مير عقراوي / كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية
الجزء الأول
منذ مدة أتابع مقالات المدعو ( فرياد ابراهيم ) . أقول المدعو ، لأن الإسم الأول وهو ( فرياد ) ، هو إسم مستعار يتخفى الكاتب وراءه ليلقي ما في جعبته هنا وهناك من كتابات غير مسؤولة ، ومن ألفاظ غير لائقة دون حسيب أو رقيب ، وربما يكون إسمه الثاني ، أي ( ابراهيم ) هو أيضا مستعار ! .
قد يضطر الانسان أحيانا الى الكتابة بإسم مستعار ، لكن ليس بشكل دائم ، بل الى حين من الدهر . حتى الكتابة بإسم مستعار لاينبغي أن تكون دون قيود أو مسؤولية ، بل يجب أن تكون مقرونة بآداب الكتابة ومعاييرها في النقد والرد والاعتراض والاختلاف ، وفي التوثيق والاستدلال ، مع ضرورة تجنب الكاتب عن التشهير والتجريج والتشنج واللاموضوعية ! .
ذلك أن الكاتب عليه أن يعي إن مهمته هي محاولة تقصّي المعرفة وتحرّي الحقائق لإيصالها الى قراءه ، أو الى الناس بصورة عامة . وكل هذه العملية من التقصي والتحري والبحث من المفترض أن تتم بطريقة علمية وموضوعية وحيادية وإستدلالية بعيدة عن حالات الانفعال وشد الأعصاب والكراهية نحو دين معين ، أو مذهب معين ، أو فلسفة معينة ، أو شعب بذاته . لهذا فالمثقفون الواعون يكثرون من قول ؛ برأيي ، بإعتقادي ، هكذا أرى ، بحسب تحليلي ، وفق إستقرائي وغيرها من العبارات ذات الطابع الراقي والثقافي والمعرفي والبحثي . وهذا يعني ان المثقف لايجزم قط انه يمتلك الحقيقة لوحده ، بل انه
بذلك يحترم القراء من ناحية ، ويترك لهم الخيار في النقد والتحليل والخيار والحُكْمِ من ناحية ثانية .
في 2012 / 27 / 03 نشر المدعو ( فرياد ابراهيم ) الذي يدعي انه كوردي مقالة في موقع صوت كوردستان تحت عنوان ( أما آن للكورد أن يكرهوا المسلمين !؟ ) ، وفي بعض المواقع الأخرى كذلك . يقال إن الكتاب يُقرأ من عنوانه ، بالمقابل فالمقالة تُقرأ من عنوانها أيضا . وهذا يتطابق تماما مع مقالة المدعو فرياد الداعية للكراهية والتحريض عليها . علما إن الكراهية هي شيء مردود ومرفوض وممقوت ، وإن الدعوة اليها والتحريض من أجلها تدخل في باب الإدانة القانونية ، لأنها تؤسس للفتن وتؤججها بين أصحاب المعتقدات ، على هذا أصبح التحريض للكراهية أمرا مدانا ومستقبحا في القانون الدولي ! .
إن كاتب مقالة ( الكراهية ) ، وهو فرياد ابراهيم لو تأمل جيدا في عنوان مقالته لما كتبها على الاطلاق ، لأن ما يدعو اليه هو ليس في صالح الكورد وكوردستان وحسب ، بل هو يلحق الأذى البالغ بهما من جميع النواحي . فالكراهية المطلوبة كورديا من الكاتب المذكور تقتضي بأن يكره الشعب الكوردي جميع الشعوب المسلمة والمسلمين في شرق العالم وغربه ، أي على الكورد ، وفق أفكار الكاتب المتطرفة أن يجابه بالكراهية الشعوب والجماعات البشرية التالية في العالم ؛
1-/ الشعب العربي .
2-/ الشعب التركي .
3-/ الشعب الفارسي .
4-/ الشعب البلوجي .
5-/ الشعب الأندونيسي .
6-/ الشعب الماليزي .
7-/ الشعب الباكستاني .
8-/ الشعب البنكَالي .
9-/ الشعب الهندي ، المسلمون منه .
10-/ الشعب الأفغاني .
