سداد جواد التميمي
مضت خمسة أعوام على الربيع العربي ومن النادر ان تسمع احداً يحتفل به وهناك من ينعته الشتاء العربي او الخريف العربي. شاركت في الربيع العربي ستة اقطار وخرجت مظاهرات سلمية تطالب برحيل قادة لا يشعر الشعب نحوهم الا بالكراهية. ابتهج العالم الغربي بان من يتكلم العربية لا يختلف عن غيره من البشر وسينادي بالديمقراطية وحقوق الأنسان والمساواة.
لم يخيب ظن العالم بهذه الظاهرة بقدر شعور الشعوب العربية نفسه بالإحباط واليأس وبدأت قوافل الهجرة من الأراضي العربية الى الأراضي الأوروبية. كان الحديث قبل خمسة أعوام عن مظاهرات مليونيه واليوم ما يشغل العالم هو الهجرة المليونية من ارض العرب الى ارض أوربا وربما هناك من يحب ان يقول من ارض الإسلام الى ارض الكفار. أصبحت اعلام القاعدة وداعش أكثر وضوحاً وانتشارا من جميع اعلام الأقطار العربية.
هناك دولة ديمقراطية واحدة الان في تونس وتعداد سكانها يوم قام الربيع العربي 10 ملايين. اما اليمن وليبيا وسوريا (تعداد السكان الكلي أكثر من 50 مليون) فهي دول فاشلة لا وجود لحكومة او سلطة فيها. اما مصر (84 مليون) والبحرين (مليون نسمة) فهي أكثر دكتاتورية من قبل. حساب الأرقام يقول لنا بان درجة نجاح الربيع العربي لا تزيد على 3%. ولكن حين يفشل الانسان في اجتياز امتحان ما فعليه بمراجعة نفسه واستيعاب نقاط الضعف فيه والعمل على تجاوزها؟ .
رغم محاولة البعض التمسك بالتعاليم العربية الأبدية بان طغيان الغرب وجبروته ومؤامرات الصهيونية العالمية هي وراء الامراض العربية المزمنة ولكن الحقيقة عكس ذلك و الحقيقة هي ان المواطن العربي ضاق ذرعاً بهذه النصائح. فقد تعلمنا ماذا حصل في العراق بعد انسحاب القوات الامريكية وتقسيم العراق الى ثلاثة اقسام ولا وجود فعلي للسلطة المركزية في اثنين منها والثالث تحت رحمة ميليشيات تتميز بتعدد الولاء الى من يمولها ومن ينتمي اليها فقط. تعلمنا ايضاً ماذا حدث في سوريا بسبب تردد الغرب في التدخل عسكريا وترك القطر تحت رحمة القوى الإقليمية العظمى.
ولكن الدرس الأكبر الذي تعلمه المواطن العربي هو خرافة الوحدة العربية والروابط بين مختلف الأقطار العربية. الروابط تكون قوية بين مختلف الاطراف القوية حضاريا وثقافيا واقتصاديا ومتى كان الأطراف تفتقر الى مصادر القوة هذه فلا توجد روابط بينها. الحقيقة هي ان الوطن العربي الاكبر خرافة ووهما يحتاج أكثر من شعارات وهتافات لعلاجه.
ما هو البديل؟
ما يبدوا للعيان ان الإسلام السياسي هو الأقوى والبديل لجميع الحركات السياسية الاخرى ولا يشمل ذلك العالم العربي ولكن العالم الإسلامي من تركيا الى أفغانستان. هناك طالبان التي تنادي بإقليم هلمند قبل ان تفاوض السلطة المركزية وبوكور حرام تعبث بشمال نيجيريا والشباب في الصومال وداعش في سوريا والعراق وليبيا. هذا التيار يتمسك بأيدلوجية إسلامية تطالب بتطبيق ما يسمى بالشريعة حرفياً.
وهناك نوع اخر من الاسلام السياسي يتمثل في النظام الإيراني الذي يتدخل في شؤون العالم العربي وهناك رجب طيب اردوغان الذي يسعى لفرض دكتاتورية جديدة في إطار الخلافة الإسلامية. هذا التيار اقل وحشية من الأول وانتشر الوهام العربي بانه البديل الجيد لهم.
ولكن التاريخ القديم والحديث يكشف بان التيار الأول و الثاني لا امل لهم في النجاح. الحديث عن الشريعة والمناداة بها شيء وتذوقها والعيش تحت سطوتها شيء اخر وتنقل الانسان بعربة وقت فضائية من الالفية الثالثة الى الالفية الأولى في التاريخ. الهجرة من صوماليا وسوريا وليبيا عملية تجارية لا تنتهي ولا تفسير لها سوى الرعب من الحياة تحت ظلال الشريعة.
البديل الثاني ليس أفضل من الأول. الغالبية العظمى من الشعب الإيراني لا تؤيد دولة الفقيه. صوتت مصر بأقدامها ضد الاخوان خلال اقل من عام على ولاية مرسي. ورجب طيب اردوغان دفع تركيا الى حرب جديدة مع الاكراد والتدخل في سوريا تحت حماية حلف الأطلسي.
فقدت الاسلام السياسي جاذبيته عالميا ومحلياً وستفشل الانظمة الدكتاتورية في سد احتياجات سكانها والثورات الوطنية التي تغير مسار الشعوب تحتاج الى عقود من الزمن احيانا وهذا ما حصل في أوربا وسيحدث في العالم العربي.