منى دوغان جمال الدين
على بساط الريح سافرت مخيلتها الى مدارات السنين. كانت تبحث عن كنز فقدته في العقود الغابرة.
التفتت المخيلة حائرة وقد ارتطمت بصخرة تتآكلها امواج عاتية، امواج لم تصلي في المحراب ونسيت تسابيح الصباح. تأوهت ثم حارت متسائلة: كيف الخلاص؟
وبلحظة تذكرت أن للنسمة الخفيفة الناعمة سحر يفتن ثورة الغضبان. نفخت نسائمها برقة رويدا… رويدا…
خجلت الغيوم… لملمت عباءتها القاتمة المكحلة بالسواد ثم انزوت في أفق منسي…
استسلمت الأمواج رافعة الراية البيضاء، انسحبت تاركة وراءها زبد تناثر على الشطآن…
اكملت المخيلة مسيرتها بقلب مطمئن، تارة تراقص الاحلام وتارة أخرى تراقص الذكريات إلى أن ارتطمت بجنية… جنية كانت تلاعب افعى وتداعب ثعلب الصحراء. حاولت تغويها بلسانها الشيطاني، وبكلمات مقطرة بسم هالك. بدهاء احتالت عليها المخيلة: اغدقتها بكلمات مفخمة، مدحتها، عظمت من شأنها، ثم بذكاء طلبت منها أن تطير فوق السحب… جنية مغرورة… قبلت التحدي… فاصبحت في خبر كان…
علت قهقهات، ضحكت المخيلة حتى بلوغ الصباح ثم لململت حوائجها لتكمل رحلتها.
وقبل غروب الشمس، وصلت المخيلة الى مبتغاها. وجدت الكنز الضائع… وجدت القارورة تحت ستار رمادي… لم يكن ستارا عاديا، بل ستار تراكم عليه غبار سنين حقد وانتقام…
نفضت الغبار عنه، أزالت الستار فإذا بعبق يفوح يفتن الاخيار والعشاق. سحر عجزت عن وصفه الأزمان….
سحر… لازمها… رافقها… في اليل والنهار… في النور والظلمات…
سحر لن تبوح به… للمخيلة الخيار…