شوقي كريم حسن
*قبل لحظة ظهورها في التلفاز،كنت لا اصدق مهما قيل،ان هناك انثى تشبهها الى حد اثار دهشتي،ورماني بيسر المخاوف الى سورات الصراخ، والاحتجاج،أضحك بسخرية ماكرة،حين انصت لجدتي، الفطنة،غير المكترثة لفضائح الزمن، وخراباته،إن الرب يخلق من الشبه اربعين…والشبه تتقاسمه الملائكة والشياطين!!
ارفس الوعي المعتمد إليه،لائذاً بأذيال تجاربها التي لايدانيها احداً،جدتي مهوسة بقراءات المواضي الغريبة،رافقت( اجاثا كرستي،)حين دخلت اور برفقة حبيبها ماكولين،وعلمتها بإتقان معلمة بارعة،أن لهؤلاء البارعين،بوصف اكاذيبهم على انها مصاديق حياة،ماهم الا فحول ازمنة مسحولة لتصل الى حيث يجلس الالهة متأملين،بخشوع،آهات داخل حسن،ونواحات خضير مقطورة،وبدعة حضيري ابو عزيز الذي ادعى ان ثمة من يبيع الورد عند ضفاف الاهوار، وأحلام التل الذي خسفت الالهة ارضه، لاشيء سوى انهم مارضوا على ان تحدد المعابدوالكهنة ،مساحات وجودهم،الباعث على الخوف والتخاذل والصمت، صفنت (كريستي )عندمسقف اورنمو،متأملة ذاك الزمن الراعف ابتهاجاً،انصتت إليه،وهو يأخذ بعفتها الراضية،الى اكتظاظ الناس،وهتافاتهم المطالبة ، بأن يكون للحياة التي تمنحها الارباب معنى..لايتفق ومعاني الداعين الى الغواية القائمة على اركان الوهم والخديعة والخراب!! لم تشأ كرستي،تهشيم الاطياف التي رافقتها عبر رحلة طويلة ،تمتد من الضباب الى لفح مدافن اور وتعرجات طرقاتها،ومجهول ما تخبيء،تهس بلكنة صوتها الناعم مثل نثيث مطر خريفي،متوسلة روحها بأن تستقر/
— كيف مرت تلك الازمنة دون أن نعرف وجودها ..أين كانت ذواتنا منها مادامت مستمرة الحضور رفقة استمرارنا؟!!
تبتسم جدتي،الموغلة بالحيلةوالدسيسة،وعلم اختراق المسافات التي ماعاد لها وجود،وبصوتها السومري المائل الى رقة ماء الفرات وسكونه،نبرت.
— ماكان لذواتكم وجود ايتها الاتية من البرد..تأملي المشهد ..الرب شاء ان تكون كل البدايات نابعةمن حيث الفرات،فمن أين لكم فرات مثل هذا؟!!
تطرق كرستي،الغارقة بتأملات الأزمنة التي مارأت مثلها ،قبل المجيء،وعند مدفن الاجل بين ملوك سومر (اور نمو)اقتعدت الأرض لتشم ذاك الماضي الخالق لقيم الروح،قبل ماديتها،رأت وهي التي لم تر كل شيء، وما غنت آهات أعماقها الملتاثة بالفراقات، مثل جدتي،إن الملك النحيف مثل قصبة، الشامخ مثل قمر،يجلس محفوفاً بملائكة بيض،يبتسمون بمودة ،كلما جاء ذكر الخطايا، والخطيئة، يرسم اجلهم واعلمهم،واكثرهم شكاً،مقاصل،ومثارم،ومدافن ،جمع يتلو تراتيل الرب،ونداءات بيع لنسوة بلون الانهزام/—من يشتري انثى من عبيد الاديان..تلصف مثل درهم فضة..؟!!
-من يمنح القبول للقبول مادمنا لانعي كيف نتمكن من مجانسة الاخر ورضاه!!
