عزيز الحافظ
في العراق على مدى التاريخ السحيق والمعاصر… عندما تسّل اليراع لتكتب…. تجد حضور كل كلمات الألم والحزن والتبّرم والتعاسة والجزع والحرقة والشجى والشجن أمامك! لاأريد الإستغراق في رسم لوحة المشهد السريالي العراقي..
هذه الكلمات القاتمة هي مدخلا لغصّة إجتماعية دمرت ألاف العوائل إسمها القتلي ((قانون التقاعد الجديد)) فقد أقّر مجلس النواب العراقي بدون ترو هذا القانون الظالم الأسرع من قطار الصين المغناطيسي الذي تصل سرعته القصوى 600 كم /ساعة!
وفجاة تحطمت آمال الآف العوائل العراقية تحطيما لاهندسيا ولامبرمجا وتبخرت الآحلام تبخرا لاكيمياويا… ومات الطموح على عتبات دور المتقاعدين المذهولين!
261 ألف متقاعد لإربعة مواليد بجلسة واحدة وجدوا أنفسهم تحت فك إفتراس أسد ونمر وذئب وكل كواسر الحياة!
تعالت الصرخات واعتلى الآنين النفوس….ومن الباب الحضاري…والمسلة التاريخية لحمورابي… تظاهر المتقاعدون تظاهرات نوعية سلمية باحثين عن من يعيد لهم حق ال3 سنوات المُقتطع من أعمارهم سلبها قانون ظالم سرق آمانيهم وسحق تطلعاتهم!
وجاء زمن الكرونا ليُضيف حزنا لإحزانهم… لتتوقف التظاهرات الشعبية مع منع التجوال… وضرورة التباعد الإجتماعي خوفا على هذه الأعمار ذات البيئة الخصبة لتوطّن فايروس كرونا!
وفي رمضان… في جو قاس الحرارة والتصّور… وفايروس يرتدي آزياء التخويف الترهيب والرعب… وخلافا لمسافات الآمان… نهضت الاف الخلايا من مظلومي التقاعد لتؤيد التظاهرات من جديد!
كان العديد من نواب الوطن معنا… يناصرون المظلومين نصرة نعتز بشهوقها ونعرف مذاقها الإنساني في ذواتهم النقية…
ولإن المظلومية في العراق… لاتنال تغطية إعلامية محلية ولا أجنبية لإسباب عديدة… كانت كروبات المتقاعدين تنشر التظاهرات… هذه المعركة الخلودية وسط هجير رقمي 44 درجة مئوية…وفايروس يرتدي آزياءا متعددة..وتقارب جسدي وهتافات ولوعات ونشيج مكتوم…وطقوس صوم رمضانية!
ولإن النائبة الدكتورة ماجدة التميمي تشاركنا كل خطوات رفع المظلومية متحسسة همومنا وقارئة لخارطة آلامنا..نشرت بصمة صوتية عندما شاهدت فديوهات التظاهرة الرمضانية الشبه إنتحارية!
لتهطل دموعها الغالية على مالمست من صدق المظلومية ووسيلة التعبير السلمية وبسالة المتظاهرين بهذه الإعمار …عندما تحدّوا كل شي!
إن دموعها الحقيقية مسحت الكثير من أحزاننا…فللدموع لغة إنسانية متميزة… لاينطقها إلا أصحاب القلوب الرحيمة…
قال عنها سقراط: الشمس لا تستطيع أن تجففها
هنا فقط يشعر المظلوم أن هناك من يناصره..لاتكفي التحيات لهذه الدموع التي غادرت مآقي النائبة..تناصر دموع النساء المتقاعدات الصبورات التي هطلت من قساوة المستقبل المجهول.. بعد قرار إطلاق رصاص قانون التقاعد الظالم عليهن!
إن النواب القاسية قلوبهم لم ينتبهوا كيف حطموا أسواربناء مدن إفتراضية في نَفَس كل متقاعد! كان يحلم… أن له 3 سنوات ليجد أن صياغة لاقانونية قتلت حلمه ومخيلته!
في كل العالم اليوم لاتوجد تظاهرات ..إلا في العراق… ولكن القنوات تبحث عن إثارة… وهولاء العقلاء الاجلاء من المظلومين المتقاعدين… لايقطعون شجرة ولايحرقون إطارا ولولا رمضان ومنع التجوال لكان إعتصامهم مفتوحا.. تحية مجد وخلود للدكتورة التميمي.. نشكر وقفتها معنا… نشكر نقاء دموعها الصادقة الناطقة بمظلوميتنا…وننتظر منها كل بشائر خير… رسمتها تلك الدموع النقية!