دعوة الشباب الى انتحار جماهيري!
أ.د.قاسم حسين صالح
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية
عنوان صادم لكثيرين سيما وانه صادر من سيكولوجست! مهمته معالجة الأسباب التي تدفع الشاب الى التفكير في الأنتحار.
ومع ذلك، لنبدأ بحقيقتين ،الأولى:حين يجد الفرد أن الواقع لا يقدّم له حلّا لمشكلته، وينفد صبره ولا يجد لحياته معنى،فانه ينهيها بطلقة او بالوسيلة التي يختار.
والثانية:صبر الشباب خمس سنوات بعد 2005،وزادوها خمسا، ثم خمسا..فنفد صبرهم وانفجروا في تشرين/اكتوبر 2019 مطالبين بحياة كريمة،وحصل ان تعاملت معهم السلطة كما لو كانوا أعداء غزاة..فقتلت المئات!
والدعوة هذه تأتي من حقيقة ثالثة هي..أن اعداد الشباب المنتحرين في العراق تزداد باستمرا،اليكم ما يثبت ذلك بالأدلة والأرقام:
- شهد المجتمع العراقي ارتفاعاً في نسب الانتحار،خصوصاً بين الشباب والمراهقين( الحياة، كانون الثاني 2016)
- حصلت وزارة حقوق الإنسان على معلومات مؤكدة بزيادة حالات الانتحار في محافظة كربلاء غالبيتها من الشباب والفتيات،وأن أحد الباحثين أجرى دراسة عن الظاهرة لمدة 11 شهراً سجل خلالها أكثر من 120 حالة انتحار أو محاولة انتحار، (الناطق باسم وزارة حقوق الانسان ).
- كشفت قيادة شرطة محافظة ذي قار أن حصيلة حالات الانتحار المسجلة لديها مطلع 2003 ولغاية آيار بلغت 17 حالة لأشخاص لا تزيد أعمارهم عن 25 سنة (السومرية نيوز ،ايار 2013)
- نشرت مفوضية حقوق الإنسان العراقية في مارس/آذار 2014، إحصائية، كشفت عن تصدر المحافظات الجنوبية النسب الأعلى في الانتحار(القدس العربي).
- (اسماء حسين)..انهت حياتها غرقاً بالقاء نفسها من جسر الجادرية تاركة وراءها فتاة لا يتجاوز عمرها الخمسة عشر عاماً(المدى).
- وسام(25) سنة خريج كلية،احرق نفسه ليلة تزوجت حبيبته من رجل ميسور!،و(س) في الثامنة والثلاثين،انهى حياته بطلقة من مسدسه في مدينة الشطرة،و(ص) في التاسعة والثلاثين القى بنفسه من فوق منارة مسجد في مدينة البطحاء!،و..عشرة شباب انتحروا بشهر واحد في ذي قار! (الشرقية 31 تموز 2017).
- اعلنت مفوضية حقوق الانسان ان عدد حالات الانتحار في الربع الاول من عام 2019 بلغ 132 حالة وازدادت في 2020 الى 644 حالة .
- اعلنت وزارة الداخلية العراقية ارتفاع عدد حالات الانتحار خلال عام 2021بلغت 772 حالة وهي اكثر بنحو 100 حالة عن العام 2020 ( الحرة وكالات – دبي)
- اعلن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية العراقية بأن هنالك حالة انتحار واحدة في كل (12) ساعة ( الشرقية نيوز 10/5/2022).
الأنتحار..أسبابه العراقية!.
الأنتحار..ظاهرة عالمية تحدث حتى في الدول المرفهة،ولكن بحدودها المقبولة..والذي حدث ان العراق تصدر دول المنطة والعالم زمن حكم احزاب الأسلام السياسي،ليس فقط لأسبابه التقليدية المتمثلة بالبطالة وتردي الأوضاع الأجتماعية والأقتصادية،بل لأسباب عراقية نوجزها بالآتي:.
- توالي الخيبات. صبر العراقي خمس سنوات بعد (2003) ثم خمسا،ثم خمسا..ولأن الصبر اذا جتاز عتبة القدرة على التحمل ،فان البعض يعمد الى الانتحار بوصفه الحل الأخير لمشكلته.
- فشل السلطة واستفرادها بالثروة. تعرف السياسة بأنها فن ادارة شؤون الناس،وما حصل في العراق ان الطبقة السياسية عزلت نفسها مكانيا ونفسيا في عشرة كيلومتر مربع لتعيش حياة مرفهة وتركت الناس يعيشون حياة الجحيم،ولم تستجب لمطالبهم وتظاهراتهم بدءا من شباط (2011) الى انتفاضة تشرين 2019 فتعاملت مع الشباب كما لو كانوا غزاة ..فقتلت المئات في حادثة غير مسبوقة في تاريخ العراق السياسي.
- الشعور بالحيف والندم. تجري لدى البعض مقارنة بين شخصه وقدراته وقيمه وبين آخرين احتلوا مناصب في مؤسسات الدولة يقلون عنه خبرة وكفاءة وقيما ،مصحوبا بشعور الندم على اضاعة الفرصة..فيعاقب نفسه بقتلها.
- الاكتئاب والياس والوصول الى حالة العجز. حين يجد الفرد أن الواقع لا يقدم له حلّا لمشكلته ويصل إلى مرحلة اليأس والعجز،فانه يلجأ لانهاء حياته.وهنالك اكثر من حادثة بينها انتحار ست نساء في النجف قبل ثمانية أعوام جاءت بسبب وضع اطفالهن الصعب، ولأنهن لم يستطعن اعالتهم فإنهن اخترن الانتحار بشكل جماعي.
- اشاعة الأحباط. مارس الأعلام ووسائل الاتصال الاجتماعي اشاعة الاحباط ،لاسيما في تغريدات عبر الفيسبوك من قبيل:
– شعب سلبي رافض لكل فعل باتجاه خلاصه.
– تغيير الحال بالعراق..حلم ابليس بالجنة.
– مع ان اغلب الفاسدين يعترفون بانهم سرقوا الشعب..فان الشعب سيعيد انتخابهم.
وبتزامن هذه الأفكار (القاتلة) مع مشاهد القتل اليومي والفواجع،فان الانتحار يكون نهاية محسومة لدى من تصل لديه الحال.. درجة الصفر.
وما يحصل الآن (2022) من صفقات ومساومات لتشكيل حكومة اوصلت الناس الى ان يصفوا السياسة في العراق بأنها لا دين لها ولا اخلاق! بعد ان استبدت احزاب وكتل الاسلام السياسيى بالسلطة والثروة وتمادت في اضطهاد الشعب بل ومعاقبة الشباب على ما فعلوه في تشرين/اكتوبر 2019..ما يعني أن اسباب الانتحار تزداد حدة.
مبرر الدعوة:
لأنه لا تنفع نصيحة ولا حتى بروفيسور مختص بالصحة النفسية مع من وصل الى يقين بأن السلطة ستبقى مصدر شقاء له،ومنعه من الآنتحار، فله نقول:
اذا قررت ان تنتحر..فلا تفعل ذلك خلسة فتكون منسيا وملعونا،بل اجعل انتحارك جماهيريا ، فبه ستسجل احتجاجك على حياة لا تليق بالأنسان..وقد تشعل ثورة!