ظلت أنسة الانكليز التي وقعتها جدتي عن عمد، بدروب الهيام والعشق للتو،تقارن بين مخيلات الرعب التي تعيشها،ولحظات الارتماء بين احضان من تحب عند مفارش الملك المسجورة مثل. تنانير ،( حين رأت كرستي تنوراً يتصاعد سناه ، وتقف عنده دون اكتراث او وجع. وهي تتلو،ماتجيد من الاهات،خرت الى القاع فاقدة وعيها،)تأخذني جدتي الماهرة بالحكي الى مايمكن ان يجعل مني ولداً مخبولاً تسحره نساء المواضي،العرافات بكشوفات الاسرار ومخابيء ارثها ،تهمس العرافة التي اعرف برخامة صوتها الباعث على الرعب ،— كيف ولجت مالايحق لك الوصول إليه؟
تردجدتي، بفرح —-مثله لابد أن يصل؟!
ردت العرافة،وهي ترمي بحصاها الغريب الاشكال،الى قلب طبق منخوص، تأملته الجدة مستبشره،فقالت العرافة بعد ان رفعت حصاة تشبه فيلاً راكعاً—-يصل ولكن بعدطول عناء!!
ردت الجدة —- الوصول دون تعب ومشقةوهم لانحترمه؟!!
التقى جسدي، بعري جسدها المليء باللاشارات مرمياً في حضن ذكورتي المملوءة بالشذوذ والمحاسن، تهب الفوضى دواخلي،فما تعودت السكوت،وما رايت انثى تتوه بغير معنى،ارتكن الى التأوهات،واللهاث،وحين اراها تبتعد اخلد الى البكاء، والجلوس منهاراً وسط ارض يباب،لاتنطق بغير شهقات حنجرتي التي بدأت تطرق ابواب اليباس،ماكانت المرأة التي تجيد حكايات الرعب،وبدعها المثيرة للدهشة والاستفهام،قادرة على ترك لحظاتها الموحشة،والانتقال سريعاً،الى مايمكن أن يكون اخف وطأ على روحها المغطاة بالكدر،تشعر جدتي إحتراق أعماقها، فتأخذها الى هدوء المشهد،وخفوت كوانينه،تقول—الاعظم من لسان الانسان وهم عقله..واكتشافه المنسيات من الايام؟
تنظرها المدللة بالمرح— المنسي صعب ايجاده؟
—هو ذا امامك..خذي ما ترغبين منه وتركي باقيه لمن يرغب؟
فغرت المدللة،غير القادرة على ملاحقة ذرب لسان الجدة، المحدقة ملياً في عيني الملك الشاعتين بالابتسام والمودة،قال—لاتحتاج المعاني الى إجابات..وضوحها يدل على ماكان عليه الفعل؟!!
توهجت المدللة بسعادة الوصول،تلمست حواف العرش،كأنها تتأكد من حقيقة ماترى(الجدة هيأت لحظات قناعاتها،لتصل المدللة ،الباردة مثل قالب ثلج،رغم فوران اور ولفح شمسها،)
—لامعنى لحجر…!!
— الحجر دليل لاثبات ماكان ودونه تغيب المعارف!!
——والمدونات أيها المشرق بالمعرفة؟!!
—ماكانت لتكون وتبقى دون حجر ومدون وافعال؟!!
—-الانسان فعل اينما كان واينما اتجه؟!
—لكل فعل مرام ومقصد ونبيل الافعال غير قبيحها بهذا اقامت لنا الارباب عرشاً!!// لم تستطيع جدتي صبراً،هن دائماًبنات المواجع،والزاتوتات الى مدافن تشعبت،حتى صارت مثل غابات مهجورة،لايحملن الجر والعر،كانت تحاول لملمة الانوثة الباردة،ودحرجتها مثل كرة خرق مبلولة الى حضني الذي تحول الى مصخنة ماء تغلي،/
نظرت المللة إليها بعمق يحاول سبر اغوار المراد،همست الجدة،بعد ان اخفت ملامح العرش بسواد عباءتها ،خجلاً—- تعالي…!!
نظرتها المدللة بإستغراب تشوبه الدهشة ،لكنها ودون ان تفوه بشيء،إندفعت الى لب الطرادة المنتظرة عند طرف الماء،لتخوض وجدتي مغامرة أشد قسوةوهما تتجهان صوب نداءات تل حفيظ المتصاعدة،والمصحوبة بهلاهل وتراتيل تمجيد!!
دعاية واعلان!! قصة قصيرة
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا