لإسقاطه وإحراج روسيا في مجلس الأمن .
فالعرب سوف يستخدمون كل الوسائل المتاحة لهم في المعركة ضد روسيا وإيران من اجل سورية ،لقد بدأت المعركة مع روسيا في إحراجها السياسي والدولي وتغيب وزير خارجيتها عن جلسة مجلس الأمن ،والتفتيش عن احتمال أخر فالاحتمالات كثيرة أمام العرب للتخطي الفيتو الروسي من خلال عدة أبواب أهمها الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة والجامعة العربية،حلف الأطلسي ،الجامعة العربية نفسها ،منظمة المؤتمر الإسلامي،الجيش الحر في سورية ، والغاز القطري والنفط السعودي، تعزيز قدرت طالبان في أفغانستان ووسط أسيا ،تحريك العامل الإسلامي في روسيا وجمهوريات أسيا الوسطى، إلى الاعتراف بجمهورية كوسوفو .
بينما لا تملك روسيا سوى الدخول في حرب عسكرية مباشرة مع النظام السوري وهذا مستنقع خطير لا تقدم عليه روسيا لأنها تصبح في مواجهة عربية وإسلامية مباشرة تكرار لسيناريو أفغانستان سابقا،والحل الثاني ترك الأسد ونظامه لوحده والخروج من سورية دون أي مكاسب بعد أن تمكن الأمريكان من فتح ملف ايران النووي ووضع روسيا في أزمة حقيقية وخاصة بظل تصاعد الاعتراض السياسي والشعبي ضد نظام بوتين وخاصة بأنه يستعد لمعركة انتخابات جديدة ،وبالتالي روسيا سوف تخرج من سورية دون أية مكاسب وحتى ثمن السلاح الذي أرسلته للنظام لن تقبض ثمنه.
بالطبع روسيا سوف تستخدم الفيتو الذي أضحت موسكو تلوح به ،ضد أي قرار لا يناسبها ،ولا يناسب طموحها الاقتصادي والمالي.
فالروس يجمدون إعمال مجلس الأمن الدولي ، من خلال عرقلة أي قرار يدين عنف النظام السوري، وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم موسكو بالعرقلة ،في العام 1958 في إحداث شبه الجزيرة الكورية، في العراق في العام 1991 -2003، وفي يوغسلافيا ضد صربيا في العام 1999 ولكن الأزمات كلها تم حلها دون التوقف أمام الفيتو الروسي الذي كان عائق فعليا في العمل الدولي والدبلوماسي ،
لكن المشكلة ليس الفيتو والموقف الروسي، وإنما ضرورة السرعة العربية بسرعة ،لكي يوازي تحركات وثورة الشعب السوري.
أما الموقف الإيراني ومواجهته بداء فعلا ولكن سوف يتم في المقال القادم.
باحث إعلامي ،ومختص بالإعلام السياسي والدعاية