هادي جلو مرعي
يودعنا دجلة رويدا وفي كل صيف نظنه سيمضي الى الأبد لكن نسائم باردة وبعضا من شتاء القلق يوحي بأن النهر ماتزال تجري فيه الحياة خاصة حين تحن تركيا وتمنحنا بعض الدفق من ماء، ونفرح حين نسبح بالأمنيات ونتلقى بعض رشفات من ماء الحياة بتصريحات من الجعفري، أو وزير الموارد المائية وهو يقول، إن تركيا أوعدتنا بمزيد من المياه. لكن الأخبار غير السارة تقول، إن الأتراك يصنعون سدودهم على صدور النهر فينحسر ماؤه رويدا حتى كأن قرار بتجفيف منابعه وحجب مياهه صدر من الباب العالي.
فهل من قيمة لقصيدة مغناة، أو لموشح يتلوه أحمد سلمان،
ميك يدجلة شحلو ليلك وسمارك
أو حين تضيع كلمات الجواهري العظيم الذي سيرى بعض أحفاده إن النهر الذي تغنى به قد جفت عروقه، ورب حفيد جامح سيقول، إن جدي الجواهري كان يدعي وجود نهر إسمه دجلة فها أنا ذا حفيده في العام 2025 لاأجد ذلك النهر،ترى بمن كان جدي يتغنى؟ ربما هي إمرأة فقد كان جدي يعشق النساء، وربما واحدة إسمها دجلة قال فيها جدي،
حييت سفحك عن بعد فحييني
يادجلة الخير ياأم البساتين
حييت سفحك ظمآنا ألوذ به
لوذ الحمائم بين الماء والطين
ثم هل هي خرافة تلك الحكاية التي تقول، غن المدعو هولاكو قد قتل الآلاف من اهالي بغداد فسالت الدماء فإحمر ماء النهر دجلة، وإنه رمى ملايين الكتب حتى تلون ماء النهر بزرقة الحبر؟ عجيب أين دجلة، فهل هولاكو خرافةن وهل الجواهري كان حالما مدعيا سكرانا؟ لاأدري.
هل تلك الصور للأسر البغدادية في ليالي دجلة كانت وهما، أم هي صورة متخيلة في بال رسام جامح طامح، أم هو من رسومات عصر النهضة وإبداعات دافنتشي؟ لاأدري. وهل كانت أغان ياس خضر مجرد كلمات جوفاء عن نهر ميت؟ لاأدري، وحسبي إنني أحلم بوطن يملؤه الأمل وتفيض من جبناته الحياة ويتمتع أبناؤه بالخيرات، ولكن هيهات أن يكون لهذا الوطن مستقبل ما في ظل مايجري من فوضى وخراب وضياع.
يقولون إن خزائن بغداد عثر عليها داخل نافورات ترفد من نهر دجلة وعثر عليها إبن هولاكو؟ ترى هل إن الذين كانوا يغنون، على شواطي دجلة أمر يامنيتي وكت الفجر، هم مطربون فضائيون يتلقون أجورهم من ملاه موهومة، وهل كان الصابئة حين يغسلون خطايا النفس بالماء الطهور كانوا يستخدمون ماءا غير ماء دجلة، وهل إنها أوهام تلك الصور لمن يوقودون شموعا لخضر الياس وفي عيد زكريا؟ وقد يكون هذا كله وصفا لقرعة فراس الحمداني التي أصابها الجفاف هي الأخرى بسبب حر بغداد. وهل إن دجلة نهر فضائي؟
لست أدري.