د. علي رحيم مذكور
( صعود الاسلاميين ،سيطرة الاسلاميين ،اسلمة العالم العربي ،ربيع اسلامي )
مصطلحات ظهرت بعد ان غيرت الثورات العربيه عددا من الممسكين بالحكم لسنوات طوال في عدة دول عربيه ،ولا زالت مستمره لتطيح باخرين لم يعتبروا ممكن سبقهم من حكام سلطويين ، اصبحت هذه المصطلحات هي الشغل الشاغل للكتاب والنقاد والباحثين السياسيين بل وحتى البرامج التلفزيونيه سواء على مستوى العالم العربي او الغربي ،فكما يعرف الجميع ان هذه الثورات الشعبيه التي اطاحت بانظمة حكم مستبده سواء في تونس او مصر او ليبيا وامتدادها الى اليمن وسوريا حاليا ،هي ثورات اشعل فتيلها واحياها وقادها الشباب العربي ،ذلك الشباب الذي مل الفقر والجوع والاضطهاد والحرمان ومصادرة حقوقه وحرياته ،فجائت هذه الهنيئة من الزمن التي تحرر فيها هذا الشباب من هاجس الخوف الذي كان يعيشه لسنوات طوال في ظل انظمة حكم مستبده، فايقن هذا الشباب في هذه اللحظه انه لاخوف بعد اليوم من السجون والتعذيب والترهيب الجكومي بل وحتى القتل ،وان التضحيه بالنفس لا بد منها في هذا الوقت .
بالمقابل لم نرى اثناء تلك الثورات اي دور يذكر لاي مؤسسة او حزب او حركه او حتى جماعه اسلاميه ،بل كان هذا الشباب الواعد هو من يتصدى ،الا ما ندر من التصريحات والخطابات الخجوله للاسلاميين، لكن وبعد نجاح هذه الثورات وانقضاء زمن الطغيان والاستبداد، راينا كما هائلا من المؤتمرات والخطابات والكلمات الرنانه التي يلقيها يوميا على مسامعنا مئات الشخصيات الاسلاميه في هذه الدول ، وان الله وفق هذا الشعب ،ولولا ارادة الله لما حصل هذا، وانتصار الاسلام على الظلم ،وما الى ذلك من كلمات رنانه ووووو…..
واثناء وجودي في القاهره ايام الثوره المصريه وذهابي لساحة التحرير عدة مرات ولقائي ببعض الشباب هناك، رايت بل وتبين لي ان هؤلاء الشباب لديهم افكارا رائعه وعصريه عن الثوره والمستقبل وضرورة البدء من جديد في ظل نظام حكم منتخب متعدد ودستور مدني ،وهذه هي اسس الدوله المدنيه التي قامت عليها الدوله المدنيه في اوربا ،خاصة فيما يتعلق بضرورة الفصل بين الدين والدوله ، قد تدخل هذه الافكار في اطار الدوله المدنيه المرتبطه بالنظام العالمي لاقتصاد السوق .
ورغم عن كل ما قيل ان هذه الثورات مدعومه او مموله او مخطط لها مسبقا من قبل جهات معينه او دولا معينه، لكننا لم نسمع او نلمس على ارض الواقع منذ قيام هذه الثورات وحتى نجاحها اي دور او دعم للاسلاميين فيها ، لكن المفاجاه جائت بعد ان استطاع الثوار الشباب الاطاحه بهذه الانظمه السلطويه ، والبدء بالتحضير والاعداد لاجراء الانتخابات ، واذا بالاسلاميين هم من يتصدى المشهد الانتخابي باحزابهم وحركاتهم وخطاباتهم ، وهم من يحصل على اعلى الاصوات اثناء هذه الانتخابات ،وهم من شكلوا او سيشكلون الحكومات في هذه البلدان التي شهدت ثورات شعبيه ( تونس ، مصر ، ليبيا )، والتي لم تشهد مثل هذه الثورات ( المغرب ) .
فما السر ؟ ومن صوت لهم ؟ ومن دعمهم ؟ ومن هيا لهم الاجواء الانتخابيه المناسبه ؟
اخذين بنظر الاعتبار امكانياتهم الضعيفه من حيث الاداره والانتشار ، بسبب القهر والتهميش الذي كانوا يعانون منه اثناء الحكومات السلطويه ، ورغم راي اغلب فئات هذه الشعوب وكلامهم عن اشكالية تسلم الاسلاميين لزمام الحكم في بلدانهم ، بحكم قلة تجربتهم في ممارسة الحكم وادارة شؤون البلاد .
