قصة قصيرة 002
دموع لم تجف
الشمس قررت الرحيل , هي ترتدي ثوبها القرمزي الجميل المنسوجة خيوطه من أَشَعتها الرقيقة الباهتة حتما سوف تزول بعد قليل . الفلاحوُن الآن انتهى عملهم بالحقول عائدين و بصحبتهم مواشيهم , هم يغنون أغانيهم الفلكلورية القديمة , المنسجمة مع تغريد الطيور السعيدة بالحصاد , هذه الحزم الصفْراء التي تملأ الوادي , أسراب الأوز العِراقي يصْرخ يشُق حاجز الصمت , الكل سعيد بالخير القادم . على الجانب الآخر كان المشهد مُغايرا تماما . فتاة تجري في اتجاه الشمس الغاربة مُتخذة من الغروب مسارها عكس اتجاه الآخرين
بوجه كئيب و قلب مكسور تتراكم عليه الأحزان و الأوجاع ,تبعد أكثر نحو الجبل الجاثم الذي شرع يبتلع قرص الشمس خَلفه. تتقدم بسرعة نحو هذا القلب الجامد القاسي . لعلها تجد ما يسلو عنها و لكن كيف ؟!
ألهذا الكيان الصلب العاتي يستطيع أن يحنو و يضم ويحوي ؟.
ياللفتاة التعيسة البائسة و التى قدمت نفسها قربانا للمعبود الموجود داخل حجرتها . قد خانها حظها العاثر يوم أن جلست تتأمل مرآتها و التي وجدت فيها لوحات متعددة كُل صورة فيها هي انعكاس لجمالها من جميع مفَاتنها . كانت المرآة كذبة كبيرة ,لكن أظنها كانت الحية التي قد جاءت من عالم بعيد من خلفِ الجدرانِ الافتراضية , قد عادت من جديد في صورة جديدة غير معروفة لَم يكن لأى شخص أن يتوقع قدومها . فهذه ليست المرة الأولى التي تأتي فيها هذه الملعونة و المدهش رِغم كُل التحذيرات التي نادى بها البعض قديما , إلا أننا كثيراً ما نجد أنفسنا ضحايا لها . عاشت الفتاة في عزلة عن مجتمعها , كثيراً ما تنفرد بمعبودها القابع معها في نفس الحُجرة .
كانت تحلم أحلاما غريبة على المجتمع و الوضع و الكيان الخاص بها .
فل يجوز هذا لذاك و لا هذه لتلك , قررت بعد فترة أن تعيش خارج حدود
موطنها ,من خلال مرآتها التي كانت تفتح بوابتها الزمنية لتعبر للعالم الآخر , هناك تجد سلوتها و تعيش أحلاما وردية ليس هنا في عالمنا القَاسي
الحاد الذي يفرض قسوته و بشاعته على الفرد الضعيف كالذين فضلوا أن يعيشوا حياتهم هناك .في عالم غير محسوس ملموس معنوي غير مادي .
فَرغت كل طاقتها هناك . عاشت أجمل أوقاتها برفقة الأشباح و الجنيات في عالم خفى غير محدود بمكانٍ و لا زمانٍ رغم أنها تعرف جيداً تقدير المكان, لأنها تعرف جيداً متى تدخل إليه و متى تخرج منه .
ذات مرة دخلت إلى مرآتها عبر بوابتها الدائرية و قررت أن تصنع شيئاً عظيماً لا يجرؤ عليه أحد حتى الأقوياء . هى تلك ما لا يملُكوه حتى العُظماء ,
دخلت من مرآتها إلى حديقة خضراء منتشرة فيها الخمائل و الطيور و الحيوانات البرية أليفة و مفترسة و ذهبت إلى البُحيرة المسحورة و جلست تتأمل من جديد مفاتنها و جمالها فلَم تكتفي بمعبودها و مرآتها, فيما هي شاخصة إلى البُحيرة, خرجت إليه حورية من حوريات البحر دارت بينهما أحاديث طويلة, ابتسامات جميلة طلبت أن تصحبها معها , وقفت على الفور و نزلت إلى قاع البحيرة و من كهف إلى كهف , عند أحد الكهوف وجدت أمير البحر مُقيدا مأسورا في أحدِ أركانِ الكهف رق له قلبها تعلقت به لجماله ووسامته طلب منها المساعدة , قبلت على الفورِ و نجدته و حلت قيوده . بعدما أصبح حراً طليقاً . فرحت به و ألتهب قلبها لأجله و أشتد الغرام وأفُتتن بها سَيد البُحيرة أعطاها مواعيد كثيرة صنع لها تاجا من ريمِ البحرِ جميلاً جداً وضعه على رأسها و جعلها ملكة على البُحيرة المسحورة , ملكة على الأوهام المَنثورة , لَم يستغرق الوقت كثيراً جاءتها عَروس البحر تُذكرها بميعاد العودة رجعت إلى شطِ البُحيرة .
منها إلى بوابة المرآة و خرجت من العالم الخفي إلى حجرتها و قد صدمت بالوضع المتغير تغير شامل .على البطنِ المُنتفخ و بعد فترة أدركت الأمور من حولها استيقظت من غفلتها بعد فوات الأوان لا ربما هناك المزيد من الفرص و العودة …………….
جرت مسرعة في اتجاه الغروب , قرص الشمس ابتلعه الجبل تماما و فقدت وعيها و سقطت على رماله الخشنة المطعمة بالحصيِ المدبب و المسنن جاءها ألم المخاض بقوة و التي لَم تتحمله و كانت مرآتها التي تتبعها طوال الطريق قد سقطت هي الأخرى على صخرةِ الجبل العاتي ……
سامح ادور سعدالله- مصر