ياسمينة حسيبي
رأيتُك من بعيدٍ ..
كنتَ تنظر حولكـَ كمن يريد أن يُضرم النّار في جسد الحياة خلسةً.
إتجهْتُ نحوكَـ .. تتلاطمُ روحي بِـجدران جسدي ، وابتسامةٌ ربيكةٌ تجلس في خجل على شفاهي.ُ
تشابكتْ أيدينا متلوِّعتيْـنِ يَـتَـنَـاهَبُهُـما شوق اللّمس..
ثمّ رُحتَ تحدّثني عن غيابكـَ الطويل وعن الحياة ..و..و..و..
ولم أكنْ ( أسمع ) من كلامكـَ شيئا….
كانت عينايَ متسمّرتين في ذيّاكَـ البريق الْـ يَشعُّ من قعر لحظِكـَ
.
كنتَ تُـدَوْزنُ أنفاسكـَ على إيقاع ضرباتِ قلبي ..
وبعفويةٍ، مددْتَ ذراعكـَ زُنّـارًا لخصْري وأنتَ تهمس : راقِـصيني ..!
ارتكبتُ ، نظرتُ حولي كمن يستنجدُ بالفراغ ،
تمتمتُ :
– والموسيقى ؟
– أنتِ الموسيقى ، (وشوشتَ في أُذني).
ربّـاه.. كيفَ لعائدةٍ من الموت أن ترفض رقصة الحياة ؟
خلعتُ حذائي ذو الكعب العالي وراقصتُكـَ حافية القدمين.
لم أكن لأتحكّم في روحي، كانت تميلُ حيثما تميلُ ذراعاكَـ..
لم يعد جسدي لي، أصبحَ نحثـًا لِـلَحظة سرمدية،
سعيرٌ في روحي لا يُبقِي ولا يَذَر …
وأنت منشغلٌ عنّي .. بِي ..
تُـواصل نشْر أصابعكـَ على مُجمل كينونتي.
أتذكر الآن كيف كنّا نبتعدُ عن الأرض كـلّما اقتربنا من بعضنا البعض !
كنتَ بارعًـا في قطفِ النجوم ، والكلمات .. والقبلات.
وكانت لكـَ قدرة فائقة في التسلّلِ إلى .. ضعفي
لم يتغير فيكـَ شيء .. إلّا أنا : في غيابكَ أصبحتُ أَنتسبُ إليكـَ أكثرْ !
تُراقصني كقدّيس يبشّرُ بعقيدة النار،
تساءلت بيني وبين نفسي :
كيف يمكنُ للنّار أن تطفأ حريقي؟
كل الكلام ، كان عديم الجدوى .
انتبهتُ على نفسي : كنت أقفُ في الجهة الممنوعة من الحب بين الظِّلّ وَالحَرُورُ
وعلى الأرض تناثرت حبات عشقي …
إِنْحنَـيْـتَ بفرحٍ، كَـمَنْ عثر على فردوسٍ، لتجمع الحبّـات المتناثرة .. حبّة ..حبّة.
أدركتُ لَحْظتها … أنني سأبدأ بالتأْريخِ لـِحياتي بِــ (قَـبْـل … وبَـعْدَ) هذه الرقصة.