رواء قافلة الموت السرمدي،جليل
لاتحفر الذكريات بأناملها الوهم في عقول الإطفال.. ولكنها تحفر بماكنةأنصال كالأظافر، بلامعاول.. مشاهد سطوع الفرح أو قتامة سحائب الحزن في مرتسمات شبكياتهم الغضّة..
كان الجليل, جليلا في وثبته الإنسانية الإجتماعية المتميزة الصروح..وعندما رحل جليل كانت المحطة التي لاتُنسى ليس كيفية التوقف في تراجيديا موته المفاجئة بل دار موته الجغرافي الشاخصة بعد 50 عاما ،بعيدا مئات الكيلومترات عن ارض صباه وطفولته وماكنة خياطته التي أستوحشتْ انامله البارعة وبصماته اللامرئية وفنانية إستعمال قدمه وتطريزات كان يصوغ مهاراتها بإناقة المحنك.. ذو الثغر الفاضح الإبتسام……
لم يكن ممكنا لطفولتي ان تستجمع كل المشاهد التي جمعتني وجليلا في شبكية واحدة.. لم أعد مطيقا جمع شتات شذى عطر رحيله الأبدي المتنسّم.. فذاكرتي فقط تعلقت بنزر يسير من سحنته البشوشة التي ذوت كغصن بان متيبس نفضّ عنه عبق رحيل, رحيقي… ولكن التأمل في تقاسيم سحنته البشوش.. يبثّ السرور في خيالات أجنحتي المُهيئة للاستبحار في ذاكرتها…عن نسمات رؤية جليل..
كنت ارى جليلا ،قارورة عطر فاقدة الحجمية نادرة النوعية أفتضّ الموت سداّدتها… كنت ارى ظل اخواله يحيط بيتمه المبكّر,كجناح الملائكة الهلامي ليعيش سامدا بين المقلتين والأجفان محبورا بمرقده الرؤؤم… كلوحة حديقة ورد غناءّ أفترست جنة الأرض ثم مزقّتها أنامل القدر الأحمق الخطى فحصد منجل الموت حتى عشب حديقة رؤيته.. أحدّق بصوره النادرة فلااظن حصاد الموت.. قد شمله
رحل جليل بالسحايا ولم تفهم طفولتي التسمية ولم اظنها إلا نوعا تسمميا من حلوى ..أعتدنا شرائها.. لم يترك أرملة وأطفالا..أيتام يرضع صغيرهم من حليب فراقه… ترك أمّا كانت جبلا من صبر تبكير الترملّ …وعاطفة لاتسطرّها كلمات مُنتقاة مهما عبقت .. ترك حسرة في قلبها جذوة نار بقت اكثر من 40 عاما تتامل بحرقة دموعها المتوالية العددية, كيف الان جليل الحي ينمو جسده امام نواظرها رويدا رويدا ترك أمّا كانت غصتها شاخصة كالتنفسّ كل لحظة حتى لحقت بقافلة الرحيل الأبدي هناك في اللامنظور.. ترك لي جليلا بيت موته من هنا فاح طيب رحيله السرمدي ..ومن بعيد أرسلتْ الأحزان اجوبتها .. تشدو:
زرع ريّان من كلبي ترابه وطعم العسل يالعالم ترابه دللتله وعلى شوفي تربه
أجه الحوم وخذاه من بين إيديه!!!
عزيز الحافظ