11-/ الشعب التاجيكي .
12-/ الشعب الأذري .
14-/ شعب تركمانستان .
15-/ الشعب المنغولي .
16-/ الشعب الأوزبكي .
17-/ الشعب التركستاني في الصين .
18-/ مسلمو الصين .
19-/ الشعوب الأفريقية المسلمة .
20-/ الملايين من المسلمين الأمريكيين والأوربيين والأستراليين .
21-/ الملايين من المسلمين في الفلبين وتايلند والهند وبورما وغيرهم ! .
أحقا هذا دفاع عن الكورد وكوردستان ؟ أحقا هذا دفاع عن مظلومية الشعب الكوردي ومغدوريته ؟ أحقا هذا دفاع عن القضية الكوردية العادلة ؟ أم انه دعوة كريهة لتشويه سمعة الشعب الكوردي في مختلف بقاع العالم كلها ، وبين شعوب العالم كله ولجعله في خندق منعزل ومجابه مع كل تلكم الشعوب المنتشرة في قارات العالم الواسعة ! .
وبحسب متابعتي لبعض الأقلام الكوردية رأيت لبالغ الأسى انهم إنزلقوا نحو مستنقع الشوفينية الآسن ، وذلك كردة فعل منهم تجاه ممارسات الدول التي تحكم وتحتل أجزاء كوردستان بالحديد والنار ، فباتوا ينشرون مقالات وكتابات في غاية السلبية والتشدد والتطرف ، وهم في ذلك توهّموا انهم يحسنون صنعا ويناضلون في سبيل القضية الكوردية المشروعة بكل الشرائع والقوانين ، لكنهم بالحقيقة كالذي يستجير بالرمضاء من النار ، أو يداوي بالتي هو الداء ، لأن العنصرية فكرة كريهة ومنتنة وغير إنسانية ومدانة على الصعيد الاسلامي والانساني والعالمي . مضافا ان مقاومة العنصرية
العروبية والفارسية والتركية ضد الكورد لاتجابه بسلاح العنصرية نفسه وإلاّ كانت عنصرية في مقابل عنصرية . لكن الذي يحمد عليه ان الشعب الكوردي وغالبية حركاته السياسية بريئة من هذه الأفكار الشاذة والمتطرفة واللامسؤولة ! .
ومن سطحية أفكار هؤلاء انهم يعلّقون عدم قيام الدولة الوطنية الكوردية وتعثر النضال الكوردي في التحرر من الظلم والاحتلال في جميع مراحله التاريخية على شماعة الاسلام ، حيث يزعم هؤلاء بأنه لولا إعتناق الكورد للاسلام لكان له اليوم دولة عملاقة كبرى . وهذا لايدل إلاّ على التسطيح في التحليل والاستقراء للتاريخ ولحركته ولفلسفة الاجتماع السياسي وظروف وعوامل قيام الدولة في مجتمع ما . وفي هذا الشأن أنا على ثقة لو لم يعتنق الكورد للاسلام وبقي على سابق ديانته المجوسية – الزرادشتية لقال هؤلاء الناس اليوم نفس الكلام ، لكن بالعكس ، أي لقالوا ؛ لقد أخطأ الكورد
لعدم إعتناقهم الاسلام لأن الشعوب الأخرى التي إعتنقت الاسلام كالعرب والفرس والترك والتركمان والتاجيك والأفغان والاندنوسيين والماليزيين وغيرهم بغالبيتهم لهم كياناتهم السياسية الوطنية ! .
لاشك إن هذا النوع من الآراء لاقيمة له في علوم التاريخ والاجتماع والسياسة ، لأن قيام الدولة في أيّ مجتمع منوط بسلسلة من الشروط والعوامل الذاتية والداخلية ، مثل قضايا نسبة التعليم والثقافة والوعي المجتمعي ، ومثل الاقتصاد وتطوره في متفرعاته المتنوعة والمختلفة ، ومثل ضرورة وجود نخبة من القادة السياسيين والثقافيين والفكريين المنظّرين لعملية التأسيس للدولة ، ثم مثل عامل الجغرافيا الذي له دور كبير في هذا الصدد !! .