رحيل مؤلم
__________
قبل عام تقريبا ، ابتغى مني الصديق القاص عبد الامير المجر بإتمام حوار ثقافيّ مع الشاعر ( زهير بهنام بردى) لجريدة الاتحاد الثقافي الشّهرية ، والصادرة عن الاتحاد العام لأدباء العراق / المركز العام. وكان الاختيار فيه نوع من المفارقة ، فأنا من أقصى جنوب الوطن و”زهير ” من أعلى قمم الجبال ، وبتلك المهمة جمعنا التباعد في قلب واحد ، كان قلب” زهير ” يسيل فيوضات رومانسيّة ، وكنتُ مغرما به.
زهير بهنام بردى: شاعر عراقيّ هو
(حضارة بصيغة جسد) كتب عن الأرض والبيوت ، كتب عن التأريخ والوطن ، وعن بلدة (بخديدا) قلعة السّريان ، بهي وجميل ، يكتشف أضواء المكان و (العراء في حقائب السفر ) يغسلُ الهواءَ بالكتابةِ ، كتابة (نصوص تُشبه عينيكِ ) و( عيون تحت مظلة ) أضرحتُه حيّة ومتحركة مثل (قداس المرايا ) وبالقلق يمنع نفسه من الجنون ، يرتدي الغوايات ليجمع الوقت ويدعوه لريافة الماضي في ( العاشرة نساء) . حياته مبتدأ والشعر منتهاه ، سيرتُه نهار وأصابعه دروب تحدّثُ الآتين ، ما زال يسمع فيروز الصباح ويرددُ ( نشيد الجسد في اليوم الثالث عشر ) شاعر ببراعة رسام لوحته (أظل أنيقا لشكلي) . كتب نصوصا صارخة ( بالمكان إلى الأبد ) صارخة المعرفة والوجدان والإحساس والماء ، لا بدّ للذي يمرُّ به أن يقفَ إجلالا ومهابة ، نثر حروفه من ياقوت السفر في (الليل إلى الأبد ) فنثالت على خرائط الوطن زهير بهنام بردى . عطر لكل قصيدة ، وعبق من بساتين القوافي ، تتلألأ عُقدُ الجمان بين أنامله ( عشر أصابع من دمع الشمس ) قصائد تهطل زلالا وسحرا سومريا ، وتفك طلاسم الروح مثلما تفكها (مصحات للحب والخرافات) . اليوم أنا على موعد مع رحيل هذا الزلال ، زلال بخديدا ( فردوس شخصي ) و(غبطة حضرتي) ..
ما أشد ألم الفراق يا زهير