ريبر هبون يباغت العتمة بالنور
حمود ولد سليمان
“غيم الصحراء”
من مهبط الشعر بين سهول وروابي “منبج ” حيث تفتقت شاعرية
كبار الشعراء البحتري أبو عبادة الوليد بن عبيد وأبو فراس الحمداني وعمر أبوريشة .
يجيء ريبرهبون شاعرا سلبته “صرخات الضوء” مقتفيا فتنة الظلال العابرة .مفتونا بإيقاعات القصيدة بنكهة إمرأة وهيئة وطن .حاملا همومها وهمومه .منكفئا علي جرح “كوبان “يشدو ترانيم عشق .مرتحلا مع الضوء برؤاه وأطيافه .علي أشرعة الحلم إلي الفجر.
في ذاكرة ظل المدي يتهجي الحلم والوطن.في
وطن تراءي من ضجيج القهر
ممتد لآخر الحياة
وربما يمتد في عمق الفضاء
يخبىء السنوات في رئة الضباب
ويحرق الترياق في الشجن المراوغ في دموع البائسين
ويحمل جمرة الغليان في يد من تغنوا بالرماد
وحلقوا في كهف خيبتهم
وضاعوا في بريد العمر بلوعتهم (*صرخات الضوء /ص135)
علي قلق الحرف يسافر فيه الحنين
“يسافر الحرف في مشوار قافيتي
من آخر البوح يأتي مثلما انطلقا
أكاد أبصر فجري رغم مقتله
أكاد أبصر ظلي يمتطي الشفقا
طويت عهد زمان الخوف يا وطني
فأزهر الحب وأنساب الصبا ألقا ( ص 52 )
في القصائد الأولي من الديوان “حلم هارب ” أغنية الوجود “
“حفلة انتشاء” “نشيد الغد ” “أنثي الحب ” “حبيبتي والقفص “
“ذات القميص الفستقي ” وهي قصائد غزلية تبدو شاعرية ريبر هبون باذخة .بالمجازات البديعة .وصوره الشعرية وإن كانت أحيانا
تتكيء علي القصيدة العربية .امرؤ القيس وقباني وغيرهم .مع ذالك . تبدو مختلفة في فيزيائيتها وكيميائيتها . تسري فيها روح هبون التي يقول عنها في بدء ديوانه :
“إلي هبون الحقيقة المقيمة بي .وخميرة وجود يستحق العيش امرأتي والجمال الذي يهزأ بالموت .لها صرخات الضوء .(.ص 5)
هبون تحتشد بألوانها واطيافها
في مرايا /الانكسار والتشتت /مرايا /الحلم والكتابة في “صرخات الضوء.”
صرخات الضوء هي كل البدايات والحنين والوطن والحلم والمحبوبة
لكاهن يطل من المعابد والزوايا المقفرة..
لعجوز ينتشي بطفولة تأوي إليها الأمنيات العابرة ..(ص 117 )
قصائد الديوان النثرية والعمودية كلها ترتكز علي التغني بحب الأرض والتعلق بها والحنين لها.ومن خلالها نلمس إحساس الشاعر بالإغتراب والمنفي وقلق الشاعر بين وطن مشكل في المجازيحمله إلي وطن واقعي يحلم به.
وبالتوازي مع هذه الصورة تسد.و تعوض المرأة /المحبوبة
الفقد والفراغ فتصير ملاذا ووطنا
__________________
في الضوء
كل هؤلاء قد احتشدوا ./امرؤ القيس .نزار قباني .بودلير .المتنبي .آدونيس .السياب ..
يسرجون العتمة
_____________
“الصرخات تتردد في الطبيعة بلانهاية”
هكذا قال إدفارت موناك
_____________
إنها القلق والألم وغابة الضوء وتحولات النهر
________________________
*
صرخات الضوء / ريبر هبون
طبعة أولي 2016
نون للنشر /حلب .سورية .