(( التقديم ))
للأديبة // عالية طالب
سعاد السامر….
امرأة من عيون وقصص
أكتبي ايتها المرأة ( الالهة) رمز الخصب والعطاء حين كانت صورتك ترسم في كل حقول الارض لتنشر النماء والبركات فيها ، هذه هي المرأة التي تنتمي اليها ” سعاد السامر” ابنة البصرة المدينة النبيلة بكل ما فيها.
توالت الحضارات ومع كل حقبة تولد المرأة من رحم هذه الارض لتنشر السلام والمحبة والوئام والنماء لمجتمعها ، فجاءت حضارة سومر ” التي امتزجت “السامر” معها في قصائد تروي قصة النساء عبر الازمان فتخرج لنا الآلهة الأم (ننخرساج) زوجة الإله (إنكي)، والآلهة العذراء (إنانا) زوجة الإله (ديموزي) .
ولا تصمت “عشتار” الا لتحمل تسمية آلهة الحرب الحب في الوقت نفسه. فتنشد مع اول شاعرة عبر التاريخ ” أنخيدوانا ” كاهنة المعبد ابنة الملك سرجون الاكدي وهي تكتب باللغة السومرية حديث المرأة التي تناسخت معها سعاد السامر لتنتج لنا ” قصة الكاميرا والانسان” ، حين تصطاد الكاميرا ما لا تراه أعيننا في خضم مسيرة الصخب اليومي ، حينها تبدو كل الحكايات قصائد مروية لتعيد قصة الانسان عبر رؤى تتجدد بوعي الانثى حين تلمس ظفائرها وتفتح استار الازار الشفيف لتقول للصوت اصغي لنداء الالهة.
تكتب سعاد :
نساؤنا أيضاً
يا “سميرأميس”
حين تسقط المدن
يكتبون مرثاة
يتركون حكاياتهم للاجيال
تنتقل بكاميرا العين والعقل الى حضارة اشور فتحضر ملكتها سميراميس ( محبوبة العالم )التي تعرف ايضا باسماء منسوخة سميراميده وسميراميدا وشميرام وسومو رامات .
وترحل الى “شبعاد” ملكة أور “بو آبي” أو “شبعاد” زوجة الملك “آبار كي أحد” التي كانت ذات مكانة عظيمة وقوة مميزة فنزلت معها الى مقبرتها ادواتها الثمينة وعربات وادوات استخدمتها ومعها ايضا كان هناك من يؤنس وحشتها بحاشية من 59 شخصا يقومون على خدمة روحها التي ستبقى خالدة والتي استحضرتها ” سعاد السامر” وتطلب منها ان توقع باختامها الاسطوانية التي دفنت معها وهي تحمل اسمها ولقبها على قصائدها التي تقول فيها :.
كاميرتي تأملات قنص حرارة الحياة
وصيد لصدمات الحروب
معها ركبت موج البحار والمحيطات
التقيت وتساويت مع أشجع الرجال
حرب تليها حرب سكنت جبهات الموت
لن يخدعني (الطنطل ولا جن وجان)
اكتشف الماضي بلمس التراب
الذاكرة ورثتها من “شبعاد”
تصعد سائحة الى ارجاء لا تسعها الجغرافيا لوحدها فيأتي التاريخ لينسج معها حكايات النساء غير الوحيدات ابدا، فهن من انشأن رواية التاريخ متنقلا بين مدن العراق بحضارات عميقة الاثر.
تكتب سعاد :
أمرأة..!
نعم أمرأة..!
اختفت سراً واستحالت الى حمامة
حلت بها روحها
أحبها الشعب بات يقدس الحمام
من نسلها أمير شُيد (الجنائن المعلقة)
ميديا زوجة نبوخذنصر الثاني، جاءت من ميديا الي بقيت تشتاقها كثيرا فابتكرت او ابتكر لها نبوخذ نصر مدينة تقترب من ذاكرتها فكانت ” الجنائن المعلقة” ، التي اكتظت باخضرار بهيج ما بين الأشجار والأزهار فوق أقواس حجرية ارتفاعها 23 متراً فوق سطوح الأراضي المجاورة للقصر وتسقى من مياه الفرات بانظمة ري عجيبة .
النساء يتكاثرن في (حفريات الطين )
وهو الاصدار الخامس للكاتبة بعد
” أسرار الحرائر”
“أراقص حوريات النار”
“حَمَّامُ نساءٍ ..دَيَرَمَ دَ مْ”
“الشُّونيزِيَّةُ ،،مَوعِدُها الشمسْ”
وفي كل تلك الاصدارات تتعدد المراثي التي تنبت في كل زمن عراقي من أرض اعتادت ان يطمع بها كل الغزاة ، فلا تنسى ” السامر” الغوص في المراثي عبر الحقب وتكتب :
مرثاة أور
مرثاة سومر
مرثاة نيبور
مرثاة إريدو
ومرثاة أوروك
الحروب تركت مدنهم رماد
تركوا لنا ألأساطير ليست كلام في كلام
-أسطورة الخلق السومرية
-أسطورة أنمركر
-وقصتا لوگاليندا
عالم يصنع خطايا
يدثر الجمال بتشجيع الخطيئة
فيا (عالية طالب وَيَازهاءحديد وَيَاعفيفة لعيبي)
فكر وريشة بصدى الزمن لاتنام
من عظمة حكايات سومر
ومحبوبة الحمام .قصتها خرافة
ولدتها جنية .ربتها الطيور
********
نساء الكاتبة يحملن بخور الموتى والمعابد والقبور وصور العشاق حين يرحلون فيتركون ورائهم جثث حبيبات فتتهن الانتظار ونثرهن فوق بيادر قمح الغزاة حين يقتلعون الانسان والشجر والحياة اينما تواجدت خطواتهم . تكتب سعاد :
نساؤنا أيضاً عاشقات وطن كللهن السواد
لم يأخذن قسط من اللهو والحب
حتى أنا لم ألهو .. يا سمير أميس
مقاتلة مثلك ولكن بالكاميرا
هذه الكاميرا التي تخلت عنها المخرجة القديرة سعاد السامر لتستعيض عنها بقلم وعيون راصدة تسرد لنا حكايات الصوت والصدى والانا والاخر والليل الصامت عن النجوى فتقول :
كاميرتي تأملات قنص حرارة الحياة
وصيد لصدمات الحروب
معها ركبت موج البحار والمحيطات
التقيت وتساويت مع أشجع الرجال
حرب تليها حرب سكنت جبهات الموت
وها هي الحياة تلد لنا امرأة من عيون لا تعرف الا ان تجمع البذور لتعيد ديمومة الحياة دورانها من جديد وتورق الاشجار في الجنائن وتصغي لعشتار الحروب وقصص العشاق ولا تذبل صورة شبعاد الا لترسم مع سميراميس قصة الخلود في ارض سومر وبابل واشور واكد .