هنا اعتقد بان ، وهذا طبعا رايي الشخصي ،صحيح ان الاسلاميين في هذه البلدان التي نجحت فيها الثورات كانوا مغيبين ومضطهدين ومنعوا من ممارسه دورهم وحقهم في السلطه ،بل اعتقلوا وعذبوا وتمت ملاحقتهم واعدم بعضا منهم، وهم الان متعطشون لممارسة الحكم واسترداد حقهم فيها الذي سلب منهم سابقا، وهم يبذلون قصارى جهودهم وبكل ما يملكوه من امكانات للوصول للسلطه ،الا اني ارى ان الولايات المتحده الامريكيه هي من اعطى الضوء الاخضر لهم للوصول للسلطه ،ودعمتهم عن طريق اطراف عربيه معروفه للجميع ،والتي كان لها دور في دعم وتمويل هذه الثورات العربيه ،وهذا من اجل افشال الاسلاميين في ممارسة الحكم وايصال هذه الشعوب الى قناعه راسخه لها اساس سابق في عقولهم واذهانهم ،وهي ان الاسلاميين لن يستطيعوا الامساك بزمام الامور وغير مؤهلين للحكم ،ولدينا امثله على عدم امكانيه قبول الولايات المتحده الامريكيه بوصول الاسلاميين للحكم والقياده ،عندما قوضت وافشلت حكومه حماس عام 2006 في فلسطين ،وجبهة الانقاذ الاسلامي التي فازت في الانتخابات الجزائريه عام 1991.
طبعا رغم اختلاف الطرق والوسائل والاساليب التي تتبعها الولايات المتحده وستتبعها لتقويض وافشال حكم الاسلاميين ،صحيح قد يقول قائل ان لامريكا مصالحها الاستراتيجيه وهي من تحكم سياستها الخارجيه، وقد تكون هذه المصالح اقتضت الان في هذا الوقت بالتحديد الرضوخ للامر الواقع او القبول بصعود الاسلاميين للسلطه في العالم العربي الذي يقع في مرمى الاهتمام والمصالح الامريكيه، لكن يجب التذكر بان هناك ثوابت لدى الطرفين يمكن وصفها بالخطوط الحمراء ،في معظم الافكار والاتجاهات ،وضعف احتمال ان يصبح الاسلاميين اذنابا للسياسات والاهداف الامريكيه، وهذا ما يدركه مخططو السياسه الامريكيه ،واللوبي الاسرائيلي فيها، اضافة الى ما عانت وتعاني منه لحد هذه اللحظه من اثار ومخاطر الاسلاميين المتطرفين الذين تتهمهم دائما بالارهاب وانهم اعداء الانسانيه، او كما اسحدثته امريكا من مصطلح يتعلق بامن وسلامه اسرائيل وهو ( معاداة الساميه )،خاصه وان امريكا لديها مواقف وتجارب سابقه مع الاسلاميين المتطرفين في تنظيم القاعده عندما دعمتهم ومولتهم ضد روسيا في افغانستان ،وما تلا هذا بعد احداث 11 سبتمبر ،عندما نادى الرئيس الامريكي السابق جورج بوش بـ( الحرب على الارهاب ).
والتي قال عنها الرئيس الامريكي الحالي ( باراك اوباما ) بانها مستمره حتى القضاء على الارهاب باكمله بعد قتل ( اسامه بن لادن ) ،والكل يعرف هنا انه من غير الممكن تطابق المصالح والاهداف والافكار بين الاسلاميين وامريكا ، خاصة تلك التي تمثل اسمى اهداف امريكا بالمنطقه من قبيل، ضمان امن اسرائيل والخلاف المتجذر والمعقد حول القضيه الفلسطينيه ،رغم وجود قضايا اخرى مختلف عليها تماما مثل الوجود العسكري في الخليج العربي ،واحتلال العراق ،وكراهية العرب لسياسات الولايات المتحده الامريكيه في المنطقه العربيه .
وهنا اختم بالقول ان الهدف الذي تسعى اليه امريكا من وراء دعمها للاسلاميين او في اقل الاحتمالات من سكوتها عن وصولهم للحكم هو ايصال الشعوب العربيه كما ذكرت سابقا الى قناعه راسخه بعدم اهلية وامكانيه تسلم الاسلاميين للحكم في هذه البلدان وبالتالي تصل لمبتغاها بالمجيء بالبديل الذي اعدته عن اصدقائها السابقين الذين خلعوا .