وقف الرئيسُ “عبد الفتاح السيسي” بين اثنين وسبعين قلبًا بشريًّا منحوتةً بفنيّة رائقةٍ بأيادي نحّاتين عالميين جاءوا من جميع أرجاء الأرض ليشكّلوا رؤاهم الخاصة حول “القلب البشري”، جوهرة الحياة الذي يتشابه شكله في صدور جميع البشر، مهما اختلفت أعراقُهم وجنسياتُهم وألوانُهم وأشكالُهم وثقافاتُهم ومعتقداتُهم وأفكارُهم. كانت فكرة الرئيس بالرد الرمزي، بعد الرد الفعلي الحاسم، على حوادث الإرهاب الأسود المتلاحقة التي حاولت هدم مصرَ بعد إسقاط الإخوان، بتدشين هذا المتحف المفتوح عام 2018، بين أحضان جبال سيناء الحبيبة في “مدينة السلام”، “شرم الشيخ”، كرسالة فلسفية عميقة الدلالة تقدمُها مصرُ، أمُّ الحضارات، للعالم أجمع: “أن الأرضَ العظيمة التي صنعت أولى حضاراتِ الأرض، تحتضنُ بين جبالها قلوبَ جميع البشر. من قلب الحجر الورديّ تُشرقُ القلوبُ الوردية.” غُرست القلوبُ الفنية داخل صناديق من البلّور النقيّ، فوق أعمدة رخامية مضيئة، ورُصَّت على هيئة أشعة تراها من منظور عين الطائر، يتوسطُها القلبُ المصريُّ، وأُطلق على المتحف الفاتن اسم Reviving Humanity Memorial (النصب التذكاري لإحياء الإنسانية)، ليُخلِّدَ سعيَ مصر الدائم لمكافحة الإرهاب وتكريس قيم الإنسانية الثلاث: “الحق الخير الجمال”، التي علّمنا إياها الجدُّ المصريّ القديم، باني الحضارة والمدنية والفنون والعلوم.
وقف الرئيس السيسي من خلفه جبلُ شرم الشيخ الوردي، وأمامه الافُ الشباب من مصر ومختلف دول العالم، وملايين غيرهم من وراء الشاشات يتابعون إعلانه ختام فعاليات “منتدى شباب العالم” في دورته الرابعة 2022، ويعلن توصيات المنتدى الذي قال فيها: “احلموا، فإن الأحلامَ لا تسقطُ بالتقادم”، ويعلن فيه عام 2022 عامًا للمجتمع المدني، بحيث تقوم إدارة المنتدى والمؤسسات المعنية بإنشاء منصة حوار فاعلة بين الدولة والشباب ومؤسسات المجتمع المدنى المحلية والدولية. وجاء حفلُ الختام مبهرًا وراقيا وفخمًا وإنسانيا يليق باسم مصر العظيم، ويليق بأبهاء “الجمهورية الجديدة” الراهنة، ويليق بقيمة المنتدى المصري العالمي الذي جعله الرئيسُ السيسي منصةً دولية سنوية للحوار والتعاون بين شباب مصر وشباب العالم وخلق حالٍ تفاعلية دائمة من العصف الذهني الرفيع بين العقول النابهة في كل العالم، وبث القيم الإنسانية الرفيعة لنشر التحاب والسلام بين كل الشعوب. لهذا اعتمدت لجنة التنمية المجتمعية في الأمم المتحدة هذا المنتدى في دوراته المختلفة، منصّةً رسمية للحوار حول قضايا الشباب. وجاء تصميم شعار المنتدى ذكيًّا وموحيًّا وأصيلا. حيث الهرم (المثلث) يعلوه قرصُ الشمس (الدائرة)، محتضَنًا بالعالم بأسره (المربع). ففي أرض مصر صانعة الحضارة تشرقُ شمسُ المعرفة وتتعامد أشعتها فوق قمّة هرمنا العظيم، لنشيّد من جديد وطنًا مسالمًا وقويًّا، لا إرهاب فيه ولا تطرّف. لهذا قدمت أغنية المنتدى الرسمية “بحلم بمكان” رسالة سلام لكل العالم: “بحلم بالدنيا اللي مفيش فيها كُره وغلّ/ الشمس بتطلع فيها تنور قلب الكل/ الحب يكون هو لغتها/ والناس تستمتع بحياتها/ والخير يزيد ويفيض ويغطي حدود الأرض/ بحلم بالدنيا اللي يعيش فيها ناس بسلام/ الحلم بيلمع بعيونهم/ مش فارقة لا لونهم ولا دينهم/ ناس قابلين كل اختلافتهم عايشين مع بعض.” الكلمات للشاعر “أمير طعيمة”، وموسيقى “إيهاب عبد الواحد”، وشدا بها 12 فنانًا من مختلف دول العالم، حيث قدّم كلُّ فنان مقطعًا من الأغنية بلغته الأصلية ومن خلفه أشهر معالم وطنه السياحية، كرسالة عميقة من مصر التي تفتح يديها بجوهر السلام لتقدمه للعالم بأسره.
في تجوالي بين الأروقة المختلفة في قاعة المؤتمرات الرئيسية بشرم الشيخ التي تحتضن كل عام منتدى شباب العالم، سجّلتُ في ذاكرتي فرحةَ السيدات في مشروع “تراثنا”، “حياة كريمة” وهنّ يعرضن مشغولاتهن الفاتنة التي صنعنها بأيديهن للسيدة الأولى “انتصار السيسي”، التي قدمت اهتمامها وحبّها وابتسامتها الطيبة لكل سيدة على حدة، فشعرتْ كلُّ واحدة منهن بأنها نجمةُ المنتدى.
كانت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي في جميع جلسات المنتدى قوية وعميقة ونابعة من القلب كالعادة. تحمل من القوة والحزم، قدر ما تحمل من الرهافة والإنسانية. رئيسٌ وطنيٌّ قويٌّ، لدولة تتعافى لتعود قوية كما يليق باسمها العريق، وقائدٌ لشعب مكافح آمن بقائد أنقذنا من ويل الدمار الإخواني الشامل، ثم راح يبني، ونبني معه، وطنًا يليق بنا في “الجمهورية الجديدة” على مدار الساعة، من مدار كل يوم، من مدار كل عام من الأعوام الثمانية الماضية، والقادمُ أجملُ بإذن الله تعالى وبسواعد المصريين العفيّة.
مصرُ الخالدة لا يليقُ بها إلا المجدُ الذي نصنعه الآن، ولا يليقُ بها إلا السلامُ الذي نزرعه في أرضنا فيُشعُّ من أركان وطننا إلى كل العالم. “الدينُ لله، والأوطانُ لمن يصنعُ السلام للأوطان.”
***
رسالةُ سلام للعالم … من أرض السلام
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا