سقراط وكريتو والسمْ ..!!
في الغابة سجنٌ
يمكثُ فيه سقراط
يتحلقُ في حظرته جمعٌ
يصغون إليه..
وقبل الحكم عليه
بشرب السمْ..
كانت زوجته “كزاني” يأكلها الهمْ..
تبكي
آااه سقراط
آااه يا سقراط
هي آخر مرة نراك تتحدث فيها..
سيذوى النور
لكن النور سيبقى في كلماتك
**
كانت زوجته تبكي ،
تَطَلَعَ سقراطُ وقال :
لتبعدها صوب المنزل يا كريت،
كانت تذرف دمعاً
أما سقراط
فراح يُعَلِمُ جمعُ الصفوة
كيفَ تكون اللذة طافحةٌ
كيف يجاري الأحلام ..
وكيفَ تكون الآلام ..
* *
مدّ يديه، وأشار
هاااا، يا كريتو، ماذا تنوي القول؟
قال كريتو :
أأمرني كيف أداري أولآدكَ ..؟
وهلْ من خدمةِ مثلاً
كيفَ تفضلُ دفنكْ..؟
أستغربَ سقراط، وأطرق رأسه
في تلك اللحظة،
طافت بسمة فوق محياه
وقال :
آاااه يا كريتو، كيفَ سأفلتُ منكْ؟!
أفعلْ ما شأتْ
ثم خاطبَ جمع الصفوة
أترون؟
إن كريتو يخاطب جثة مَنْ
ستصير أنا بعد لحظات
ويسألها، كيفَ سيدفنها ..؟!
* *
دارت عينا سقراط
وحطت كالصقر في عيني كريتو :
لِمَ لا تكون شجاعاً يا كريتو ..
أدفنها كيفَ تشاءْ ..
في التربة قرب ينابيع الماء..
سقراط ، عافَ الجمع
ليغتسلَ قبلَ الموتْ،
حظرَ الاولاد
وأبعد سقراط النسوة
يصرخن :
سنصبحُ أيتاماً بعدكَ يا سقراط .
صرخ “كريتو”، فزعاً
في إثر
دخول الحارس يحمل دورقه
وأشار إلى سقراط
أن يتجرع منه
وقال : أنتَ تعرف ما تفعل يا سقراط ،
وأنا أعرف انكَ أنبل رجل فينا ،
لا أحدَ غيرك يشفينا
من وهمٍ ما زالَ يعشش فينا..!!
راحَ الحارسُ يبكي
ودَعَهُ سقراط وقال :
لمْ أرَ انسان ألطف منه
هو سجاني
يحدثني كتلاميذي
وهو الآن، يذرف دمعاً من أجلي
عجلْ يا كريتو
ناولني الدورق هذا
كي أنهي وعداً أو أمراً بالموت ..
قال كريتو :
الشمسُ لمْ تغرب بعد
تمتع بمزيدٍ من وقتِ الدنيا..!!
آااهٍ ، يا كريتو .. قال سقراط :
أتريدُ أن أحتقرَ نفسي
أن أتعلق لبضع دقائق لا تعني شيئاً ..؟!
ناولني السم رجاءَ،
آااهٍ، منكَ يا كريتو
ثم تجرع منه قليلاَ
فانطفأت في عيني سقراط الأنوار
لكن، شعلتها ما زالتْ
تتوهجُ في عتماتِ عقول الأجيالْ..!!
د. جودت العاني
10/01/2023
سقراط وكريتو والسمْ ..!!
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا